“جيل الخوارزميات”.. أخلاقيات آلية تكبح جماح الذكاء الصناعي

خاص-الوثائقية

يتطور الذكاء الصناعي بشكل مستمر، وهو يحدث ثورة جديدة قد تغير الحياة على الأرض، ويتغلغل في جميع مناحي الحياة كالعمل والتنقل والطب والاقتصاد والاتصالات، فهل يُحسِّن المجال الطبي ويغنينا عن الأطباء، ومتى ستصل السيارات ذاتية التحكم إلى شوارعنا؟ وهل ستستولي الروبوتات على وظائفنا ونصبح تحت سيطرتها الكاملة؟

 

ما هو الذكاء الصناعي وماذا سيحقق وكيف سيغير؟

يروي هذا الفيلم الذي عرضته الجزيرة الوثائقية تحت عنوان “جيل الخوارزميات”، قصة رحلة شيقة، ويزور فيها طاقم الفيلم علماء في أمريكا وبريطانيا وألمانيا والصين يعملون على صياغة مستقبلنا.

وادي السيليكون.. ثورة الذكاء الصناعي في سان فرانسيسكو

يتوقف الفيلم في المحطة الأولى بوادي السيليكون في أمريكا، حيث مقر شركة أبل وغوغل وفيسبوك، هنا بؤرة الثورة الرقمية، حيث غيرت التكنولوجيا مدينة سان فرانسيسكو بأكملها، وهي تشهد نشأة شركات جديدة كل يوم، ورغم ارتفاع أسعار الإيجار يبقى الذكاء الصناعي حديث الناس، ويجري اختبار نوع جديد من المتاجر “أمازون غو”، وكل ما تحتاجه مجرد تطبيق.

ماكينة روبوتية لتحضير القهوة

 

يرافقك الذكاء الصناعي من لحظة دخول المتجر إلى اختيار البضاعة ووصفة إعداد الوجبة وحتى متابعة طهيها في المنزل، ثم تأخذ مشترياتك وتخرج دون أن تدفع، فلقد تكفلت الكاميرات وأنواع الحساسات في المتجر بتصوير كل ما اشتريته، وستأتيك الفاتورة على هاتفك المحمول، وتخصم قيمتها من حسابك بنفس الطريقة.

وفي الجوار مقهى تُشغِّله الروبوتات، ما عليك سوى اختيار مشروبك عبر شاشة اللمس، لقد بدأت القواعد الرقمية تحكم سيطرتها على واقعنا وتصنع مذاق مستقبلنا، ولكن ماذا سيحصل للعاملين؟

قراءة صور الأشعة.. خوارزميات ذكية تتفوق على الأطباء

تضم جامعة ستانفورد نخبا عالمية في مجال الذكاء الصناعي، وتوضع تحت تصرفها ميزانية سنوية تبلغ قيمتها 6.3 مليار دولار، هنا يجري تطوير خوارزميات تحلل صور الأشعة السينية، ما عليك سوى تصوير الصورة بهاتفك، وهناك تطبيق سيخبرك خلال ثوان بالتشخيص المحتمل. لقد جرى تطوير هذا التطبيق بعد دراسة 100 ألف صورة أشعة من المعهد الوطني للصحة.

ويعد الدماغ مثالا للذكاء الصناعي، حيث يتصل حوالي 100 مليار خلية عصبية ببعضها لتشكل شبكة ضخمة، وبعبارة بسيطة يعمل الدماغ كالتالي: تدخل مجموعة من الإشارات إلى الخلية العصبية عبر الحواس، وهناك تجري معالجتها لتخرج في النتيجة على شكل أمر معين لأحد أعضاء الجسم، هذا بالضبط ما يجري محاكاته في الذكاء الصناعي عبر مليارات الدارات الرقمية المنطقية.

برمجية لتشخيص صور الأشعة دون الحاجة إلى طبيب

 

هذه الشبكة الصناعية أصبح بإمكانها التعلم وتشخيص مرض السلّ مثلا، عن طريق إدخال آلاف الصور المشخصة مسبقا، لتكوين بنك معلومات يمكّن هذه الشبكة من تشخيص صورة جديدة.

والسؤال المطروح الآن هو: ما مدى كفاءة الذكاء الصناعي مقارنة بالطبيب العادي؟ لقد أجريت تجارب للمقارنة، فأحيانا تتفوق الخوارزميات على الأطباء، وفي أحيان أخرى يتفوق الأطباء على الصناعة، وقد يتفقون أيضا.

مرض باركنسون.. كشف مبكر يعجز عنه البشر

شهد الذكاء الصناعي تطورا هائلا في مجال تشخيص صور الأشعة، بل إنه تفوق على الإنسان في الحالات البسيطة، وهو على وشك أن يشهد ثورة أخرى، كتلك المتعلقة بحركة الأرجل أثناء المشي، إذ يبحث العلماء عن أنماط غريبة قد تدل على أمراض محتملة مثل مرض باركنسون، حيث لا سبيل لحد الآن إلى اكتشاف هذا المرض في مرحلة مبكرة، لكن الذكاء الصناعي قد يغير ذلك قريبا.

فقد تمكن “ماكس ليتل” عالم الرياضيات في جامعة آستون من تطوير تطبيق يستخدم عينات صوتية لمراقبة تعافي بعض المرضى، بعد خضوعهم لعملية جراحية في الحبال الصوتية، ثم غيّر التطبيق للتمييز بين مرضى باركنسون والناس الأصحاء، فمع الذكاء الصناعي لم يعد تشخيص الأمراض حكرا على الأطباء، بل أصبح يشاركهم فيه علماء الرياضيات والحاسوب والبرمجة.

برمجية لاستشعار مرض باركنسون تنذر به قبل الإصابة به

 

يقوم “ماكس” بدراسة أنماط المشي للأصحاء ومرضى باركنسون، من خلال تطبيق يرسم حركة أعلى الفخذ بعد رصدها بمجسات خاصة، ويتبين الفرق في النمط المرسوم بين الأصحاء والمرضى، وبقياس المسافات الدقيق بين قمم المنحنى أو نقاط محددة فيه يمكن الكشف عن حالات مبكرة للمرض يصعب على الأطباء البشر اكتشافها.

سيسمح الذكاء الصناعي بتطوير آليات التشخيص المبكر للأمراض إلى حد كبير، ولكن رغم امتلاكنا لهذه الفرصة الكبيرة، فنحن بحاجة ماسة إلى تنظيم الاستفادة منها.

بكين.. مطعم ذكي في موطن الذكاء الصناعي

وجهتنا التالية إلى الصين، حيث لم تشهد دولة في التاريخ المعاصر ما شهدته من تغير، ففي عاصمتها بكين التي تعمل بالكهرباء تتعطش البلاد للتقدم وتتسارع نحو المستقبل، وبحلول 2030 تريد الصين أن تصبح القوة العظمى عالميا في مجال الذكاء الصناعي، وتبين المؤشرات أنها قادرة على ذلك، فقد رصدت الحكومة المليارات للبرامج البحثية.

فهذه ربوتات تعمل في أحدث مطعم ذكي في بكين، حيث نحن على موعد مع باحثة التصميم الألمانية “غيشيه يوست” التي تتابع فصلا بحثيا في جامعة تونغ جي في شانغهاي، وتقول: أشعر بتعطش في هذه المدينة، وأحب التحدث إلى الشباب الذين يريدون تغيير الواقع ويعملون ليل نهار، لقد وضعوا برنامجا للموازنة بين الحياة المهنية والشخصية ويطلقون عليه “996”.

في المطعم الذكي، تقدم الروبوتات الطعام للزبائن

 

ومعناه: من التاسعة صباحا إلى التاسعة ليلا ستة أيام أسبوعيا، وهذا أفضل من السابق حيث كانوا يعملون دون توقف مطلقا، هذا المطعم كلف 20 مليون دولار، ولكن كل ما فيه رقمي، ليس النادلون فقط، بل كل ما في المطبخ وسلاسل المناولة، يطورون ويجربون من أجل نقل الفكرة إلى المطاعم الأخرى في السلسلة.

ولكن كيف نوائم بين متطلبات الذكاء الصناعي ومستوى الخصوصية الفردية؟ لقد ساهم انتشار الكاميرات الذكية في زيادة الأمن المجتمعي والحد من الجريمة، أما فيما يتعلق بالخصوصية فالصين لها وجهة نظر خاصة بهذا الشأن.

شينزين.. مدينة ذكية تحت عيون الرقيب الديكتاتوري

تبدو الصين مبهرة، فكاميرات المراقبة في كل مكان، هنا في مدينة شينزين شمال هونغ كونغ، يقع مركز التحكم بهذه المدينة الذكية، حيث تظهر بيانات تفصيلية آنية عن المدينة على شاشة ضخمة، وتجمع المعلومات عن التدفق السكاني لتخطيط المدارس وإمدادات المياه وانقطاع التيار الكهربائي، ثم تقييمها بواسطة الذكاء الصناعي الذي طورته شركة هواوي.

أصبحت إدارة المدينة أكثر فعالية بهذه الطريقة، حيث تمسح المدينة بأكملها بالكاميرات الذكية، وتوضع كافة مقدراتها من مستشفيات ومدارس بأطقمها الكاملة بشكل رقمي على الشاشة العملاقة، وبها تراقب أي أعمال عمرانية غير قانونية وتهدم، وتراقب الكاميرات حتى تنظيف الأواني داخل مطابخ المطاعم، وأي شخص يتدخل في عمل الكاميرات أو يراقب عملها فهو معرض للعقوبة.

شاشة تحكم ومراقبة لكل أحداث مدينة شينزين

 

فالشفافية هنا في خدمة التقدم، تلك فكرة معقولة، ولكن هل على الدول مراقبة كل شيء إذا كانت تستطيع ذلك؟ ألا يشكل ذلك دكتاتورية البيانات؟ للصين وجهة نظر في ذلك، وحجتها الكبيرة أن معدل الجريمة انخفض نتيجة المراقبة الصارمة. أما وجهة النظر المقابلة فقد تكون الثقة أفضل من التحكم الذكي.

جدل التجسس والتطوير الأخلاقي.. رحلة إلى غوغل

نعود إلى وادي السيليكون، حيث الابتكار والحرية المطلقة، هنا أكبر الفاعلين في الذكاء الصناعي، لكن مقرات الشركات متخفية في مبان صغيرة مبهمة، شركة فيسبوك تسمح للزائرين بصورة تذكارية عند البوابة، وأبل تسمح لك بالإطلاع على مجسم مصغر لمقرها، أما الدخول لهذه الشركات فغير مرحب به، وأعمالها تجري بسرية تامة.

وتتنامى سلطة هذه الشركات وتأثيرها السياسي على حياتنا، ففي بروكسل وحدها مثلا تنفق غوغل أكثر من 6 ملايين يورو للضغط السياسي، ويرد في سجلات الاتحاد الأوروبي للشفافية 200 اجتماع للوبيات الضغط خلال الثلاث السنوات الماضية وأكثرها فعالية غوغل.

منذ أسابيع، وبعد ترتيبات طويلة ومسبقة مع غوغل، وانتظار تحت المطر عند المدخل، سمح لنا أخيرا بالدخول إلى غوغل، ليس في كاليفورنيا بل ميونخ، والتقينا مع “ينس ريدمر”، فسألناه عن أهمية الذكاء الصناعي لدى غوغل، فأجاب: إنه مهم جدا، لدرجة أنها سمت نفسها شركة ذكاء اصطناعي، ولا أوضح من مثال الترجمة الإلكترونية التي تحسنت كثيرا بفضل خوارزميات الذكاء.

ويتابع: من الضروري استخدام الذكاء بطرق مسؤولة وشفافة ليعلم الجميع كيف تستخدم هذه النظم وإلى أين تذهب بياناتنا، وكيف نحذفها إن شئنا.

لا يسمح بدخول شركة فيس بوك ولكن فقط التقاط صورة مع سورها الخارجي

 

سألناه: ولكن ما قصة أداة تسجيل “غوغل هوم” التي نضعها في غرفنا، ألا تتجسس علينا؟

فأجاب: بالطبع لا، فهذا الميكروفون لا يعمل باستمرار، ولكن فقط عندما نناديه “مرحبا غوغل” أو “حسنا غوغل”، ساعتها فقط يعمل لإرسال أوامر بحثك إلى خوادم غوغل.

ولدى سؤاله عن مدى الضغط الذي تمارسه غوغل على الاتحاد الأوروبي، أجاب “ينس”: يمكن قراءة السؤال بالشكل التالي: كيف يمكن للشركة أن تطور منتجاتها بطريقة أخلاقية؟ لدينا أنظمة وقوانين داخلية تؤثر في أبحاثنا وتطوير منتجاتنا وقراراتنا التجارية.

“علينا إعادة صياغة القوانين عاجلا”.. معركة التحرر من الاحتكار

في الولايات المتحدة يتزايد الضغط السياسي على غوغل، نقابل في واشنطن رئيس مؤسسة “أوبن ماركتس” الفكرية “باري لين” الذي يعارض سلطة الشركات، ويقول: يجب أن نتأكد أن الذين يتحدثون إلى الجمهور والإعلام ويمثلوننا في الكونغرس يتحدثون بألسنتهم وليس نيابة عن الآخرين، لا يجب أن يكونوا ألعوبة بأيدي جهات أخرى، لكن الحقيقة أن أوروبا وأمريكا مليئة بالعملاء الذي يمثلون مصالح غوغل وفيسبوك وأمازون.

في عالم البيانات يحدث أمر آخر، الاحتكار يتزايد، وساعتها لا يدرك الناس ما مصير بياناتهم وكيف تستخدمها الشركات، إنه أمر خطير، حتى لو كان منظما من الدولة، فشركة غوغل مثلا تسعى للسيطرة على العالم، تريد توجيه أفكارنا واتصالاتنا وأعمالنا وكل شيء، لقد وصلت إلى حد من الغطرسة لم يكن الستالينيون يحلمون بالوصول إليها.

وزيرة العدل الألمانية تتحدث عن الحد من سطوة المحتكرين

 

هل باتت شركات الذكاء تحدد مصائرنا؟ سألنا وزيرة العدل الألمانية إن كان من الممكن الحد من سطوة هؤلاء المحتكرين، فأجابت: علينا إعادة صياغة القوانين عاجلا، لو حصل ذلك سابقا لما استطاعت فيسبوك شراء واتساب وإنستغرام، لأن ذلك يعني مزيدا من المعلومات، وهذه لم تكن مشمولة بالقوانين.

ثم سألناها: تملك غوغل كل الأدوات التي يمكنها أن تسيطر على حياتنا، أليس هذا مبالغا فيه؟

فأجابت: نعم، يجب أن نقضي على هذا الاحتكار، علينا تحديد ما تحصل عليه الشركات وكيف تستخدمه، ويجب إجبارها على جعل المعلومات علنية ومتاحة للجميع، للمنافسين والشركات الناشئة، لا يجب أن تكون مصدرا طبيعيا لديهم.

ثغرات القيادة.. آخر العقبات في طريق السيارات الذكية

بفضل الذكاء الصناعي ستملأ السيارات ذاتية القيادة شوارعنا، وستتولى الآلات دفة القيادة، ولكن ما مدى واقعية هذه الأفكار؟ توجهنا إلى معهد ماساتشوستس في بوسطن، وهناك التقينا “سيرتاك كرامان”، العالم المتخصص في مجال السيارات الذكية، فقال: نجحنا في حل بعض المشكلات المتعلقة بتحديد موقع السيارة، وموقع المركبات والأجسام المحيطة، لكن ذلك لا يكفي للقيادة بشكل ذاتي.

ويواصل حديثه قائلا: المطلوب استشراف ما سيحدث في الثواني أو الدقائق أو حتى الساعات القادمة، من الصعب معرفة ما إذا كان أحد المشاة سينتظر أم سيخطو إلى الأمام، قد نستطيع قراءة تعابير وجهه ومعرفة وجهته، ولكنه قد لا يفعل، وقد يتعلق الأمر بأشخاص ينتظرون على الرصيف، من الصعب جدا برمجة الحدس أو النية الداخلية لجميعهم. قد تصلح الخوارزميات داخل المختبر، ولكن الواقع أكثر تعقيدا من ذلك بكثير.

هل باتت السيارات ذاتية القيادة آمنة على الطريق؟ ليس بعد

 

وكالات الإعلان لها عالمها المخادع، لكن التجارب الحقيقية تثبت العكس تماما، فهناك ثغرات ما زالت تعيق القيادة الذاتية بكفاءة، وهناك تعقيدات تكنولوجية هائلة يجب على المهندسين القيام بها، حتى أن البروفيسور “كرامان” يستغرب وجودها على الطرقات في السنوات العشر القادمة، ولكنه سيستغرب عدم وجودها في العشرين سنة القادمة. الأمر أصعب بكثير من أن يستخف الناس بتعقيدات القيادة الذاتية.

لك أن تتخيل مدى الانتباه الذي يبذله السائق تجاه المارة والسيارات والدراجات الهوائية والظروف المتغيرة الأخرى في الطريق، كل هذه المتغيرات ينبغي أن تبرمج بشكل فعّال وآمن وديناميكي، حتى تستجيب السيارة لكل هذه المتغيرات بسرعة وانسيابية.

تصرف السيارة الآلية في الظروف الطارئة.. ثقافات الشعوب

منذ سنوات يدرس مركز الوسائط لدى معهد ماساتشوستس الأسئلة الأخلاقية التي يثيرها الذكاء الصناعي، أي القوانين التي على الآلات الذكية أن تعمل عليها؟ التقينا بالبروفيسور “إياد رهوان”، خبير قوانين الذكاء الصناعي الذي قام مع فريقه بتصميم “آلة الأخلاق”.

يقول البروفيسور “رهوان”: يتصرف البشر بطريقة مفاجئة وغير مدروسة عندما يتعرضون لحادث مفاجئ، ولا يمكن أن نحاسبهم على ذلك ما داموا لم يرتكبوا خطأ سابقا مثل شرب المسكرات أو قطع إشارة حمراء وما شابه. أما فيما يتعلق بالسيارة الذكية فعندها من الحواسيب والمستشعرات ما يخول لها دراسة المحيط الذي حولها آلاف المرات في الثانية الواحدة، وبالتالي فلديها متسع من الوقت لدراسة وتقييم الوضع، أما رد الفعل المناسب الذي عليها اتخاذه فهذا محل خلاف لم يحسم بعد.

القرار الحدسي لتصرفات الناس على الطريق لا يمكن التنبؤ به من قبل السيارات الآلية حتى الآن

 

يضرب البروفيسور “رهوان” مثالا بسيارة ذاتية القيادة كانت تسير في طريق معين، وفجأة قام مشاة بعبور الشارع رغم أن الإشارة حمراء، وكان على السيارة اتخاذ قرار إما بدهس المشاة، أو الانحراف يسارا، وحينها سوف ترتطم بجدار إسمنتي سيودي بحياة الراكب الذي بداخلها، وقام “رهوان” بنشر هذا المثال عن طريق الإنترنت ليستطلع آراء 40 مليون شخص تفاعلوا معه حول العالم.

وكان الأمر طريفا جدا بالنظر إلى الثقافات المختلفة في الدول التي شاركت في التفاعل، بينما كان هناك شبه إجماع على قيمة الأرواح، وتفضيل صغار السن والملتزمين بأنظمة المرور، وذهب بعضهم -مثل الألمان- إلى ترك الأمور للقدر، وعدم برمجة السيارة لاتخاذ قرار معين، بينما ذهب الفرنسيون إلى إعطاء الأولوية للمرأة والطفل.

يمتلك الذكاء الصناعي إمكانات هائلة تساعدنا في الحياة اليومية، وفي مجالي الطب والنقل، ولكن النظر إلى الإمكانيات التقنية لا يكفي، فما المغزى من التقدم الإنساني؟ لا تستطيع الخوارزميات الذكية الإجابة على أسئلة كهذه، فهذا أمر لا يستطيع فعله سوى البشر.


إعلان