“اغتيال مارتن لوثر كينغ”.. سلاح الموسيقى الذي حمله السود في وجه العنصرية
خاص-الوثائقية
يعتبر “مارتن لوثر الابن” رمزا قوميا للأمريكيين ذوي الأصول الأفريقية، فهو من أشهر المناضلين على مستوى العالم الذين كافحوا من أجل الحرية الإنسانية والمساواة ونبذ العنصرية بطريقة عدم العنف.
بين أيدينا حلقة من سلسلة وثائقية تحت عنوان “أغان صنعت التاريخ”، وتسلط الضوء على الموسيقى والأغاني الشهيرة التي رافقت نضاله وتحدثت عن حياته واغتياله وعبرت عن إنجازاته، من خلال تقديم عدد كبير من الصور والمقاطع الأرشيفية النادرة.
“مات ملك الحب”.. جنازة نظام العنصرية المكلفة
يقول “مارتن لوثر”: أظن أن من أكثر الصور التي رأيتها مأساوية على الإطلاق، هي انعدام إنسانية المرء تجاه أخيه الإنسان، فلدي قناعة أن نظام التمييز العنصري على وشك الموت، ولكن الشيء الوحيد غير الأكيد حيال الأمر هو إلى أي مدى سيجعل العنصري الجنازة مكلفة.
لقد كانت الجنازة مكلفة بالفعل لـ”مارتن لوثر” نفسه، فقد دفع حياته ثمنا من أجل ما دافع عنه، ففي الرابع من أبريل/ نيسان عام 1968، اغتيل الزعيم البارز على يد أحد الرجال البيض العنصريين، ويدعى
“جيمس إرل راي” في مدينة ممفيس في ولاية تينيسي.
في لقطة الاغتيال التي يعرضها الفيلم، يقول “أندرو يونغ” أحد القادة المدافعين عن الحقوق المدنية: كنا نستعد للذهاب لتناول العشاء في منزل القس “كايل”، وكلنا بانتظار “مارتن” الذي صعد إلى الغرفة ليرتدي قميصه وربطة عنقه، وحين خرج اقترحت عليه أن يرتدي معطفا لأننا كنا في أبريل/نيسان وكان البرد شديدا، وفي تلك اللحظة دوت رصاصة قطعت حافة ذقنه فمزقت حبله الشوكي على الفور، لا أظن أنه سمع صوت الرصاصة، ولا حتى أحس بها حين اخترقته، وصلتُ إليه كان لا يزال قلبه نابضا، لكن كان من الواضح أن كل شيء انتهى.
نقل الدكتور “مارتن كينغ” إلى حجرة الطوارئ في مستشفى سانت جوزيف، ووافته المنية في الساعة السابعة مساء. يقول القس “آل شاربتون”: بكت أمي حين عرض الخبر على الشاشة، كأن واحدا من عائلتنا قد توفى، وذلك لأنه كان المنقذ بالنسبة لها ولجيلها، فهو الذي أخرجهم من العزلة وإذلال السياسة والتمييز العنصري.
أما “سام سيمون” شقيق المغنية “نينا سيمون”، فيصف وقع خبر وفاة “لوثر” عليهم كأنه شاحنة عملاقة اخترقت قلوبهم، ويقول: من رحم ذلك الإحساس ولدت أغنية “مات ملك الحب” (The King of Love Is Dead).
“كان عليهم حرق البلاد بأكملها”.. شغب المسلحين السود
كانت المغنية “نينا سيمون” مخلصة للحركة، وعبرت من خلال أغنيتها عن الألم الذي يعتصر المجتمع الأمريكي ذا الأصول الأفريقية، لقد كانت محطمة وغاضبة، فقد ولدت في الجنوب، وعانت من التمييز العنصري، وكانت أغنيتها “تبا مسيسيبي” (Mississippi Goddam) واحدة من أكثر أغانيها حدة في انتقادها لسياسات التمييز العنصري، وكان لكلمة “تبا” تأثير قوي بالأغنية التي حظرت فيما بعد.
تقول “نينا سيمون”: أنا من أختار الأوقات والمواقف التي أجد نفسي فيها، وهذا هو الجمال بالنسبة لي، وفي هذه الفترة الحرجة في حياتنا عندما يلف اليأس كل شيء، وعندما نكافح كل يوم من أجل الصمود، فلا أظن أنه يمكن أن تمنع نفسك من المشاركة.
في تلك الفترة أصبحت العلاقات العرقية في أمريكا متوترة للغاية، وكانت على وشك الانفجار واحترقت مئة مدينة على إثر اغتيال الدكتور “كينغ”، وكان الحرس الوطني والشرطة تحت الحصار نظرا لوجود مسلحين غاضبين من السود. يقول الموسيقي “ديفيد كروسبي”: كان عليهم حرق البلاد بأكملها، وليس مدن السود فقط، فلم يكن “كينغ” بطلا للسود فحسب، بل للجميع.
كان المتظاهرون المحتجون في حركة “بلاك لايف ماتر” يهتدون بالطريق الطويل لهؤلاء المناضلين من أجل حقوقهم، وكانوا يعلمون أن الحركة ليست بالشكل السهل والسريع.
“سنتجاوز الأمر”.. روحانية الأغاني الزنجية القديمة
استمرت المسيرات بعد مقتل “مارتن لوثر”. يقول الموسيقى بيتر يارو من فرقة بيتر بول أند ماري: كنت في ممفيس في الذكرى الثانية لمقتل “كينغ”، شاركت في المسيرة وفجأة انفجرت قنبلة دخان، كان هناك آلاف الناس ولم يتحرك أحد منهم، وتشابكت أذرعنا وبدأنا نردد أغنية “سنتجاوز الأمر” (We Shall Overcome).
كانت هذه الأغنية درعا، وكانت حركة الحقوق المدنية هي الصيحة الأولى في الولايات المتحدة التي ذكرت بأن الناس العاديين يمكنهم التوحد وتغيير التاريخ، فقبل هذه الحركة كانت الإعدامات تنفذ مرة كل ثلاثة أيام بدون محاكمات أو تداعيات قانونية.
كانت هناك قوة وشجاعة في المظاهرات السلمية التي استخدمت الغناء كوسيلة للتعبير، رغم إمكانية تعرضهم لإطلاق النار والضرب ومطاردة الكلاب لم ينهاهم هذا عن الخروج.
“سنتجاوز الأمر” أغنية روحانية قديمة للزنوج، وكانت تستخدم في حركة العمال، ثم أصبحت شعارا وتقبلها الناس. يقول الموسيقي “تشارلز نيبليت” من فرقة “اس ان سي سي فريدام سينغرز”: لقد اخترنا اسم فرقتنا وغنينا في البيوت وقاعة كارغي وحملنا رسالة الحركة عبر الشمال، كان الدكتور “كينغ” يغني معنا بعض الأحيان، لكنه بارع في الوعظ وليس في الغناء، كنا نغني في القداس وفي الإضرابات وفي السجن أيضا، وكانت الموسيقى هي الرباط الذي يجمع كل شيء معا.
“لأن القوس الأخلاقي للكون طويل، لكنه ينحني أمام العدالة”
ضمت حركة الحقوق المدنية أفارقة متدينين من الجنوب وآخرين من البيض من جميع أنحاء البلاد، ونشأت بسبب ما بذله الناس وما قدموه من تضحيات، وليس بسبب إعلان تحرير العبيد.
كانت النجمة العالمية “جوان بيز” شخصية مهمة وحاضرة في أكثر الأماكن خطورة، ورغم أنها بيضاء فقد كانت قلقة على مصير الحركة. يقول “أندرو يونغ”: كان لها صورة في مدينة غرينادا بولاية مسيسيبي وهي تمشي خلف الدكتور “كينغ” وخلفي مباشرة، ذهبنا هناك لأن ثمة عصابة ألقت الأطفال عبر النوافذ في إحدى رياض الأطفال.
يقول الموسيقي “ديفيد كروسبي”: كان “مارتن لوثر” يعلم أنهم يتربصون به لقتله، لقد غير هذا النوع من الشجاعة نظرتي تجاه البشر فبإمكانهم القيام بأعمال إنسانية ذات مردود رائع، وتنتشر في المجتمع وتلهم الناس.
يقول “مارتن لوثر”: إن الحركة خليط من الناس بما فيهم أنا، لهذا أستطيع الاستمرار في غناء “سنتجاوز الأمر”، لأن القوس الأخلاقي للكون طويل، لكنه ينحني أمام العدالة.
كما كان يقول: لا أحد في كامل قواه العقلية يفكر أنهم من الممكن أن يواجهوا الحكومة الفيدرالية والعالم وكل محاكم الولايات والشرطة من دون أموال وأسلحة وسلطة سياسية، بلا أي شيء سوى فكرة في رأسه أو أغنية في قلبه.
“أيها الناس استعدوا”.. مشاعر التمرد في الموسيقى
بدأت قوانين “جيم كرو” العنصرية بالتداعي، لكن في أعقاب الستينيات كان لا يزال التشريع موجودا لكنه لم يكن مطبقا، كان لدينا الأساس وكان يقال أنتم جميعا أحرار لكننا لم نكن سواء، وأصبحت الموسيقى متنفس الأمريكيين الأفارقة للتعبير عن آمالهم ورغباتهم وانتقاداتهم الاجتماعية.
غنت “أريثا فرانكلين” في عام 1968 أغنيتها “أيها الناس استعدوا” (People Get Ready)، ويعد هذا الثبات الإنجيلي في الأغنية إرثا موسيقيا للسود، ويرى الدكتور “يوهورو ويليامز” أن الأغنية كانت مثل “قطار قادم”، وقد استلهمها “كورتس ميفل” من الحركة وطوعها لتصبح مثل أغنية روحية قديمة.
كانت الأغنية وقفة مميزة أثارت مجموعة من العقبات التي يجب التخلص منها كعنف رجال الشرطة وعدم المساواة الاقتصادية، يقول الكاتب “نيلسون جورج”: كان صوت “أريثا فرانكلين” قويا وتجسيدا لقوة السود، أعني أن صوتها حرفيا أداة تفوق استيعاب أي شخص، إنها من أروع الأصوات في التاريخ الأمريكي، كانت قادرة على التنقل بين الخطوط العرقية واستدعاء قوة لا حد لها وإغواء مصحوب بالغضب، وصار تجسيدا للبشرة السوداء، وهو تجسيد مفعم بالعاطفة الذي يميز شعبنا.
في أوائل الستينيات كانت ترانيم الوحدة تنتشر، وما أن ظهرت حركة القوة السوداء تلاشت الترانيم وحلت محلها مشاعر التمرد في الموسيقى، كان هناك هذا الجزم والإيقاعات والقسوة.
“قلها بصوت عال: أنا أسود وأفتخر”
يقول القس “آل شاربتون”: كنت ترى أولئك الذين يصففون شعرهم على الطريقة الأفريقية، ويغنون “سنتجاوز الأمر”. وتقول الموسيقية “كاثي سليدج” من فرقة “سبنسر سليدج”: كان هناك شعور بالهوية من خلال الموضة والموسيقى، ومثال ذلك أغنية جيمس “جوزيف براون” الشهيرة: “قلها بصوت عال: أنا أسود وأفتخر” (Say It Loud, I’m Black & I’m Proud)، فقد كانت لسان حال السود ورسالتهم الحازمة.
يروي أستاذ الجامعة “تود بويد” قصته عندما أهدته عمته وهو ابن خمس سنوات صورة لـ”جيمس براون” بتسريحته المميزة، كان سعيدا بها وأخذ يتلمس الصورة بأصابعه، كانوا لأول مرة يرون البيض الأمريكيين يتمنون أن يصبحوا ببشرة سوداء، لقد نجح “جيمي براون” بإيصال رسالته.
يقول “جيمس جوزيف براون”: يجب أن تشعر دائما بالفخر والثقة، وأن تقوم بما يجب عليك القيام به كإنسان، ورددها بصوت عال أنك فخور بذلك.
وبسبب حركة الحقوق المدنية تغيرت أمور كثيرة في الولايات المتحدة، منها الدمج في المدارس وانتخاب مسؤولين من ذوي البشرة السوداء. يقول “أندرو يونغ”: عندما يكون المصوتون من السود ذوي أعداد كبيرة سوف نحصل على رجل منتخب يستطيع تمثيل الجميع، ويكون لدينا أمل جديد.
أصبح هناك فرصة أمام الفنانين ذوي الأصول الأفريقية لتحقيق النجاحات، كذلك الشركات كشركة “موتاون” التي أصبحت واحدة من قصص النجاح البارزة في أمريكا.
“ستيفي وندر”.. قائد موسيقي يظهر في الوقت المناسب
يقول “نيلسون جورج”: انتشرت موسيقى السود في فترة السبعينيات حيث كان تسويق ألبومات “مارفن غي” و”باري وايت” و”أيزاك” يقع بشكل ممتاز وكان “بيبي” (ستيفي وندر) قد بدأ بالظهور في الوقت المناسب، وصنفت واحدة من أغانيه من أهم أغاني التمييز العنصري.
بعد حركة الحقوق المدنية انتشرت المخدرات، وعانى المجتمع من الانحلال، وقد عبرت الموسيقى عن ذلك كله، عبرت أغنية “ستيفي وندر” عن معاناة أحياء السود في الولايات المتحدة، من أزمات اقتصادية واجتماعية، وعن الصمود والحياة إلى حد الكفاف.
يقول “ستيفي وندر”: ذهبت إلى موتاون وأنا ابن تسع سنوات، فلم يعتبروني فنانا واعتبروني طفلا، وخضت تجارب أخرى جديدة وجميلة أدت إلى أن أكتب الأغاني بشكل معين.
لقد كان “ستيفي” على قدر كبير من الوعي السياسي –كما يقول الموسيقى “روبينسون سموكي”- فهو رجل يريد للعالم أن يكون في مكان أفضل، “جميعنا يرغب في ذلك لكن ستيفي يعيش هذه الفكرة”.
“لقد هاجم هذه البلاد بأكثر الطرق وحشية”
في جلسة الكونغرس 7 يونيو/ حزيران من العام 1983 قدم طلب ليكون عيد ميلاد “مارتن لوثر” يوم عطلة، لكن السيناتور “هلمز” أصر على عدم تخصيص يوم عطلة كذكرى للدكتور “كينغ” وقال: لقد هاجم هذه البلاد بأكثر الطرق وحشية.
قام “ستيفي” بعمل تجمع أمام الكونغرس، وقال فيه: إنه من المناسب أن نجتمع هنا، فمن هذا المكان ألهم “مارتن لوثر كينغ” الأمة بأسرها، إن هدفي كفنان هو إيصال الرسالة التي من شأنها أن تنهض بنا جميعا. إن “مارتن لوثر” لم يتحدث عن السود أو ذوي الأصول الإسبانية، ولكنه قال الحقيقة التي مثلت كل فرد أمريكي في هذا المجتمع المتعدد.
ابتكر “ستيفي” طريقة جديدة لغناء عيد ميلاد سعيد ينم عن عبقريته، وبدأ الناس بغنائها، ولم يكن لدى الناس أدنى فكرة أنها لا تمت بصلة إلى عيد ميلاده، وأنها واحدة من أهم الأغاني التي تؤدي عملا سياسيا. يقول القس “آل شاربتون”: لم أتخيل أننا سنحصل على يوم عطلة لـ”لوثر كينغ” لو لم يغن “ستيفي” هذه الأغنية.
“حارب السلطة”.. عودة أمريكية إلى عصور الظلام العنصري
هجّرت أمريكا الأحياء الفقيرة في الثمانينات من القرن الماضي، وهدمت المباني في أحياء السود، وكان على الجميع مغادرة منازلهم يقول الموسيقى “جورج كلينتون”: أنا أسمي هذا بالفوضى المهندسة اجتماعيا، التي تؤدي إلى الفوضى الشاملة.
شعرت حركة الحقوق المدنية أنه جرى التخلي عنها، يقول “آل شاربتون”: لم تتعامل حركة الحقوق المدنية التي شاهدنها في الجنوب قط مع العنصرية القابعة في الشمال، وعندما بدأ القتل في نيويورك استخدمنا بعض تلك الأساليب، وخرجنا بمسيرات داخل الأحياء وكنا أكثر تحديا، ورغم أننا لم نتعمد العنف فقد كنا نواجه الأشخاص مباشرة.
عادت تناقضات الفصل العنصري من جديد إلى أمريكا في عام 1989، وكان إلغاء الفصل العنصري في المدارس في ذروته وتصاعد العنف والكراهية، في تلك الفترة أطلق “تشاك دي” فرقة “بابلك أنيمي” (Public Enemy) التي دافعت أغنيتها الشهيرة “حارب السلطة” (Fight the Power) عن الشباب السود، واستخدموا شعارا لهم “مرمى البندقية”، كناية عن استهداف الشباب السود.
كانت فرقة “بابلك أنيمي” أشهر فرقة راب سياسية في الولايات المتحدة، لم يخافوا وقاموا باستحضار تنظيم أمة الإسلام وزعيمه لويس فرخان وسياسة القومية السوداء.
يقول “تويد بويد”: الاقتباس هو نوع من التجريب الموسيقي، لكنني لطالما اعتبرته سبيلا للاعتراف بالتاريخ الموسيقي، لذلك يمكن النظر لفرقة “بابلك أنيمي” باعتبارهم يتحدثون عن أسلافهم أمثال “جيمس براون”، ومن ثم يعيدون هؤلاء الاسلاف إلى جيلهم الجديد. عندما تعرض الأمريكيون الأفارقة للاعتداء مجددا، أظهروا من جديد أن لديهم عقيدة للكفاح جربوها من قبل في الخمسينيات والستينيات ضد السلطة والتضحية بالنفس، كانوا يحتاجون للتفكير بالخلاص الذي ينتظرهم والاستعداد والجاهزية ليصنعوا التاريخ.
“كنت فخورا للغاية بأمريكا”.. انتخاب “أوباما” يثني قوس التاريخ
يرى الرئيس الأمريكي الأسبق “باراك أوباما” أنه في كل مرة حل فيه التغيير لم يكن بسبب زعيم معين أحدث كل ذلك التغيير، لكن ما حدث هو أن حركة بدأت بأشخاص يريدون التغيير، وزعيم يقول: أتعلمون شيئا؟ إن كان باستطاعتي المضي معكم، أود أن أشمر ساعدي، أريد أن أحدث تغييرا، أريد أن أكون مشاركا في صنع أمريكا أفضل.
خرج باراك أوباما مع عائلته وبدأ التحدث: للإمساك بقوس التاريخ وثنيه مرة أخرى تجاه الأمل في يوم أفضل، لقد استغرق الأمر وقتا طويلا، لكن الليلة وبسبب ما فعلناه في الانتخابات وفي هذه اللحظة الفارقة فقد حل التغيير في أمريكا.
تقول الموسيقية “أندرا داي” عن لحظة تنصيب أوباما: لقد كان الأمر عاطفيا، وحين نظرت إلى عيني أبي كانت مليئة بالدموع، أما جدتي فكانت محطمة بالكامل، لقد عاشت لمئة عام ورأت الكثير، وشاهدناه يتولى رئاسة البلاد، شعرت بالقشعريرة.
ويقول “سموكي روبنسون”: كنت فخورا للغاية بأمريكا، لم ينتخب السود “أوباما”، بل انتخبته الولايات المتحدة، وصوت له الناس من جميع الأعمار، ولولا ذلك لم يكن ليصبح رئيسا.
ويقول “جيف تشانغ”: عندما انتخب “أوباما” رئيسا تنامى شعور لدينا، ربما تجاوزنا السقف، وسادت حماسة غير عقلانية أننا قد تجاوزنا بالفعل.
“سنكون بخير”.. روحانية وعود الموسيقى النابعة من الكفاح
يقول “زيلي إيماني”: انضممت إلى “حياة السود مهمة” (Black Lives Matter) بعد مقتل “مايك براون” على يد “وارن ويلسن” في مدينة ديكسون في ولاية ميزوري عام 2014، لأنه لم يكن بمقدورنا الاعتماد على الرئيس فقط، وجاء “جيسي جاكسون” إلى مدينة فيرغسون، وسرنا معا في مسيرة ووصلنا إلى إحدى الكنائس، وعدنا إلى أغنية “سنتجاوز الأمر”، لكن الأغنية لا تخبرنا متى سيكون ذلك.
بدأ الناس بترديد أغنية “سنكون بخير” (We Gon’ Be Alright) لـ”كندريك لامار”. يقول “جيف تشانغ”: في هذه الأغنية فيها إحساس روحاني يرجعنا للموسيقى الرائعة لحركة حقوق المدنية، تتحدث عن الجماعة وعن القوى العليا التي تدفعنا للأمام، وهي مسألة تجعل الإنسان يتحلى بالإيمان.
تقول الأستاذة الجامعية “سالا ميشاه تيليت”: حملت الأغنية رسائل عدة، منها أننا سنكون بخير لأننا سنتخطى هذا اليوم، سنحارب لأجل إنقاذ الأمة وأنفسنا، فنحن على صواب وقضيتنا عادلة أخلاقيا.
تنبئ أغنية “سنكون بخير” لـ”كندريك لامار” عن تغير ما في الأسلوب، فالشباب معنيون بالأشياء الجديدة، ويفعلون ذلك لأنهم لا يريدون سماع أصوات جداتهم، سيتحدث “كندريك”، وهذا أفضل تاريخ لوجودهم هنا.
“عندما تفقد الأمل تأتي الموسيقى لتمدك به”
ترى “دافني بروكس” أن هناك انسيابا لطيفا لموسيقى الهيب هوب كسلاح أو لخوض الصراعات اليومية، إنها تعبر عن رسالة صادرة من الصوت الداخلي، مفادها أن ما يحدث الآن مؤلم، ولكن بنظرة أشمل سنكون بخير.
يقول المؤلف الموسيقي “جيسون مينغ”: عندما تفقد الأمل تأتي الموسيقى لتمدك به، فهي تنقلك إلى مكان آخر فيه حرية ممكنة للأفارقة الذين حرموا منها سياسيا، وهذا هو إرث الدكتور “كينغ” الحقيقي الذي يجب إبقاؤه في قلوبنا.
وعلى رغم أن أمريكا بلد واعدة فإنها ما زالت في طور التطور، ويجب إعادة هيكلتها في جميع المجالات لتشمل كل هذه الأصوات لأولئك الذين يشكلون النسيج الحقيقي للبلاد، لأن الأمر صادم، فبعد كل تلك العقود ما زلنا نطرح الأسئلة نفسها، وإذا أردنا تخليد ذكرى “مارتن لوثر” فيجب تشريع قوانين لما كان يريد القيام به.
لقد صنع التاريخ قادة أكثر مما صنع القادة تاريخا، وفي طليعة الرجال السود الذين خلدهم التاريخ ظهر “مارتن لوثر” كمفوض ومخلص لهم، ولو نظرنا للتاريخ من منظور موسيقي فستكون الرؤيا قوية ويتجدد الأمل في الأجيال القادمة، وستتجاوز الأمر.