“بيلي إليش”.. مراهقة كئيبة يسطع نجمها في سماء فن البوب

د. أحمد القاسمي

يقول بطل رواية “الشمس في يوم غائم”: حين كنت في الثامنة عشرة من عمري، كانت لي هوايات تناسب ذلك العمر، ومن هذه الهوايات محاولة العزف على أيّة آلة موسيقية تطالها يدي، عود أو كمان أو بزق أو شباب، كنتُ أرغب في أن أصبح موسيقيا لاستخراج شيء ما في قلبي، شيء أحسه ولا أستطيع التعبير عنه بالكلمات.

ويحقّ للشمس أن تكون غائمة ذلك اليوم، فأهله لا يريدون من الخيّاط أن يعلمهم الرقصة الغجرية، والحكومة ترى في سلوكه تحريضا للناس عليها، وتحريضا للفقراء ضد الأغنياء، ويتواطأ الجميع على تصفيته بدم بارد. لكن لماذا يبدو عالم “بيلي إليش” غائما شيئا ما (Billie Eilish: The world Is a little blurry)، والحال أنّ والديها يحيطانها برعاية مثالية، فحتى الحادث الذي منعها من أن تتحول إلى راقصة محترفة؛ حوّل وجهتها إلى الغناء وجعلها تحقق مجدا فنيا غير مسبوق، ففي سن الثامنة عشرة من عمرها تتحوّل المراهقة الأمريكية إلى نجمة موسيقية عالمية تأسر الجمهور، وتحقق الأرقام المذهلة من جهة عدد المتابعين على شبكات التواصل الاجتماعي وحجم المبيعات وعدد الحفلات التي تنفذ تذاكرها قبل العرض بفترة.

يحاول الفيلم الوثائقي الذي أخرجه الأمريكي “آر. جاي. كاتلر” (R.J. Cutler)، وعُرض هذه الأيام أن يجيبنا، لكنه لا يُظهر أسبابا إلاّ ليخفي أخرى، ويجعل إجابته في شكل طبقات يعلو بعضها البعض.

 

“عيون المحيط”.. أغنية مراهقة تصنع المجد الجماهيري

يفتتح الفيلم بمشاهد من فيديو عائلي لـ”بيلي إليش” ذات الـ13 عاما وهي تشدو سنة 2016 بأغنيتها التي ستأخذها لاحقا إلى المجد والشهرة “عيون المحيط” (Ocean Eyes)، ثم يقفز لثلاث سنوات وقد كبرت الطفلة وغدت نجمة ينتظرها معجبوها خارج المنزل علّهم يظفرون بصورة معها.

يختزل الفيلم مسيرة نجاح “بيلي” السريع وصعودها الملحميّ المظفر في عالم النجومية، ثم يقحمنا في تفاصيل حياتها مستفيدا من أرشيف العائلة، فنتعرف إلى المراهقة المحظوظة التي تعيش في ظل عائلة منسجمة متعاونة، فقد مهّد الأب “باتريك أوكونال” والأم “ماغي بيرد”، وكلاهما عازف موسيقى الطريق للأخ الأكبر “فينياس أوكونال” ليضحي مؤلف موسيقى.

وها هو اليوم يشرف على أغانيها تأليفا وتلحينا، ويقاسمها تواصلا روحيا إبداعيا، وها هي غرفته بمنزلهم في لوس أنجلس تتحوّل إلى ورشة عمل يُنجز فيها  ألبومها الأول “أين نذهب حينما نخلد جميعا للنوم” (When we all fall asleep, where do we go?).

وعبر كواليس التدريبات نكتشف صوتها الرخيم الناعم، وأسلوبها في الغناء على إيقاع موسيقى البوب الشعبية الراقصة ذات الصلات بموسيقى الجاز، ويجري ذلك غالبا في حضرة الأم التي تتولى المراقبة من بعيد، وتتدخّل بالنصح الناعم كلّما اقتضى الأمر تعديلا في المسار.

ونقتحم تفاصيل حياتها الصغيرة، فنعايش مرحها اللطيف مع شقيقها، أو نقاسمها فرحة الحصول على رخصة القيادة، أو نواكب معاناتها أثناء عملية الإعداد والكتابة، ونشاركها التردد في اختيار صيغة أو عبارة.

يأخذنا الفيلم لنرافق “بيلي إليش” في جولتها الفنية في مدن الولايات المتحدة المختلفة وفي أوروبا، فنكتشف العلاقة الحميمة التي تجمعها بجمهورها، وأسلوبها المرن في التواصل معه، ونذهل من قدرتها على تحمل مسؤولية وضعها الجديد باعتبارها نجمة عالمية. لكن تحت هذه الطبقة الظاهرة طبقات أخرى أكثر عمقا، وأكثر إيلاما أيضا.

صورة تجمع بيلي إليش مع شقيقها في لحظة مرحها اللطيف معه لنعيش معها تفاصيل حياتها الصغيرة

 

اعتلال الجسد وجراح القلب.. عقبات في طريق الحلم

خلف الوجه الجميل والملامح الناعمة تُعاني “بيلي إليش” معضلة مع جسدها الذي كثيرا ما يخذلها، ويتقمص دور العنصر المعرقل الذي يحاول أن يحدّ من سيرها الملحمي نحو المجد، بعد أن عجز عن تحمل عبء طموحها الجامح.

فقد كانت تحلم في طفولتها بأن تصبح راقصة، وكانت تثابر في العمل لمدة 12 ساعة يوميا، لكن إصابة في الفخذ حالت دون هذا الحلم. ولا ينفك هذا الجسد يتمرد عليها لمنعها من تحقيق مرادها، ويعاندها كبغل حرون، فيجعلها تعاني من “متلازمة توريت”، وهي مرض نفسي عصبي وراثي يجعلها تأتي بحركات أو تصدر أصواتا مفاجئة محرجة. وهذا ما يسبب لها توترا مستمرا، ويحوّل عملية الإعداد والكتابة إلى تجربة مؤلمة، وإلى ضرب من جلد الذات فيما تقول.

ثمّ تصاب بالتواء في الكاحل في بداية حفل ميلانو يكاد يفسد جولتها الأوروبية، وليس الكاحل فقط ما يؤلمها، فكثيرا ما كانت تشكو من كسر يشق جسدها كاملا، وتضطرّ إلى حصص تدليك تشرف عليها أمها ويؤمنها مختصون. وحاصل هذه المواجهة المفتوحة مع الجسد استسلام للحزن واليأس الممض، وشعور مستمر بالانكسار.

ينفذ الفيلم إلى عالم المطربة الحميم، ويفضح أوجاع القلب التي لا تجدي معها حصص التدليك،  فيكشف علاقة حب متعثرة تعيشها تضاعف ألمها، فالحبيب -الذي يظل مجهولا على مدار الفيلم، ويشار إليه بحرف الكاف- يقابل لهفتها بالجفاء والإهمال، وتحاول النأي بنفسها فلا تجد إلى ذلك سبيلا، وتعلن استسلامها في نهاية الفيلم قائلة “لم أجد غيره، ولم أستطع أن أتخلى عن حبه”، وقد ظهر ذلك جليا في أعمالها، فشأن الألم أن يتسرب إلى النصوص، ويكون قادحا للإبداع.

 

“لا وقت للموت”.. أغاني البوب المشبعة بالاكتئاب

تظهر أعراض الاكتئاب على النجمة المراهقة بجلاء، وهو مرض عضال يوجه كل طاقات المرء إلى تدمير الذات، وكثيرا ما ينتهي بصاحبه إلى الانتحار، وكل ما يحيط بالفتاة يمثل أرضا خصبة تسرّع نموه وانتشاره، بداية من بنائها النفسي الهش، إلى عزلتها التي فرضتها عليها شهرتها وحرمتها من تلقائيتها وطفولتها باكرا، إلى العناصر العصبية الموروثة، فوثائقها الخاصة وجرائدها الحميمة ورسوماتها عليها كلّها عناصر تجسّد ألمها النفسي وتمزقها الداخلي.

وبالقدر نفسه تكشف مضامين أغانيها وموسيقى البوب المُشبعة بالإحباط هذا البعد الاكتئابي من شخصيتها، لكن هذه الفنانة المراهقة تختلف عمن سواها من المكتئبين، فمن وجوه تميّزها عملها على تجاوز معاناتها، وقدرتها على تحويل كل العراقيل التي تعترضها -وفق عملية تصعيد إبداعي بالمعنى النفسي الفرويدي- إلى عناصر مساعدة تدفع بمسيرتها الفنية من نجاح إلى آخر، وتحويلها إلى مبعث على الإبداع.

ولعلّ أغنيتها “لا وقت للموت” (No Time to Die) تمثّل نموذجا لذلك، فمن كلماتها المشبعة بمرارة الوحدة والخيبة:

كان ينبغي أن أدرك أنني أسير بلا رفيق

اذهب فقط لتعرض دمك النازف على الطريق

كنّا اثنين ثم رأيتك هنالك

كان ذلك أقوى من قدرتي على التماسك

كنت لي حياة

ولكنها غير منصفة تلك الحياة

هل كنت حمقاء لأحبك؟

هل كنت متهورة لأساعدك؟

كم كنت ضحية لكذبك، فأنت لم تؤازرني يوما

تخونني المرة والمرتين

هل أنت كابوس؟ هل كنت حلما؟

جمهور بيلي إليش الغفير الذي يحرص على متابعة حفلاتها نظرا لأنها مُلهمة لملايين المراهقين

 

مُلهمة ملايين المراهقين.. انتحار الحلم الأمريكي

تقر “بيلي إليش” بالبعد الاكتئابي لأغانيها، لكنها تجد أنها تكتب ما تعرفه، وبطريقة مؤثرة تصرّح أنها لا تعرف كيف يمكن للمرء أن يكون سعيدا، وعليه فهي لا تستطيع أن تتقمص شخصية غير شخصيتها، وهذا ما يشغل بال الأم، فالأمر أضحى من الخطورة بحيث تحوّل الانتحار إلى موضوع لأغانيها عند عاشقة تلقي بنفسها من السطح.

تجيب الفتاة التي تبدو مدركة أنّ في الكتابة شيئا من مقاومة الذات “إن كنت قد كتبت هذا وغنّيته، فذلك لكي أمنع حدوثه في الواقع”، مضيفة أنها كانت تتوقع أن تقدم على الانتحار يوما.

ربما تحدّد أهمية الفيلم من أهمية محتواه، من عرضه لقصّة نجاح مشوقة، فيتابع خطوات نجمة صاعدة طيلة سنتين، ويصور مختلف تفاصيل حياتها، ويجري معها الحوارات الكثيرة، ويقدم صورة لها مركبة، فهي الفتاة المراهقة التي تشبه عامة أترابها، فتعاني حرقة الحب والقلق الوجودي وعناد الجسد غير القادر على تحمل طموحاتها، مسببا لها المواجع والآلام.

وفي الآن ذاته يجعلها الفتاة الحالمة المختلفة عن الآخرين، فهي نجمة البوب الموهوبة ذات المشروع الفني الواضح الذي يأخذها إلى قمة المجد، وهي ملهمة ملايين المراهقين ممن يبحثون عن الإمساك بالحلم الأمريكي، ويجدون فيها نموذجا فريدا للتحدي والنجاح. لكن ما هذه الطبقة سوى القشرة السطحية من الأثر.

فلا شك أنّ المشاهد الناقد سيتساءل قائلا: وبعد؟ ما الرؤية الفكرية التي يدافع عنها الفيلم؟ وما المقاربة الجمالية التي يعتمدها؟ وهذا ما يفتح بالقراءة على دلالات أخرى أكثر غورا، لكنها أكثر فاعلية، لكونها توجه وعي المتفرّج إلى أحكام وقيم وتصورات ليتبناها من حيث لا يعلم.

حالة الاكتئاب العميقة تتجسد في رسومات بيلي إليش بقدر ما تظهر في أغانيها

 

تشكيل عالم المراهقين النفسي.. لعبة صناعة النجوم

ليست السينما فنّا خالصا، فهي صناعة واستثمار أوّلا، وآلية من آليات صناعة الرأي العام وتوجيهه ثانيا، وفي ورشاتها يصنع النجوم، حسب “كراس شروط معدّ سلفا”، فيكون النجم مندفعا لا يضع سقفا لطموحاته، وفي الوقت نفسه يعاني باستمرار من عدم الرضا عن النفس، ذلك القلق الخلاّق الذي يمثل حافزا لتطوير الشخصية وتنميتها، فالفيلم يُدرك جيدا طبيعة جمهوره المستهدف، وهو أساسا من فئة المراهقين الباحثين عن اكتساب هوية خاصة.

ويعوّل على علم النفس التحليلي الذي يعلّمنا أن المراهق لا يدرك ذاته إلا انطلاقا من الآخر، فيسعى انطلاقا من هذه الصورة النمطية للنجم إلى الاستجابة لاهتماماته، ويعمل على أن يوفّر له عبر  الشاشة -وقد امتدت أمامه كمرآة يتأمل فيها صورته- هوية مثالية يتقمصها ليدرك ذاته على أساس أنها كيان أعلى مكتمل.

ضمن هذا الأفق يبني الفيلم شخصية “بيلي إليش” مُستلهما خصائص الملحمة التي تربط البطل بالنجاح الساحق، وتجعل أعماله على صلة بالأعمال الحربية الجليلة والظفر المبهر. وحرب “بيلي إليش” التي تخوضها فتحسن البلاء، تجسّد قوّتها وقدرتها على الفعل ضد الفشل والاكتئاب الذي يعاني منه عامة أترابها وفق ما تقدر أمها.

ومع ذلك يسرّب المخرج وهو يرسم شخصية “بيلي إليش” شيئا من السجل التراجيدي إلى أعطاف الأثر، فيشحنه بنبرة من الحزن والشجن، فيكشف ما تعانيه من التمزّق أو ما يُحيط بها من الرعب والعنف والأحداث المؤلمة والوضعيات الصادمة، ويتجسد عبرها هشاشة الإنسان أمام المفارقات، كالحياة والموت، والبراءة والإثم، والقوة والضعف، والإرادة والعجز، والنجاح والفشل.

 

صراع القدر الخفي.. حشد التعاطف للشخصية التراجيدية

وكما هو حال أي شخصية تراجيدية، تعيش “بيلي إليش” القلق العميق، وتعاني من سوء التفاهم مع محيطها، ورغم الإحاطة الأسرية الكبيرة تبقى منفصلة عن واقعها رافضة للعالم، وفية للحبيب الجافي رغم ما تبلغه من المجد، رافضة أن تتحوّل إلى سلعة تسوق من خلال ارتداء الملابس الضيقة أو الفاضحة، فيكون حاصل هذا المزيج بين جنس الملحمة والسجل التراجيدي مراهقة متمردة تصارع قدرا خفيا يحول بينها وبين النجاح، وتتألب الظروف ضدها، ومع ذلك تعاند وتثابر وتصمد فتنجح.

يكشف هذا البناء عملَ الفيلم على عطف القلوب للمطربة وتوجيه الرقاب إليها، والترويج لفنها لتحصد المزيد من المتابعين والمزيد من المستهلكين لفنها ضمن خطة تسويقية أساسا.

وحتى ينجح في تثبيت هذا التصور في أذهان المتفرّجين يعمل الفيلم على تغييب المؤسسات الضخمة التي تعمل في الظل لإدارة أعمالها وتنظيم الحفلات والترويج لها، والسهر على الترويج لصورتها عبر وسائل الاتصال الجماهيري والتواصل الاجتماعي، ويهمل تمارينها مع عازفيها أو الساهرين على إخراج عروضها مسرحيا، والمشاهد المعروضة تثبت الاشتغال الدقيق عليها، فيغدو نجاحها مغامرة فردية وقصة نجاح عائلي تلقائي لا أثر للصناعة فيه.

 

تسخير السينما الوثائقية للدعاية.. انحراف الفيلم المخادع

لطالما ارتبطت صورة الفيلم الوثائقي بالأهداف النبيلة، ولطالما قدم باعتباره بديلا عن سينما التخييل الروائي المغرقة في الإيهام غالبا، والبعيدة عن جوهر القضايا الإنسانية. لكن بناء هذا الفيلم  المخادع يكشف لنا انحرافا خطيرا قد أصاب هذا النمط الفيلمي، فيغرينا ببعده النضالي وهو يلاحق تجربة “بيلي إليش”، ويقدمها باعتبارها شخصية مميزة تفوق من حولها بزوغا ولمعانا، وباعتبار مسيرتها الفنية قصة تحد ونجاح.

وتحت هذه الطبقة يحرّف الحقيقة ويخفيها، ويعمل من خلال ذلك على تزييف الوعي، ويُعلي من قيمة كل ما هو سطحي، بينما يحطّ الحقيقي والجوهري، ويخفي بُعده التسويقي، ضمن هدف أقصى هو الربح المادي بعيدا عن كل القيم الفكرية أو الجمالية. فصوت الفتاة عذب ولا شك، لكن أغانيها أبعد ما تكون عن الإبداع الفريد الذي يحوّل صاحبتها إلى نجمة عالمية و”ظاهرة فنية”، لولا عمل جهات الإنتاج الدؤوب على تشكيل ذائقة المراهقين وإعدادهم ليكونوا مستهلكين محتملين لمنتجات موسيقية قائمة على النسخ والمحاكاة.

ينصرف الفيلم إذن عن طريق النّمط الوثائقي الذي رسمه مخرجون مناضلون من أمثال “زيغا فرتوف” و”فلاهرتي”، وينخرط ضمن إعلام الزيف الذي يُخضع الصورة للتحويل والتبديل، على عبارة عالم الاجتماع الفرنسي “بورديو”. ويوظف أحيانا البرمجيات والذكاء الاصطناعي لصناعة الرأي العام وتشكيل وعي الأفراد والمجتمعات بذواتهم وهوياتهم، ويضبط أدوارهم في هذا الكون وفق إستراتيجيات الأطراف المنتجة التي تحوّل البشر عبر ثقافة صناعة النجوم إلى سلع وعلامات مُسجلة مُدرّة للربح الأقصى، فلا ترى الفن والسياسة والأخلاق إلا منتجات مادية تعلّب وتروّج وتقع المضاربة عليها في أسواق المال.

هل يصلح هذا المُنتج المسمى “بيلي إليش” للاستهلاك لمدة طويلة؟ فالفتاة تتجه نحو الشباب، وهذه الصورة النمطية لن تناسبها بعد سنوات قليلة، لكن ما همّ الصانع؟ فلن تمثل هذه العوامل مشكلة له إطلاقا، فإن لم تتسنَ إعادة تدوير هذا الصوت ليناسب مرحلته الجديدة، فآلاف الأصوات تنتظر الفرصة لتكون المنتج الموالي، وستشرق الشمس بذبول في سماء غائمة متى مُنحت الإشارة لذلك.