لغز الإوز المفقود.. التحليق مع الطيور المهاجرة

خاص-الوثائقية

هو رمز الرشاقة والحب، والكائن المتحول في الثقافات القديمة، فهو طائر بريّ أحيانا، وفتاة جميلة قادمة من السماء في أحيان أخرى.

هذا المخلوق الذي تلفه الأساطير منذ القدم، هو محور لغز معاصر، يحاول العلماء فك أسراره، فقد لاحظ العلماء انحساراً في نوع معين من الإوز، وسيكون موضوع الفيلم الذي بثته الجزيرة الوثائقية بعنوان “لغز الإوز المفقود”.

 

إوز التندرا.. طيور مهاجرة مهددة بالانقراض

يهاجر إوز التندرا من القطب الشمالي إلى جنوب إنجلترا، وتتناقص أعداده بشكل لافت لدرجة انخفاض هذه الأعداد إلى النصف في العشرين سنة الماضية، وقد تداعى عدد من العلماء والناشطين البيئيين وصناع الأفلام لبحث هذه المسألة، وكان عليهم تتبع أسرابه خلال هجرتها على مدى عام كامل، في ظروف مناخية قاسية، وطبيعة تتراوح بين جبال الجليد والأرض الجرداء والمرتفعات الشاهقة والبحر.

وتعتبر مرتفعات التندرا شمال روسيا الحد الفاصل بين القطب الشمالي والأرض الدافئة الجنوبية، وتكون في الشتاء بساطا من جليد، غير أن الحياة تدب فيها مع خيوط الشمس الأولى في فصل الربيع، وتعج بآلاف الكائنات التي يبعثها الدفء من مخابئها، وتجذب هذه الطبيعة الخصبة الآمنة آلاف أنواع الطيور لتبني أعشاشها وتضع بيضها هناك، ومنها التندرا، أصغر أنواع الإوز البري.

يعيش إوز التندرا أزواجا مدى الحياة، وفي أواخر الصيف يبدأ رحلة طويلة مع فراخه إلى شتاء أدفأ في جنوب المملكة المتحدة.

ولمهمّة مراقبة الأسراب ومعرفة سر اختفاء أكثرها، يسافر عالم الطيور “بن ساج” وفريقه إلى سهول التندرا أواخر الربيع، حيث الجليد ما زال يغطي أجزاء واسعة من المرتفعات.

طائر الكركر القطبي المفترس هو أول من يهدد أعشاش الإوز بكسر بيضها وقتل صغارها

 

طيور الكركر.. بيوض الإوز وجبته الشهية

تساعد هذه الطبيعة القاسية طيور الإوز على التعشيش ووضع بيضها، ويشكل تأخر فصل الربيع خطرا عليها، ولذلك فهي في سباق مع الزمن لفقس الفراخ.

ويتميز إوز التندرا بالتحفظ والاحتراز الشديد، وعلى أفراد الفريق السير لأميال قبل أن يعثروا على عش واحد، ولذلك فإنهم يستعينون بخبراء محليين وخرائط رسمت باليد من أجل العثور على الأعشاش.

بعد سير وبحث متواصل لمدة أربعة أيام، تمكن الفريق من اكتشاف زوجٍ من الإوز يحوم حول عشه، لكن المهمة تبدو صعبة في الاقتراب من موقع العش، ويضطر فريق البحث إلى ارتداء ملابس التمويه حتى لا يحس الإوز الحذِر بوجودهم. ولقد استغرق الأمر أسبوعا كاملا حتى تمكنوا من تصوير الإوزات الخجولة عن قرب.

ثم وجدوا عشاً آخر ولكنه قريب من الأول، مما يصعب من عملية تتبعهما معا وتصويرهما، والأغرب من ذلك وجود مناوشات مستمرة بين الجيران على البيض والغذاء، ويمكن متابعة أمتع المناورات الجوية بين أزواج الإوز في محاولة الدفاع عن بيضها وأعشاشها، وصراع شرس على الموارد القليلة المتاحة.

إن ترْك العش لفترة قصيرة يغري طيور الكركر الحوامة بمهاجمته وسرقة البيض، وهذا ما حدث بالفعل، فقد استغل “بن” ترك الزوجين للعش وذهب يستطلع الخبر، ولسوء حظه وجد بيضتين مكسورتين من أصل ثلاث. ترك “بن” العش على أمل أن يعود الأبوان لرعاية البيضة الثالثة، ولما تأخر الإوز عن الرجوع ذهب “بن” ليجد أن البيضة الثالثة قد تلفت، وهو ما يعني أن موسم هذين الزوجين قد انتهى مبكرا.

مع بدء تحسن الطقس في منطقة التندرا، يهاجر الإوز باحثا عن مكان آمن بعيدا عن موطنه

 

التغير المناخي.. يد الإنسان الخفية

لم تكن “التندرا” ذلك المكان الآمن الذي توقعناه، فموسم الدفء هناك يجذب أنواعا من المفترسات، الأمر الذي يهدد حياة الطيور النادرة.

وقد وجد العلماء الروس أن كثيرا من الإوز يترك أعشاشه إذا تأخر الربيع، وهذا أعطى إشارة لفريق البحث أن التغير المناخي قد يكون عاملا هاما في تناقص أعداد هذا النوع من الإوز.

في منتصف يوليو/تموز، وفي الأجواء المشمسة الدفيئة، يتوافد على المنطقة زائر ثقيل الظل، إنه البعوض اللاسع، يساعده ضوء النهار الذي لا يكاد ينقضي على الاستمرار في مضايقة الفريق، لكن الأمل يلوح من بعيد. فقد تمكن “بن” من رؤية زوج من الفراخ الجديدة، ولأول مرة في رحلته القاسية. لكن الشتاء على الأبواب، والكل يتأهب للرحيل حتى الفراخ، والذي لا يستطيع سيتخلى عنه أبواه.

في المملكة المتحدة يستعد فريق آخر للتحليق في السماء، هذه “ساشا دنش” الناشطة البيئية، تتدرب على الطيران بجهاز “الباراموتور”، لتتماهى مع سرعة طيران الإوز، من أجل الحصول على أفضل السبل لتتبع سيره وتصويره، وهو جهاز مدمج من مظلة ومحرك مثبت على الظهر، ويساعدها على الارتفاع والهبوط تبعا لتحركات أسراب الإوز.

بدأ بيتر سكوت هو وعائلته برسم أنماط مناقير الإوز المهاجر قبل أكثر من سبعين عاما

 

الصيد الجائر.. قتل الحياة وتهديد الأنواع

مع بداية الخريف تحلق ساشا في السماء بانتظار أسراب الإوز المهاجرة، فيما يواصل “بن” وفريقه متابعة الإوز من الأرض، وهم بذلك يواصلون الرحلة التي بدأها أسلافهم في منظمة “دبليو دبليو تي”(WWT)  منذ أكثر من سبعين عاما، حيث بدأ بيتر سكوت المشروع عام 1946، وهو أطول مشروع يدرس نوعاً واحداً من الكائنات.

كان بيتر مغرما بإوز التندرا، وقد رسم هو وعائلته أنماط مناقيرها، فلكل إوزة بصمة خاصة على منقارها مثل بصمة الإصبع، حيث لا يزال المركز يستفيد من هذه الرسومات حتى الآن، وهم كذلك يأخذون صورا بالأشعة السينية، حيث لاحظ الباحثون شيئا مقلقا؛ فأكثر من ثلث الإوز المهاجر يحمل شظايا رصاصات، وهذا يعني أن الكثير منها قد قُتل جراء الصيد الجائر أثناء رحلتها.

وبالعودة إلى الشمال، ما زال “بن” يراقب الفرخين اللذين فقسا حديثا، لقد كبرا وهما يستعدان لبدء الرحلة الطويلة إلى الجنوب، حيث تتجمع الأسراب في البحر قبل الرحلة لزيادة وزنها، فهي تجمع ما أمكن من الغذاء قبل الهجرة. أما الباحثون فيزوّدون بعض الإوز بعلامات وأرقام مميزة، تساعد في تتبعها، فيما يختار عددا منها لوضع أجهزة متصلة بالأقمار الصناعية لتسهيل تتبع خط الرحلة.

تلقت ساشا تدريبات خاصة، وخضعت لأجواء باردة جدا تشبه مناطق الجليد وتعلمت التعامل مع تعطل المحرك

 

التحليق مع الإوز.. رقابة لصيقة من الجو

وفي اللحظة التي ينتظر فيها الكل إشارة البدء، ينطلق الإوز فجأة، وكأنه تلقّى إشارة موحدة من جهة ما. وفي الجهة الأخرى تنطلق ساشا أيضا، ومهمتها تتبع ومراقبة إوزة محددة تدعى “ديزي كلارك”. فقد تلقت ساشا تدريبات خاصة، وخضعت لأجواء باردة جدا تشبه تلك التي ستطير فيها في مناطق الجليد، بما في ذلك طوارئ تعطل المحرك، أو خطر السقوط في المياه المتجمدة.

وبالفعل، فقط تعطل محرك الباراموتور بعد 12 ساعة من بدء رحلتها، ولحسن حظها فقد هبّ جماعة من رعاة الرنّة لمساعدتها، فشعب “نينيتس” يسكن سهول التندرا على مدار العام، ومشهد هجرة الإوز مألوف لديه على مدار العام، أما لحوم الإوز فيبدو أنها تشكل جزءاً من نظامهم الغذائي، ولكنهم لا يصطادونها بشكل كثيف، وهم لا يفرقون بين إوز التندرا وغيره أصلا.

تأخرت ساشا عن السرب بضعة أميال، وساعدها شعب نينيتس الطيب بإيصالها على عربة تجرها الغزلان إلى أقرب مهبط طائرات، حيث ستستعمل المحرك الاحتياطي.

وتبلغ سرعة الإوز حوالي 60 كلم/ساعة، بينما تركض الغزلان بسرعة 30 كلم/ساعة، ولكنها أسرع من المشي على كل حال. ثم تستأنف ساشا الطيران، لتأتيها إشارات الأقمار الصناعية أن الإوز متقدم عليها بأميال.

يقطع الإوز في طريق هجرته غابات تايغا الكثيفة والطويلة بسرعة كونها لا تصلح للهبوط وليس فيها طعام له

 

غابات تايغا الكثيفة.. حيث لا مهبط للأسراب

تواجه الأسراب عائقا طبيعيا مُهما، فهي مضطرة للطيران نحو ألف كيلومتر فوق غابات “تايغا” الكثيفة، وتكمن الصعوبة في عدم وجود مهبط للإوز أو مساحات كافية للطيران ثانية، وستضطر كثير من الطيور لمواصلة الطيران دون استراحة أو طعام.

تقوم “ساشا” من الجو و”بن” من الأرض بتتبع إشارات الإوزة القائدة كلارك عبر الأقمار الصناعية التي تشير إلى أن كلارك بدأت بالانتقال، وهي تتجه إلى إستونيا.

أما ساشا فستخوض غمار الغابة الرطبة الهائلة، بينما فريق الدعم الفني سيخترق الغابة، ويُطلع ساشا على أنسب المواقع للهبوط للتزود بالوقود والطعام.

في سرب الإوز الأول الذي يخترق الغابة الآن، توجد الإوزة “تشارلوت” ذات الخمسة أعوام، ويقوم “بن” بمراقبتها من الأرض، حيث يشير نظام تحديد المواقع (GPS) إلى أن آخر نقطة معروفة لها كانت في إستونيا، وها هو يصل الآن إلى الشاطئ، ليجد نفسه وجها لوجه أمام تشارلوت. كم هو رائع أن يرى إوزة حقيقية كان يتتبعها على شكل نقطة على شاشته.

لاحظ “بن” أن “تشارلوت” تمشي منعزلة على الشاطئ، إنها تبتعد عن رفيقاتها، ويبدو أن هنالك ما يضايقها، وهذا مؤشر سيئ للغاية، إذ لم لا تواصل تشارلوت رحلتها مع السرب؟ أما ساشا فلا تزال تواصل التحليق على مدى أسبوعين تقريبا، إنها رحلة مضنية في أجواء قاسية. وفي الوقت الذي تحظى فيه ساشا بالدعم من فريقها على الأرض، فإن الإوز لا يحظى بمثل ذلك طوال رحلته.

بعد التعرف على سلوك الإوز، وجد العلماء بأنه يطير في أسراب ليست بالضرورة من نفس النوع

 

أسراب الإوز.. تتعدد الأنواع والسرب واحد

لسوء حظ ساشا، فقد تعرضت لحادث قد يحرمها من مواصلة الرحلة، واضطر الفريق لنقلها إلى أقرب مستشفى، وتبين من صور الأشعة أنها تعاني من تمزق في أربطة الركبة، وهذا يعني أنها لن تستطيع المشي -فضلا عن الركض- من أجل الإقلاع. ولكن متابعة أسراب الإوز شيء لا يمكن لساشا أن تتنازل عنه، لذا قام فريق الدعم أن بتركيب عجلات للباراموتور من أجل تخفيف الضغط على ركبتَيْ ساشا.

ولأن الوقت يمضي سريعا وموسم الثلج يقترب، وهذا سيعطل رحلة ساشا والإوز كذلك؛ فيجب كسب كل دقيقة. لذلك انطلقت ساشا بأقصى سرعتها واستطاعت اختصار الوقت الضائع بينها وبين أسراب الإوز الذي تفيد الأقمار أن بعضه قد وصل فعلا إلى بولندا وشمال ألمانيا، وها هي ساشا وجها لوجه أمام صديقتها ديزي كلارك، فقد استطاعت تمييزها من نمط منقارها الفريد.

وكلما ابتعدنا عن “التندرا”، يزداد عدد الناس الذين يرون أسراب الطيور، وهذا يعني زيادة فرصة صيد هذه الطيور، فمعظم الصيادين لا يفرقون بين أنواع الإوز الثلاثة: الصدّاح، والصامت، والتندرا، فكلها بالنسبة لهم طيور كبيرة، ولكنهم أفادونا بمعلومة جديدة عن الإوز، وهي أن الأنواع المختلفة تهاجر مع بعضها، ويمكن أن يتكون السرب من أنواع مختلفة.

تسلك الإوزة ليو طريقا متعرجا اكتشف العلماء أنه بسبب رفقتها لأنواع أخرى من الإوز

 

الإوزة ليو.. مسار متعرج غير معتاد

وقد اكتشف الفريق سبباً آخر لنفوق الطيور، فبعضها يتغذى على بقايا الرصاص في أغلفة الأعيرة النارية (الخرطوش)، وقد اكتشف فريق البحث هذا أثناء الرحلة، ولدى تصوير بعض هذه الطيور بالأشعة السينية وجدت ترسبات الرصاص في أجسادها، وهذا مما يؤدي إلى مرضها وموتها.

وبالعودة إلى الصغيرة “تشارلوت”، فالأخبار التي تحملها إلينا إشارات الأقمار لا تبشر بخير، فقد رصدت هذه الإشارات أن تشارلوت لم تغادر موقعها، واضطر “بن” للعودة بالسيارة عبر ثلاث دول إلى النقطة التي رأى فيها تشارلوت آخر مرة في إستونيا، ويبدو أن الأسوأ قد حصل لهذه المسكينة الصغيرة، وبالتالي لن نراها في جنوب إنجلترا في الشتاء.

ومع تتبع مسار الإوز في بولندا، وجد الفريق مسارا متعرجا غريبا للإوزة “ليو” ذات الست سنوات. حيث تشير إحصاءات المسافة أن ليو قطعت ثلاثة آلاف كيلومتر، أي ثلثي مسافة الرحلة إلى إنجلترا، وقد انطلق “بن” لمشاهدتها، وقد وجدها فعلا، ولكن ضمن سرب كبير من طيور الإوز الصدّاح، وهو أكبر حجما وأكثر هيمنة، ويبدو أن ليو اختارت هذه الصحبة من أجل الحصول على الحماية والطعام.

تُظهر ليو سلوكا غريبا، فهي تصحب الإوز الصداح في الاستراحة في حقول المزارعين وتتغذى على مزروعاتهم، وهذا سلوك لم يكن شائعا في الإوز منذ مئة عام خلت، ولكن تناقص مساحات الأراضي الرطبة التي يفضلها الإوز بفعل التغير المناخي، جعل الإوز يبحث عن بديل، وهذا يجعله على تماس أكبر مع الناس والصيادين، والمنشآت الصناعية.

تحاول ساشا نشر فكرة حماية الإوز بين الناس أثناء رحلتها عبر أوروبا الغربية، وتستغل محطات هبوطها واستراحتها لتشرح للناس مهمتها في هذا المشروع، ونشر التوعية عن هذا النوع من الإوز، وأسباب تناقص أعداده. وقد بدأ الناس يلاحظون بعض هذه الأسباب ويبلغون عنها، مثل اصطدام الطيور بكابلات نقل الكهرباء، والتي تمتد على مسار هجرة الطيور.

ففي ألمانيا كان القدر يحضر مفاجأة سارة لـ”بن”، فبالتعاون مع باحث طيور محلي، اكتشف “بن” موقعا لاستراحة الطيور المهاجرة، وأمكنه مشاهدة أكثر من 1200 إوزة تندرا.

كان هذا ثمرة تضافر الجهود عبر حدود الدول المختلفة، فالطيور لا تعرف الجغرافيا السياسية ولا الحدود، وعلى البشر الذين يدرسونها أن لا تعيقهم الحدود كذلك.

بقيت مرحلة حاسمة واحدة قبل أن يصل الإوز إلى محطته الأخيرة في المناطق الدافئة من بلجيكا والدانمارك والمملكة المتحدة، وهي عبور قناة “بحر المانش”. إذ ستتحرك أسراب الإوز في اللحظة الأخيرة عندما يبلغ البرد القارس مداه. ويرصد “بن” درجة حرارة البحيرة التي تبلغ نحو -5 درجات مئوية، فالبحيرة متجمدة تماما، وهذا يعني أن وقت الرحيل قد أزف.

أسلاك الكهرباء في طريق هجرة الإوز هي السبب الأكبر في هلاكها

 

أسلاك الكهرباء.. أسباب الهلاك المحتمة

تصطدم الطيور بخطوط الكهرباء لأنها لا تستطيع رؤيتها وهي في السماء، ففي مسار الإوز بإمكان ساشا معرفة السبب، إذ لا تستطيع الأوز تجنب هذا المسار. من أجل ذلك قامت بعض البلدان بوضع محولات مختلفة على الأسلاك لتحذير الإوز الطائر.

وقد أقلعت أسراب الإوز، وها هي ساشا تقلع بالباراموتور كذلك، إنها تجربة خطيرة للغاية، فالتحليق فوق الماء وفي ممر مزدحم بالعبّارات والسفن طوال العام، يجعل من الصعب على الإوز الهبوط للراحة والتزود بالغذاء، كما أن السقوط أو تعطل المحرك يعتبر مميتا بالنسبة لساشا. بينما كان “بن” ينتظرهم في المحطة النهائية للمنظمة في “سليمبردج”.

ومن الرائع جدا أن ترى أصدقاءك الذين صحبتهم منذ أشهر، وعبْر آلاف الأميال يصلون إلى الوجهة النهائية، وإن تعددت وسائل الانتقال.

وها هي “ديزي كلارك”، وتلك “ليو”، الفرخان الصغيران اللذان صاحبهما “بن” منذ لحظة فقسهما في القطب الشمالي، وها هي ساشا أخيرا تهبط بمحركها العجيب، والفرحة تغمرها. أما تشارلوت المسكينة، فقد دفنت تحت الثلج هناك.

من المؤسف حقا أن ربع إوز التندرا الذي غادر المملكة المتحدة العام الماضي لم يعد مطلقا، إنها نسبة فاقت ما كان يتوقعه العلماء والباحثون، وقد تفاوتت الأسباب بين طبيعية وأخرى من صنع الإنسان، وكان أكبرها تأثيراً هو نقص الأراضي الرطبة، والتي تحولت بفعل الإنسان وتغيرات المناخ إلى مزارع للناس.


إعلان