“وفرة النفط الصخري بأمريكا”.. هل يتهاوى الشرق الأوسط؟
خاص- الوثائقية
تتوغل الحفارة آلاف الأقدام في تكوين الصخور، وبعد ذلك يُثقب غلاف البئر بواسطة المتفجرات، ويُدفع بخليط من الماء والرمل والمواد الكيميائية من خلال الثقوب تحت ضغط عال جدا، مما يؤدي إلى انشطار الصخور النفطية وتشكيل ممرات لتدفق الغاز والنفط إلى البئر، وهذه هي تقنية التشقيق التي قادت لما يسمى طفرة النفط والغاز الصخريين في الولايات المتحدة.
يبدو هذا مجرد عمل تقني لاستخراج النفط ولكنه ليس كذلك أبدا، إنما يقود لتغييرات قد تجعل أمريكا تسحب أساطيلها من الخليج وتتراجع عن الهيمنة على السياسة العالمية.
ضمن سلسلة “عالم الجزيرة” يروي فيلم “وفرة النفط الصخري بأمريكا” التداعيات السياسية والبيئية لهذه الثروة الجديدة، وما إذا كانت ستقوّض “مبدأ كارتر” الذي يعني الوجود العسكري الأمريكي في الخليج لحماية منابع النفط.
الذهب الأسود.. مرحلة الازدهار
وفي تكساس، يعود التنقيب عن الذهب الأسود إلى ولادة صناعة البترول الحديثة في الولاية، لكن إنتاج النفط بلغ ذروته في السبعينيات ثم انخفض على مدى العقود الأربعة الماضية، لكنه بدأ اليوم مرحلة ازدهار جديدة، وهناك شركات تتقاطر من أنحاء البلاد من أجل انتزاع قطع أرضية، في مشهد يشبه التهافت على منجم للذهب.
ويقول رئيس شركة ترينيتي مينيرال مانجمنت: أعتقد أنها كانت مفاجئة للجميع، فالإنتاج حاليا يفوق بكثير إنتاج السنوات الماضية، وكذلك يتسم إنتاج الغاز بالضخامة ذاتها.
ويساعد في ذلك سكوت أصحاب الأراضي الذين يؤجرون مساحات لشركات الطاقة لتحفر فيها الآبار.
ومنذ عام 2008 ارتفعت كمية النفط الذي ينتج في “إيغل فورد” من قرابة الصفر إلى 1.5 مليون برميل يوميا، وهناك أزيد من 10 آلاف بئر نفطي، وتمتد صخور “إيغل فورد” عبر 640 كيلومترا من الحدود المكسيكية إلى تكساس الشرقية، وفي هذه المساحة توجد مليارات من براميل النفط، وتعتبر أكبر حقل في العالم لاستثمار النفط والغاز.
وهذه المنطقة عبارة عن تكوين جيولوجي يكمن فيه النفط والغاز، محاصرين بين الصخور على عمق آلاف الأقدام.
أما “لانس فيكرز” من شركة “جي ماك تول”؛ فيشارك في معرض تجاري، ويعرّف الناس على مضخات خاصة للتشقيق وبعض المعدات التي تستخدم في استخراج النفط والغاز من الصخور، ويقول إن تجارة هذا النوع من الآليات كانت مدهشة إلى أبعد الحدود في عامي 2012 و2013.
ويوضح آخر: العمل جيد للغاز، نحن نصنع الشاحنات المزودة بمعدات شفط المياه المستخدمة في عملية التشقيق، وقد وفرت طفرة التشقيق أكثر من مليوني وظيفة.
إعادة تشكيل ملامح القوة
يتحدث فريق الفيلم إلى العسكري “ريك زماريبا” الذي شارك في عاصفة الصحراء الأمريكية لإخراج صدام حسين من الكويت عام 1990. ويرى “زماريبيا” أن ما يحدث في حقول الصخر النفطي سينعكس على عملية إرسال الجنود الأمريكيين إلى أنحاء مختلفة من العالم.
وفي 2013 أنتجت أمريكا من النفط أكثر مما استوردت وذلك لأول مرة منذ عام 1995، وزاد الإنتاج اليومي بثلاثة ملايين و700 ألف برميل. وتوفر تقنية التشقيق غزارة في إنتاج الطاقة، وهذا يعني إعادة تشكيل ملامح القوة الأمريكية.
يقول كبير الاقتصاديين في وكالة الطاقة الدولية د. “فاتح بيرول”: تترتب على ذلك آثار ضخمة على الاقتصاد والطاقة والسياسة الجغرافية. يمكنني وضع تقنية تشقيق الصخور النفطية وآثارها على مستوى واحد مع اكتشاف الطاقة النووية.
وعندما سأله معد الفيلم: لماذا تعتقد أنها مهمة إلى هذا الحد؟
أجاب: أستطيع أن أقول لك إنه في غضون سنة أو سنتين، ستكون الولايات المتحدة أكبر منتج للغاز والنفط على مستوى العالم، متوفقة بذلك على السعودية وروسيا.
وفي الفترة من 2010 إلى 2015 انخفضت واردات أمريكا من النفط بنسبة 44%، ويعتقد “بيرول” أن هذا الانخفاض سيستمر في الأعوام المقبلة. ويقول إن “أمريكا تحولت إلى مصدر للطاقة وهذا دور جديد، ومن المتوقع أن تستند السياسة الخارجية الأمريكية إلى هذا الواقع الجديد”.
مبدأ كارتر.. عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية
في هذا المحور يعرض الفيلم مشاهد من حاملة طيران أمريكية في مياه الخليج، حيث يعتبر تأمين النفط من الركائز الأساسية للسياسة الخارجية الأمريكية، وهذا ما يعرف باسم “مبدأ كارتر”.
ويعود مخرج الفيلم عقودا إلى الوراء حيث يظهر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر يلقي خطاب الاتحاد عام 1980، ويقول: إن أي محاولة من جانب قوة خارجية للسيطرة على منقطة الخليج سوف تعتبر اعتداء على المصالح الحيوية للولايات المتحدة.
هكذا إذن على وقع التصفيق الحار، رسم كارتر خطا أحمر قائلا: سيتم صد هذا الاعتداء بكل الوسائل بما في ذلك القوة العسكرية.
هذا المبدأ يعلق عليه الكاتب والمؤرخ العسكري “أندرو باسييفتس” الذي خدم في الجيش الأمريكي لعشرين عاما وألّف كتبا عن السياسة الخارجية لبلاده.
ويوضح أنه منذ سبعينيات القرن الماضي اعتمدت طريقة الحياة الأمريكية على توفر كميات كبيرة من الطاقة الرخيصة للغاية.
يقول “باسييفتس”: لا أعتقد أنه كان لدى كارتر فهم حقيقي لتداعيات “مبدأ كارتر” على المدى الطويل، وفي رأيي فإن ذلك قد تسبب في عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية بشكل شامل.
خفض الإنفاق العسكري.. هل تعلن أمريكا استقلالها؟
هناك صلة مباشرة بين حاجة أمريكا للنفط وعملياتها العسكرية في الشرق الأوسط، ولكن ليست حاجة أمريكا وحدها للنفط بل حاجة العالم المتقدم بأسره.
ووفق المؤرخ العسكري “باسييفتس”، فمن شأن الطفرة الصخرية أن تعيد التفكير في مدى استراتيجية مبدأ كارتر من منطلق أنه أصبحت للولايات المتحدة خيارات بديلة فيما يخص الطاقة، وينبغي أن يؤدي هذا لخفض الوجود العسكري الأمريكي في منطقة الخليج. وحتى في حلف الناتو فإن هناك قلقا من أن تؤدي وفرة النفط الصخري في أمريكا إلى تغيير قواعد اللعبة على المستوى العالمي.
يقول عضو الجمعية البرلمانية للناتو “جيب كوفود”: هناك تصور عام بأن هذا يمكّن أمريكا مجددا من الحفاظ على مركز قوي في العالم.
ويشير إلى أن ثلث الإنفاق العسكري الأمريكي مرتبط بالحفاظ على تدفق النفط، وبناء على هذا الواقع “سيخفضون من الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط، وسيكونون أقل استعدادا ربما لخوض حرب جديدة في سبيل حماية المصالح الأمريكية عندما يتعلق الأمر بنفط الشرق الأوسط.
وردا على سؤال: هل ستكون لدى أمريكا حرية في التعامل مع أنظمة الخليج وإسرائيل؟
يجيب كوفود: ليس لدي أي شك في أنها ستعزز استقلالية أمريكا فيما يتعلق بسياستها الخارجية، وهذا الأمر سيغير في قوة دول أوبك، وهو أمر جيد على ما أعتقد.
تحديات عديدة
قد يكون النفط الصخري الأمريكي باعثا للأمل لدى الكثير من الأمريكيين والمحللين، لكن هناك رأي آخر يمثله الدكتور سداد الحسيني الذي كان مسؤولا تنفيذيا كبيرا في أرامكو السعودية لأكثر من عشرين عاما.
يقول سداد الحسيني: لا أرى كيف يمكننا الحديث عن الاكتفاء الذاتي النفطي في أمريكا الشمالية، سيكون هذا تحديا سياسيا واقتصاديا وتقنيا لعقود قادمة. هناك مبالغة فيما يخص وفرة التشقيق في أمريكا.
يذكّر الحسيني بأن الولايات المتحدة تستهلك 18.5 مليون برميل نفط يوميا.
ويضيف: كانت أمريكا ولا تزال تستورد أكثر من 7 ملايين برميل. إن الصخور النفطية رائعة، لكنك لن تكون قادرا على إضافة سبعة ملايين برميل أخرى من إنتاج الصخر النفطي في الولايات المتحدة.
وعندما واجهه مُعد الفيلم بأن الوكالة الدولية للطاقة تتوقع انخفاض واردات أمريكا من النفط، كان رده: لا أعتقد أن هذا سيحدث. عليك أن تحلل الأرقام.
وعند هذه النقطة ينتقل فريق الفيلم إلى وزارة الطاقة الأمريكية التي توضح أرقامها أن لدى الولايات المتحدة احتياطيا من الغاز لأكثر من 75 عاما، وأكثر من 200 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج.
ويعني ذلك أن خفض الاعتماد على النفط سيؤدي لتغيير السياسة الخارجية الأمريكية. غير أن الدكتور سداد يشدد على الطاقة الاحتياطية العالمية، وأن 40% من النفط العالمي توجد في الشرق الأوسط، ويخلص إلى أنه لا يمكن للاقتصاد الأمريكي أن يستقل عن الشرق الأوسط.
القوة العظمى الوحيدة.. فلسفة عفا عليها الزمن
إن طرح الدكتور سداد الحسيني يتناغم أيضا مع حرص ساسة أمريكا على طمأنة العالم بأن واشنطن ستستمر في تأمين الوصول لنفط الشرق الأوسط. ففي 24 سبتمبر/أيلول 2013 ظهر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما على شاشات التلفزيون ليقول: إن أمريكا جاهزة لتوظيف جميع عناصر قوتها بما في ذلك القوة العسكرية لتضمن الانسياب الحر للطاقة من الخليج إلى العالم.
وأضاف: رغم أن أمريكا تعمل باطراد على خفض اعتمادنا من النفط المستورد، فإن العالم لا يزال يعتمد على إمدادات الطاقة من الخليج.
وفي نظر المؤرخ العسكري “باسييفتس”، فإن مثل هذه التصريحات “تعكس أن نخبنا السياسية سجينة نموذج عفا عليه الزمن، وهذا النموذج يرتكز على كون أمريكا قوة عظمى وحيدة تأخذ على عاتقها مسؤوليات لا تناط بأي دولة أخرى”.
ويقول باسييفتس: لكن العالم الموجود في الحقيقة هو عالم صاعد متعدد الأقطاب، ستكون فيه عدة مراكز للقوة، وسوف تضطلع جميعها بالمسؤولية إزاء النظام العالمي بدرجات متفاوتة.
الصين.. حارس الشرق الأوسط
يقدّر إنفاق الولايات المتحدة على حماية الشرق الأوسط بـ200 مليار دولار من ميزانية الدفاع. ويلاحظ “باسييفتس” أن هذه الأموال لا تأتي بالنتائج المتوقعة في العالم الإسلامي، ومع بداية ترسخ الوعي بالاكتفاء الذاتي من الطاقة في أمريكا الشمالية “بات من المرجح أن يسأل الناس (الأمريكيون) عما يجنون مقابل كل هذه الدولارات التي تنفق على الأمور العسكرية”.
يقول “باسييفتس”: هناك أيضا أرواح تزهق وأحلام تتحطم في محاولة لتوفير الأمن في جزء من العالم لم يعد مهما بالنسبة لنا كما ما كان من قبل.
ويضيف: بما أن الصين هي أكبر مستورد للنفط من الشرق الأوسط ويتوقع أن تحصل على 80% من استهلاكها النفطي من هناك بحلول عام 2030، فإنها ستقوم بدور أكبر في حراسة نفط الشرق الأوسط، لكن من الناحية العقلية فإن صناع السياسة الأمريكيين عاجزون عن تصور ذلك، وهذا مؤسف.
لن نتنازل عن القوة
على الطرف النقيض يقف “بيل ريتشاردسون” وهو زير الطاقة في عهد الرئيس بيل كلينتون قائلا: لن نتنازل عن دور رائد. لماذا نفعل ذلك؟ هذه مصلحة استراتيجية أمريكية وقوة أمريكية، أنت لا تتخلى عن القوة دون الحصول على شيء في المقابل.
ظهر “ريتشاردسون” يتفحص تقريرا صدر في 2015 ويربط سياسة الأمن القومي بسياسة الطاقة، ويتناول أثر طفرة التشقيق على سياسة أمريكا في الشرق الأوسط.
ويقول وزير الطاقة السابق: هذا يعني في الأساس أن لدينا المزيد من الخيارات، ولكن في الوقت الحالي يتزايد خطر تنظيمي القاعدة وداعش والدول المعادية للولايات المتحدة. لذلك علينا أن ننخرط سياسيا واستراتيجيا في المنطقة بشكل أكثر، بل علينا أن ننخرط بشكل أكبر على صعيد الوجود العسكري السياسي.
ويرى “ريتشاردسون” أنه لن يوجد أي رئيس أمريكي غير مدرك لأهمية تلك الممرات البحرية في الشرق الأوسط بالنسبة لأمن الولايات المتحدة، ولن يكون هناك خفض للوجود العسكري، “فلدينا مصالح سياسية واستراتيجية ضخمة”.
الغاز الروسي.. أكبر أزمة أمنية في أوروبا منذ الحرب الباردة
إن التغير الاستراتيجي الذي يستشرفه “بيل ريتشاردسون” على المدى القصير يتعلق باستخدام صادرات النفط والغاز الصخريين ضمن أدوات القوة الأمريكية، مما يفضي لتقليل اعتماد أصدقاء أمريكا في أوروبا على روسيا وعلى بعض دول الشرق الأوسط التي تستخدم النفط كسلاح مثل إيران، ولكن هذا الاستشراف يناقض حقيقة أن أمريكا تحظر أصلا تصدير الطاقة منذ عام 1975.
ويدعم بعض أعضاء الكونغرس تصدير النفط لتعزيز الفرص الاقتصادية، ومساعدة حلفاء الولايات المتحدة حول العالم. ومن هؤلاء السيناتور كوري غاردنر. لكن آخرين يرون أن الصادرات غير المقيدة ستضر بالاقتصاد من خلال رفع أسعار الطاقة.
يقول السيناتور مايك دويل: إن السلاح الوحيد الذي يملكه المصَنعون في هذا البلد هو الطاقة الرخيصة، ونحن على وشك أن نجردهم من هذا السلاح.
وبعد قطع روسيا إمدادات الغاز عن أوكرانيا ظهرت سفيرة المجر لأمن الطاقة الدكتورة “أنيتا أوربان” أمام الكونغرس الأمريكي وقالت: نحن في منتصف أكبر أزمة أمنية تشهدها أوروبا منذ نهاية الحرب الباردة.
وتعتمد أوروبا على روسيا للحصول على 30% من احتياجاتها من الغاز، وينتقل نصف هذه الكمية عبر أوكرانيا.
كما أن احتياج المجر وبولندا والتشيك للغاز الروسي يتراوح بين 70% و100%.
“أوربان” ذاتها تحدثت لفريق الفيلم في وزارة الخارجية المجرية في بودابست، ورأت أن “الطاقة بالطبع جزء كبير من الأزمة الأوكرانية، وهدف الاتحاد الأوروبي تنويع الموردين بالطاقة”.
الغاز الأمريكي.. غزو الأسواق الأوروبية والآسيوية
تقول د. “أنيتا أوربان”: صادرات الغاز الأمريكي إلى أوروبا ستحدث تغييرات في الأسواق، وقد أدى التأكد من مصدر جديد للطاقة خلال سنتين إلى حدوث تأثير فوري على السعر”.
وبالفعل تتجه الشركات الأمريكية نحو تحقيق كسب من تصدير الغاز إلى آسيا يفوق بكثير المكاسب التي يحققها التصدير إلى أوروبا.
وعما إذا كانت آسيا ستكون سوقا للغاز الأمريكي يقول “بيل ريتشاردسون”: نعم، نعم إنه كذلك، مع اليابان وكوريا الجنوبية، إنهما تعتمدان على الصادرات، هم أصدقاؤنا العسكريون والاستراتيجيون. خذ أيضا فيتنام وكمبوديا وتايلاند، كل تلك الدول تريد خفض اعتمادها على الصين. إنهم يريدون علاقات في مجال الطاقة مع الولايات المتحدة”.
وردا على سؤال: هل هناك ما يهدد طفرة التشقيق؟
يُجيب: الاحتمالات ضئيلة جدا، أعني أن لدينا مخزونا ضخما من الصخور النفطية.
الجدل البيئي
وأيا كان تأثير طفرة التشقيق على السياسة الخارجية الأمريكية، فإن الجدل الداخلي يدور حول البيئة، ويرى بعض الخبراء أن الغاز الصخري يمكن أن يخفف من ظاهرة الاحتباس الحراري عند استخدامه بدلا من الفحم، ولكن العديد من الأمريكيين لا يقتعون بذلك، ويتزايد قلقهم من خطر تقنية التشقيق واستخراج النفط والغاز من الصخور.
تقول الناشطة البيئية الدكتورة “ساندرا ستاينغرايبر”: سنخسر إذا بدأت صناعة الغاز باستخدام مياه الشرب لتشقيق الأساس الصخري تحت بيوتنا.
وهناك تعليق لنشاط التشقيق في نيويورك، ويكافح المواطنون من أجل قرار مماثل في تكساس وكولورادو وبنسلفانيا وولايات أخرى. وفي يوليو/تموز 2014 تجمّع ناشطون مناهضون للتشقيق في واشنطن لمعارضة تصدير الغاز الطبيعي.
وأثناء مشاركتها في الفعالية قالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة مراقبة الغذاء والمياه “وينونا هاتر”: أحد الأهداف هو تصدير الغاز الطبيعي إلى آسيا وأوروبا، وهل هذا سيجعلنا مستقلين في مجال الطاقة؟
هذا التساؤل يجيب عليه مدير “شبكة تشيزابيك” للعمل المناخي “مايك تيدويل” قائلا: لا معنى لذلك على الإطلاق. إذا كنا مهتمين فعلا باستقلاليتنا فإننا لن نصدر هذا الغاز، وسوف نركز على طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وإن كنا نسعى لاستقرار المناخ العالمي، فإن علينا الحفاظ على 80% من احتياطات الوقود الأحفوري في الأرض”.
ومحور الاحتجاجات كان محطة للغاز في “كوف بونيت” في مريلاند، ففي الماضي استخدمت هذه المحطة لاستيراد الغاز الطبيعي، وهناك خطة لتحويلها حاليا إلى منشأة رئيسية للتصدير.
ووسط هذا الجدل يظهر رئيس قسم هندسة البترول بجامعة تكساس الدكتور “تاد باتزك” الذي تولى تحليل آلاف الآبار في صخور مانسيلس وإيغل فورد.
يقول “تاد باتزك”: نظرنا في بيانات الإنتاج من جميع الآبار في إيغل فورد، إنها ترتفع ثم تبلغ الذروة، وبعد ذلك تنخفض بنسبة 70% في السنة الأولى، أما في السنة الثانية فتكون نسبة الانخفاض 50%، ويستمر الانخفاض بالتباطؤ، ولذلك نحتاج لحفر الكثير من الآبار وهذا هو السبب في ارتفاع كلفتها.
المناخ العالمي.. هل سنندم بعد 100 عام؟
وفقا للدكتور “باتزك” فإن كلفة الإنتاج وانخفاضه يشكلان قيودا قاسية على النفط والغاز القابلين للاستخراج في الولايات المتحدة، ولكنه يشدد على أن هذه موارد ضخمة وسوف تخدم هذا البلد لعقود.
أما “تراي سكوت” فيقول: أعتقد أن المستقبل إيجابي للغاية والسنوات القادمة مبشرة جدا.
لكن الدكتورة “ساندرا ستاينغرايبر” تشدد على أهمية معارضة أنشطة استخراج الغاز الصخري “فهذا كفاحنا لإرشاد مسؤولينا المنتخبين وصُنّاع سياستنا نحو طاقة متجددة”.
ومن زاوية أخرى ينظر “بيل ريتشاردسون” ويقول: إننا نوفر فرص العمل وبإمكاننا أن نحمي البيئة. في النهاية أعتقد أن إرادة الشعب الأمريكي التي يعبر عنها في الانتخابات سوف تتجه نحو الأفضل في الأمن والسياسة الخارجية، ومن الواضح جدا أن تلك المصلحة تكمن في تصدير الغاز الطبيعي والنفط.
ويقول المؤرخ العسكري “أندرو باسييفتس”: هناك خبَران أحدهما سار والآخر سيء، الخبر السار الجديد هو أن الولايات المتحدة باتت تمتلك على الصعيد الاستراتيجي مجموعة من الخيارات التي لم تكن متاحة لنا في السابق. أما الخبر غير السار فهو أن وفرة الغاز الطبيعي والنفط من خلال التشقيق ستجعل تجاهل النقاش حول تغير المناخ العالمي أمرا أكثر سهولة بالنسبة للأمريكيين، وأعتقد أننا بعد 100 عام من الآن قد نندم على ذلك”.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الصناعة (النفط الصخري) تمر ببعض المتاعب اليوم.