سميحة أيوب.. سيدة المسرح العربي تسدل الستار بعد عقود من العطاء

توفيت الفنانة المصرية سميحة أيوب داخل شقتها بحي الزمالك، وقد بلغت 93 عاما، بعد مسيرة فنية طويلة ومثمرة، كان للمسرح النصيب الأبرز فيها، فاستحقت عن جدارة لقب “سيدة المسرح العربي”.

كان كثيرون يراها رمزا للفن الراقي، وعلامة بارزة في تاريخ المسرح العربي، فقد قدمت في مسيرتها الممتدة عقودا روائع مسرحية كثيرة، شكلت وجدان أجيال.

وُلدت سميحة أيوب في حي شبرا عام 1932، وبدأت مسيرتها الفني عام 1947، فتنقلت بين خشبة المسرح وعدسات السينما والتليفزيون، وتركت أثرا كبيرا بأدائها المتقن، وقدرتها على تقمص الشخصيات المركبة، وامتدت أعمالها عقودا متواصلة، تعاونت فيها مع نخبة من المخرجين والكتاب الكبار في مصر والعالم العربي.

سميحة أيوب.. سيدة المسرح العربي

ظهرت سميحة في عصر جيل الأساتذة والرواد، الذين عانوا من رفض أهاليهم العمل في الفن، وغيروا نظرة المجتمع لهم ليكونوا محل تقدير، وهو الجيل الذي أسس المعهد العالي للتمثيل في منتصف الأربعينيات، وقد أصبح اسمه لاحقا معهد الفنون المسرحية.

تخرجت سميحة في المعهد عام 1953، وشاركت في عدة أعمال فنية أثناء دراستها بالفرقة الثانية به، وعملت في فرقة المسرح الحديث التي أسسها الفنان زكي طليمات.

7 عقود من العطاء على الخشبة والسينما

بدأت سميحة أيوب مسيرتها الفنية حين بلغت 15 عاما، بمشاركتها في فيلم “المتشردة” (1947). وعلى مدار أكثر من 7 عقود، قدمت نحو 170 عملا مسرحيا، من أبرزها:

  • “رابعة العدوية”.
  • “سكة السلامة”.
  • “دماء على ستار الكعبة”.
  • “أغا ممنون”.
  • “دائرة الطباشير القوقازية”.

وهي أعمال رسخت مكانتها، حتى أصبحت “سيدة المسرح العربي”.

شغلت سميحة منصب مديرة “المسرح الحديث” بين عامي 1972-1975، ثم تولت إدارة “المسرح القومي” مدتين متتاليتين، من عام 1975 حتى عام 1989.

يرى د. عمرو دوارة في كتابه “سميحة أيوب… سيدة المسرح العربي” أن سر تميزها لا يكمن في كونها ممثلة وحسب، بل أنها كذلك كانت مديرة للمسرح، وقدمت أيوب كذلك نفسها مخرجة ومنتجة تلفزيون ومسرح، ناهيك عن حنجرتها الذهبية، التي لا تخطئها أذن.

لقبت سميحة أيوب سيدة المسرح العربي، نظرا لإسهاماتها الكبيرة في المسرح العربي، وتأثيرها في تاريخه. كما عملت في عدد من الفرق المسرحية، منها مسرح الجيب والمسرح العالمي، والحكيم، والمسرح الحديث، والمسرح القومي. كما خاضت تجربتين في الإخراج المسرحي، بعرضيْ “مقالب عطيات” و”ليلة الحنة”.

حملت الدورة الماضية من المهرجان القومي للمسرح المصري اسم الفنانة سميحة أيوب، التي رحلت عن عالمنا قبل انطلاق المهرجان بـ42 يوما.

“أحببت شعري في صوتها وأدائها وشموخها”

بدت سميحة أيوب متفردة في المسرح الشّعري، بما لها من حضور مسرحي، ولغة عربية سليمة، وقبول واضح.

كتب الشاعر فاروق جويدة مقالا بعنوان “أنشودة الفن الجميل”، اعترف فيه بأن سميحة أيوب كانت أول من أحب صوته الشعري في أدائها، قائلا: أحببت شعري في صوت القديرة سميحة أيوب وأدائها وشموخها.. وكان يراودني حلم أن أراها تشدو بأشعاري على المسرح.

من مسرحية “سكة السلامة”

بدأت هذه الرحلة بمسرحية “الوزير العاشق”، المستوحاة من قصة حب ابن زيدون وولّادة، التي أعادت لذاكرته أمجاد الأندلس. وقد عرضت في عدة عواصم عربية، ولاقت صدى واسعا، حتى أن الكاتب يوسف إدريس قال: أول مرة في حياتي أشاهد مسرحية وأنا جالس على الأرض.

شارك الفنان عبد الله غيث في البطولة، فشكل معها ثنائيا فنيا استثنائيا، وصفه فاروق جويدة بأنه “أكبر حدث فني اهتزت له أركان المسارح العربية”. وترجمت المسرحية إلى عدة لغات، وكانت موضوع أطروحتين للماجستير في جامعة مدريد.

العمل الثاني الذي جمع فاروق جويدة بسميحة هو “دماء على ستار الكعبة”، من إخراج هاني مطاوع وبطولة يوسف شعبان. وقد كتب عنه جويدة: كنت أسمع صوت سميحة وأنا أكتب المشاهد، كان أداؤها شيئا من الإبهار، وربما الإعجاز، في أجمل صوت شدا على خشبة المسرح العربي.

ناقشت المسرحية قضايا الطغيان ومقاومة الظلم، ووجهت نقدا قويا للاستبداد، وحضرها رجال بارزون، منهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، والموسيقار محمد عبد الوهاب، والكاتب محمد حسنين هيكل، وأعضاء مجمع اللغة العربية.

أما ثالث أعمالهما فمسرحية “الخديوي”، من إخراج جلال الشرقاوي، وقد وصفها جويدة بأنها كانت “زلزالا في الثقافة المصرية”. وقد تناولت قضايا النهضة والديون والتبعية والاحتلال، وعلاقة الدين بالسياسة. وشارك في بطولتها نخبة من كبار الفنانين هم محمود ياسين، وفاروق الفيشاوي، وأشرف عبد الغفور، ومحمد الموجي.

استمرت عروض المسرحية أكثر من 100 ليلة على خشبة مسرح البالون، ثم أوقفت فجأة، ومنعت من العرض 18 عاما، في قرار وصفه فارق جويدة بأنه “غامض”. لكنها حين عادت إلى النور ظلت علامة فارقة في المسرح الشعري بمصر والعالم العربي.

كما أنها أيضا تركت بصمة واضحة في السينما والتلفزيون، بأفلام منها:

  • “موعد مع السعادة” (1954).
  • “بين الأطلال” (1959).
  • “أرض النفاق” (1968).
  • “فجر الإسلام” (1971).

كما شاركت في أعمال درامية بارزة على الشاشة الصغيرة، من بينها:

  • “الضوء الشارد” (1998).
  • “أوان الورد” (2000).
  • “أميرة في عابدين” (2002).
  • “المصراوية” (2007-2009).

“فلسطين كانت حاضرة دائما في وجداني”

لم تكن سميحة أيوب مجرد نجمة مسرحية أو “سيدة الخشبة” كما وصفها النقاد والمتفرجون، بل امتدت أدوارها إلى ما هو أبعد من النصوص والأداء؛ فقد سخرت حضورها الفني لخدمة قضايا عربية كبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي احتلت مكانة مميزة في وجدانها ومسيرتها الإبداعية.

في مذكراتها “سميحة أيوب.. أسطورة المسرح تحكي”، خصصت فصلا بعنوان “الاعترافات الأخيرة”، تروي فيه تفاصيل علاقتها بشخصيات فلسطينية، أثرت في وعيها الوطني. وتحكي عن لقاء عابر جمعها بالزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في إحدى العواصم العربية، خلال فعاليات مؤتمر ثقافي، وتقول: التقيت به في أكثر من جلسة وسهرة، وفي إحداها أهداني شاله الفلسطيني الشهير، وألبسني إياه بيديه.

سميحة أيوب في مسرحيات ماسبيرو .. الوزير العاشق

لم تكتفِ سميحة أيوب بالمواقف الرمزية، بل اتخذت موقفا عمليا بإعادة تفعيل دور المسرح في النضال. فعادت إلى الإخراج بعد 22 عاما لتقدم مسرحية “ليلة الحنّة”، من تأليف المناضلة الفلسطينية فتحية العباسي، وهي مستلهمة من الاجتياح الإسرائيلي لبيروت عام 1982.

تقول: “ليلة الحنة” كانت سبب عودتي للإخراج، شعرت أن القضية بحاجة إلى صوت ناعم لكن حقيقي، الكلمة ممكن تكون مظاهرة.

وقد شارك في العمل فنانون مصريون بارزون، منهم جيهان فاضل وأحمد عبد العزيز، وأدت سميحة البطولة بنفسها. ومع أنها لم تكن مسرحية تجارية، فقد لاقت صدى نقديا وشعبيا معتبرا، ووصفتها بأنها “وقفة عز وسط موجة الهلس.”

امتدت علاقة سميحة أيوب بالقضية الفلسطينية إلى مجال الشعر؛ وقد تحدثت عن تأثرها العميق بمحمود درويش، واصفة أسلوبه بأنه “شعري سياسي في آن واحد”، وقالت: كان درويش حالة متفردة، أحببت فيه نبرة الناعم الذي يحدث الأثر.

كما عبرت عن إعجابها بالشاعر سميح القاسم، وقد لقيته في مؤتمرات ثقافية عدة، واصفة حضوره بأنه “رائع”، وقالت: أيام المؤتمر التي قضيتها معه جعلت لكل لحظة طعما مختلفا.

ولم تغفل الحديث عن الفنان الفلسطيني ناجي العلي، مع أنها لم تلقه شخصيا، لكنها قالت عنه: عشقت قلمه وريشته.. فلسطين كانت حاضرة دائما في وجداني.

تكريم في أيام عبد الناصر

روت سميحة أيوب في مذكراتها الصادرة في كتاب لأيمن الحكيم تحت عنوان “سميحة أيوب أسطورة المسرح العربي”: أقول إن عبد الناصر أكثر الزعماء إدراكا لقيمة الفنان المصري والفن المصري والإبداع المصري، وعرف كيف يوظفه ويجعله رأس حربة في معاركنا الوطنية والقومية، وقد لعب الفن المصري دورا مؤثرا وفعالا.

وسردت قصة من أيام العدوان الثلاثي، قائلة: أذكر مثلا عندما وقع العدوان الثلاثي، كنا نقدم مسرحية “إيزيس”، لتوفيق الحكيم، لكن مدير الفرقة الأستاذ أحمد حمروش قرر أن يشارك المسرح في المعركة، وبسرعة شديدة جرى إنتاج مسرحيات وطنية تعرض من تلك الأجواء، وتقرر أن يفتح المسرح أبوابه للجماهير مجانا، ولما كان الظلام يسود القاهرة ليلا بسبب الغارات الجوية، كان المسرح يفتح أبوابه بين الثانية والخامسة عصرا، ولعب الفن المصري بكل أشكاله دورا فاعلا في المعركة؛ أغانٍ، وأناشيد، ومسرحيات، وأفلام سينمائية. وهو ما كان له أثره في رفع الروح المعنوية للشعب، وصمودنا في المعركة.

وتحدثت عن عهد عبد الناصر بقولها: وبعد معركة التأميم والعدوان الثلاثي، حاز عبد الناصر شعبية أسطورية؛ فقد كان ذا شخصية مهابة استثنائية، كانت تجعل مجرد اللقاء به وساما في حد ذاته.

لذلك كانت فرحتي طاغية عندما أُبلغت من رئاسة الجمهورية بأن اسمي بين المكرمين في الاحتفال الكبير الذي كان يقام بقاعة الاحتفالات الكبرى لجامعة القاهرة، ويحضره الرئيس عبد الناصر، ويمنح فيه وسام الجمهورية في العلوم والفنون لعدد من العلماء والأدباء والفنانين، تقديرا لجهودهم وتاريخهم.

حالتي التي كنت عليها عندما تلقيت الخبر السعيد، لا يقال عنها إلا سكينة ونشوة وسعادة وحذر وهدوء وذهول عميق، انقلبت في صباح يوم 14 ديسمبر/ كانون الأول 1964 إلى حالة من التوتر والخوف والترقب لما ينتظرني، وجاء دوري ونودي على اسمي، وصعدت خشبة المسرح لأتسلم الوسام من الرئيس.

لحظات معدودات سلمت عليه وسلمني الوسام، وقال لي كلمة واحدة -استقبلتها بابتسامة- كأنها “مبروك”. إنه عبد الناصر بهامته المهمة، ونظرته العميقة، وحضوره الساطع. وكنت أحلق في تلك اللحظات من السعادة، وأحتضن الوسام بفخر، مع أن الأوسمة لم تكن لها أي قيمة عندي، لكن كانت قيمتها المعنوية لا تقدر بثمن، فالشعور يأتي ويذهب، أما القيمة الأدبية فهي الباقية والخالدة.

“عفارم عليكي يا سميحة”.. علاقة شخصية بالرئيس السادات

تقول سميحة أيوب في فصل آخر من الكتاب: في أغسطس 1975، بعثت مديرا للمسرح القومي، وكان أول قرار اتخذته أن أكون أول سيدة تشغل هذا المنصب، وحتى لا يقال إنني أخذت المنصب، وتصادف أن جاء الرئيس الفرنسي “جيـسكـار ديستـان” في زيارة رسمية لمصر، وجاءتني دعوة رسمية لحضور حفل العشاء الذي يقيمه الرئيس السادات والسيدة جيهان للسيد “ديستان” وحرمه.

وبعد العشاء جاءني من يخبرني أن الرئيس السادات يطلبني بالسلام عليه أنا وسعد أردش، وقدمني السادات بفخر لـ”ديستان”، قائلا: “دي نجمة المسرح المصرية اللي بتلعب دور كبير في رفع الوعي عند راسـنا”، ووعدنا أن يرسل وزير ثقافته “ميشيل جـي” لمشاهدة العرض، وجاء ودوّن رأيه في دفتر المسرح.

والحق أن علاقتي بالسادات كانت طيبة، وكان يحمل لي تقديرا ومحبة، أذكر أنه مرة قال لي: يا سميحة أنا عاوز منك خدمة.

قلت له: تحت أمرك.

قال: عايزك تروحي للفنانة زينب صدقي، وتشرحي لها إني ما حطتش اسمها في كشف المعاشات، اللي قررت صرفه للفنانين الكبار، لأنهم قالوا لي إنها ماتت، وأنا ماكنتش عارف إنها موجودة.

وكان ذلك في أخريات حياتها. فقلت له: لا يا فندم.. اسمح لي أنا مش حقول لها كده. أنا حقول إن الريس بيبلغك إنه اكتشف إن اسمك سقط سهوا.

فضحك الرئيس وقال لي: عفارم عليكي يا سميحة.

وأصدر توجيهاته بإعادة اسمها فورا، وقال: عفارم عليكي بالإقناع والتحريجة.

“الرئيس مبارك يطلب إنهاء الخلاف”

تقول سميحة في الكتاب: كانت “مجنون ليلى” (مسرحية) سببا في أزمة أخرى، تطلبت تدخل الرئيس حسني مبارك لفض الاشتباك فيها!

فقد انتهت أعمال ترميم وتطوير وتجديد المسرح القومي، وكان علينا أن نختار عرضا يليق بالمناسبة، نفتح به المسرح العريق، وقررت أن يكون عرض الافتتاح هو “مجنون ليلى”، ليس فقط لكونه العرض الناجح والمعبر، بل أيضا بسبب موضوعه، وهو أنه من إنتاج المسرح القومي، ولذلك فإنه عرض مصري وليس دعويا، وفوق ذلك فإنه من العروض ذات القيمة التي تتناسب مع تاريخ “القومي” وعراقته، لكن الأستاذ كرم مطاوع ضغط ليكون عرض الافتتاح هو “إيزيس”، من تأليف توفيق الحكيم وإخراجه.

شهادة تقدير يقدمه المخرج خالد جلال رئيس قطاع المسرح لسميحة أيوب

وقد بدا وزير الثقافة متبنيا لرأيه، وكنت أنا كذلك مقتنعة برأيي ودافعت عنه، وخرج الخلاف إلى العلن، وكتب كرم مطاوع يهاجمني على صفحات الصحف، واستخدم اسم توفيق الحكيم، واتهمني بالوقوف أمام تكريم كاتبنا الكبير وهو في هذا العمر، وكانت مضايقة حقيقية.

والحق أن علاقتي بتوفيق الحكيم كانت أكبر وأعمق ولا تقبل الشك، فالرجل نفسه كان يراني ابنته البكر كما كان يقول لي. وكنت أكثر من مثلت أعماله على خشبة المسرح؛ أهل الكهف، والسلطان الحائر، والصفقة، وعودة الشباب، وهل أتزوج، والزمار، وغيرها. ففوجئت بعنوان في الصحف يقول: “الرئيس مبارك يطلب إنهاء الخلاف بين سميحة أيوب وكرم مطاوع”.

ولم أكن أنتظر تدخل الرئيس لفض الخلاف، فمحبتي وتقديري لتوفيق الحكيم كانت السبب الأقوى لتنازلي عن موقفي، فقد قدرت أن الرجل في أرذل العمر، ولو “حصل له حاجة” سيتهمونني بأني السبب، ويحملوني موته مقتولا في “إيزيس”! وقررت أن آخذ المبادرة، وزرته في بيته لأخبره أن عرضه سيفتتح المسرح القومي. واستقبلنا بفرح، وعادت له حيويته، وقام من سرير المرض، واستعادت ذاكرته وجها راح يحكي بطريقته الممتعة فيضا من ذكرياته، وانتهت الأزمة بسلام.

وجاء الرئيس حسني مبارك والسيدة سوزان لحضور حفل الافتتاح، ولأنني لست من النوع الذي يتكالب على صورة أو مكسب، وليس لي في التصوير أو التهليل لمسؤول مهما علا شأنه، فما إن استقبلت الرئيس ورحبت بالضيوف واطمأننت على راحتهم وبدأ العرض، حتى صعدت إلى مكتبي في المسرح، وجلست أمارس عملي الطبيعي.

ثم جاءني من يبلغني: “الرئيس بيسأل علي”. عندما انتهى العرض، لاحظ مبارك أنني غير موجودة فسأل بعفوية: “مدام سميحة فين، المديرة بتاعتكم ولا إيه؟!”. ونزلت، وسلمت عليه، وهنأني، وقال لي: “أنا ما رضيت أمشي إلا لما أسلم عليك وأشكرك وأهنيك”. والحق أنّ أصدق وصف يمكن أن أقوله عن مبارك هو أنه رجل طيب.

ابنان وثلاثة رجال.. دهاليز الحياة الشخصية

خاضت سيدة المسرح العربي سميحة أيوب أكثر من تجربة زواج، فتزوجت الفنان محسن سرحان، الذي أنجبت منه ابنها إبراهيم، والفنان محمود مرسي وأنجبت منه ابنهما علاء، ثم تزوجت الكاتب سعد الدين وهبة، ودام زواجهما زمنا طويلا.

وقد قالت عن محمود مرسي: محمود مرسي كان شخصية ثرية وعظيمة وعميقة ومثقفة، فهو فريد من نوعه، وكل امرأة تتمنى الارتباط به، وقد عشنا قصة حب جميلة تكللت بزواج أثمر ابننا علاء، وأتذكر أننا لم نختلف يوما، وكان محمود يعامل ابني من محسن سرحان بالحسنى، ويراه مثل ابنه تماما.

كتاب “سميحة أيوب: أسطورة المسرح تحكي”

وحول زواجها من الكاتب سعد الدين وهبة، تحكي سميحة في مذكراتها: زواجي من سعد الدين وهبة لم يكن بتلك البساطة، ذلك أن فكرة تكرار تجربة الزواج للمرة الثالثة لم تكن في دماغي ولا في أولوياتي، فكل ما كان يشغلني وقتها هو فني وأولادي، خاصة بعد أن تجمدت علاقتي بمحمود مرسي، ومرت الشهور دون أن يخطو خطوة تجاه استئناف علاقتنا الزوجية، مع أنه كان يواظب على الحضور لمنزلنا لزيارة علاء.

وكنا نتحاور في كل الموضوعات إلا الموضوع الأهم، إلى أن فوجئت بأمي تنقل لي حوارا دار بينها وبين محمود، فقالت: محمود كان هنا وزعلان من علاقتك بسعد وهبة.. قال لي: الظاهر إن سعد بيلعب عليها وبيتسلى بيها.

محمود مرسي زوج سميحة أيوب الثاني

قلت له: ده عايز يتجوزها وهي رافضة.

قال: يتجوزها؟ هه هه.. قال يتجوزها قال.

وتضيف سميحة: استفزتني عبارته وإشارته وتلميحه وسخريته، وشعرت أنها تمس كرامتي، ولا بد أن أرد اعتباري، ولم أدرِ بنفسي إلا وأنا أطلب سعد على هاتف مكتبه بجريدة “الجمهورية”، وكان قد عاد إليها مديرا لتحريرها، بعد زوال خلافه مع صلاح سالم، وقلت له وقد حسمت أمري واتخذت قراري: اسمع يا سعد، بعد ساعة هكون منتظراك قدام بيتنا، أنا خلاص وافقت على طلبك، تعال هنتجوز دلوقتي.

سميحة أيوب وزوجها الثالث الكاتب سعد الدين وهبة

أمام المأذون أنهينا الإجراءات وأصبحت زوجة لسعد الدين وهبة، ورجعنا إلى منزلنا ومعنا قسيمة الزواج، وكادت والدتي تصاب بحالة من الانهيار العصبي عندما أخبرتها بخبر زواجي، فقد كانت لا تزال متشبثة بأمل رجوعي لمحمود مرسي، وكان قريبا من قلبها، وتستمتع بالحديث معه ومشاركته في لعبة الطاولة والكوتشينة.


إعلان