“جيران البراكين”.. ماذا لو انفجر البركان فجأة؟

منذ الأزمنة الغابرة والبراكين تنفث حممها وتنشر رمادها مخلفة القتل والدمار وقد شهدت الآونة الأخيرة مقتل نحو 300 ألف إنسان، لقوا حتفهم جراء تعرضهم لويلات البراكين.
نستعرض في هذا الفيلم الذي تبثه قناة الجزيرة تحت عنوان “جيران البراكين- البراكين المدمرة” عددا من أهم ثورات البراكين التي سببت القتل والدمار.

بركان هيماي.. جزيرة تغرق تحت الحمم البركانية

تقع جزيرة هيماي في أرخبيل يستمان المؤلف من 14 جزيرة قبالة سواحل أيسلندا، وقد تعرضت في عام 1973 لبركان مدمر، فقد أغرقت الحمم البركانية الجزيرة.

تقول “غيردير” في الساعة 01:20 أضيء ممر البيت بالكامل فذهبت نحو النافذة فشاهدت عمودا من النار أمامي مباشرة، في تلك الأثناء طلب مني زوجي أن ألبس الأطفال ثيابهم لنهرب، لكنا تسمرنا أمام النافذة لقد كان الأمر مهولا، فقد بدأت الأرض تنفجر ثم تتشقق وبدأت النيران تعبئ تلك الشقوق وتنفجر وتنطلق بالاتجاهين.

تتخذ الحمم البركانية أشكال سيول متدفقة أو نوافير تحرق كل شيء أمامها، وتشكل الروائح المنبعثة منها والمؤثرات المرئية والأصوات اعتداء على الحواس، وقد يحس المرء بحرارة الحمم على بعد 500 متر.

أخليت جزيرة هيماي من سكانها البالغ عددهم خمسة آلاف نسمة، وبقي عدد محدود من الرجال محاولين إنقاذ القرية ومينائها الذي يعد شريانها الاقتصادي.

“سيغي” كان واحدا من هؤلاء الرجال، يقول: كان عمري 24 عاما، بدأنا برش الحمم بخراطيم بسيطة لإيقافها لكنها نفدت، كما أمدنا الجيش الأمريكي بمضخات جلبت من تكساس، واستطعنا إيقاف الحمم البركانية ثم قمنا بتبريدها.

وقد استطاع هؤلاء الرجال حماية هيماي من الحمم البركانية، وهناك اليوم حاجز طبيعي شكلته الحمم بعد تبريدها، رجع المجتمع إلى الجزيرة أكثر قوة وتماسكا بعد هذه المحنة.

بركان كيلاويا.. جنة خضراء تحولت جحيما أسود

نشط بركان كيلاويا منذ عام 1983 في جزر هاواي الأمريكية، وعندما ثار في عام 1986 أغرق قرية كلبانا بحممه وحرق كل شيء، تقول “بيلاني”: كانت تلك المنطقة كأنها الجنان، كل شيء كان أخضر وهناك الكثير من أشجار المانغو وجوز الهند.

لقد لفظ البركان حمما تعادل قدرة استيعاب مئتي حوض سباحة أولمبي يوميا، كانت تلك الحمم تعيد تشكيل الأراضي عندما تمر عليها تحرق كل شيء أمامها وتدمره، لكنها عندما تصب في المحيط تشكل أراضي جديدة.

غريدير إحدى سكان قرية كلبانة التي التهمتها البراكين مما اضطر 250 أسرة إلى إعادة بناء منازلهم

تقوم السلطات بإجلاء السكان الملامسين لمناطق الثوران، وبعد أن يهمد البركان يعودون لمنازلهم، وأحيانا تكون قد سويت بالأرض ودمرت، حينها يبنون بيوتا جديدة على بعد عشرة أمتار من الحمم المتصلبة.

في قرية كلبانا أعادت 250 أسرة بناء منازلهم من جديد، وعندما رحلوا حملوا معهم ما غلا ثمنه وتركوا منازلهم لتلتهمها الحمم الملتهبة، لقد تعوّد سكان هاواي على دورة الدمار تلك، فهم يحترمون الطبيعة وتلك الحمم ويخشونها أيضا.

هاواي معروفة ببراكينها وخاصة جزيرة هاواي الكبيرة، فقد نشأ السكان على تلك المظاهر الطبيعية وشكلت جزءا من ثقافتهم المتأصلة، وقد خلف بركان “كيلاويا” مناظر طبيعية خلابة جلبت إليها السكان الذين سئموا من صخب الحياة العصرية، ولجأوا للطبيعة وقواها، وتشكل تلك الأراضي وطنا لهؤلاء، وهم لا يستطيعون الرحيل عنها ولا يرغبون بذلك فهي الكينونة والانتماء.

بركان سترومبولى.. كوابيس وحش صقية التي توشك أن تكون حقيقية

يقع هذا البركان في جزيرة صقلية الإيطالية وهو بركان جزري ذو نشاط هائل منذ أكثر من ٢٥٠٠ عام، وعلى مقربة من سفحه تقع قرية “جينوسترا” التي هجرها معظم سكانها، وبقي البعض متمسكا بها رغم طلب الحكومة مغادرة المكان.

“باسكوال” أحد أولئك الباقين الذين يريدون العيش في المكان الذي ولدوا فيه، إذ يقول: نحن أبناء تلك الأرض، نصغي للأصوات ونسمعها، نتتبع مشاعرنا وحدسنا، ونحن مستعدون للهرب في أي لحظة، وهي مسألة دقائق معدودة المغادرة سريعا من الثوران البركاني.

بركان “سترومبولى” في جزيرة صقلية الإيطالية وهو بركان جزري ذو نشاط هائل منذ أكثر من ٢٥٠٠عام

ويتابع حديثه قائلا: في طفولتي أخبرني كبار السن عن القصص المخيفة عن الثوران، كنت أفكر كثيرا وفي أثناء النوم أحلم بها وأرى الحمم تغرق الشوارع، عندما قررت البقاء بكت والدتي ولم تكن راغبة بسماع هذا القرار، وها نحن اليوم نعيش وتتهددنا الأخطار جنبا إلى جنب مع المنافع وجمال المكان، ونعرف جيدا أن حياتنا ستنتهي إذا ثار.

خلال الدمار الناتج عن الثوران، حيث تتمزق الأرض وتسحق بها الرياح، يفسح المجال أمام ظاهرة الغبار البركاني الذي يملأ المكان كله مشكلا سحابة رملية.

تقول عالمة الجيولوجيا الدكتور “جيني باركلي”: الرماد البركاني جزيئات متناهية الصغر تنشأ أثناء الانفجار البركاني، فالجسيمات الأكثر ضآلة كقطع الصهارة الصغيرة عبارة عن رماد بركاني تستمد طاقتها من الانفجار نفسه، وهي تنتشر في الجو ثم تهطل وتنهمر وقد تصل إلى أماكن بعيدة.

تحتوي الحمم البركانية المنصهرة على غازات مذابة تحفظ الحمم في ضغط مرتفع داخل البركان، وعند ثورانه تنطلق، وهي التي تقود النشاط الانفجاري، مما يدفع الصهارة إلى السطح.

بركان ساكورا جيما.. أكبر انفجار بركاني في اليابان

وقع بركان ساكورا جيما في 12يناير/ كانون الثاني عام 1914 بعد أن كان هامدا لأكثر من قرن، وهو أكبر انفجار بركاني وقع في اليابان في القرن العشرين، وقد لقى ستون شخصا حتفهم ودفنت مدينة “كاغوشيما” تحت رماده، حتى أنه لا يزال في نشاط وينشر الرماد كل يوم، وهو الأمر الذي يعاني منه سكان المدينة البالغ عددهم 600 ألف، وترى “جيني باركلي” أن أفضل طريقة للاستعداد للبركان هي الابتعاد عن طريقه عند احتمالية ثورانه.

اعتاد سكان “ساكورا جيما” ارتداء القبعات وأخذ الملابس الواقية من غبار البراكين تحسبا لأي طارئ

في ذكرى ثوران البركان من كل سنة يقوم سكان كاغوشيما بتدريبات لإخلاء الجزيرة، ويجمع كل السكان من أجل إجلائهم. يقول المزارع شيمارا إنه يشعر بالاطمئنان عند القيام بتلك التدريبات، وهو يعلم تمام ما عاناه السكان عندما حدث الانفجار الكبير.

تجري التدريبات بدقة وصرامة عن كيفية إخراج الناس من المكان، ومنذ الطفولة يتعلم السكان دمج التعليمات المتعلقة بالبركان بحياتهم، ويرتدي الأطفال كل يوم الخوذ الواقية عند ذهابهم إلى المدرسة.

بركان إيافيالايوكل.. قوة الطبيعة اللي شلت حركة الطيران

أيسلندا جزيرة بركانية تعلم سكانها التعايش مع الانفجارات البركانية، هناك تلتقي الحمم البركانية بالأنهار الجليدية، عندما ثار بركان إيافيالايوكل في أيسلندا عام ٢٠١٠ كان له أثر كبير على مزارعي المنطقة. يقول أحدهم: عرفنا ببدء النشاط البركاني الساعة الواحدة ووصل إلى الجبل الجليدي في الساعة السادسة، أطعمنا الحيوانات ووضعنا المزيد من الماء والعلف، ثم تشكلت السحابة البركانية ودخلنا في ظلام مدة ثلاثة أيام، كان تلك أصعب أيام في حياتي، لقد اضطررنا لترك مزارعنا ومواشينا ومنازلنا.

وترى بروفيسورة علوم الأرض “تامسين ماذر” أن رماد البركان قادر على إتلاف الزرع وقتل الماشية والتسبب في كثير من المشاكل.

بركان  “إيافيالايوكل” الذي ثار في آيسلندا عام 2010 خلّف رمادا أظلمت بسببه الدنيا ثلاثة أيام

استمر الثوران في البركان مدة ستة أسابيع وتراكم الرماد بسماكة 5 سنتيمترات، وكانت الحقول مكسوة بالسواد. ويعتبر “كليف أوبنهايمر” بركان “إيافيالايوكل” حدثا متواضعا، لكنه أضر بالطيران وتسبب في أزمة عالمية، فقد يدخل الرماد البركاني في محركات الطائرة أثناء طيرانها ويتسبب في توقف المحرك، وقد يتغلغل في محرك الطائرة النفاثة ويتلفها.

شهد مركز “ريكيافيك” لمراقبة الملاحة أكبر أزمة تاريخية حيث امتدت السحابة البركانية لتغطي شرق أوروبا وتوقف الطيران، كما أن الطائرات المتجهة نحو الشمال باتجاه أمريكا اضطرت لتغير مسارها، واستوعب مطار ريكيافيك ضعف طاقته القصوى فكان يستقبل ألف طائرة كل يوم، وأصاب الشلل 70% من الحركة الجوية في أوروبا أي أن 16 ألف رحلة قد توقفت، وقد قدرت المفوضية الأوروبية الخسائر بملياري يورو.

ويعتبر تدفق الحمم البركانية الظاهرة الأخطر، وعندما يختلط الرماد بالغازات البركانية المشتعلة يتحول لقوة مدمرة وتصبح الفرصة للحياة ضئيلة جد إذا علق الإنسان في مكان يشهد تدفق الحمم.

بركان جبل أونزين.. أعجوبة النجاة من الموت المحقق

أطلق جبل “أونزين” في اليابان عشرات من حالات التدفق البركاني الفتاتي وقد تشوهت الطبيعة على مدى أشهر بسبب الانهيارات.

يعود الأستاذ “أوشيمو” لبقايا مدرسته يعتصره الألم لما حدث لتلك المدرسة، يقول إنه لم يكن يعرف ما هو التدفق البركاني الفتاتي، وعندما رآه لأول مرة كان مختلفا عن ما عرفه سابقا.

بركان جبل “أونزين” في اليابان يشتهر بالتدفق البركاني الفتاتي الذي يتسبب في دمار تام للبيئة

لقد انهارت قمة البركان مكونة سحابة نارية وانقسمت تلك السحابة، لذا كانوا يضطرون لتغير اتجاه الإخلاء كل مرة، وقد نجا من الموت بأعجوبة عند احتراق المدرسة، وقد أجلي السكان دون أن يكون هناك قتلى. ويرى الخبراء أن الطريقة المثلى للحماية من البركان أن لا تكون قريبا من سيل الحمم.

بركان فيزوف.. ثورانات مدمرة منذ فجر التاريخ الميلادي

في وقتنا هذا توصل العلماء لفك الكثير من الشيفرات المتعلقة بالبراكين وتدفقاتها، لكن قبل ألفي عام كان ذلك مجهولا، فكان ثوران بركان “فيزوف” عام 79 الميلادي في إيطاليا هائلا ومدمرا، فقد أدى الانفجار إلى إحداث سيول كبيرة، وكان الانهيار عموديا مع تدفق الحمم على الجانبين، ودمرت مدينتا بومباي وهركولانيوم.

وضع “ماورو دي فينو” عالم البراكين من خلال دراسته تاريخا لليوم الذي مسحت به المدينتين الرومانيتين. يقول “ماورو”: تخيل سحابة رماد على بعد عشرات الأمتار سوداء تماما ذات حرارة مرتفعة لدرجة تجعل الخشب يتفحم وتقتل السكان كان ذلك أسوء من الجحيم.

بركان “فيزوف” الذي ثار في عام ٧٩ ميلادي في ايطاليا خلف وراءه هياكل بشرية تفحمت قبل أن تفكر بالهرب

التدفق الفتاتي الذي حدث في بومباي وهركولانيوم حصد أرواح 300 شخص، وقد وجدت المدينتان مدفونتين تحت الرماد، وعثر على الهياكل العظمية مفككة، وعند دراستها وجد أن سبب الوفاة كان الاختناق ودرجة الحرارة العالية التي تسببت بجفاف أجسادهم مباشرة.

لقد ملأت الحمم البركانية الممرات والغرف ودكت الجدران وحملت القوارب لمناطق بعيدة وقذفتها كما تفعل الصواريخ.

في عام 1944 عاد بركان فيزوف للثوران، مما صدم سكان نابولي التي كانت تعاني من قصف الحلفاء في نهاية الحرب العالمية الثانية، وما زال بركان فيزوف يعلو المدينة مهددا سكانها البالغ عددهم 600 ألف نسمة لخطر الثوران في أي لحظة.

امتزاج البراكين والمياه.. خلطة الموت المتفجرة

رغم كل الكوارث الناتجة عن البراكين فهناك آفة أخرى أكثر غرابة أثناء حدوثها، فالبراكين والمياه عنصران لا يختلطان، وإن اختلطا يشكلان مزيجا متفجرا، فعندما تفيق النيران الخامدة تذوب المياه الجليدية وتفيض الأنهار.

في إندونيسيا تشكل الأمطار الغزيرة تهديدا للسكان الذين يعيشون بالقرب من البراكين، وتقوم السلطات بإجلائهم بشكل مستمر.

في إندونيسيا تشكل الأمطار الغزيرة التي تجرف الأتربة البركانية دمارا للبيوت والمحاصيل

في جزيرة جاوا ذات المناخ الاستوائي تنهمر الأمطار الغزيرة على الرماد البركاني وتجرفه مشكلة الانهيارات الطينية، ويمكن لتلك الفيضانات الطينية أن تكون مدمرة.

“أندرا” سيدة إندونيسية تخشى وقوع الفيضانات، وتخبرنا كيف جرفت المياه قريبتها عندما كانت تريد أن تأخذ الماعز معها وقت الجلاء، لقد حاولت رفع ساقيها ولم تستطع، وعجزت عن مد يدها للآخرين لانتشالها وتشبثت داخل المياه بشجرة كان عليها مجموعة من الأشخاص فوقعت الشجرة بهم، ثم علقت بزوبعة وكانت حبلى في الشهر التاسع وتوفيت.

يقوم رجال الشرطة بإنقاذ الناس الذين يسكنون ضفاف الأنهار والعاملين في الحقول وبمجرد سماع الصافرة يعي الناس أن عليهم التوجه لأماكن محددة وآمنة تاركين كل شيء خلفهم مثل السيارات حتى لا تعيق تحركهم، وعند رؤية أي سحب بيضاء في الأعلى عليهم الابتعاد عنها.

كواه إيجن.. بحيرة حمضية على فوهة بركان

تعد فوهة بركان كواه إيجن في إندونيسيا من أكثر الظواهر الطبيعية غرابة، إذ تحوي الفوهة أكبر بحيرة حمضية في العالم، وهي بركة من المياه المشبعة بالكبريت، وتمتاز البحيرة بلونها الفيروزي، وهي بحيرة استثنائية حمضية لدرجة أنك لو وضعت أي شيء فيها سيتآكل بسرعة كبيرة، أما درجة حرارة المياه فهي دافئة، وقد تفيض تلك المياه السامة وتنتقل إلى المجاري المائية التي تروي الوادي.

تقول عالمة البراكين “سومارتي”: عندما تقترب نسبة الهيدروجين من الصفر يكون هناك خطر كبير على البيئة والتربة والنبات، فهذه المياه المتسربة بمثابة السم لأهل المنطقة ولحقول الأرز.

فوهة بركان “كواه إيجن” بإندونيسيا تحوي أكبر بحيرة حمضية بالعالم وهي بركة من المياه المشبعة بالكبريت

يقاوم “ساري جون” زعيم قرية بنتال هذه المعضلة منذ سنوات، فالسكان يعانون من الحكة والإسهال وآلام الأسنان وهشاشتها، ومنهم من فقد أسنانه بالكامل والبعض الآخر تحولت أسنانه للون الأحمر الذي لا يمكن تنظيفه أو إزالته، وأثرت هذه المياه على عشرة آلاف شخص.

تجمع السكان في الوادي وحفروا شبكة آبار ومدوا الأنابيب لسحب المياه الجوفية على عمق ٩٠متر حيث المياه النقية، وهم سعداء اليوم بإنجازهم.

بركان مونا لوا.. أكبر البراكين على وجه الأرض

بركان مونا لوا في هاواي هو أكبر البراكين على كوكب الأرض، وقد أوقفت الأمواج ثوراناته المتتالية، وتشكلت طبقات على مر السنين، لكنه لا يزال غير مستقر، وقد يثور مجددا. يقول عالم الجيولوجيا “إيان ستيورات”: لو نظرنا للبراكين على السواحل فغالبا سنجد قطعة بارزة تخرج منها، قد تحدث انهيارات في البحر فتسقط تلك القطع في المياه، وإذا كانت السرعة كافية ستتسبب في حدوث تسونامي هائل يرتفع عشرات الأمتار، وكثيرا ما حصل هذا في الماضي في جزر هاواي”.

درس عالم الجيولوجيا “جرر فراير” تأثيرات تسونامي الذي ضرب الجزيرة منذ آلاف السنين ليستطيع التنبؤ بما سيحدث في المستقبل، ويرى أن المنحدر الذي يبلغ ارتفاعه مئة متر ليس مرتفعا، لكنه نتج عن انهيار كبير وكان إجماليه ألف متر مكعب، وقتها انخفض مستوى الماء لحوالي كيلومترين، وقد تكون تلك الموجة العملاقة وصلت لارتفاع مئتي متر وبالتالي غمرت مساحة كبيرة من الشاطئ، وقد يستغرق حدوث ذلك من 10 إلى 15 دقيقة.

بركان مونا لوا في هاواي الذي أوقفت الأمواج ثورانته المتتالية تسبب بتشكيل طبقات من الحمم على مر السنين

تلك ظاهرة متكررة ولكنها نادرة الحدوث، وهذا جزء من تطور البراكين ونموها، ويعتبر إعصار تسونامي مهددا حقيقيا للمدن الساحلية في جزر الهاواي سواء كان ناجما عن انهيار بركاني أو زلزال.

ويرتبط الأرخبيل بتلك البراكين المسماة حلقة النار على المحيط الهادي، وفي حالة تلقّي أي إنذار تخلى المدن بشكل فوري وينتقل السكان إلى النقاط الأعلى، ويعتبر الخطر الحقيقي للتسونامي الذي يمر عبر المحيط بعد أن يُنشئ العديد من الزلازل التي تسببت في الماضي بفيضانات حصدت الكثير من الأرواح، وقد مرت كل العائلات في جزر الهاواي بتلك التجربة التي بلغت ذروتها عام 1964، وقتها دمر تسونامي ساحل هاواي وقتل 160 شخصا.

ما تزال تحمل “بينيكيت” -وهي إحدى الناجيات- ألم تلك الذكرى، وتقول إن منزلها بدأ يرتفع ويتحرك فخاف والدها وألقى بها في الماء، ليتمسكوا بغصن شجرة، وعندما استطاعوا الخروج من الماء بدأ منسوبها يرتفع والأسماك تتساقط فوقهم وبعد أن جاءت الموجة الثانية غمرتهم بالكامل.

سكان الجزر البركانية على أهبة الاستعداد للإخلاء كلما أطلقت صافرات الإنذار

الفوهات البركانية والحمم النارية وسحب الرماد كلها مصطلحات لجحيم من نوع آخر دمر العديد من المدن وشهد على نهايات حضارات، لكن بالمقابل منح البشرية كثيرا مما سلب وأهداها ثروات عظيمة، فالبراكين ظواهر طبيعية مدمرة تولد من رماد حطامها حياة جديدة تعود بسرعة لتتشكل من جديد، وتلك علاقة تكافلية بين الحياة والبراكين.


إعلان