حمادي التونسي.. عندما تلتقي خفة المسرح ورشاقة الكتابة وسحر الموسيقى

المصطفى الصوفي
ليس من السهل أن يجمع أي مبدع بين خفة الحركة فوق خشبة المسرح ونخوة الأداء أمام أضواء الكاميرات، والتماهي بين رشاقة الكتابة وعالم الموسيقى والغناء، وما يحبل به من نجومية وشهرة يراها البعض مجرد زبد يطفو فوق البحر، كما يقول الحكيم الهندي طاغور.
لحظة، تصوّر معي أن هذا الفنان المفترض مُنهمك في كتابة مسرحية بعنوان “بريء.. بريء”، وفي قمة فيضه الإبداعي وحماس مداده في الانسياب يختزل مشاهد المسرحية ببعدها الإنساني وتمظهراتها الاجتماعية والشاعرية تجاه امرأة بريئة، ويحولها إلى مقاطع أغنية موسيقية تلقى إقبالا منقطع النظير.
هذا ما حصل مع فناننا “حمادي التونسي” من خلال أغنية “بريء” التي أداها بإتقان المطرب “عبد الوهاب أكومي”، وهي الأغنية التي استلهمت إيقاعاتها الحالمة من إحساس مسرحي صادق ونبيل تجاه الجنس اللطيف بكل معاني العطف والحب الرقيق والحنان.
الفنان المغربي “حمادي التونسي” الذي رحل إلى دار البقاء يوم الأحد 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، وهو من مواليد مدينة فاس عام 1934، ويعد واحدا من الذين جمعوا بين سحر الفنون كاملة، وأحد حكماء الحركة الفنية والمسرحية المغربية منذ مطلع بريقها خلال الخمسينيات، حيث أعطى الشيء الكثير، لكنه للأسف أخذ القليل.
حمادي التونسي.. ابن فاس الذي نهل من شعاعها الفني
بانتماء الراحل حمادي التونسي إلى فاس العتيقة مدينة أشهر جامعة في العالم، وهي جامعة القرويين، فضلا عن مهدها التاريخي والحضاري، يكون التونسي قد استفاد من هذا المعطى الثقافي لتكوين شخصيته الفنية والأدبية على أسس جمالية وإبداعية خصبة ومتنوعة.
لعل المسرح في مدينة فاس شكّل أحد الفنون المؤثرة للتعبير والتواصل مع الناس منذ وجود الاستعمار الفرنسي بالبلاد سنة 1912، وهو ما جعل من الراحل قريبا جدا من هذا الهاجس الفني والنضالي بحثا عن الحرية والانفتاح على العالم.
في هذا السياق، كان الراحل قريبا من أحلام وانشغالات الكثير من الرموز الفنية والمسرحية بهذه المدينة، ومن أبرزهم “الطيب لعلج” الذي يُعدّ من روّاد المسرح والتأليف والشعر التراثي والتمثيل المغربي، حيث اشتهر باهتمامه الكبير بالثقافة الشعبية، خاصة على المستوى المسرحي في التمثيليات الإذاعية.
ارتواء من معين نخبة مسرحية وازنة
نهل التونسي من تجارب العديد من الفرق المسرحية الأولى التي تأسست مع انطلاق الحركة المسرحية بفاس، ومن أبرزها جوقة المسرح الفاسي التي أسستها نخبة من التلاميذ بثانوية مولاي إدريس، ومنهم “محمد المقري” و”المهدي المنيعي” و”عبد الواجد الشاوي”.
وواكب تجارب أسماء مسرحية وفنية مغربية وعربية ودولية، وتشبع بأفكارهم ورؤاهم الجمالية والإبداعية، أبرزهم “عبد الله شقرون” و”حسن الصقلي” و”عبد الجبار الوزير” و”محمد بلقاس”.
كما ارتوى من تجارب نجوم آخرين، كـ”مليكة العماري” و”عبد القادر البدوي”، و”عبد الحق الزروالي” و”الهاشمي بنعمر” و”أمينة رشيد” و”محمد الخلفي” و”محمد الناجي” و”مصطفى سلمات” و”المحجوب الراجي” و”عبد العظيم الشناوي” و”ثريا جبران” وغيرهم، فضلا عن الكثير من الأسماء التي تعامل معها في مجال الأغنية والموسيقى.
انطلقت مسيرة هذا الفنان الذي ينتمي لعائلة فاسية محافظة وعريقة مع مسرحية “مالك والخيانة” للأطفال، حيث قدم خلالها دورا واعدا فتح له الباب على مصراعيه لمواصلة التحدي المسرحي. كما ساعد ظهوره وتألقه في هذه المسرحية في معانقة النجومية في قادم أعماله، خاصة حينما انتقل من فاس إلى العاصمة الرباط، ولقائه بالكثير من الفنانين وانتمائه لفرق مسرحية أبرزها فرقة “المعمورة”، أولى الفرق المسرحية المغربية.
كرامة فنية تتعالى على الإسفاف
اعتبر الفنان “هشام سكومة” في تصريح خاص للـ”الجزيرة الوثائقية” أن الراحل التونسي يُعتبر من الفنانين المغاربة القلائل الذين تعاملوا مع السينما والتلفزيون بنوع من الذكاء والقناعة الذاتية والكرامة الفنية إن صحّ التعبير، وتجلّى ذلك من خلال نوع الأعمال التي كان يختارها الفنان ويشارك فيها.
وأضاف سكومة أن الراحل لم يكن من الذين يتهافتون على الربح المادي وحُب الظهور من أجل الظهور، بل كان دائما يسعى إلى أن يكون في مستوى تطلعات الجمهور ومحبيه ومتتبعيه، سواء من الإعلاميين أو النقاد أو الجمهور العادي.
وأضاف سكومة أن الراحل يمكن اعتباره فنانا عزيز النفس، ومن المترفعين عن كل ما من شأنه أن يسيء إلى مسيرته الفنية وما راكمه من أعمال جميلة، وبالتالي كان همّه أن يقدم عملا في المستوى العالي، وذا قيمة وإضافة نوعية للممارسة الفنية كلها، وبالتالي يمكن اعتباره فنانا وزنه من ذهب.
وشدد سكومة على القيمة الفنية والإبداعية للراحل على المستوى الوطني، وذلك لما ساهم به من إبداعات راقية، خاصة على مستوى المسرح والتلفزيون، فكان من الأوائل والرواد الذين أسسوا اللبنة الأولى لفن التمثيل في المغرب، والمساهمين في إرساء الأسس الحقيقية للفرجة والدراما المغربية.
ولفت إلى أن هذا الأمر تجلى من خلال مجاورة الفنان لكبار عمالقة التمثيل في المغرب، أمثال “الطيب الصديقي” و”حبيبة المذكوري” و”العربي الدغمي” و”محمد خدي”، فضلا عن الحاج “محمد الجم” و”أمينة رشيد” و”صفية الزياني” و”محمد حسن الجندي” وغيرهم.
غياب عن التكريم رغم أصالة النجومية
كما وأشار “هشام سكومة” إلى أن البداية الفنية للراحل -التي انطلقت قبل استقلال المغرب (1956)- شكلت طريقا واصلا لقدرة هذا الفنان على المساهمة في صنع فرجة فنية لها امتدادات عميقة في تجارب فنانين ومؤطرين ومخرجين وممثلين أجانب خاصة من أوروبا.
اعتبر سكومة ثانية أن الراحل يعتبر من بين الفنانين المغاربة المخضرمين الذين عاصروا التجربة المسرحية والتلفزيونية والسينمائية المغربية قبل الاستقلال وبعده؛ وهو ما يجعل من تجربة “حمادي التونسي” تجربة إبداعية رفيعة ومتنوعة لها ما يبررها من التقدير والاحترام.
وتأسف سكومة -وهو رئيس فضاء سكومة لمحترفي التنشيط- لعدم الاهتمام الكبير بمثل هذه الرموز الفنية الوطنية التي قدمت الشيء الكثير للمجال الفني، مؤكدا أن المهرجانات المتخصصة لم تكن في كثير من الأحيان موفقة في اختيار الأسماء التي تستحق التكريم والاحتفاء من طينة الفنان “حمادي التونسي”.
ودعا بالمناسبة إلى الاهتمام أكثر برموز الحركة المسرحية والسينمائية المغربية من الذين بنوا الدعائم الأولى لفن التمثيل، سواء في المسرح أو التلفزيون أو السينما بدل الجري وراء بعض النجوم الأجنبية المطفأة، كنوع من الموضة الكرنفالية الباهتة ومحاولة للتغطية على الكثير من الهفوات.
غزارة متقدة وثقافة عالية
وأكد الفنان “سعيد الهداني” مدير مهرجان الأغنية العربية أن الراحل مشهود له بغزارة كتابته وموهبته المتقدة في مجال التأليف والكتابة، وهو ما يوضح الثقافة العالية والخصبة التي كان يتميز بها والمرجعية الفكرية والأدبية والتراثية التي كان ينهل منها أسوة بجيل من المؤلفين المعاصرين، وهي طريقة شكلت مهمازا حقيقيا لصنع الفرجة المتنوعة للمتلقي.
وأوضح الهداني أن تجربة الراحل في هذا المجال أثمرت الكثير من الأعمال الفكاهية والفرجوية على مستوى المسرح والتلفزيون، منها مسرحية “ثمن الحرية” سنة 1957، ومسرحية “القوق في الصندوق” إخراج عبد الصمد جينيا واقتباس الطيب الصديقي، و”شوف فيا نشوف فيك”، ومسلسل “الوصية” في نهاية التسعينيات، و”ضريبة العمر” والحب المصنوع” و”الورد الشوك” و”المخدوعة” و”عدالة السماء” و”بلا نهاية” و”التائب” وغيرها.
150 مقطوعة.. في تطوير الأغنية المغربية
وشدد سعيد الهداني أيضا على الدور الرفيع الذي لعبه الراحل في تطوير الأغنية المغربية العصرية، خاصة على مستوى كتابة الكلمات والتعامل مع كبار الفنانين المغاربة، أبرزهم الموسيقار والممثل والفنان التشكيلي “عبد الوهاب الدكالي”.
وقال الهداني في هذا الصدد إن حمادي التونسي كانت له موهبة كبيرة في نظم الشعر العامي المغربي، فضلا عن كتابة الشعر الذي يتماشى والأغنية المغربية منذ خمسينيات القرن الماضي، وهو ما جعله محط اهتمام الكثير من المطربين الذين تهافتوا على غناء كلماته.
وكشف أن الراحل كتب أكثر من 150 مقطوعة غنائية، تنوعت بين الأغنية العاطفية والوطنية الحماسية، وكذلك الأغاني التي كانت قريبة من الجمهور، وهو الأمر الذي جعل منه فنانا متعدد المواهب، ومن أشهر كُتّاب الكلمات في المغرب منذ أكثر من سبعين سنة.
وأكد الهداني أن الراحل كانت له خصال الفنان المثقف البسيط والمتواضع، وكان يجمع بين الثقافة الموسيقية والشعرية، وكذلك بين الثقافة المسرحية والسينمائية والتلفزيونية، مما انعكس على الأعمال التي قدمها بكل إخلاص وتفان ومسؤولية.
ودعا الهداني إلى تخصيص احتفالية خاصة خلال الذكرى الأربعينية لرحيل التونسي تليق بما قدمه من مشاركات وأعمال فنية رفيعة المستوى، مؤكدا على دور المؤسسات الحكومية للاهتمام بشكل عام بالفنانين الروّاد الذين يعانون كثيرا في المراحل الأخيرة من حياتهم.
“يا الغادي في الطوموبيل”.. نبوغ في التأليف والموسيقى
أضاف الهداني أن الراحل حمادي التونسي إلى جانب موهبته في التمثيل، كان نابغة في مجال التأليف الموسيقي، حيث تعامل معه الكثير من الموسيقيين والمطربين المغاربة، منهم الموسيقار “عبد الوهاب الدكالي” الذي غنّى له قصيدته الزجلية الخالدة “يا الغادي في الطوموبيل”.
وقد حققت هذه الأغنية -التي كتبها الراحل سنة 1959 ولحنها محمد بن عبد السلام- شهرة كبيرة للموسيقار “عبد الوهاب الدكالي”، كما حققت مبيعات خيالية بلغت آنذاك نحو مليون أسطوانة.
كما كتب للدكالي أيضا أغاني أخرى لحنها “محمد بن عبد السلام”، منها “هلّ هلالك يا رمضان” و”لا بان عليه أخبار”، إضافة إلى كتاباته لفيض من الأغاني أداها العديد من المطربين منهم “عبد الوهاب أكومي” و”عبد الهادي بلخياط” و”أحمد الغرباوي” و”المعطي بلقاسم” و”بهيجة إدريس” و”إبراهيم العلمي” وغيرهم.
وتنوعت مواضيع كلمات الأغاني التي كان يكتبها الراحل بين الوطني والملحمي -من خلال أغنية “ناديني يا ملكي” التي أداها المطرب إسماعيل أحمد- والوجداني والعاطفي كأغنية “لالة مولات الدار” لمحمد الإدريسي”، و”ما فيك خير يا قلبي” لعبد الهادي بلخياط، فضلا عن الصوفي والروحي من خلال رائعته “المدد يا رسول الله” التي غناها إسماعيل أحمد.
“فين ماشي يا موشي”.. عن هجرة اليهود المغاربة لفلسطين
على المستوى السينمائي شارك الراحل في كثير من الأعمال المغربية والدولية، استهلها بمشاركته القيمة في فيلم “عندما يثمر النخيل” في نهاية الستينيات، للمخرجين العربي بناني وعبد العزيز رمضاني.
كما تألق الراحل في فيلم “فين ماشي يا موشي” لمخرجه حسن بنجلون، وهو فيلم روائي طويل يتحدث عن جانب من هجرة اليهود المغاربة إلى فلسطين من مدينة أبي الجعد إحدى مدن محافظة خريبكة التي تبعد عن الرباط بنحو 200 كيلومتر جنوبا.
ويسلط الفيلم الضوء على كثير من الشخصيات التي قاومت الهجرة إلى إسرائيل منها شخصية “شالومو” مصلح الساعات التي كانت تقطن بجبال الأطلس المحاذية لمدينة أبي الجعد.
تألق التونسي إلى جانب عدد من الممثلين المغاربة، أبرزهم “سيمون الباز” و”عبد الرحيم بركاش” و”حسن الصقلي” و”مالك اخميس” و”ربيع القاطي” و”عبد الله شكيري” و”ريم شماعو” و”إلهام لوليدي” و”صلاح الدين بنموسى” و”فاطمة الركراكي محمد التسولي” و”عبد القادر لطفي” وغيرهم.
كما وقع على مشاركة محترمة ضمن فيلم “لحظة ظلام” لمخرجه نبيل عيوش عام 2002، إلى جانب عدد من النجوم أبرزهم الراحل “محمد مجد” و”فيصل بوكرين” و”ليلى علوش” و”لبنى ازبال” و”نور الدين أورحو” و”هشام موسون” بطل فيلم “علي زاوا” للمخرج نفسه، والذي يتحدث عن ظاهرة الأطفال المشردين.
وساعدت ملامح الراحل ومؤهلاته الثقافية على التألق والمشاركة في العديد من الأفلام الأجنبية والدولية، لعل أبرزها فيلم “مريم والد يسوع” لمخرجه الأمريكي “كونور كيفان”، والفيلم الإسباني الإيطالي “الجسد الجميل وجب التخلص منه”.
كما أبدى الراحل مشاركة فعالة في الفيلم العربي “دكتور بلعافية” سنة 1953 للمخرج “يوسف معلوف” و”هنري جاكوز”، إلى جانب عدد من الأسماء اللامعة آنذاك، منهم “الطيب الصديقي” و”كمال الشناوي” و”ليلى فريدة” و”ليلى الجزائرية” و”أميرة أمير” و”محمد التابعي” و”البشير سكيرج” وغيرهم.
حس إبداعي متشعب وثري.. مزاوجة بين التمثيل والكتابة
اعتبر الفنان “علي آيت القايد” أن الفنان التونسي الراحل موسوعة فنية، وذلك لما يتمتع به من حس إبداعي متشعب وثري يزاوج بين التمثيل والكتابة، فضلا عن عشقه للموسيقى والشعر ورؤيته الجمالية على مستوى الإخراج والديكور والسينوغرافيا والأزياء، وما يرافق جمالية العملية المسرحية برمتها.
وأوضح القايد أن الراحل يشكل هامة من هامات الحركة المسرحية المغربية والمغاربية، لما قدمه من خدمات متنوعة خلال مرحلة تأسيس الحركة المسرحية قبل الاستقلال وبعده، فكان من الممثلين الأكفاء الرواد إلى جانب أسماء لامعة كـ”وفاء الهراوي” و”العربي الدغمي” و”عبد الرزاق حكم” و”محمد حماد الأزرق” و”بلعيد السوسي” وغيرهم.
وشدد القايد على القيمة الفنية والإنسانية للراحل، فكان من الذين لا يتطفلون على المجال الفني، ولا يشارك إلا فيما يناسبه ويتناسب وشخصيته ومبادئه، ويجعله محط تقدير واحترام الجمهور، مبرزا تقصير الجهات المسؤولة والإطارت الجمعوية في الاحتفاء وتكريم هذا الرجل الذي خدم المجال المسرحي والموسيقى المغربيين بالخصوص مند حقبة الستينيات والسبعينيات.
“فرقة المعمورة”.. مدرسة مُتشبعة بالقيم الاحترافية
أبرز المخرج السينمائي “أسعد سمورة” القيمة الاعتبارية للفنان الراحل، خاصة أنه كان من أوائل أعضاء فرقة “المعمورة” المسرحية التي تأسست نهاية خمسينيات القرن الماضي، والتي يعتبرها العديد من النقاد والمتتبعين مدرسة فنية تخرّج منها الكثير من رموز التمثيل في المغرب.
وأوضح سمورة في هذا السياق أن الراحل تشبع بالقيم الفنية الاحترافية للعديد من الأسماء الرائدة المغربية والأجنبية، لعل أبرزهم العملاق “الطيب الصديقي” والشاعر والزجال والمسرحي “الطيب لعلج”، فضلا عن “فاطمة الركراكي” و”العربي اليعقوبي” و”حمد سعيد عفيفي” الذي يحمل مسرح مدينة الجديدة اسمه.
وأفاد سمورة أن الراحل وإن كان قليل الظهور، فإنه كان يختار الأجود من أدوار تتماشى وقيمه ومبادئه الإنسانية والفنية حتى يحافظ على كرامته الفنية وعلاقته بالجمهور بدل المشاركات الكثيفة، والتي قد لا تضيف إلى تجربته الفنية أي شيء