هاني البنا.. حامل لواء العمل الخيري الإسلامي ووسام الإمبراطورية

وجد الإلهام من آيات كتاب الله تعالى الداعية إلى البذل والإنفاق والعمل على تكريم النفس البشرية إنقاذها من الأخطار التي تهددها، فكان شعاره: (مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ).
كما تمثل قوله تعالى (وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).
وقد وصف بأنه “أحد أهم قادة العمل الخيري في العالم، وأحد أعظم المحسنين لأنه يعمل ضد التيار”، لم تقتصر أعماله الإغاثية على الدول الإسلامية، بل تخطاها إلى غيرها، فقد كان يؤمن أن العمل الإغاثي لا يقتصر على فئة محددة من الناس.
يروي هذا الفيلم الذي تبثه الجزيرة الوثائقية سيرة الدكتور هاني البنا، أحد رواد العمل الإنساني والتنموي في العالم، ويسلط الضوء على تجربته الفريدة في هذا المجال، التي امتدت زمنيا على مدار نحو 4 عقود، أما جغرافيا فشملت بلادا وأقطارا شتى، توزعت على قارات العالم.
سيرة البنا.. عبارات ملهمة للأطفال تصنع كتابا مصورا
كانت مساهمات د. هاني البنا حاضرة وفاعلة في أزمات مختلفة حول العالم، وكانت تجربته ملهمة من عدة زوايا، مما أهّله لنيل التكريم في بريطانيا وفي كثير من المحافل الدولية المختلفة. وغطت أعماله بقعة كبيرة من هذا العالم، وجال في عدد من الدول مشرفا على أعمال مؤسسته التي أنشأها تحت اسم “منظمة الإغاثة الإسلامية”، وقد شغل منصب المدير العام لها.
قام مستشار المناهج الدينية “لاتمير بلايلوك” باستخدام السيرة الذاتية للدكتور البنا واستخدامها في التعليم الديني، ليتعرف الناس على شخصية ملهمة من التراث البريطاني الإسلامي الذي من شأنه أن يحدث فرقا في المجتمع.

استخدم المستشار 30 جملة من السيرة الذاتية للدكتور البنا، بحيث يقوم كل طالب برسم صوره متعلقة بواحدة من الجمل، وحين وضعوا الصور مع الجمل أُلّف كتيب مبسط توج هذا المشروع.
وتقول المعلمة “ديبي يوهانز” -إحدى المشرفات على المشروع-: عندما تعرف عليه الأطفال أحبوه كثيرا، ووجدوه شخصية ملهمة في التعامل مع الناس، ورسالته عن الحب والأمل.
ولد البنا في القاهرة عام 1950، وهو رابع إخوته، وكان والداه من القيادات الإسلامية في محيطهما المحلي، واهتم والده بالفكر الإسلامي. وقد نال تربية إسلامية في بيت عائلته، وتأثر بأمه، وتعلم منها كيف يكون قائدا متواضعا لا يتعالى على الآخرين.
دراسة الطب.. إخفاق متكرر يقود إلى نجاح عظيم
درس د. هاني البنا الطب في جامعة الأزهر، ثم انتقل إلى بريطانيا عام 1971، ليكمل دراسته في جامعة بيرمنغهام، وهنا يتحدث عن أن الله تعالى وفقه لاختيار هذه الجامعة التي ستكون بداية لمشروعه الكبير. وقد أخفق -كما يقول- 4 مرات قبل أن يحصل على رخصة مزاولة مهنته طبيبا، حتى حصل عليها في العام 1982 الذي شكل له منعطفا كبيرا في حياته.
وقد عين في هذا العام طبيبا في مدينة بيرمنغهام، وهنا يتحدث عن ثلاثة أحداث محورية في هذا العام، جعلته يترك الطب ويتوجه لشيء آخر. الأول زيارته للبوسنة، حيث تعرف عن قرب على مدى الاضطهاد الذي تعرض له المسلمون في يوغسلافيا على يد الديكتاتور تيتو.

أما الثاني فكان مذبحة صبرا وشاتيلا في لبنان التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي والمليشيات المتآمرة معه ضد الفلسطينيين في مخيمات لبنان، وأما الثالث فهو مذبحة حماة التي ارتكبها النظام السوري ضد المدنيين، وسقط فيها عشرات الآلاف من الضحايا.
في هذه الفترة، خصص الدكتور هاني يوما في الأسبوع لتوزيع الصور والبيانات الخاصة بهذه الأحداث على المحلات والأحياء والمساجد، من أجل نشر الوعي بقضايا الأمة، وهكذا بدأت الإغاثة.
“افعل شيئا لوجه الله تعالى”.. شيخ مسن يرسم نقطة التحول
في عام 1983 اشتدت المجاعة في إثيوبيا والسودان، فاتجه البنا إلى شرق أفريقيا، وهناك التقى بأشخاص كانت حياتهم مهددة بسبب المجاعة، وفي لقطة استثنائية كان لها ما بعدها، قال له رجل مسن: “افعل شيئا لوجه الله تعالى”. وكانت تلك نقطة تحول في حياته، فقرر القيام بعمل ما هناك، فالناس بحاجة إليه أكثر من مرضاه في بيرمنغهام.

وجد البنا أن الجالية الإسلامية في بريطانيا غير ممثلة بشكل رسمي في العمل الإسلامي والإنساني، لكنه مع ذلك بدأ بعمل إعلانات تعريفية عن الأوضاع المأساوية للسكان في أفريقيا جراء المجاعة، وأثناء ذلك فتح حسابا مصرفيا وبدأ بجمع التبرعات، وانطلقت من هناك فكرة تأسيس منظمة الإغاثة الإسلامية عام 1984، وكان مقرها الأول في مسجد الطلبة المسلمين، وبدأت حملات التبرع بطريقة بسيطة متواضعة، لكنها أثمرت فيما بعد وكبرت وترعرعت.
تقول الوزيرة البريطانية السابقة “كلير شورت” عن تأسيس “منظمة الإغاثة”: كانت فكرة البنا تقوم على أن المسلمين كرماء من خلال دفعهم للزكاة والصدقات، لكنهم بحاجة إلى تنظيم، وإلا فإن المبالغ ستصرف في غير أماكنها، وكان هدفه إنشاء مؤسسة تعمل على إنقاذ كافة المحتاجين، أيا كان دينهم أو موقعهم الجغرافي.
محنة البوسنة والهرسك.. أخطار العمل الإغاثي في فوضى الحرب
في العام 1989 قرر د. البنا العودة إلى بلده الأم وترك دراسته، فقد كان شغوفا بالعمل كفلاح رغم أن عائلته من المدينة، وفعلا غادر بريطانيا، لكنه لم ينجح في مصر، وعاد إلى بيرمنغهام بعد أربعة شهور فقط، وباشر العمل الإغاثي من جديد عام 1991.
بدأت محنة البوسنة والهرسك عام 1992، وكانت مرحلة فاصلة، ولم تكن منظمة الإغاثة الإسلامية وحدها في الميدان، بل كان هناك كثير من المنظمات العربية والإسلامية والدولية، وقد بدأ د. هاني ومنظمته العمل بشكل أوسع، فأقاموا المخيمات والكفالات، وتمكنوا من دخول العاصمة سراييفو، لكنهم كانوا غير قادرين على توصيل المعونات للناس، خصوصا خلال الحصار.

يتحدث البنا عن كثير من المواقف الصعبة التي واجهها العمل خلال محنة البوسنة والهرسك، تحدث عن معاناة آلاف النساء والأطفال هناك، وعن الأخطار التي واجهتهم خلال أداء عملهم كمنظمة إغاثة، وسط حرب مشتعلة ضروس لا تميز أحدا.
تقول “سوما دين” مؤلفة كتاب “هاني البنا”: لقد كانت على الأرجح إحدى أصعب التجارب التي مرت علي خلال تأليف الكتاب عن حياة البنا؛ أنه دخل في إحدى رحلاته مستودعا ممتلئا بالنساء والأطفال، فأجهش بالبكاء حين روى القصة، وقال إنه سمع شهيق كل النساء في المستودع، لأنهن حسبن أنه قادم من أجل تحريرهن، لكنه لم يستطع ذلك.
تسهيل مشاريع الإغاثة.. امتيازات العمل تحت قبة الأمم المتحدة
أرسل د. البنا رسالة إلى الأمم المتحدة من أجل إتاحة المجال لمنظمته للدخول إلى المنظومات الدولية، فقد أصبحت الأمور تزداد صعوبة بالنسبة للعمل الإغاثي الإسلامي، وكان لا بد أن تكون لهم حيثية دولية تسهل أعمالهم.
كان خالد روي مسؤول المشاريع في المنظمة من أكثر الناس خبرة في هذا المجال، لذا فقد حضر قائمة من الأسئلة المتوقع أن توجه لمؤسسي المنظمة من قبل أعضاء الأمم المتحدة، ومن توفيق الله فقد أعدوا لكل سؤال جوابا، وفعلا سئلوا خلال الجلسة نفس الأسئلة، فكان أن يسر الله تعالى لهم الأمر.

يتحدث الدكتور البنا عن الخذلان العربي الذي واجهوه في أروقة الأمم المتحدة، لكن الأمر نجح في النهاية، بعد أن تدخل السفير الأيرلندي خلال الجلسة وقال: “لقد اطلعت على ما قدمته هذه المؤسسة، حتى أنها تبرعت للأمم المتحدة في البوسنة قبل أن تسجل، وأنا أزكيها”، وفعلا جرى تسجليها.
“دع السماء تتلبد بالغيوم السوداء وسنجلب لها النور”
بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 تغير وضع مؤسسات الإغاثة العربية والإسلامية حول العالم، لم يتخيل د. البنا في البداية ما يحدث، وظن نفسه يشاهد فيلما أمريكيا، يومها قال في اجتماع الهيئة: من لم يرفع رأسه سيدفن، وستكون حربا على المسلمين.

وقد بعث بعدها برسالة إلى الوزيرة “كلير شورت” مستفسرا ما إذا كان اجتماعها معه قائم أم ألغي، فردت عليه بأنه قائم، في ذلك الوقت استطاعت منظمة الإغاثة الإسلامية، الحصول على أكبر معونة من الحكومة البريطانية، وبلغت مليون جنيه إسترليني.
وفي نفس الأثناء عقد رئيس الحكومة آنذاك “توني بلير” اجتماعا لاتخاذ قرار المشاركة في الحرب على أفغانستان. تقول “كلير شورت”: عندما جئت إلى الحكومة كانت هناك إشاعات متداولة عن المنظمة، على أنها ربما تكون منظمة متعصبة أو طائفية أو من مثيري الشغب، فتحدثت إلى وكالة الاستخبارات، وقلت: هل يمكنكم إجراء بحوث حول هذه المنظمة؟ فجاء الرد: تحققنا من سلامة وضع المنظمة، وهي منظمة نظيفة بالكامل.

في بداية الألفية الثانية وضعت الولايات المتحدة وبريطانيا إجراءات مشددة على التحويلات المالية عبر العالم، لإيقاف “تمويل الإرهاب” على حد زعمها، وكان لذلك دور كبير في تقييد الإغاثة الإنسانية، ورغم القلق الذي كان ينتاب د. البنا إزاء ذلك، فقد كان يقول: دع البركان يثور، وسنقف متحدين على أهبة الاستعداد، دع السماء تتلبد بالغيوم السوداء وسنجلب لها النور.
كان يمسك الخريطة -متحديا- ويضع على كل بلد وكل مدينة علامة، ويقول سنفتح هذا المكان، كان يخطط وهو يجلس في الطائرة.
“إنه بحق رجل غير عادي”.. جائزة الإمبراطورية البريطانية
أثناء زيارته لهيئة الاغاثة الإسلامية قال ولي العهد البريطاني حينها الأمير “تشارلز” إنه واثق تماما وعلى اطلاع معمق من أن إنجازات منظمة الإغاثة الإسلامية، ما كان لها أن ترى النور دون رؤية د. هاني البنا وشغفه وتعليمه الراسخ، إنه بحق رجل غير عادي ولافت للنظر.

خلال الزيارة طُلب من الأطفال مشاهدة مقطع فيديو قصير للأمير “تشارلز” وهو يتحدث عن حياة د. البنا وإنجازاته، وبعد مشاهدة المقطع طلب منهم أن يكتبوا مقطعا إنشائيا يتحدث عنه، ولماذا يستحق جائزة الإمبراطورية البريطانية.
وقد كتب أحد الطلاب مخاطبا الأمير تشارلز: أشعر أنه من الضروري أن أوجه عنايتكم إلى العمل المتميز الذي تقوم به منظمة الإغاثة الإسلامية في دعم الإنسانية، لقد آثر د. هاني آلاف الناس على حياته، ولهذا أرغب في ترشيحه لنيل وسام الإمبراطورية البريطانية.

وبالفعل وصلت -بعد فترة من الوقت- رسالة إلى د. هاني من وزارة الخارجية البريطانية عام 2004 لدعوته للتكريم، ولم يكن يعلم أنه سيكرم، فقبل الدعوة. وقد ارتدى لباسا تقليديا من شبه القارة الهندية في حفل تكريمه من قبل ملكة بريطانيا، وكان تعليقه على ذلك بقوله: أنا أُكرم الناس الذين كان لهم الفضل بأن يضعوا البذرة الأولى في بناء هذه المؤسسة، قبل أن تأتينا أي أموال من أي جهة في هذا العالم.
بعد ذلك كُرّم الدكتور هاني في جامعة بيرمنغهام، ومنح الدكتوراه الفخرية لأعماله الإنسانية في خدمة الفقراء والمحتاجين.
إعادة تدوير الملابس المستعملة.. نجدة العراة
بدأت شركة “تيك” عام 1990 في بيرمنغهام بتجميع الملابس المستعملة، وهي بذلك تشجع ذوي الدخل المحدود للتبرع، وكانت هذه الشركة تتبع لمنظمة الإغاثة، ويقوم عملها على استلام الملابس المستعملة وإعادة توضيبها، من أجل توزيعها على المحتاجين، وكانت تعالج نحو 15 طنا يوميا.

كانت الملابس ترسل لتباع في دول أخرى، ليستفاد من الإيرادات في مشاريع الإغاثة الإسلامية في بلدان أخرى.
بعد أن بدأ مشروعه بغرفة متواضعة أصبحت مساحة مقر الهيئة 29 ألف قدم، وفي عام 1992 أثناء حرب البوسنة وفيضانات باكستان امتلأ الطابق الأسفل بالتبرعات، رغم أن مساحته بلغت نحو 20 ألف قدم بارتفاع 7 متر في الهواء.
رأس أكبر من الجسد.. حين تفوق أحلام القائد طاقة المنظمة
يلخص الدكتور هاني أصعب ثلاثة قرارات في حياته، الأول كان في عام 1977 عندما ترك مصر وشعر أنه لن يعود لها، أما الثاني فكان في 1995 عندما ترك الطب، والثالث عندما ترك منظمة الإغاثة عام 2008 بعدما كان هو والمنظمة روحين في جسد.

كان السبب الرئيسي في أن سرعة الفرد كانت أكثر من سرعة المؤسسة، بمعنى أنه كان يحضر مبادرات كثيرة، لكن هيكل المؤسسة لا يستطيع استيعابها، ولن يستطيع أي جهاز تنفيذي تحقيق رغبات السيد الرئيس، وإلا سيكسر المؤسسة.
ويعلق المتخصص في العمل الخيري فادي عيتاني على ذلك بقوله: كان لدى الدكتور أحلام كبيرة، ولكن في بعض الأحيان لا يفكر في تكلفة هذه الأحلام، إذ يبدو أن الناس الذي عندهم رؤية لديهم هذا الأمر، مما يضع عبئا على الناس الذين يعمل معهم، أي لا بد أن تصل، ولكن كيف؟ هذه مشكلتك وليست مشكلته.

وقد أسس د. البنا نهجا خاصا في التعامل مع الموظفين من خلال التقرب إليهم وتشجيعهم، وأوكل كثيرا من الأعمال إلى النساء، وكان يقول: من يريد أن يكون مشروعه ناجحا لا بد له من إعطاء قيادته إلى امرأة، لأنهن أكثر دقة ومتفانيات وملتزمات، بالإضافة إلى ذلك فإن أغلب المستفيدين من المشاريع هم في الحقيقة من النساء والأطفال.
جنة السلام.. دفء العائلة التي نالت أقل الحظوظ
يرى السير “نيكولاس يانغ” الرئيس السابق للصليب الأحمر البريطاني أنه كان للدكتور هاني نقاط ضعف متعددة، فهو عاجز عن إلغاء العمل أو التوقف، ويرفض التوقف عن السفر، ويقول متحدثا عنه: أشعر بتعاطف مع زوجته المسكينة وعائلته، لأنه حاضر في المشهد دائما وغير راض، ذو شعور دائم بالحاجة إلى المزيد من العمل، ويرفض إعطاء حياته الخاصة أولوية، وهذا ضعف شديد، ومع ذلك هو متواضع ومرح في الوقت نفسه.

كان من الصعب على الدكتور هاني بعد هذه السنوات الطويلة المليئة بالتحديات أن يقال له استرح، لأن هذا المسار أصبح من الصعب الرجوع عنه، فهو يعتبر أنه خط يسير باتجاه واحد.
أما زوجته فكانت لديها تحديات كبيرة في سفره المتكرر حول العالم، فلديه مهمات كثيرة في ظروف خطرة، سواء كانت كوارث ومجاعات وفيضانات أو حروب، لكن د. هاني كان يقول إن زوجته كانت بحق سكنا له، لقد جعلت البيت جنة، لدرجة أنه أسماها جنة السلام، مما جعله يعيش في بيئة مستقرة، رغم أنه ناشط إنساني يتقلب في رياح العالم.
وكان يرى أنها أدارت الأسرة خلال أعوام عدة، وغطت كل احتياجاتهم، وتشكلت صورتها من خلال شخصيتها الداعمة، رغم أنها فضلت الابتعاد عن الأضواء، وأما الأبناء فيصفون أباهم بأنه حنون وشجاع ومستقيم وجاد ومنضبط وصاحب عقل متفتح.
يقول السير “يانغ” رغم أن د. هاني بلغ 71 عاما، فإنه لا يزال في فكره حين كان ابن 25، معه كل العالم وكل الحياة أمامه، كان لا يلتفت إلى هذه الكلمات المنمقة، بل كان يهتم بالبشر وإنجاز المهام.
“لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”
كان د. هاني البنا دائما ما ينصح العاملين معه أن لا يعملوا مع الأرقام فقط، بل طلب منهم أن يسافروا ويمارسوا العمل الميداني، للتعرف عن قرب على معاناة الناس، وليشعروا بقيمة الدور الذي يؤدونه.

لم يفرق البنا بين الناس مهما كانت طوائفهم، وكان يعتقد اعتقادا جازما بالحديث النبوي الشريف “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه”، واستطاع تجسيد كثيرا من التعليم الإسلامية في تحمل الإساءة والحرمان والشعور بآلام الآخرين، وقد جمعها معا ووضعها في بوتقة القيم الإسلامية التي يعيشها المسلم خادما للإنسانية جمعاء.
تقول الوزيرة البريطانية السابقة “كلير شورت”: كان لديه التزام ديني قوي، ورغم أنني لست مسلمة فإنني أحترمه، لأنه وظف التزامه الديني بشيء يخدم البشر في كل مكان.