أغنية يونس.. عندما وقعت بنت السلطان في حب الأسير
خاص-الوثائقية
يا قومِ أُذْنِي لِبْعض الحي عاشقةٌ
والأذن تعشق قبل العين أحيانا
يونس خاله أبو زيد الهلالي وأمه شيحة وأبوه السلطان حسن بن سرحان، سافر مع خاله وأخويه مرعي ويحيى إلى تونس، في رحلة شهيرة ستفضي لاحقا إلى تغييرات سياسية جذرية في المنقطة.
في هذه المدة كانت عزيزة بنت السلطان معبد بن باديس حبيسة في قصر بناه لها والدها، وكان يحبها العلامة بن رمضان، وبحث لها عن جارية تؤنسها بالحديث عن أيام العرب وتقاليدهم وأشعارهم.
وكانت الجارية تحكي لها عن السلطان حسن بن سرحان وتُسهب في الحديث عن وسامة وفروسية ابنه يونس، إلى أن وقعت الأميرة عزيزة في حبه قبل أن تلتقيه.
هذه هي قصة أغنية يونس وعزيزة التي استلهمها الشاعر عبد الرحمن الأبنودي من السيرة الهلالية ولحنها الموسيقار محمد رحيم، وترويها الجزيرة الوثائقية في فيلم قصير ضمن سلسلة “حكاية أغنية”.
في حديثه بالوثائقي، يلاحظ الكاتب والناقد زين العابدين خيري أن هذه ليست أغنية تقليدية تتحدث عن الحب والشوق وإنما تسرد “حدوتة” تاريخية.
ومثل أي قصة شعبية، يختلف الناس حول أصل أغنية يونس، كونها ترتبط ببنات السلاطين وأمجاد القبائل وفخرها وأشعارها وفروسية أبنائها، وهي مجالات تتداخل فيها الحقيقة بالأسطورة.
إلى القصر
وكما في حكايات السيرة الهلالية، فإن عزيزة دعت يونس وأخويه وخاله أبا زيد الهلالي إلى قصرها وأقامت حفلا موسيقيا على شرفهم.
لكن أمرهم انكشف ووقعوا في الأسر، وهنا عرضت الأميرة على يونس أن يتزوجها مقابل تحريره، لكنه رفض العرض بشكل قاطع ورد بأن الحب لا يلائم الأسير، وأنه لو كان حرا لبادلها الغرام:
جي من البلاد البعيدة
لا زاد ولا ميه
وغربتي صحبتي بتحوم حواليّ
وأنتِ تقوليلي بحبك
تحبي إيه فيّ وده حب إيه
ده اللي من غير أي حرية
يونس في بلاد الشوق
اه يا ولد الهلالي
بتونسني دموع العين وأنا سايب أهاليّ
اه يا ولد الهلالي لا عليا ولا بيّ
يا عزيزة يا بنت السلطان لو يتغير الزمان
وقابلتيني في أي مكان
كنت أعشق من غير ما تقولي…
تحفة فنية
وعلى وقع العزف بالآلات التقليدية تروي فرقة الضوي حكاية قدوم يونس للقاء عزيزة بنت السلطان في قصرها، وأنه كلما دخل بابا أُغلق، وهناك روايات وأساطير حول الباب الثاني والثالث، إلى أن وجد الأميرة الحسناء في كامل زينتها في انتظاره.
يقول الصحفي والشاعر محمد بغدادي إن الشاعر عبد الرحمن الأبنودي دوّن في كلمات الأغنية قصة الحب الشهيرة بين يونس وعزيزة. ويضيف “محمد منير غناها بإحساس عالي جدا”.
ويوضح الموسيقي سيد طه أن كلمات الأغنية لحنت في مقام العجم، وهو مقام مُشرق يعكس الإحساس بالبهجة والفرح، بينما استُعملت آلة الربابة للإشارة إلى أن القصة ذات جذور مصرية.
ويضيف “هذه الأغنية تكاد تكون تحفة فنية متكاملة على صعيد الكلمات واللحن والتوزيع والأداء”.
وبينما كان الأجداد يجلسون مع صاحب الربابة من العصر إلى العشاء لسرد سيرة أبي زيد الهلالي، نقلها الأبنودي للشباب في قالب حداثي في دقائق.