“الساعات الأخيرة”.. فيلم للجزيرة يحكي قصة انقلاب العسكر على مرسي

 

خاص- الوثائقية

بثت قناة الجزيرة الإخبارية 24 فبراير/شباط 2019 فيلما وثائقيا بعنوان “الساعات الأخيرة” يتتبع الأيام الأخيرة من حكم الرئيس المصري المعزول محمد مرسي. وكان مرسي محاطا حتى لحظة إذاعة بيان الإطاحة به على التلفاز المصري بتسعة أشخاص، جميعهم الآن في السجون المصرية باستثناء شخص واحد هو خالد القزاز مساعد رئيس الجمهورية للشؤون الخارجية.

وفي هذا الفيلم الاستقصائي يتحدث القزاز للمرة الأولى عن شهادته بشأن الساعات الأخيرة لحكم الرئيس المعزول، وكيف تدخلت المؤسسة العسكرية المصرية في الأزمة السياسية متظاهرة بالسعي إلى حلها، بينما كانت تمارس “الخداع الإستراتيجي” حتى تكمل خطوات انقلابها على أول رئيس مدني منتخب للبلاد.

ويسلط الفيلم الضوء أيضاً على الأدوار التي لعبها عدد من السياسيين المصريين، مثل محمد البرادعي الذي أكد لوزير الخارجية الأميركي آنذاك جون كيري أن حكومة محمد مرسي “تمثل خطراً على المجتمع المصري”، وكذلك على الحكومات الأجنبية وفي مقدمتها الولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة وقطر والاتحاد الأوروبي.

ويطرح الفيلم أسئلة من قبيل: ما الذي كان يحدث وراء الكواليس في الساعات الأخيرة لحكم الرئيس المعزول محمد مرسي؟ ومتى علم مرسي أن وزيره سينقلب عليه؟ وما دور الولايات المتحدة الأميركية؟ وما الذي دار في آخر مكالمة بين الرئيس مرسي والرئيس الأميركي باراك أوباما؟ وكيف نجح مرسي في بث خطابه الأخير رغم وضعه في إقامة جبرية وحبسه داخل إحدى المنشآت الأمنية بالقاهرة؟

ويستضيف الفيلم -للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها- كلا من خالد القزاز مساعد الرئيس المعزول محمد مرسي للشؤون الخارجية، ووزير التخطيط والتعاون المصري الأسبق عمرو دراج، ويحيى حامد وزير الاستثمار المصري الأسبق، والعضو السابق في مجلس الأمن القومي الأميركي أندرو ميلر، ووزير الدفاع القطري خالد العطية وكان آنذاك وزيرا للخارجية.

 

خداع السيسي

وروى خالد القزاز في الفيلم الأحداث حسب تسلسها الزمني كما رآها هو من داخل كواليس الرئاسة المصرية، قائلا إن مواقف قيادة القوات المسلحة في الأيام العشرة الأخيرة من حكم مرسي كانت تتعمد أن تكون “حمّالة لكل الأوجه”، وعندما يستفسر الرئيس عن موقف ما يستشكله تقوم هذه القيادة ممثلة في وزير الدفاع حينها عبد الفتاح السيسي بالمراوغة وتقديم التبريرات.

وأشار القزاز إلى أن المؤسسة العسكرية قدمت أولا للرئاسة “مجموعة مقترحات تحولت إلى مطالب، مستغلة كون أولى أولويات الرئيس مرسى محاولة توحيد الصف الوطني”، لكنها في الوقت ذاته قامت بخطوات “مريبة” في شكل تحرك عسكري على الأرض يهدد بفرض واقع جديد، ومن ذلك مطالبتها بنقل الرئيس إلى قصر القبة بذريعة توفير حماية أكبر له.

وأضاف القزاز أنه في يوم 29 يونيو/حزيران 2013 استدعى الرئيس مرسى وزير الدفاع السيسي ومعه ثلاثة من المجلس العسكري، وكان اللقاء يتعلق بالاتفاق النهائي للخروج من الأمة السياسية مع المعارضة ممثلة في جبهة الإنقاذ، وخرج الجميع من هذا اللقاء بـ”خريطة واضحة”، ورجع الرئيس إلى القوى المؤيدة له فوافقت على الاتفاق باستثناء حزب النور.

وأوضح القزاز أنه حضر خلال ذلك اتصالا بين مرسي والرئيس الأميركي آنذاك باراك أوباما، الذي حاول بشكل دبلوماسي أن يقدم مقترحات بضرورة القيام بتنازلات حقيقية يستطيع الرئيس من خلالها احتواء الأطراف السياسية المختلفة.

مساعد الرئيس الراحل محمد مرسي “خالد القزاز” يروي كيف راوغت المؤسسة العسكرية مرسي في الأيام الأخيرة

 

مظاهرات 30 يونيو

في يوم 30 يونيو/حزيران نظمت المعارضة مظاهراتها، وتوصل الفريق الرئاسي وفقا للقزاز إلى أنه “خرجت أعداد كبيرة بمطالب واضحة ينبغي التعامل معها”، وفي الوقت نفسه هناك مجموعة كبيرة من المؤيدين في ميدان رابعة العدوية، وكان هناك إحساس بأن الوضع يمكن الوصول فيه إلى مخرج.

وقال القزاز إنه في يوم 1 يوليو/تموز جاء السيسي لإكمال عملية التفاوض مع مرسى، وحضر هذا اللقاء رئيس الوزراء هشام قنديل، ولكن أثناء اللقاء أذاع المجلس العسكري بيانه الذي حدد فيه مهلة 48 ساعة لحل هذه الأزمة وإلا فإنه سيتدخل في الأمر بشكل مباشر.

وعندما أطلع الفريق الرئاسي الرئيسَ مرسي على فحوى البيان قام بتعنيف السيسي بشدة قائلا إن مثل هذا البيان لا يصح أن يخرج من المؤسسة العسكرية لأن هذا ليس دورها، وطالبه بتصحيح هذا الموقف. وقدم السيسي تبريرا بأن ذلك لتهدئة الأوضاع، وبعد تراجع المؤسسة العسكرية عن بيانها “كان الجميع ينتظر انفراجة في اليوم التالي”.

صحيفة المصري اليوم تنشر أخبارا مفبركة فنيما يخص مليونية الشعب المصري ومطالبته بإسقاط مرسي والإخوان

 

خطة تهدئة وخطاب مرسي

وفي يوم 2 يوليو/تموز رجع السيسي لمقابلة الرئيس مرسي وحضر معهما رئيس الوزراء، وعرض الرئيس لأول مرة تغيير رئيس الوزراء هشام قنديل بشخص يتم الاتفاق عليه مع الأطراف المختلفة إضافة إلى تغيرات في الوزارات السيادية أو تغيير وزاري شامل، وفي نهاية اللقاء قال السيسي “هذا الاتفاق يكفي وزيادة، وإن شاء الله سيكون بداية حل الأزمة”.

وأشار القزاز إلى أن الأمور أخذت منحى مختلفا تماما؛ إذ في نهاية اليوم نفسه وردت مكالمة قصيرة تحدث فيها اللواء محمد العصار مع عصام الحداد، وأخبره بأن الفريق السيسي يبلغهم بأن “الاتفاق غير مقبول والباشا لازم يمشي” في إشارة إلى رحيل الرئيس محمد مرسي.

قرر الرئيس مرسي أن يخرج في خطاب إلى الشعب لـ”محاولة تهدئة الأجواء وإعادة فتح مساحات أخرى”، وسجلت كلمته عبر هاتف أحد الحضور من الفريق الرئاسي لأن التلفزيون تحت إدارة المؤسسة العسكرية ولن يذيع الكلمة.

وفي صباح يوم 3 يوليو/تموز علم الرئيس مرسي –عبر محادثة بين وزير خارجية قطر حينها خالد العطية وعصام الحداد- بأنه كانت هناك مفاوضات دولية جارية، وضمنها مبادرة أميركية مطروحة من بين بنودها إحداث تغييرات وزارية شاملة وأخرى للمحافظين، مع إيقاف العمل بالدستور.

وختم القزاز بأن الفريق الرئاسي فوجئ عصر ذلك اليوم بأن الحراسة الخاصة بالرئيس مرسي سلمت أسلحتها وغادرت القصر، إضافة إلى أن المنتدبين من وزارة الخارجية لم يأتوا لعملهم في هذا اليوم. ثم قُطع خط الاتصال الأرضي عن رئيس الجمهورية وتم التشويش على الإرسال في مكاتب فريقه، ثم أذيع بيان الانقلاب.


إعلان