“طقوس الانتماء”.. قواعد الالتحاق التقليدي بالسرب المنظم

خاص-الوثائقية

في هذا العالم الرحب الممتد تتنوع العادات والتقاليد والثقافات باختلاف الأعراق والبلاد والطوائف، لكنها تبقى طقوسا تسمح لنا بالتعبير عن هويتنا وتجمعنا للاحتفال كمجموعات بالمناسبات المتعددة.

هذا الفيلم المذهل بصريا الذي تبثه الجزيرة الوثائقية تحت عنوان “طقوس الانتماء” يستخدم تقنيات التصوير السينمائي ليغمر المشاهدين بطقوس لا تصدق، تمارسها الثقافات في جميع أنحاء العالم، من مدن الهند إلى أدغال غينيا الجديدة.

تمس هذه الطقوس المدهشة اللحظات التي نعيشها جميعا من الولادة والموت إلى الزواج والجنازات، لتكشف عن معنى أن تكون إنسانا.

تعلمنا الطقوس كيف نعيش سويا ونتمازج ونتسامح داخل المجتمع الواحد. هذا البرنامج يسلط الضوء على بعض الطقوس الخاصة بالانتماء وهي شعائر قوية يمكنها تغيرنا إلى الأبد، بدءا من الممارسات التي تسبق تنصيب راهبة في الديانة الجينية في الهند، مرورا بمراسم الانتقال إلى الرجولة في بابوا غينيا والمصارعة في غرب أفريقيا، منتهية بقطاع غزة، لتنقل لنا فكرة ولادة الأمل من بين ركام الحروب ومخلفاتها، وكيف يمكن لهذه الطقوس أن تحقق للإنسان مستقبلا نوعيا.

فيلم “طقوس الانتماء”

 

طقوس الانتماء هي الأكثر تحديا وإيلاما وخطورة من بين جميع الطقوس، نتعرف من خلالها على أولئك الذين يمتلكون الشجاعة والإرادة.

ولاية راجستان الهندية.. انسلاخ من صخب الحياة إلى هدوء الروحانية

هذه “بومي شاه” الفتاة البالغة من العمر ٢٤ عاما، تحاول جاهدة منذ خمس سنوات أن تصبح راهبة في الديانة الجينية، وقد حان الوقت الآن، وعليها أن تثبت أنها على قدر هذه الخطوة الأكثر صعوبة في حياتها من أجل الوصول إلى غايتها.

تخرجت “بومي” من كلية إدارة الأعمال، وهي تسعى لأن تتخلى عن حياتها العصرية الصاخبة من أجل الديانة الجينية القديمة التي يعيش أتباعها حياة صافية هادئة خالية من العنف تجاه جميع الكائنات الحية، فهم يعتقدون أن ذلك هو مفتاح الخلاص لتحرير أرواحهم. تقول “بومي”: ها قد جاء اليوم المنتظر، وأنا لست خائفة، فالأمر عندي أشبه بمواجهة تحدٍّ.

تجلس صديقاتها حولها ليضعن لها الحناء، تماما مثل الطقوس الخاصة بالعروس في ليلة الحناء، حيث ترتدي ساري العرس الأحمر، إذ ستكرس نفسها لرجل واحد، ليس زوجها بكل تأكيد إنما هو المعلم الروحي “أتشريا سونيل ساجار”.

حصن مراسم التنصيب.. مسيرة وفد الرهبان الحفاة

يمشي المعلم “أتشريا سونيل” والرهبان من خلفه حفاة الأقدام إلى الحصن الذي ستقام فيه المراسم، حيث الوفد مكون من 51 راهبا و25 راهبة، وستنضم “بومي” اليوم إلى هذا الفريق، ومن أجل ذلك عليها التخلي عن جميع ممتلكاتها الدنيوية بما في ذلك الملابس.

يسير المعلم “أتشريا سونيل” والرهبان من خلفه حفاة الأقدام إلى الحصن الذي ستقام فيه مراسم تحويل الراهبات

 

يوجد اليوم في الهند خمسة ملايين من أتباع الجينية، ويعيش المتدينون منهم حياة صارمة متقشفة، إذ يمشون حفاة ولا يؤذون الكائنات الحية، ولا يمتلكون المنازل، بل يعيشون حياتهم بالكامل على تبرعات المحسنين، ويعتقد هؤلاء الأتباع بتناسخ الأرواح.

بالنسبة للراهبة الجديدة “بومي” فإن عليها تحرير روحها، أما بالنسبة لعائلتها فكان من الصعب تقبل الأمر، فبعد حياة الصخب التي عاشتها كانت محبطة، فقررت أن تتحرر وتهب نفسها كراهبة. تقول والدتها إنها كانت تحب الذهاب إلى السينما وتناول الطعام في الخارج.

“من اليوم سأعتبر العالم كله عائلتي”

يبدأ انضمام “بومي” بمسيرة احتفالية، هذا هو الجزء الأول من المراسم، ويرمز إلى تخليها عن الحياة الدنيوية والممتلكات لتعيش حياة التقشف والزهد، بل إن عليها أن تتخلى عن أهلها وأصدقائها.

تقول “بومي”: “من اليوم سأعتبر العالم كله عائلتي”، لكن عليها أيضا أن تقوم بتضحية عظيمة، وهذا الطقس هو الأكثر والأشد ألما، حيث سينزع شعرها شعرة شعرة لإثبات إيمانها، وهو طقس معروف باسم “كيشا لونغ”، ويرمز لرفضها كل الرغبات الدنيوية والشخصية وتجاهل الجسد.

اقتلع شعرها كما تقتلع الأعشاب، كان الموقف رهيبا على الحاضرين في الحفل، لكن الأمر بالنسبة لها كان مرضيا، فقد تخلصت من ارتباطها بجسدها. وستكرر هذا الطقس كل أربعة أشهر، ولشدة هذا الأمر فإنه يستغرق 90 دقيقة.

تضحي “بومي شاه” بشعرها وحياتها السابقة كي تصبح راهبة في الديانة الجينية

 

تركز “بومي” اليوم على الشق الروحي فقط وقد تخلت عن اسمها الذي وهبها إياه والداها لتصبح “آرياكا”.

تقول “بومي”: “الهدف الأساسي لكل إنسان أن يصبح سعيدا ومفيدا وطيبا”. ستجوب “بومي” الهند حافية القدمين مشردة، لكنها موقّرة حتى يغيبها الموت وبعد ذلك ستتحرر روحها.

شروق الشمس.. طقوس الأنوثة في أمريكا

يحتفل السكان الأصليون في أمريكا بطقوس تاريخية لا تزال مستمرة حتى اليوم، ففي قبيلة الماسكاليرو أباتشي يحتفلون بالفتيات المراهقات ويخضعونهن لطقوس تمتد لأربعة أيام للانتقال إلى مرحلة الأنوثة.

تحتفل قبيلة “الماسكاليرو أباتشي” بأمريكا بطقس “شروق الشمس” وهو انتقال الفتيات إلى مرحلة الأنوثة

 

يسمى الاحتفال “شروق الشمس”، وترتدي فيه الفتيات ملابس جلدية بيضاء لتمجيد الأسلاف المقدّسين، ولإثبات قدرتهن على التحمل يجب عليهن الرقص طوال الليل .

قوة روح التمساح.. طقوس دخول عالم الرجال الشجعان

في بابوا غينيا الجديدة يمارس شعب كننغارا الذي يعيش حول نهر سيبيك أكثر الطقوس وحشية، إذ يصبح الفتيان المراهقون رجالا بوضع علامات الرجولة على أجسادهم لتبقى جروحا غائرة مدى الحياة.

ويعود طقس الانضمام هذا إلى أسطورة قديمة تحكي قصة الرجل القروي “ماسيفو” الذي حصل على قوة روح التمساح من خلال جرح جسده بحراشف التمساح.

في بابوا غينيا الجديدة يمارس شعب كننغارا أكثر الطقوس وحشية بوضع علامات الرجولة على أجسادهم لتبقى جروحا غائرة مدى الحياة

 

يستغرق التحضير لهذا الطقس ستة أشهر، فهو طقس مؤلم، ويبدأ التحضير في شهر يناير/كانون ثاني لانضمام ستة أشخاص لعالم الرجولة من خلال عزلهم في المنزل الروحي، من بينهم “جون” الذي يعتبر نفسه الآن فتى، لكنه عندما ينتهي طقس التحول سيصبح رجلا.

يعيش “جون” ورفاقه في عزلة تامة، وتدهن أجسادهم بالطين الذي يرمز إلى حالة الضياع بين عالم الصبيانية وعالم الرجولة، وفي كل يوم يقوم كبار القبيلة بإعطاء المواعظ لهؤلاء الفتية. ويجب أن تحضّر أجسادهم بشكل جيد لتصبح لينة وقابلة للجرح، وقد اكتسب “جون” وزنا زائدا ليتحمل تلك الجروح.

“في السابق كنت فتى، والآن أصبحت رجلا”

اليوم هو يوم العبور الأول لـ”جون”، فقد غادر الفتيان ملتفين على بعضهم على شكل تمساح، ويقوم الحراس بتغطيتهم عن أمهاتهم. يقول شعب كننغارا: الأمهات هن اللائي يلدن الأطفال، لكن الرجال هم القادرون على تحويلهم إلى بالغين.

على “جون” أن لا يستجيب لأمه التي ستحاول أن تثنيه عن فعل ذلك، ليثبت أن رابط الأمومة انقطع، بعد ذلك يعاد الفتية إلى المنزل الروحي، وعند المساء يقوم كبار القبيلة بالرقص لإعادة تجسيد روح التمساح حتى يتمكن من أخذ شجاعته. يقول “جون”: قبلت بجرح جلدي كي أصبح رجلا، وإذا لم تكن لدي القوة فمكاني ليس هنا.

“جون” الذي خاض معركة الجروح الغائرة: “في السابق كنت فتى، والآن أصبحت رجلا”

 

عند الفجر يبدأ الطقس الأقسى على الإطلاق وتحفر مئات الجروح على جسد “جون”، كل جرح بمثابة عضة من روح التمساح، ولا يملك “جون” في تلك اللحظات سوى إرادته القوية التي تعينه على تحمل هذا الألم المبرح.

بعد ساعتين أنهى “جون” هذا الطقس، ورغم ألمه فإنه يشعر بالتغير والسعادة لأنه غدا رجلا وسيدخل حياة جديدة. يقول: عندما تراني الفتيات، سيدركن أنني أصبحت جاهزا للزواج”، فتلك الطقوس تحوّل وجهة نظر الناس إلينا، في السابق كنت فتى، والآن أصبحت رجلا.

لعبة السنغال الأولى.. 700 عام من المصارعة

قد تكسبنا طقوس التحول بدايات جديدة وترفعنا لنصبح نجوما في عالم الشهرة والثراء، كما هو الحال مع لعبة المصارعة في السنغال، وهي اللعبة الأولى هناك، وتعود جذورها إلى أكثر من 700 عام، وأبطالها قد يحصلون على مئة ألف جنيه إسترليني في النزال الواحد.

لا يعتمد المصارعون على قوتهم الجسدية فقط، بل يمارسون طقوسا تجمع بين السحر والرقص القبلي والصلوات التقليدية، وتستدعي كل تلك الطقوس دعم الجمهور وطلب الشجاعة من أسلافهم.

المصارعة هي اللعبة الأولى في السنغال وتعود جذورها إلى أكثر من 700 عام

 

على بعد 90 كيلومتر من العاصمة داكار يعيش الشاب “جورج سار” البالغ من العمر 26 عاما، ويعيش على مشاركته في المصارعات المحلية في بيئة مكافحة، حيث يعتمد سكان قريته على صيد السمك، لكن حلمه أن يصبح ملك الحلبة، وإذا استطاع الوصول إلى الدوري الكبير فسوف تتغير حياته للأبد.

هناك من يفهم تماما ما يعنيه حلم “جورج”. إنه بطل المصارعة المحلي “مانغا دو” وهو مروج مصارعة شهير. يقول “مانغا دو”: قد تغير المصارعة حياة أي شخص مثلما حدث معي.

دعم الأجداد الروحي.. طلب النصر في البطولة المحلية

عاد “مانغا دو” إلى موطنه للبحث عن موهبة جديدة ونظم لذلك بطولة محلية يحصل الفائز فيها على 600 جنيه إسترليني، بالإضافة لفرصة التنافس في العاصمة، ويشارك في هذه البطولة 40 مصارعا، ويقتضي نظام البطولة حيازة الفائز على كل شيء وخسارة الباقين.

بدأت الطقوس بالاغتسال بالماء المقدس، إذ يعتقد هؤلاء أن تلك المياه تنظفهم وتساعدهم على الفوز بسهولة. هذه الطقوس تضم إيحاءات روحية، ويرتدي المصارعون فيها طلاسم مقدسة ويقدمون الهدايا للجمهور ثم يرقصون.

الرقص ورش الماء المقدس صلوات طقسية طلبا للنصر يؤديها اللاعبون قبل المصارعة

 

إنها صلوات طقسية طلبا للنصر. يناشد “جورج” الأجداد لمدّه بالدعم الروحي. وفي المساء يبدأ النزال، والهدف الحصول على فوز نظيف وإسقاط الخصم.

طعم الانتصار بعد الخسارة.. عالم النجومية في دكار

وصل “جورج” أخيرا للنهائيات، لكنه الآن يواجه عملاقا يفوقه طولا وضخامة، وهو المنافس الأقوى، ورغم أنه تمكن من الصمود أمام تلك الكتلة البشرية، فإنه خسر في مجموع النقاط، وقد أثار لعبه وصموده إعجاب “مانغا دو” وقرر منحه فرصة لتحقيق حلمه، وهو اليوم يغادر إلى دكار.

بدأ “جورج” خطواته الأولى نحو النجومية، والتحق بمعسكر التدريب المكثف، وكان “مانغا دو” يدعمه ويوجه إليه النصح وهو بمثابة الأب بالنسبة له. وبعد ثلاثة أشهر حان وقت طقس تحول “جورج”، ففوزه اليوم سيفتح له أبواب عالم جديد لطالما حلم به.

يجب أن يطرح “جورج” خصمه أرضا كي ينتصر

 

يدخل “جورج” وخصمه ساحة النزال، ويعتقد المتنافسون أن تلك اللحظات التحضيرية في الطقوس تحدد الفائز. ومنذ اللحظة الأولى طرح  “جورج” خصمه أرضا وانتزع النصر، إنه فوز مهم له وسيرفع اسم عائلته عاليا.

قاعدة كاوشنغ البحرية.. صناعة الضفادع البشرية في الجيش

تتعلق بعض طقوس العبور بمجموعة كاملة، وكلما كان الطقس أقسى كان الترابط أقوى، وخير مثال على هذا الأمر جيش تايوان، إذ يتبنى العسكريون طقوسا قديمة وقاسية لتشكيل قوات النخبة القتالية.

في قاعدة كاوشنغ البحرية يستعد الجنود لأخذ دورة مكثفة مكونة من ستة أيام تعرف بأسبوع الجحيم، وسيخضعون لتدريب يدفع بقوتهم الجسدية والذهنية إلى أقصى حد.

في تايوان، يسير الرجال 12 كيلومترا وهم يحملون قاربا بوزن 150 كيلوغراما فوق رؤوسهم كأحد طقوس التحمل

 

تبدأ تلك التدريبات بطقس شرب الشاي المر الذي يحمل دلالات في غاية الرمزية، حيث يعود تاريخه لعدة قرون مضت، ويرمز إلى الصعاب التي يجب على الجنود تحملها، ويذكرهم بالهدف الأسمى وهو الوصول إلى نهاية الرحلة وتذوق حلاوة النصر، ووحدهم المميزون هم من يصمدون حتى النهاية، حيث سيتخرجون وينضمون إلى وحدة الاستطلاع المعروفة باسم الضفادع البشرية.

أسبوع الجحيم.. تدريبات الطاعة العمياء في خط الجبهة

“غوانتغ” البالغ من العمر 22 عاما لم يجرب أبدا مواجهة خط الجبهة، فقد كان موظفا إداريا في قسم الملفات يقوم بمراجعة الوثائق وختمها، لكنه يتساءل عن ما إن كان بوسعه أن يتحول لشخص مختلف بعد هذا التدريب.

في المرحلة الأولى على الجنود أن يظهروا الطاعة العمياء وتحمل التعب والإجهاد المضني بتلك الطقوس المرهقة التي يتداخل فيها الليل بالنهار، وعليهم أن يتدربوا بشكل متواصل، ويسمح لهم بالراحة ساعة واحدة كل خمس ساعات. ويجعلهم الحرمان من النوم لأيام متواصلة في حالة غياب للعقل، وبعد الاختبارات الفردية تأتي المرحلة التالية من أسبوع الجحيم.

يشرب المتنافسون الشاي المر الذي يرمز إلى الصعاب، حيث حلاوة النصر لا تكون إلا في النهاية

 

يتشارك الرجال العمل، وعليهم اليوم السير 12 كيلومترا وهم يحملون قاربا بوزن 150 كيلوغراما فوق رؤوسهم.

من خلال تقاسم المشقة بين المجندين تقوى الرابطة بينهم ليعملوا سويا بروح الفريق، وهذا ما يؤهلهم في الحروب للذود عن بعضهم بعد السير طويلا. في الطريق انهار أحد أفراد الفريق الـ18، وكان على البقية إكمال المسير.

الطريق إلى الجنة.. نهاية المهمة المحفوفة بالصخور

في اليوم الأخير المعروف باسم الطريق إلى الجنة، على الفريق القيام باستعراض عسكري موسيقي أمام كبار الضباط. وبحضور العائلة يتقدم “غوانتغ” مع رفاقه ليبدأ بسقوط قوي قبل أن يأخذ وضعية التمدد على الطريق الذي يبلغ طوله خمسين مترا من الصخور الحادة، وعلى كل مجند أن يقدم عشرة تدريبات قاسية على تلك الصخور، وهذا ما يفصلهم عن الوصول إلى خط النهاية.

“غوانتغ” يأخذ وضعية التمدد على الطريق الذي يبلغ طوله خمسين مترا من الصخور الحادة

 

ترش جروح المجندين المفتوحة بالماء والملح من قبل المدربين، وعلى الذين يفشلون بأداء التدريب العودة للوراء والبدء من جديد، أما “غونتغ” فقد تأخر أكثر من ساعة قبل أن يصل إلى الجنة، واعتبر وصوله معجزة وكوفئ بقطعة من الحلوى من يد والدته التي كانت تنتظره عند الحافة.

بعد عشرة أسابيع من التدريبات القاسية، تمكن ثلث الرجال فقط من الوصول إلى النهاية، وهم مستعدون الآن للانضمام إلى فريق الضفادع البشرية، وسيكونون إخوة في النضال يؤمن بعضهم بعضا.

طقوس عيد الفصح.. محاربة العنصرية ضد الأفارقة الإسبان

قد تربطنا الطقوس ببعضنا كفرق متعاضدة كما هو الحال في إسبانيا، ففي عيد الفصح يجري هناك طقس عمره 500 عام، إذ يجتمع أعضاء الطائفة الكاثوليكية معا ليحملوا عربات دينية ضخمة في أسبوع الآلام.

في عيد الفصح في إسبانيا، يجتمع أعضاء الطائفة الكاثوليكية معا ليحملوا عربات دينية ضخمة في أسبوع الآلام

 

أما في عصرنا الحديث فقد أنشأ الجيل الجديد طقوس الولاء الخاصة به، ففي إحدى الكليات يقوم الطلبة بأداء طقوس متقنة، وقد قاموا بإنشاء “أخوية ألفا فاي ألفا” لدعم الطلبة ذوي الأصول الأفريقية في مواجهة العنصرية، تلك الطقوس تحاكي الثقافة الأفريقية القديمة، حيث يقومون بجولة شهيرة تظهر مدى الترابط فيما بينهم.

أحمد المدهون.. حلم الانضمام إلى فريق الباركور في غزة

تظهر الأوقات العصيبة عمق التضامن، ومن رحم المعاناة يولد الأمل، وفي غزة المحاصرة التي يبلغ طولها 40 كيلومترا بعرض لا يتجاوز 12 كيلومترا، يوجد ثالث أعلى الأماكن كثافة سكانية، إنه شعب فتيّ محاصر، متوسط الأعمار لديه 18 عاما.

من بين الدمار ومخلفات الحرب يظهر طقس جديد يساعد في توطيد الأخوة هو الباركور، وهو نمط فني حر للدفاع عن النفس ابتدعه ضابط في البحرية الفرنسية قبل مئة عام من أجل تعزيز الشجاعة.

أحمد المدهون أصغر أعضاء فريق الباركور في غزة بقيادة رئيس الفرقة عبد الله القصاب

 

أحمد المدهون فتى عاش أعوامه الـ13 في غزة، وتعرض لصدمة بعد العدوان الإسرائيلي على غزة عام 2014. حال أحمد كحال الكثيرين في هذه المدينة المنكوبة، يبحث عن الأمل والمخرج، ويحلم بالانضمام إلى فريق الباركور في غزة الذي انتشرت مقاطعه المصورة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتصل للعالم بأسره.

أخلاقيات الباركور.. عام من التدريب قبل الانضمام إلى العائلة

يعلم رئيس فرقة الباركور عبد الله القصاب الفتية المتدربين المفعمين بالحياة أخلاقيات الباركور الصارمة، ومن تلك الأخلاقيات “لا تحديات”، و”كن حذرا”، و”ثق بنفسك”. يقول عبد الله: أحاول نزع الخوف الكامن في داخلهم والتفكير بإيجابية، وأهتم بتنمية عقل الطفل.

ولكي ينضم أحمد المدهون إلى الفريق، عليه إثبات نفسه في طقس الانضمام الذي يقام في الشارع. فقد تدرب أحمد طول العام مع الفرقة، وعندما يكون جاهزا سيحدد له عبد الله متى سيتمكن من تأدية الحركة التي ستؤهله للانضمام.

“الباركور” هي لعبة القفز من فوق الجدران والمرتفعات بطريقة الشقلبة

 

في نهاية المطاف حدد عبد الله الموعد المنتظر. وسيقفز أحمد قفزة قد لا تكون مهددة للحياة، لكنها من وجهة نظره تعني الكثير له، وبالفعل نجح في مهمته وأصبح أصغر عضو في فريق باركور غزة.

طقوس تولد وأخرى تفنى وبعضها يكتب له الخلود، لكن الأهم في طقوس الانتماء هذه هو التغير الذي تحدثه فينا والروابط التي تهبها لنا والتي لا يمكننا كسرها.


إعلان