“حرائق تسلسلية”.. ألسنة الموت المفتعلة تلتهم غابات الساحل الأزرق

خاص-الوثائقية

تشير معطيات الزمان إلى الساعة الخامسة مساء في مرسيليا، وأما المكان فهو مقر قيادة فرقة مكافحة النيران “كوديس13″، حيث يستعرض العقيد “غريغوري أليون” مدير لواء بوشدورون الظروف الجوية مع طاقم عمله.

 

المسألة المهمة التي تهم الإدارة هي الرياح القوية التي توقع الفريق انتهاءها يوم الخميس، لكنها استمرت حتى الجمعة، إنهم يقومون بتحليل أخطار الحريق وتنظيم إجراءات السلامة الوقائية لليوم التالي.

لكن الأمور سارت على أسوأ مما كان يتمناه الفريق، فقد اجتاحت سلسلة من الحرائق الخط المحاذي للساحل الأزرق، مشكّلة صعوبات هائلة لرجال الإطفاء، فاشتعلت اليوم 8 حرائق صغيرة منها 6 مفتعلة، ومع ذلك فما زال اليوم هادئا.

لكن هل تستمر الأمور على هذا النسق؟ هذا ما ستكشف عنه هذه الحلقة التي تبثها الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة “في قلب الخطر”، وهي بعنوان “حرائق تسلسلية”.

تدهور الوضع حين منتصف الليل.. حرائق الساحل الأزرق

وُضعت المروحيات القاذفة للماء في حالة تأهب أثناء الليل، وتجمَّع الفريق على طعام العشاء في محاولة للاسترخاء والاستعداد لصدمات اليوم التالي، لكن الصدمة لم تمهلهم ليوم الغد، فها هي المكالمات تنهال على مركز التحكم، لقد حدث حريق في شاتونيف، وسوف يتولى فريق “كوديس13” التعامل مع الحادث، وينظم جهود الإغاثة، ويرسل جهاز اتصال لاسلكي “باباشارلي” إلى الميدان.

رُصد الحريق على طول الطريق المحاذي للساحل الأزرق في التاسعة مساء، إنه ينتشر في التل متوجها إلى الهضبة، تحوم طائرة الاستطلاع “هورس13” فوق الفريق وتبث بياناتها إلى “كوديس13”. تبدو الصور الملتقطة بالأشعة تحت الحمراء مذهلة، أما طائرة كاندير فإنها لا تستطيع التحليق في الليل، فالطيران على ارتفاعات منخفضة لملء الماء يعرضها لخطر الاصطدام بخطوط نقل الكهرباء.

صورة ملتقطة بالأشعة تحت الحمراء بواسطة كاميرات طائرة الاستطلاع “هورس13”

 

في الموقع تتواصل قيادة العمليات المتنقلة “كوس” مع “كوديس13″، من أجل تأمين اللاقط الهوائي المسؤول عن رصد حركة الطائرات في مطار مرسيليا، ومنع الحريق من الانتشار والوصول إلى الساحل الأزرق. إنه شاطئ الأحلام، لكن في حال عدم قدرة الفريق على السيطرة على الحرائق، فسيتحول الأمر إلى كابوس وحقل من الرماد.

في الساعة 11:30 مساء تدهور الوضع، واستحوذت أعمدة الدخان على الهواء النظيف، وزادت سرعة رياح مسترال، فهذه دوامة مغلقة تشكّل النيران فيها رياحها بذاتها وتقوم بإثارة النار والجمر بصورة أكبر، ولا أحد يود رؤية بروفونس تحترق، ولا حتى الملازم “جان جاك بورشيه” ذو المكانة المركزية في مكافحة الحرائق.

“لم أواجه نيرانا كبرى من قبل”.. هدوء ما قبل العاصفة

يحظى الملازم “جان جاك بورشيه” باحترام الجميع لأنه محب للبيئة، ويقول: هطول الأمطار في 2015 كان بمقدار نصف كمياتها في 2014، وهذا مؤشر خطير، ويعني مزيدا من الحرائق هذا الصيف، سوف نستخدم الأساليب القديمة في إطفاء النيران، وهي إطفاء النار بالنار، سنشعل حرائق مفتعلة في الحشائش، لنوقف تقدم الحرائق الكبيرة، هذا مع دمجها بالوسائل الحديثة بالطبع.

بعد هدوء الأوضاع في هذه المنطقة، وبصحبة سيارتَي إطفاء من محطة مارتيغ، يتوجه الفريق للدفاع عن وادٍ معزول، غير مدركين أنهم ذاهبون إلى كارثة، ويقرر قائد العمليات المتنقلة إعادة تنظيم قواته على خط دفاعي لا بمكن للنار أن تخترقه، وتنتظر الشاحنات المحملة بالماء وصول ألسنة اللهب الأولى، إنها مواجهة بين الحياة والموت، بين الإنسان والنار.

يقوم الإطفائيون بعمل حريق مفتعل مضاد من أجل إيقاف الحريق الأصلي

 

يقول “سيباستيان”، وهو مراقب جويّ ومتطوع خلال الصيف في مكافحة الحرائق: انضممت إلى رجال الإطفاء بعد الحرائق الكبرى بين 2000-2010، وقد تدربت لأصبح قائد شاحنة حريق (CCF)، وأشعر بالقلق، إذ لم أواجه نيرانا كبرى من قبل، وسيتعين عليّ قيادة فريقي المكون من ثلاثة أشخاص ومنحهم الثقة.

إنه الهدوء الذي يسبق العاصفة، فريق المكافحة ينتظر النيران في شاتونوف، فلم يمض وقت طويل حتى ارتفعت درجات الحرارة في قاع الوادي، وانبعثت الأبخرة الملتهبة من الأشجار، وتحولت الغابة إلى كتلة من اللهب. وإحدى الشاحنتين تطلق نداء استغاثة، فالنار تحاصرهما، وقد توقف الاتصال اللاسلكي مع إحداهما.

قطع رأس الوحش.. نسيم صباحي ممزوج بالنار في الغابة

لا تستطيع خراطيم الماء الصغيرة إيقاف جدار من النيران تبلغ حرارتها 1000 درجة مئوية، فثمة شاحنات تنتظر ألسنة اللهب القادمة من اليسار، بينما تستمر محاولات الاتصال مع الشاحنات المفقودة، وبعد فترة من الصمت المخيف، تمكنت فرقة “كوديس13” من تأسيس اتصال مع إحدى الشاحنتين المحاصَرتين.

هناك عدد من رجال الإطفاء محاصرون داخل شاحنة، وأربعة آخرون مصابون، وقد تعرضوا لحروق بالغة في وجوههم وأيديهم، ولكن النار لا تترك فرصة للطواقم للمزيد من الإسعافات، فهي تتقدم باتجاههم، وعليهم مواجهتها بالخراطيم المتوفرة لديهم.

الشاحنة الناجية بعد محاصرة النار لها ولطاقمها خلال عملية إطفاء في الغابات

 

لا يفتأ رجال الإطفاء يجسدون النار على هيئة وحش يمتلك خاصرة ومؤخرة ورأسا، وقد استطاعوا هزيمة الوحش من الجهة اليمنى، ولكنه أعاد تجديد رأسه الذي قُطِع، واخترق خط النار الذي أقامه “جون جاك”، ويهدد الهوائي الذي يبث المعلومات الجوية إلى “مارغنين”. إذا اشتدت النيران فسوف تهاجم المدن الساحلية، لذا فلا بد من مواجهتها وإعادة تعبئة الشاحنات قبل التوجه.

أطلق “بورشيه” النار بأسلوب تكتيكي وعاجل باتجاه رياح البرج، ونجح الفريق في إخماد النيران قبل أن تهدد هوائي البث، بينما نجا طاقم شاحنة (CCF9) بأعجوبة قبل أن تلتهم النار أجسادهم، وصلتهم النجدة من زملائهم في اللحظات الأخيرة، وكتبت لهم الحياة من جديد.

وها هو الفجر يطلع على شاتانوف بين الدخان المتصاعد، ورغم الجهود التي بذلها الطاقم على الهضبة، تبقى النيران تنزلق بعنف بين نسمات الصباح، وتتوجه أسفل الجرف الصخري نحو القرية، وتجتاح البيوت المتاخمة للغابة.

طائرة الكاندير.. مواجهة تقضي على الحريق الأول

في القاعدة الجوية للدفاع المدني ينتظر الطيار “شيشا” ومرافقه “ماثيو” الفجرَ ليقلعا بالكاندير، لحسن الحظ فإن ليالي الصيف قصيرة، ويمكن للطائرة أن تحلّق وقتا أطول في النهار. وتستمر مواجهة النيران بوجود الحليف القوي الكاندير، فهي تطير ببطء، ولكنها تحمل كمية كبيرة من الماء، وتدفعها نحو الهدف بدقة متناهية، ومع ذلك فيجب الحذر وإخلاء المنطقة من الناس، فثقل الماء يكسر شجرة كبيرة، وقد يتسبب بموت إنسان.

لا يمكن للشاحنات الكبيرة الدخول إلى المنحدرات الضيقة، لكن يمكن لفرق التدخل المتخصصة وفرقة المروحيات شق طريقهم إلى تلك الأماكن باستخدام المناشير الآلية.

أخيرا وفي تمام الثامنة صباحا أخمدت آخر جيوب النيران قبل أن تواصل طريقها إلى المنازل، ولكنها استنفدت طاقة الفريق بالكامل في ليلة لم يغمض لهم فيها جفن، وبدأوا بجمع أدواتهم التي تناثرت على التلال.

طائرة كاندير تقذف بحمولتها المائية فوق ألسنة اللهب باقتدار ومهارة

 

وخلال النهار عاودت رياح مسترال الهبوب، مما أدى إلى تجدد اشتعال النيران، ووردت الأنباء بوجود حريق تحت أحد خطوط الضغط العالي، حيث لن تستطيع طائرة كاندير التدخل، في حين سيقود الطيار “ديلكي” مروحية قاذفة للماء: “نحتاج 45 ثانية لملء خزاننا بـ265 غالون ماء، وبعدها نسقط الماء على النيران خلال 30 ثانية، تتميز المروحية بسهولة المناورة وسرعة التردد بين مصدر الماء والحريق.

وعلى الأرض تبقى النار تحت الرماد، على أهبة الاستعداد للاشتعال مع هبوب الريح، ولذا يستغرق الطاقم أياماً في إطفاء الجمر.

إن منظر الغابة بعد الإطفاء يبعث على الحزن، فآلاف الأشجار والحيوانات ماتت حرقا، ويبقى السؤال: لماذا تهب الحرائق دون سبب ظاهر؟

“الفصل الكروماتغرافي”.. نبش عميق في أسرار الحريق

يحاول خبير حرائق الغابات “فنسنت باستور” تقصي الأسباب التي أدت إلى حريق شاتانوف، ففروع الأشجار واللحاء المتكسر تزود باستور بمعلومات عن اتجاه وارتفاع ألسنة اللهب، وهو لا يفتأ يتفحص كل غصن وورقة، وكل مترٍ مربع في الغابة. يقول: من خلال العمل، وبالتعاون مع الشرطة سنضمن معرفة أسباب الحريق، لكن لسوء الحظ، وبسبب وقوع حرائق متزامنة فإننا مضطرون لوضع كافة الاحتمالات التي نشتبه بوجودها.

تأخذ الشرطة عينات من التربة لدراسة وجود أي مواد قابلة للاشتعال، لتقوم بدراستها في مختبرات حديثة تابعة للشرطة، حيث تعقم وتبقى في درجة حرارة 80 مئوية حتى تتبخر منها السوائل الكيميائية، ثم يفحصونها بطريقة “الفصل الكروماتغرافي”. وقد أشارت التحاليل إلى عدم وجود مواد كيميائية قابلة للاشتعال من تلقاء نفسها في مسرح الحريق، الأمر الذي يعزز فرضية افتعال الحريق.

يدرس الفنيون أسباب الحريق عبر أخذ عينات من التربة والأخشاب المحترقة

 

تبدو آثار الصيف المبهجة والاستجمام جلية على الساحل الأزرق، لكن هذا لا ينطبق هذا على رجال الإطفاء، فهذا “سبستيان” يتفرغ من عمله كمراقب جوي، ويقضي شهر تموز/يوليو كله متطوعا في مكافحة الحرائق، وسيحدث هذا اليوم فرقا في حياته، ففي منتصف الشهر، وقبل مرور يوم واحد على إخماد الحريق السابق أطلق مسؤول المراقبة صافرة الإنذار منذرا بوجود حريق يهدد الساحل الأزرق.

أقلع “بيير” و”جون مارك” ضمن فريق طائرات كاندير “مجموعة البجع”، وكان قد سبقهم قائد المجموعة على متن مروحية الاستطلاع “التنين”، يجري تقييم الوضع في مركز القيادة المتنقل، حيث تحليل الخرائط وتحديد المواقع الأشد خطورة. ويقوم قائد المجموعة بتوزيع الآليات والقوات بحسب المعطيات المتاحة.

 500 رجل إطفاء.. ومحاولات إخماد الوحش الغاضب

تطلق طائرات البجع حوالي ستة أطنان من الماء في كل طلعة، وخلال 12 ثانية لكل واحدة، وتعود كل خمس دقائق لأخذ 42 طنا من الماء لإسقاطها على الحريق في آنسويس، وتساعد رياح مسترال في إشعال النيران، فتنفجر الأشجار واحدة تلو الأخرى كأنها قنابل، وتساعد الغازات المنبعثة على الحريق، وتجب السيطرة على الأمور خلال ساعتين لئلا يصل الحريق إلى القرى المجاورة.

وتساعد طائرة الاستطلاع طائرات كاندير على تحديد موقع إسقاط المياه بدقة، فهي تطير على ارتفاع منخفض لزيادة دقة الإصابة، وتحتاج بالمقابل لقوة أكبر للتغلب على المطبات الهوائية ودرجات الحرارة المرتفعة. ثم تقلع طائرة “هورس” لدعم عمليات الاستطلاع من ارتفاعات أعلى، وتنقل المعلومات عن انتشار الحريق وشدته لمركز القيادة المتنقلة، من أجل منحها للكاندير وللطواقم على الأرض.

سياح لا يدركون الخطر الداهم الذي يحيق بالبلدة التي يزورونها

 

ما زال السياح يستمتعون باللحظات الأخيرة بالتقاط الصور، بينما ينتاب القلق سكان المنطقة الذين يدركون خطورة الوضع أكثر من غيرهم. فقد خرج مارد النيران عن سيطرة القمقم وها هو يهاجم البلدة، وهنالك عدد كبير من المنازل على حافة الغابة، والأسوأ تلك الممرات الضيقة بين المنازل، والنباتات الكثيرة في حدائقها، مما يجعل وصول رجال الإطفاء إليها صعبا. وعليه، فقد طُلب من السكان إخلاء منازلهم.

يوجد 500 رجل إطفاء في المنطقة، ولكن نخشى أن يكون هذا العدد غير كاف. فالحريق يتمدد على طرفي سكة الحديد، ويحول بين المسافرين وبين الوصول إلى النفق، وهنا تتدخل مروحيات “إتش بي إي” (HPE) لإسقاط الماء بالقرب من المنازل للحيلولة دون وصول النار، ويبدو أن الضباط يخططون لإخلاء عبر البحر، ولكن لا يريدون نشر الذعر بين السكان.

اختناق القرية.. حريقان يوشكان على الالتحام

بدأت بلدة كالانك تختنق، ولا مناص من إعلان الإخلاء الآن، فليست ألسنة اللهب المباشرة هي السبب الرئيسي للوفيات، بل إن الغازات السامة مثل أول أكسيد الكربون وكذلك نقص الأكسجين كلها أسباب أكثر فتكا. وقد جهزت قوارب النجاة لنقل من بقي من السكان عبر البحر. وبينما يجري الاطمئنان على خلو المنازل، ترصد طائرة “هورس” نشوب حريق ثالث في “مارتيغ” على بعد 10 كم، الخشية الآن أن يلتحم الحريقان سويا.

على الفور، توجهت مروحية إلى الحريق الجديد، واستقل سبستيان وزميله شاحنة الإطفاء في المهمة الأولى له، وتوجهت الكاندير إلى مارتيغ تاركة أونسويس دون غطاء، حيث تحاول الفرق المجهَدة احتواء الحريق الثالث على التوالي خلال يوم واحد، ولكن الرياح القوية تسَرِّع من وتيرة تحركه، ليصل سريعا إلى الطريق الرئيسي. وأخيرا نجحت الكاندير في تحييد الحريق في اللحظات الأخيرة قبل حلول الظلام.

يقوم رجال الإطفاء بإخلاء السكان عبر البحر

 

تقول القاعدة إن “الأولوية في إطفاء الحرائق المتزامنة تكون لتلك التي في طور النمو، لأن الحرائق الكبرى تحتاج مزيدا من الرجال والمعدات”. هدأت الأوضاع نوعا ما في أونسويس، لكن بعض الحرائق الصغيرة تطلبت جهد من بقي من الرجال، وبدون وجود الماء والخراطيم فقد اضطروا للعودة إلى تقنيات الزمن الماضي، فقاموا بتنظيف المناطق حولها، وردمها بالتراب حتى تنطفئ.

كان يوما طويلا وقاسيا، وقد نال التعب والجوع والعطش من الرجال، ولا بأس بقليل من الراحة وشيء من الماء جلبه الضباط لطواقمهم، ولكن العودة ستكون سريعة إلى التلال، فالصور التي ترسلها “هورس” تظهر تجدد الحرائق بفعل الرياح، وقد طلب جون جاك من طاقم النار التكتيكية مرافقته، فقد أثبت هذا الأسلوب -إطفاء النار بالنار- نجاعته في شاتينوف.

نقاط مضيئة في التلال.. تطاير الشرر المشتعل

إنه الوقت الأنسب لطائرات الكاندير لتحظى بإجراءات الصيانة اللازمة، فهي لا تحلق ليلا، وتغسل بالماء المقطر لتتخلص من أملاح البحر التي قد تؤدي إلى تآكل السطوح المعدنية.

لا يزال حريق مارتيغ مشتعلا، وقد تكون حلول النار التكتيكية هي الحل الأمثل في منتصف الليل هذا، حيث سيقوم الطاقم بإشعال النار في مساحات على حدود الحريق ثم يطفئونها لمنع الحريق من التقدم.

أثبتت حلول النار التكتيكية نجاحا في الحد من انتشار الحريق على الأطراف، ولكن رأس التنين ما زال متقدما بسرعة من الطريق الرئيسية “بي 9” (B9)، وهذه فرصة للطاقم ليجعل الطريق هي الحد النهائي لتقدم النيران. لكن ثلاث مناطق مضيئة أخرى ظهرت في التلال، يبدو أن الشرر تطاير واجتاز المساحات المحروقة تكتيكيا، لذا يسرع الرجال بالخراطيم لمحاصرة البؤر المشتعلة.

يتفقد الإطفائيون النقاط المشتعلة المدفونة فيطفئونها، لئلا تتسبب في حرائق جديدة

 

مع خيوط الفجر الأولى، يتجمع رجال الإطفاء المنهكون لتناول بعض الطعام السريع، ويتبادلون الأحاديث حول يومهم الشاق الطويل، ويتحدثون عن تجاربهم وخبراتهم مع تلك الحرائق المتسلسلة، ويتحدث “سيباستيان” عن أول تجربة له مع الحرائق الكبيرة قائلا: “تفاجأت من منظر الحريق، كان همي منصبّا على السكان ومنازلهم، كنت خائفا على أصدقائي وشاحنات الحريق، لم أفكر في نفسي كثيرا.

أثناء طلعة استكشافية لمروحية الكابتن “فيرغاس” لاحظ وجود حريق ناشئ في منحدر يصعب على سيارات الإطفاء الوصول إليه، وهنا طلب تدخل فريق المروحيات لمحاصرة الحريق، بينما توجه فريق من الرجال سيرا على الأقدام، وقام فريق آخر بتثبيت خزان ماء على حافة الجرف وتوصيله بالخراطيم، لقد تمت السيطرة على الحريق.

حرائق الغابات.. بلاغات عن شخص مثير للريبة

عاد السكان إلى منازلهم ليتفقدوها، لقد كان منظرا مروعا، حتى أن المعادن قد ذابت من شدة الحرارة، وقد أتت النار على كل شيء تقريبا، ولكن الأهم المحافظة على أرواح الناس، أما الأشياء الأخرى فيمكن تعويضها. لم تتضح بعد الصورة حول من تسبب بالحريق، وما إذا كان متعمدا أو عن غير قصد.

ترتفع درجة حرارة النيران إلى أكثر من 1000 درجة وهي حرارة كافية لصهر بعض أنواع المعادن مثل الرصاص

 

وتثير مثل هذه الحرائق سخط السكان، واهتمام الصحافة وحماة البيئة، لقد رأى أحدُهم شخصا يخرج من الغابة مسرعا ويركب سيارته ويهرب، فقام الشاهد بإبلاغ الشرطة، لكن اللافت أن هذا الشخص قد أبلغ عنه في أكثر من حريق شبّ سابقا، ولكنه لن يفلت، وسيقبض عليه بأسرع وقت. بينما أنجز رجال الإطفاء مهامهم بنجاح، وهم على أتم الاستعداد لمواجهة أي حريق آخر.


إعلان