طوكيو.. عروس البحر التي تغفو على تكتونات النار

خاص-الوثائقية

طوكيو مدينة يفترض ألا تكون موجودة أبدا، فهي مبنية على خط الصدع، ولطالما تعرضت لزلازل عنيفة وأعاصير.

وبـ37 مليون نسمة، تعد طوكيو أكبر مدن العالم سكانا وأكثرها كثافة، فهي مدينة نشيطة وحديثة على الرغم من التهديد المستمر. فالخطر غير مرئي، ولا أحد يعرف أين ومتى سيضرب، لكن المدينة العنيدة تكيفت مع الخطر، فهي تتأرجح ولا تنهار.

 

طوكيو.. جزيرة كبيرة تستقر على سمكة عملاقة

منذ تأسيس المدينة، برع اليابانيون في إيجاد حلول مذهلة لمقاومة الزلازل والأعاصير، فطوكيو لا تشبه أي مدينة أخرى في العالم، وهي تقع على الجزيرة الرئيسية في الأرخبيل الياباني، وتمتد لمسافة 50 كلم، وتعني “العاصمة الشرقية”. وهي مركز مدينة كبرى تمتد لمسافة 1200 كلم، ونتاج إصرار سكانها الذين ينهضون بعد كل كارثة ويعيدون بناء مدينتهم من جديد، حتى صارت الكوارث جزءا من ثقافتهم.

يضرب كوكب الأرض كل عام أكثر من مليون زلزال، ويشعر الناس فعليا بمئة ألف منها. أما اليابان فيضربها 12 زلزالا قويا كل عام، وتقول الأسطورة إن الجزيرة الكبيرة تستقر على سمكة عملاقة تضرب بين الحين والآخر، ويرجع هذا النشاط الزلزالي الكبير إلى حقيقة أن اليابان تقع على ملتقى أربع صفائح تكتونية رئيسية هي المحيط الهادئ وأمريكا الشمالية وأوراسيا والفلبين.

تتحرك صفيحة المحيط الهادئ قبالة ساحل طوكيو 8 سنتمترات غربا في السنة، وتعرف هذه الظاهرة بـ”الأنساس” وهي المسؤولة عن أكثر الزلازل عنفا في العالم، حيث يطلق الاحتكاك بين الصفائح قوة تولد اهتزازا كبيرا.

تتيح لنا القوة أن نقيس بدقة مدى اهتزاز كل مكان في كل منطقة، وتقاس شدة الزلازل في اليابان على مقياس “شندو”، فعند 4 درجات يشعر الناس بالخوف ويستيقظ معظم النائمين، وعند 5 درجات يعانون صعوبة في التحرك وتسقط الجدران غير المدعّمة، وعند 6 درجات تتكسر النوافذ ويتهدم القرميد، وعند 7 درجات تنهار الجدران.

تمثيل حاسوبي لمدينة طوكيو التي تطفو فوق جرف زلزالي

 

“إيدو”.. بناء عبقري يقاوم الزلازل ولكن!

تتحمل اليابان أكثر من 20% من الزلازل القوية التي تضرب الكوكب، وهي مبنية على سهل معرض للخطر باستمرار، وتربة مشبعة بالمياه ذات كثافة منخفضة، ولكن التضاريس واسعة ومسطحة، ولها منفذ على البحر.

كانت طوكيو في الأساس بلدة صغيرة للصيد اسمها “إيدو”، ثم تمددت عبر القرون، ومعظم سكانها يعيشون في منازل خشبية بسيطة، ومع كل زلزال كانت تنهار الهياكل الصغيرة وسقوفها القشية الثقيلة، ثم يعيد السكان بناءها بلا تعب، في انتظار الزلزال التالي. ومع ذلك كان بناؤو طوكيو يصقلون خبراتهم باستمرار. وكان من غير المقبول أن تنهار المباني الرسمية والمعابد في كل مرة تهتز فيها الأرض.

تعد المعابد البوذية اليابانية من أقدم الهياكل الخشبية في العالم، وقد بنيت بطريقة توفر مقاومة مذهلة للزلازل. وابتداء من القرن السابع الميلادي بنيت هذه الهياكل على شكل طبقات متعددة ومحور مركزي أكثر صلابة، ويتم تثبيت هذا العمود المركزي بشكل عميق بين الصخور الهائلة، وتبنى الطبقات الخشبية بحيث لا تكون ملاصقة تماماً للعمود المركزي، مما يسمح بحرية الحركة عند حدوث زلزال.

وفي قلعة “إيدو” العتيدة، شيدت جدران من قطع الغرانيت الهائلة لحماية القصر، وقد رصّت هذه القطع بطريقة عبقرية، بحيث تتمايل مثل أحجية عند حدوث زلزال، وتنزاح القطع عن بعضها بمرونة تامة مع الهزات، ثم تعود إلى وضعها الطبيعي عند انتهاء الزلزال. لكن التخطيط العام للمدينة، بشوارعها الضيقة ومبانيها الخشبية الهشة، أثبت أن البلدة غير قابلة للتكيف مع الكوارث، وستدفع ثمنا باهظا.

زلزال كامتو الذي ضرب طوكيو سنة 1923 فقتل 10 آلاف شخص وخلّف 200 ألف ضحية، ومليونيْ مشرد

 

طوكيو القرن العشرين.. كارثتان ألهمتاها النهوض

طوكيو اليوم مدينة عصرية، مع غابة من ناطحات السحاب تنتشر فيها، وعلى مدار القرن العشرين تعرضت طوكيو لكارثتين حولتاها إلى أنقاض، ففي 1/9/1923 ضرب زلزال منطقة كامتو، قتل فيه 10 آلاف شخص وانهارت المباني، ونشبت آلاف الحرائق في أحياء البيوت الخشبية، وجرف تسونامي السهول في ضربة موجعة أخيرة للمدينة المنكوبة، وخلّف 200 ألف ضحية، ومليونَيْ مشرد.

كانت الأضرار كبيرة، ودُمِّر 700 ألف منزل، وقد ألقي اللوم وقتها على التصميم التقليدي للمنازل، بهياكله الخشبية الرقيقة، وشوارعه الضيقة، وكان لا بد من إعادة بناء ثلثي المدينة، بينما بقيت الهياكل المسلحة بالخرسانة قائمة، وشرعت الحكومة في إعادة بناء معتمدة على الخرسانة.

بعد 22 عاما، وتحديدا في 9 مارس/آذار 1945، دُمرت طوكيو من جديد، حين أسقطت 335 قاذفة أمريكية أكثر من 1700 طن من القنابل على طوكيو، في واحدة من أكثر الغارات دموية على الإطلاق، وتسببت بمقتل أكثر من 100 ألف شخص وتدمير ثلث المدينة.

استغرق الأمر عشر سنوات حتى تدور عجلة الاقتصاد من جديد في اليابان، وتعيد البلاد بناء مدنها؛ طوكيو وهيروشيما وناغازاكي، وتزايد عدد السكان في طوكيو من جديد. فشُقت الطرق السريعة، وحفرت الأنفاق، وشيدت المجمعات السكنية الشاسعة، لكن الخطر كان يسكن غابة الخرسانة هذه دائما، فقلّ امتصاص المياه في التربة، وامتلأت المجاري وفاضت المياه في الشوارع مسببة كوارث جديدة.

خمس صوامع لتصريف الماء بعمق 65 مترا، وقطر 32 مترا، تضخ حمولتها إلى خزان ضخم مرتبط بنفق طوله 6 كيلومترات إلى نهر إيدو

 

صوامع “سايتاما” المائية.. لا فيضانات بعد اليوم

يتدفق عدد من الأنهار عبر طوكيو وضواحيها، وبعض مناطق العاصمة بنيت تحت مستوى سطح البحر، هذا فضلا عن الأمطار الغزيرة والأعاصير التي تغمر الأرخبيل بانتظام، وتعد الأعاصير المدارية الأشد تدميرا، فالرياح عاتية والأمطار غزيرة وهذا يتسبب بانهيارات أرضية وانزلاقات صخرية.

يتكون في شمال غربي المحيط الهادئ 36 إعصارا كل خريف، أكثر من 12 منها ينحرف باتجاه اليابان، وعندما تجتمع الأعاصير بمواسم الأمطار الطبيعية فهذا يتسبب في كميات هائلة من المياه تهطل على المدينة وتؤدي إلى الفيضان والغرق الكبير، وللتغلب على هذا التهديد بنت المدينة أكبر نظام لمكافحة الفيضانات في العالم، يوجد في “سايتاما” على بعد 30 كلم شمال طوكيو.

صمم هذا النظام للتحكم بمستويات الأنهار وتنظيمها، وكلف الخزينة أكثر من ملياري دولار، ويتكون من أنفاق وخمس صوامع لتجميع المياه، ومضخات للتخلص من الماء بسرعة نحو أعالي نهر “إيدو”. ويبلغ عمق كل صومعة 65 مترا، وقطرها 32 مترا، تضخ حمولتها إلى خزان ضخم بأبعاد 177×78×18 مترا ومدعم بـ59 عمودا خرسانيا ضخما، ويرتبط بنفق طوله 6 كيلومترات إلى نهر إيدو.

هناك 4 مضخات بطاقة ضخّ تبلغ 50 مترا مكعبا في الثانية الواحدة، أي بطاقة كلية تبلغ 200 متر مكعب في الثانية، وقد أثبت هذا النظام فعاليته، وصارت طوكيو في مأمن من الفيضانات، ولكن هذه المدينة العنيدة لا تزال عرضة للخطر الأهم وهو الزلازل.

برج “سكاي تري” الذي تم تصميمه مضادا للزلازل على مبدأ “شجرة البلوط وأعواد القصب” بحيث يتأرجح مع الهزات

 

شجرة البلوط وأعواد القصب.. برج “سكاي تري” الذي لا يترنح

بين التقاليد والحداثة طورت المدينة قوتها، ورسمت لنفسها صورة حديثة، فهي نابضة بالحياة، مع بنية تحتية فائقة الفعالية من سكك وأنفاق وطرق وناطحات سحاب، مع هاجس يلازم المهندسين والبنائين بمتانة وصلابة المبنى ومدى مقاومته للزلازل. ويمثل رمز المدينة؛ برج “سكاي تري” بارتفاع 634 مترا، عنوان التحدي.

تم تصميم وبناء هذا البرج بنفس تقنيات بناء معابد القرن السابع؛ هيكل مرن مع دعامة مركزية، وعلى مبدأ “شجرة البلوط وأعواد القصب”، فإنها يمكنها التأرجح مع الهزات دون التأثير على الطبقات المتعددة في المبنى، والتي تتحرك على نحو مستقل عن الدعامة المركزية. على أن هذا النظام ليس الوحيد في مقاومة الزلازل.

ففي البنايات السكنية المنخفضة يكمن الإبداع في الطابق السفلي، وذلك بوضع وسائد مطاطية تدعى العوازل الزلزالية، وهي تفصل المبنى كليا عن الأرض، وتمتص صدمة الزلازل دون أن يتأثر المبنى، أما في المباني الأكثر ارتفاعا فتختلف التقنيات، حيث يطول زمن تردد المبنى (الوقت اللازم بين أقصى تأرحج والعودة إلى الوضع الطبيعي) كلما زاد الارتفاع.

مجمع “موري” العقاري، بناء مزود بنظام هيدروليكي في قواعده لامتصاص الاهتزازات وهو أحد الملاجئ التي يأوي إليها الناس في وقت الكوارث

 

برج موري والمخمدات الزيتية.. عبقرية امتصاص الزلازل

يعد مجمع “موري” العقاري تجسيدا للإبداع الياباني في مقاومة الزلازل، فبارتفاع 238 مترا من الخرسانة والفولاذ والزجاج و59 طابقا، يتكيف هذا الكيان الهائل مع الزلازل، وسرّه مخفيّ في أرضياته، ففي الطبقات المختلفة تتوزع 356 من المخمدات الأفقية الهيدروليكية ويزن كل واحد منها 200 طن، لتمتص صدمة الزلزال على نفس المبدأ الذي تستخدمه السيارات والقطارات في امتصاص الصدمات.

وبمقارنة برج موري مع الأبراج التي لا تستخدم المخمدات، نجد أن زمن التأرجح في برج موري أقل بكثير منه في الأبراج الأخرى، وهذا من شأنه تخفيف الضغط على أساسات المبنى، وسرعة عودة المبنى إلى وضعه. ويتم مراقبة المبنى بالكامل من خلال مركز التحكم في الطابق السفلي، والذي يوفر أيضا بيانات تستخدم في دراسة حالة كل طابق، والإجراءات الوقائية اللازم اتخاذها.

واليوم يتم تزويد كافة المباني المهمة بمجسات استشعار تتيح الدراسة والتنبؤ عن الهزات القادمة وشدتها. ولأن مجمع موري يضم شققا سكنية فقد تم تزويد الأسطح المجاورة بمساحات خضراء تمثل متنفسا لسكان البرج، وتستخدم العوازل المطاطية للتغلب على وزن الحديقة، مع تزويد أرضياتها بوسائل استشعار حديثة وتقليدية لتسجيل الهزات.

البندول الثقيل تقنية تعمل عى اتزان المبنى في حال تأرجحه بسبب الهزات الأرضية

 

البندول الثقيل والدعائم الجانبية.. تعزيز المباني القائمة

التقنية الأخرى التي أبدعها اليابانيون لامتصاص خطر الزلازل هي تزويد أسطح البنايات العالية بأوزان فولاذية ضخمة معلقة على شكل بندول، ومن شأنها التحرك بعكس حركة اهتزاز البناية وقت الزلزال، مما يؤدي إلى تثبيط اهتزاز المبنى بنسبة 30 إلى 40%.

ولكن ماذا عن المباني القائمة أصلاً، كيف يمكن تعزيز امتصاصها للهزات دون المساس بهيكلها؟ الحل يكمن في تزويد الجوانب بدعامات فولاذية على شكل حرف X، وعندما يتحرك المبنى تتمدد الهياكل وتتقلص لامتصاص الصدمة، وبذلك تخف تشوهات هذه المباني ويقل الخطر على من بداخلها.

على مدار 30 عاما خلت، حققت طوكيو إبداعا يفوق الوصف في تجهيز بنيتها التحتية لصدّ الكوارث الطبيعية، ولكن حتى أواخر العقد الأول من القرن الحالي لم يكن من الممكن التأكد من هذه الجاهزية، وفي حدثٍ دراماتيكي في 11 مارس/آذار 2011، كانت طوكيو على موعد مع هزة أرضية عنيفة.

كانت الهزة هذه المرة هي زلزال “توهوكو”، أقوى زلزال ضرب اليابان على الإطلاق، وتمايلت على أثره ناطحات السحاب، وبلغ اتساع ميل بعضها إلى أكثر من متر. أما برج موري فقد رصد مركز التحكم فيه ميله بمقدار 37 سم فقط، وبفضل المخمدات لم يسكب كوب ماء واحد. لكن الوضع أسوأ بكثير في شمالي البلاد، فقبالة سواحل المحيط الهادئ تحركت كمية هائلة من المياه تجاه اليابسة بفعل الزلزال.

انتشرت سلسلة من الموجات الهائلة تفصل بينها مدد زمنية، إحدى هذه الموجات كانت بارتفاع 15 مترا، مما أدى إلى حصول تسونامي مرعب، دمّر محافظة فوكوشيما، ولقي أكثر من 18 ألفا مصرعهم، وتسبب بأبشع كارثة نووية على مرّ العصور؛ انفجار محطة فوكوشيما النووية للطاقة.

في الجنوب نجت طوكيو مرة أخرى، وأثبتت أنها أكثر مدينة في العالم استعدادا للزلازل، لكن هذا لم يحل دون توقف مرافق الحياة فيها لفترة من الوقت، فقد أدى الزلزال لانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات وتوقف حركة القطارات لأكثر من 10 إلى 15 ساعة. لكن ما زال أهل طوكيو ينتظرون الأسوأ؛ الزلزال الكبير.

خوارزميات معقدة ستساعد في توجيه مليوني شخص إلى الشوارع والطرق حيث مراكز الإيواء المجهزة

 

خطط وقائية.. في انتظار الزلزال الكبير

يتوقع اليابانيون بأكثر من 70% أن زلزالا هائلا لا بدّ آت خلال الـ30 سنة القادمة، وإذا كانت طوكيو مركزا لهذا الزلزال فلا بد أن اليابان كلها ستنهار. ووفقا للتنبؤات فإن هذا الزلزال المنتظر سيخلف نحو مليونين من السكان دون مأوى.

وتعكف السلطات على إعداد خطط الوقاية الرئيسة، وأولها تركيز الجهود على المراقبة والاستشعار وتنبيه السكان بأسرع وقت، فهناك محطات استشعار تحت البحر، تسجل الهزات وتتوقع مركز الزلزال، وترسل هذه المعلومات للأقمار الصناعية، والتي بدورها ترسل إشارات لمزودي خدمة الاتصال، وللإذاعات المحلية لتحذير الناس ولتنطلق صفارات الإنذار.

الخطوة التالية تتمثل في الإخلاء المنضبط، وقد أعد المبرمجون خوارزميات معقدة لعمل تمثيل لوجود مليوني شخص في الشوارع، والطرق المثلى لتوجيههم إلى مراكز الإيواء، والتي هي عبارة عن بنايات أو ساحات أو قاعات تم اختيارها مسبقا، موزعة في أنحاء المدينة حسب تدفق السكان المتوقع حسب الخوارزميات، وقد تم اختيار برج موري كواحد من مراكز الطوارئ هذه.

ومن الخطة تجهيز كميات كبيرة من الماء والطعام والبطانيات وأدوات الإسعاف، مكانها في قبو البرج، بما يكفي لستة آلاف لاجئ مدة ثلاثة أيام. وما زالت طوكيو تعمل من أجل المزيد من الملاجئ.

ولكن الخطر الداهم يتمثل في نشوب حرائق في منطقة شمالي طوكيو، مساكنها من الخشب على الطراز التقليدي، وطرقاتها ضيقة يصعب على سيارات الإطفاء الوصول إليها، وهنا يقوم المهندسون بإنشاء أنظمة مكافحة محلية للحريق، والعمل على توسيع بعض الطرقات لتسهيل وصول سيارات الإسعاف.

على الرغم من وقوع مدينة طوكيو على صدع الزلازل، لكنها بفضل مهندسيها نجحت في النجاة من تلك الكوارث

 

طوكيو.. تتأرجح ولكن لا تنهار

إذا حدث هذا الزلزال فستصل الفاتورة إلى 700 مليار يورو، وهذا يثير الرعب لدى السلطات، ويدعوهم إلى اجتراح أساليب مختلفة من أجل الحد من الخسائر، وسوف يبحثون هذه المرة في اختراع مواد بناء أكثر مقاومة للزلازل، حيث يجري فحص مواد خاصة مخلوطة بألياف الحديد، ويقوم المهندسون بإجراء تأثير تمثيلي ناجح لزلزال بقوة محددة على أحجام طبيعية من هذه المواد.

وبنجاح هذه التجارب، فقد عمد البناؤون والمهندسون إلى تدعيم المباني القائمة بدلا من هدمها وإنشاء مبانٍ جديدة. ويوازن المختصون بين متطلبات المقاومة للزلازل، وبين الحفاظ على البيئة وتقليل الاحتباس الحراري الناتج عن وجود ناطحات السحاب، وهي معادلة دقيقة، حيث أثبتت الإحصائيات ارتفاع حرارة طوكيو بمعدل 4 درجات خلال المئة عام الماضية.

ويعمد الخبراء لحل هذه المشكلة إلى إنشاء المساحات الخضراء حيث أمكن، بما في ذلك استغلال أسطح البنايات والمجمعات التجارية، فالمسطحات الخضراء تحتفظ بالماء، وعند تبخره يؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة. في المقابل فإن الإحتباس الحراري يؤدي إلى هطول كميات أكبر من الأمطار، وهو ما قد يجعل المدينة مرة أخرى عرضة للغرق. وتبقى طوكيو تنحني ولكنها لا تنهار.


إعلان