أسرار تحت الجلد.. اللفافات مصدر الألم وموضع الشفاء

الوثائقية- خاص

فيلم وثائقيّ علمي طبي بثّته الجزيرة الوثائقية يحمل في دقائقه الـ52 ما تنوء بحمله وتحمّله العُصبة من أولي النُهى والعقول، وذلك لما حوى من الأبحاث والتجارب والفرضيات والنتائج المركّبة والمترتبة على بعضها بتدريج زمني لجهود جبّارة قام بها علماء وباحثون وأطباء ومعالجون فيزيائيون، ولا يسعنا إذا ما انتهينا إلى الدقيقة الأخيرة فيه إلا أن نقول “وفوق كل ذي علم عليم”.

كيف لا يكون ذلك، وهم يبحثون ويستكشفون نظاما منسيّا لم ينتبه له بعدُ بعناية معظم المختصين في علم التشريح، والعلم به يعني علم الأعصاب والوعي وانتقال الطاقة والتئام الجروح والكثير من الأمور التي لها دور مهم في أنظمة أجسادنا.

 

إنها “اللّفافات” وهي نسيج ضام مخفي تحت الجلد مباشرة وعلى مساحة الجسد بالكامل، نسيج أبيض يزن ما يقارب 20 كغم من وزن الجسم يلتف حول العضلات والأوتار والأعضاء الأخرى، ولهذه اللفافات دور كبير في صحة الجسم ولياقته.

والسؤال هنا: هل هذه اللفافات هي السبب والحل لأكبر مسببات التذمر الإنساني المتمثل في آلام الظهر؟ وللإجابة على هذا السؤال دعونا نبحر في لجاج هذا العالم، علّنا نستكشف أكثر ونعرف المزيد.

يُعتبر أخصائي العلاج الطبيعي الأمريكي “توماس مايرز” الذي يدرّب الأطباء والمعالجين الفيزيائيين من أوائل الروّاد في دراسة اللفافات، وهو مؤلف كتاب “مسارات التشريح”، ويبدو مقتنعا تماما بأن هذا النسيج الضام مرتبط بعضه مع بعض على كافة مساحة الجسد، بخطوط لا حصر لها.

وهذا يعني أن أي ألم في جزء ما من الجسد قد يكون سببه موجود في جزء آخر بعيد؛ فمثلا ألم أسفل الظهر قد يكون منشأه الأضلاع أو الكتفين أو الركبتين أو أي جزء آخر معني بتحميل ضغط زائد على أسفل الظهر. وحسب نظريته فإن من يقوم بمعالجة ألم أسفل الظهر عليه أن يبحث عن السبب في كل أجزاء الجسد، لا سيّما أن أسفل الظهر يمثل النقطة الأضعف.

الجسم مكون من شبكة من الألياف الممتدة من سطح البشرة إلى أعماق النسيج الضّام

 

النسيج الضام.. شبكة ألياف ممتدة

أما عالِم الرياضة “يان فيلكه” فهو يبحث في إثبات أن السلاسل التشريحية التي رسمها وافترضها “مايرز” موجودة بالفعل، فهي فقط مجرد نموذج أو نظرية ولذلك يقوم باختبار ستة مسارات أو خطوط، ويركز على الخط الخلفي السطحي الذي يربط بين العضدية ذات الرأسين والعمود الفقري والرباط العجزي والجانب الخلفي للفخذ ثم وتر العرقوب ثم باطن القدم.

ويجري “فيلكه” تجاربه بالموجات ما فوق الصوتية التي تثبت أن هناك حركة انزلاقية في اللفافات حول الجزء الخلفي من الفخذ عند تحريك مفصل الكاحل، واختباره الثاني المهم على الفقرات العنقية وارتباطها بمسار مع الساق، حيث يقوم بتمديد وإطالة عضلة الساق، ويختبر تأثيره على مرونة الفقرات العنقية.

ويثبت أن هناك تحسنا ملحوظا وزيادة في مرونتها، وحسب رأيه فإن الهدف الدائم للبحث أن يكون قابلا للتطبيق كي يكون بديلا حقيقيا للطبيب والمعالج الفيزيائي والمريض.

أما “كلود غيمبرتو” الجرّاح في معهد جراحة اليد والقدم في “بوردو جان” فهو أول من اكتشف ما كان “مايرز” و”فيلكه” يتحريانه بأيديهما وأدوات القياس، فقد اكتشف أن تلك الشبكة تعبر الجسد كاملا خلال عملياته الجراحية.

وكان يلاحظ انزلاق هذا النسيج الضام لكنه لم يكن يعرف كيف يعمل، فأراد أن يتعمق في فهمه ليساعده في عملياته الجراحية، ويكشف النقاب عن هذا النسيج “اللفافات السطحية”، عندما استطاع تصويره في الجسد الحي باستخدام آلة تصوير خاصة، مما غيّر في المعطيات العلمية والتصور العام حول هذه اللفافات.

يقول “كلود غيمبرتو” إن هذا النسيج يبدو كفوضى منتشرة تحت الجلد ولكنه بالطبع ليس كذلك، إنه مرتبط باللياقة البدنية المثالية، كلما عملنا عليها ازداد فهمنا لهذا النسيج، وسيفتح إمكانيات علاجية جديدة، فالجسم عبارة عن شبكة من الألياف ممتدة من سطح البشرة إلى أعماق النسيج الضّام، أي أن كل الجسد مرتبط بهيكل من الألياف الضّامة، كل شيء في الجسد متصل ببعضه ولا توجد مناطق فارغة.

 

اللفافات السطحية هي جزء مهم جدا من الجسد كحال الأعصاب وغيرها من الأنسجة

 

ما هي أهمية ووظيفة اللفافات السطحية؟

في مدينة “بادوفا” الإيطالية القديمة وفي أقدم الجامعات الأوروبية التي ضمت جدرانها يوما ما العالم الكبير “غاليليو” وفيها حازت أول سيدة شهادة الدكتوراه؛ تتابع أستاذة علم التشريح “كارلا ستيكو” أبحاثها حول اللفافات، وهي تعتقد أنها جزء هام من الجسد مثله مثل الأعصاب وغيرها من الأنسجة، ويجب الاهتمام به والمحافظة عليه وعلاجه ويشاركها في ذلك شقيقها “أنتونيو”، ولا عجب فقد كان أبوهما من قبلُ مهتما جدا بهذا الجزء من الجسد على الرغم من عدم اقتناعها الأولي بأهمية هذا اللفافات.

في قاعة التشريح تدرّس “كارلا” طلابها على ثمرة الليمون الهندي أو “الغريب فروت” كمثال لماهية اللفافات، ثم تشرح لهم ذلك بشكل عملي عن اللفافات المكوّنة من البروتين والماء في جثة للتدريب، وبفضل جهودها صرنا نعرف أن اللفافات موجودة في كل أنحاء الجسم تحت الجلد وبأشكال متنوعة.

فاللفافات السطحية موجودة تحت الجلد مباشرة، أما العميقة فهي التي تغلف العضلات وتلتف حول الأعضاء الداخلية وحتى الدماغ. ومن خلال أبحاثها التشريحية أطلقت “كارلا” أطلس اللفافات وهو أول أطلس لهذه الأنسجة وقد شكلت اكتشافاتها هذه علامة فارقة، فهي الأولى التي توثق لهذا النسيج بشكل ممنهج حول عمل هذه اللفافات.

تبحث “كارلا” في اللفافة الصّدرية القطنية ففي هذا الجزء الصغير من الظهر تكمن آلام 80% من الناس ولم يتمكن الباحثون حتى الآن من فك شيفرة هذا الكم الكبير من اللفافات في الظهر على الرغم وضوح علاقتها بمشاكل وآلام الظهر وقد نجحت “كارلا” في عزل هذه اللفافة وهي الأهم في أعماق أجسامنا، وتخضع الآن لكثير من أبحاث علماء التشريح، إذ أنها تبدو جذر آلام الظهر.

قلة الحركة والجلوس بوضعيات غير صحيحة يؤدي باللفافات الى التيبّس فتضغط على الأعصاب والعضلات

 

كيف تسبب هذه القطعة الصغيرة كل آلام الظهر؟

هذا ما يبحث فيه الألماني “روبرت شلايب” الذي يعمل الآن على كتابة أطروحة عن أنسجة اللفافات في معهد علم وظائف الأعضاء التطبيقي في جامعة “أولم” في “غونزبيرغ “، حيث يقول إن اللفافات كانت عضوا لا يحظى بالاهتمام حتى أن طلاب التشريح كان لا يعنيهم أبدا هذا العضو اللزج عديم اللون، بينما يريد “شلايب” من أبحاثه معرفة المهام والوظائف المختلفة التي يقوم بها هذا العضو المستهان به لزمن طويل ومعرفة مكونات هذه الأنسجة اللفافية البيضاء.

تتكون الأنسجة اللفافية من الخلايا الليفية والمصفوفة المحيطة بها، وتعتبر الخلايا الليفية التي تنتج الكولاجين هي المكون الرئيسي للمصفوفة، إنها تبني مسكنها الخاص بواسطة الكولاجين، “شلايب” وبالتعاون مع زميله الباحث “فيرنر كلنغر” في جامعة “أولم” يعملان دون كلل على كشف مسارات الخلايا الليفية التي تتمتع بميزة شفائية للجروح لقدرتها على إنتاج الكولاجين، ويلاحظان الفرق في شكل اللفافات في يد سليمة ويد وضعت في الجبص لمدة 3 أسابيع حيث تبدو اللفافات في اليد المصابة في حالة تمدد وترهل نتيجة لعدم الحركة وهذا ما يثبت أن الحركة والقيام بالنشاطات البدنية مهم وضروري لصحة اللفافات.

الخبير في الإصابات الرياضية “غريغور انتونيادس” يعتقد أن قلة الحركة والوضعيات غير السليمة توصل اللفافات إلى درجة من التيبس فتضغط على الأعصاب والعضلات، لذلك فهو يعتمد طريقة غير معتادة لتحرير النسيج من خلال التدليك في حال كان الجزء المتيبس من اللفافة قريبا من الجلد وغير عميق، وإلا فلا بدّ من الخضوع للعمليات الجراحية وتقسيم اللفافة، وعلى هذا فالحركة مهمة جدا لصحة الجسد واللفافات لأنها تحتاج إلى تحفيز دائم حتى لا تلتصق ببعضها أو تتيّبس كليا.

وهنا يبرز سؤال مهم: هل من صلة بين تصلب اللفافات وألم الظهر؟

يُنتج الكولاجين لملء الفراغ بين طبقات النسيج الضام وخلايا اللفافات وهو ما يسرع في عملية التئام الجروح

 

إنتاج الكولاجين.. سبب في آلام الظهر

للإجابة على العلاقة بين تصلب اللفافات وألم الظهر عُقد المؤتمر الأول على مستوى العالم حول اللفافات في “بوستن” وكانت الطبيبة والعالمة في مجال اللفافات “هيلين لانجفان” من المعهد الطبي في جامعة هارفارد مشاركة فيه، وهي من أوائل العلماء الذين درسوا اللفافات، حيث تقول: إن هناك الكثير من المرضى الذين يعانون من آلام الظهر دون سبب واضح ولذلك نذهب للتفكير في اللفافات، ونُجري اختبارات على اللفافات لمرضى يعانون آلام الظهر وآخرون لا يعانون لنجد فروقا واضحة.

فعند المرضى الذين يعانون الألم تكون مسافة الحركة الانزلاقية بين طبقات اللفافات أقل بحوالي 15% منها عند الاشخاص الطبيعيين، وعلى هذا فإنها تحمّل هذا النسيج الضّام مسؤولية آلام الظهر، وهذا بسبب إنتاج المزيد من الكولاجين بين طبقات النسيج، وبإجراء اختبارات على الفئران تثبت أن الحركة تساعد على وقف هذا الإنتاج الزائد من الكولاجين وتساعد في شفاء الجروح بشكل أسرع، لأن الخلايا الليفية تتمدد ضعف حجمها تقريبا وترسل إشارات تخفف من الألم أيضا، وخرجت بنتائج أن التمارين الرياضية والوخز بالإبر يساعد كثيرا في الشفاء.

ويتابع “شلايب” أبحاثه عن الأسباب الجذرية لآلام الظهر بأخذ عينات من اللفافات الحية يضع عليها مواد كيميائية ناقلة ليلاحظ تأثر هذه اللفافات بمعزل عن العضلات والأعصاب، أي أن اللفافات تُبدي ردود فعل بشكل مستقل عن التحفيز الآتي من العضلات والأعصاب كما أنها تتأثر بالضغط النفسي والتوتر، وبهذه التجارب يثبت “شلايب” علميا تأثر اللفافات بالتوتر العصبي والضغط النفسي وهذا ما يعرف بين الخبراء بعامل النمو المحوّل “بيتا”.

النسيج الضام هو أشد أعضاء جسم الإنسان الإدراكية حساسية

 

النسيج.. خلايا من ماء

هذا “توماس مايرز” أخصائي العلاج الطبيعي الذي يدرّب المعالجين الفيزيائيين والمدلّكين ومتخصصي اليوغا بهدف رفع وعيهم عن اللفافات، يقول إنه تعلم بنفسه وبمساعدة أصدقائه المعالجين الكثير عن اللفافات، ويعرض شكلا هندسيا يوضح رؤيته حول نظام اللفافات مكونا من أعواد متصلة ببعضها بواسطة أربطة دون أن يلمس أحدها الآخر، وكأنه نموذج مصغر للهيكل العظمي عند الإنسان، والذي تطفو عظامه ضمن الأنسجة الضّامة، وهو ما ينفي تصورنا القديم عن الهيكل العظمي كعظام متصلة ببعضها ومرتكزة على العمود الفقري فقط.

وهذا يعني أن العمود الفقري مسؤول أيضاً عن آلام الظهر، فالوضعيات غير السليمة وقلة الحركة والتوتر تسبب الآلام، وهناك عنصر هام لا يمكن تجاهله وهو الماء؛ فهذا النسيج الضّام المرن عبارة عن مخزن كبير للماء وهو أكبر أسراره ويمثل 70% من النسيج الضّام نفسه.

تقول “كارلا ستيكو” إن الخلايا الليفية لها مهام متعددة فمنها ما ينتج الكولاجين ومنها ما ينتج حامض الهيلارونيك وهو بمثابة زيت التشحيم للأنسجة الضّامة حيث يحتفظ بالماء بين جزيئاته المتصلة وكلما قلّ هذا الحامض في أنسجتنا زادت صعوبة الحركة.

يجري “أنتونيو ستيكو” شقيق “كارلا” -وهو مستشار في كلية الطب بجامعة نيويورك- أبحاثه هو الآخر على حامض الهيلارونيك في الفخذ ويختبره في اللفافات السطحية والعميقة فهو موجود في كل الطبقات، وهو الضامن لتحرك الأنسجة بسلاسة.

كما يختبر “كلنغر” و”شلايب” في جامعة “أولم” هذا الحامض أيضا ليتمكنا من معرفة العلاجات التي تزيد من مستوى الرطوبة في اللفافات، ويعتمدان على طريقة تمديد الأنسجة بالضغط أو التدليك لزيادة كمية الماء وإمكانية تبديله، ويكتشفان عن طريق القياس بأدواتهم المخبرية أنه بواسطة التحريك والضغط ببطء على الجلد فإن الماء يخرج من هذه اللفافات لتأمين ملء احتياجات الماء في اللفافة وجعلها قابلة للانزلاق أكثر، على اعتبار أن اللفافة إسفنجة مليئة بالماء.

ويساعد التدليك والحركة ألياف الكولاجين على الانتظام ويساعد الخلايا الليفية على إنتاج الهيلارونيك أيضا، إن الحركة والرياضة قد تسبب جروحا خفيفة في طبقات اللفافات وتجهدها، لذلك لا بد من الاستراحة ليومين أو ثلاثة حتى تجدد هذه الخلايا الليفية إنتاج خيوط الكولاجين مرة أخرى.

أنسجة الكولاجين تلتف حول رأس الإبرة عند وخزها في الجلد وتقاوم خروجها

 

أنسجة الكولاجين.. مقاومة الإبر

للفافة أهمية كبيرة على الصحة والرفاهية، وقد أظهرت الأبحاث أن الاسترخاء وتمديد النسيج الضام يمكن أن يساعد على تخفيف الآلام في الظهر.

العالمة في مجال اللفافات في جامعة هارفارد “هيلين لانجفان” تستكشف مدى تأثير طرق العلاج القديمة ومنها الوخز بالإبر وعلاقتها باللفافات وقد أرادت أن تتعرف على سبب صعوبة سحب الإبرة بعد الوخز وتحريكها هل هو ناتج عن رد فعل الأنسجة الضامة أم أن شيئا ما يلتف حولها؟!

وقامت بتجاربها لقياس ذلك لتكتشف أن أنسجة الكولاجين تلتف حول رأس الإبرة فتبدو تلك المقاومة وكأن أنسجة اللفافة تُبدي ردة فعل للإبرة حتى عن بُعد، وهذه الاستجابة أو ردة الفعل تساعد الأنسجة على الاسترخاء، كما أنها تطلق مادة تسمى “الأدونوزين” ثلاثي الفوسفات، وهو جزيء مرتبط بتسكين الألم، مما يثبت أن الوخز بالإبر يساعد في تقليل الألم، ويوجه عناية الباحثين نحو اللفافة لتمهيد الطريق لأساليب علاجية جديدة.

“سيغفريد مينس” الباحث في مجال اللفافات بكلية الطب في “مانهايم” من أوائل من أدركوا أهمية اللفافات وحساسيتها للألم، وقد أجرى تجاربه وأثبت أن اللفافة الكبيرة تحتوي على شبكة كثيفة من الألياف العصبية ومستقبلات الألم، ثم أجرى تجارب ليعرف مصدر الألم هل هو من اللفافة أو من العضلات باستخدام أداة قياس خاصة، فقد قام  بتمزيق اللفافة في المرة الأولى ثم تمزيق العضلة في المرة الثانية، وبحسابات خاصة لاحظ أن مقياس الألم بالمؤشرات الكهربائية الناتج عن تمزيق اللفافة أعطى ترددا أعلى عند تمزيق العضلة، وهذا دليل على أن تأثير تحفيز اللفافة على المستقبلات العصبية أكثر من تأثير العضلات، لأن اللفافة تخترقها مستقبلات ألم كثيرة لا حصر لها، مما يجعلها من أشدّ الأعضاء حساسية وهي متصلة مع الجهاز العصبي الودّي غير الإرادي والمتصل بالنخاع الشوكي ثم مع قشرة الدماغ، وهذا يفسر الشعور بالألم عند تعرض اللفافة للضغط أو التحفيز.

“آيه إم دي آر” طريقة علاج باستخدام حركة العينين حيث تنشّط قدرة الشفاء الذاتي في الدماغ

 

تحريك العينين.. طريقة للعلاج الذاتي

ولطالب الدكتوراه في جامعة “هاديلبرغ ” “يوناس تيزارز” نصيبه في البحث، إذ يقول إن الاشخاص الذين تعرضوا لصدمات نفسية وتوتر يختلفون في تصوراتهم للألم عن المرضى الذين لم يمروا بهذه الصدمات. ويجري تجربته بقياس حساسية الألم للفافة مريض يعاني من ألم الظهر المزمن فيجد أن الأنسجة الليفية العصبية عند هؤلاء مرتبطة بشكل سريع جدا بالدماغ وذاكرة الألم المتكرر ويمكن أن تصبح مزمنة بشكل أسرع “آيه إم دي آر” (AMDR) فيتجه بعلاجه إلى الدماغ باستخدام طريقة العلاج باستخدام حركة العين وهو الأمر الذي ينشط قدرة الشفاء الذاتي في الدماغ.

وخلال تجاربه هذه قارن بين مجموعتين من الأشخاص يعانون من آلام الظهر المزمن عولجت إحداهما بالأدوية العادية والأخرى باستخدام طريقته حركة العين، وكانت النتائج في صالح اللذين عولجوا بطريقة الـ”أي إم دي آر” وعلى هذا فإن الاجهاد والتوتر من أهم أسباب آلام الظهر، وبإمكان الحركة والرياضة أن تقلل من هذه الآلام.

وتؤكد هذه الدراسات كلها أن هذه الأنسجة التي تربط الأجهزة بعضها ببعض هي المكان الصحيح للبحث عن أسباب المرض وعلاجه.

لقد اكتسبت اللفافات وتشريحها اهتماما متزايدا وما زال هناك الكثير لمعرفته عنها، واستحوذت على المركز المحوري الذي يُعلّق عليه العلم والطب آمالا كبيرة حتى في مجال علاج الأورام السرطانية باحتمال قدرتها على تقليص نمو السرطان وهي محطة تالية للبحث.

وأخيرا تظهر نتائج الأبحاث التي أجريت على “اللفافة” أن داخل هذا النسيج الضّام العجيب يكمن مصدر الألم والمرض غير المبررين ويكمن فيه أيضا إمكانات هائلة للشفاء.

وسبحان العليم الخبير الذي “علّم الإنسان ما لم يعلم”.

 


إعلان