الثورة الليبية في ذكرى انطلاقتها.. المخاض لم يكتمل
خاص – الوثائقية
لم يكن المحامي فتحي تربل كأي ليبيٍّ اعتقله نظام العقيد معمر القذافي، فقد كان المدافع والمحامي الأول عن ضحايا سجن بوسليم، وكان اعتقاله في 15 فبراير/شباط 2011 القشة التي قصمت ظهر البعير، فقد اشتعلت شرارة الثورة الليبية من قِبَل أهالي الضحايا ومناصريهم لفك قيوده التي أُحكمت دون أية تهمة.
كان يوم 15 فبراير/شباط يوم تحول كبير في حياة الليبيين؛ فقد خرجوا مطالبين بإسقاط النظام وإسقاط القذافي الذي مكث في كرسي الحكم 42 عاما، وهو ما أدى بدوره إلى استخدام العنف ضد المتظاهرين حتى صباح اليوم التالي.
مثّلت مدينة بنغازي المعقل الأول لهذه الثورة قبل أن تتوغل إلى البلدات والمدن الليبية؛ إلى أن اقتحم الثوار طرابلس وسيطروا على أحيائها.
كانت الثورة الليبية تمتلك من الشجاعة ما يكفيها لبداية رفع الأيدي والمناداة بالمحظور، فقد رأت في تجربة الثورة التونسية وإسقاط الرئيس زين العابدين بن علي وتجربة الثورة المصرية وإسقاط الرئيس محمد حسني مبارك ما يشدّ على عضدها لخوض هذه التجربة في إزالة زعيم يراه كثيرون “مستبدا وقامعا” تجب إزالته بعد أكثر من أربعة عقود من حكمه.
وقد نجحت في تحقيق مرادها بإزالة “الدكتاتور”، لكنها بعد ذلك دخلت في مخاض عسير لم يكتب له أن يولد عن ليبيا جديدة مستقرة حتى تاريخ كتابة هذه السطور. وفيما يلي أبرز محطات الثورة الليبية.
بنغازي كانت البداية
في 14 فبراير/شباط 2011 كانت البداية، فقد قامت 213 شخصية تمثل الفصائل والقوى السياسية والتنظيمات والهيئات الحقوقية الليبية بإصدار بيان يطالبون فيه بتنحي الزعيم الليبي معمر القذافي وانتقال الحكم بشكل سلمي وديمقراطي.
في 15 فبراير/شباط اعتُقل محامي ضحايا سجن بوسليم فتحي تربل، مما أدى إلى خروج عدد كبير من الليبيين للتظاهر في هذا اليوم، أي قبل الموعد المتفق عليه في السابع عشر من فبراير/شباط الذي دعا إليه ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعار “يوم الغضب”. وكانت حصيلة مظاهرات هذا اليوم قتلى في بنغازي والبيضاء بعد تفريق عنيف نفذته الشرطة ضد اعتصام في بنغازي ثاني أكبر مدن البلاد التي تحولت إلى معقل للمعارضة مطالبين بالإفراج عن 110 سجناء سياسيين من سجن بوسليم.
في 17 فبراير/شباط قمعت القوات الأمنية احتجاجات جديدة في مدن ليبية أبرزها بنغازي مما أدى إلى سقوط المزيد من القتلى، وكان النظام الليبي يستخدم مرتزقة أجانب في عمليات القتل والاعتداء على المدنيين.
في 18 فبراير/شباط استقال مسؤولون ليبيون احتجاجا على مقابلة المظاهرات السلمية بالعنف والقمع، وبدأت رقعة المواجهات تتسع لتشمل مدنا جديدة في جميع أنحاء البلاد.
في 19 فبراير/شباط وصلت المظاهرات إلى طرابلس، وأكدت هيومن رايتس ووتش أن عدد قتلى المتظاهرين قارب المئة.
سيف الإسلام يُحذّر
في 20 فبراير/شباط سيطر المتظاهرون على مدينة بنغازي، وظهر سيف الإسلام القذافي نجل الزعيم الليبي في التلفزيون يحذر من أن البلاد مقبلة على حرب أهلية.
في 21 فبراير/شباط شهدت الحكومة الليبية موجة استقالات جديدة احتجاجا على قمع المتظاهرين، فقد استقال وزير العدل مصطفى عبد الجليل ووزير الدولة لشؤون الهجرة والمغتربين علي الريشي ومندوبا ليبيا في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والسفراء بكل من بريطانيا والصين والهند وإندونيسيا وبنغلاديش وبولندا.
في 22 فبراير/شباط ظهر الزعيم الليبي معمر القذافي على شاشة التلفاز الرسمية ليفند إشاعات انتشرت عن مغادرته البلاد نحو فنزويلا، وفي اليوم نفسه أعلن وزير الداخلية اللواء الركن عبد الفتاح يونس العبيدي استقالته وتأييده للثوار.
في 26 فبراير/شباط فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على النظام الليبي تشمل حظرا على بيع السلاح لها وتجميد أصول مالية لعدد من أركان النظام ومنعهم من السفر، وفي اليوم نفسه أعلن الثوار تشكيل المجلس الوطني الانتقالي وتولي وزير العدل المستقيل مصطفى عبد الجليل رئاسته.
إنشاء منطقة حظر جوي
في 17 مارس/آذار تبنى مجلس الأمن الدولي قرارا بإنشاء منطقة حظر جوي فوق ليبيا واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين الليبيين.
وفي 20 مارس/آذار ظهر معمر القذافي على التلفاز الليبي وقال: إن ميثاق الأمم المتحدة ينص على حق ليبيا في الدفاع عن نفسها، وإنه سيتم فتح مستودعات الأسلحة لتسليح الشعب الليبي.
في 6 أبريل/نيسان دعا القذافي في رسالة إلى الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوضع حد للحملة العسكرية على ليبيا، وقال إن الثوار أعضاء في تنظيم القاعدة.
مقتل نجل القذافي
في 30 أبريل/نيسان أعلن النظام الليبي مقتل سيف العرب نجل الزعيم الليبي في غارة شنها الحلف الأطلسي على منزل في طرابلس.
في 9 يونيو/حزيران صرحت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون أن أيام القذافي باتت معدودة وأنه ينبغي الإعداد لمرحلة ما بعد القذافي.
في 27 يونيو/حزيران أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الزعيم الليبي ونجله سيف الإسلام ورئيس المخابرات عبد الله السنوسي بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
في 14 يوليو/تموز دعا القذافي أنصاره في خطاب تلفزيوني إلى الزحف نحو مدينة بنغازي “لتحريرها”، وأكد مجددا أنه لن يغادر ليبيا مطلقا.
في 15 أغسطس/آب حثّ القذافي الشعب الليبي على مواجهة المعارضة وتطهير الأرض الليبية.
الثوار يسيطرون على طرابلس
في 20 أغسطس/آب أعلن الثوار الليبيون سيطرتهم على أحياء داخل طرابلس، بينما أصرت الحكومة الليبية على أن العاصمة ما زالت تحت سيطرتها، وأن كل شيء فيها آمن.
في 29 أغسطس/آب أعلنت وكالة الأنباء الجزائرية أن زوجة معمر القذافي صفية فركاش، وابنته عائشة، وولداه محمد وهانيبال وعددا من أحفاده ذهبوا إلى الجزائر.
في 20 أكتوبر/تشرين الأول قُتِل الزعيم الليبي معمر القذافي من قِبَل ثوار ليبيا في مدينة سرت، وطوى التاريخ صفحة عتيقة أخرى من حاكم شاخ على كرسي الحكم.
وظلت ليبيا تترنح دون استقرار، لا يوجد حاكم فعلي لها حتى عام 2014 حيث قام المستشار عقيلة صالح عيسى رئيس مجلس النواب الليبي بحكم ليبيا لفترة مؤقتة.