الدراما بين رمضانين.. ألوان التغريب والهشاشة تصبغ الشاشة العربية

أسماء الغول
منذ أن انتهى موسم رمضان الفائت 2021، ومع اقتراب رمضان عام 2022، مرّ عام كان بمثابة طفرة قوية في عالم صناعة المسلسلات العربية، فقد سيطرت منصة “شاهد” على إنتاج الغالبية منها، وذلك بمعدل أكثر من 28 مسلسلا مصريا وخليجيا وسوريا وعربيا، وتميزت هذه المسلسلات بالقصص المكثفة والقضايا الجديدة والطابع السينمائي، وذلك في حلقات قصيرة لا تتجاوز 13 حلقة في أغلب الأحيان.
وقد تميز بعض هذه المسلسلات بالإتقان والقوة، مثل المسلسل السوري “على الحد” للممثلة سلاف معمار، فقد شكّل حالة خاصة على مستوى الكتابة والإخراج والتمثيل من الاحتراف، وتقديم النموذج النسوي المغاير.
بينما جاءت بعض المسلسلات منقولة عن الدراما الأجنبية ولا تشبه الإنتاج العربي، مثل مسلسل “8 أيام” لمكسيم خليل، فعلى الرغم من قوة إنتاجه الواضحة، فإن من يشاهد مسلسلات بوليسية أجنبية من الصعب أن يشاهد مسلسلا آخر عربيا يُقلدها، وعلى شاكلته مسلسل “اعترافات فاشنيستا” الذي كان من الممكن أن يصل إلى الحرفية العالية لولا التمثيل المبالغ فيه لبعض الشخصيات كدور الممثلة مرام علي، وإقحام بعض اللقطات التي لا تناسب السياق، والصراخ المتكرر.
تغريب الدراما.. إبداعات مبهرة لا تنتمي للمجتمع العربي
يعد مسلسل “اعترافات فاشنيستا” أحد محاولات تغريب الدراما إلى أقصى حد، بحيث ينعكس ذلك على سلوكيات وقيم الأبطال، وليس فقط على الإخراج واللقطات وسرعتها، والإبهار البصري في أجواء من الأزياء والاحتفالات الفخمة المتكررة.
وهو ذاته ما نراه في مسلسل “قواعد الطلاق” للممثلة إنجي المقدم، إلا أنه ليس قصيرا مثل سابقه، بل تجاوزت حلقاته 40 حلقة، ويتميز بالخفة والطابع الكوميدي، مما يجعله مسلسلا لطيفا لولا أن الجمهور شعر أنه لا ينتمي إلى المجتمع المصري، بل كأنه يخلق مصر جديدة لا يتشارك بها الممثل مع الجمهور في اختيارات وتفاصيل بطلاته اليومية.
وسرعان ما ظهر مسلسل يُشبهه، بل كاد ينسخ حكاياته، لكنه هذه المرة على منصة “نتفليكس” وبحلقات أقصر، وهو “البحث عن علا” للممثلة هند صبري، ويمر أيضا على حقوق المرأة ليس من منطلق حقوقي جذري، بل من منطلق طبقي برجوازي فيه كثير من القيم الذكورية.
موضة المسلسلات القصيرة.. قصص لا تشبع جوع المشاهد العربي
هناك أعمال أخرى عرضتها منصة “شاهد” بدت أصيلة بعيدة عن التغريب، إلا أنها شديدة القصر غير مُشبعة للمُشاهد، وكأنها تبدأ من وسط أحداث موجودة مسبقة، وعلى المشاهد تخمينها، وأغلبها بنهايات مفتوحة، إلا أنها محبوكة جيدا، مثل مسلسل “موضوع عائلي” لماجد الكدواني، و”صالون زهرة” لنادين نسيب نجيم، و”رقصة مطر” لمكسيم خليل، و”الجسر” لنيلي كريم، و”منورة بأهلها” لليلى علوي وباسم سمرة.
هذان المسلسلان الأخيران تغلُب عليهما الفانتازيا والتجريب والرمزية العالية، ومن الصعب تعلق الجمهور بهما، على عكس المسلسلات الطويلة المعتادة التي تقدمها مجموعة “إم بي سي” على منصة شاهد عبر مواسم، مثل الجزء الثالث من “عروس بيروت” والثالث كذلك من المسلسل الكوميدي “الآنسة فرح”، والجزء الثاني من سلسلة “ليه لأ؟” الذي قدّم الممثلة منة شلبي في دور غير مسبوق أثار ضجة وأحيا قضية إنسانية هي التبني.

هذه المسلسلات الطويلة التي استطاعت ربط الجمهور بها عبر سنوات قدمت قضايا أثارت عدة مرات نقاشا وسخرية على مواقع التواصل الاجتماعي.
قوة الصورة وهشاشة المحتوى.. نهضة الدراما المائلة
هذا التجريب المستمر والحرية التي وجد عليها نفسه الممثل أمام جهد مبذول أقل في حلقات أقصر؛ جعلت الجميع يُقدّم أفضل ما عنده، وحسّن كثيرا من مستوى الدراما العربية التي كادت أن تسقط إلى هاوية الإنتاج الحكومي في مصر وسوريا، بل جعل الممثلة منة شلبي أول عربية تترشح لجائزة “إيمي” عام 2021 عن دورها في مسلسل “في كل أسبوع يوم جمعة” (2020).
بيد أنه أيضا قدّم أعمالا تبدو قوية في ظاهرها، إلا أننا بمجرد متابعتها نكتشف ضعفها وأحداثها غير المترابطة والمكررة، وبعضها طويل دون مبرر، وأحيانا تبقى غامضة دون الكشف عن بعض التفاصيل فيها، إضافة إلى المبالغة في الأداء، مثل مسلسلي “بارانويا” و”الوسم” لقصي خولي، فرغم حملة إعلانية ضخمة -أهم ما فيها تغير شكل قصي خولي-، فإن شخصياتها وأحداثها مملة ليس لها تبرير درامي مقنع، وكأن خولي يحاول أن يصنع شيئا يُوازي جماهيرية مسلسل “الهيبة”، لكنه لا يستطيع ذلك حتى اللحظة.
ومن هذه الأعمال الطويلة والضعيفة في باطنها مسلسل “على الحلوة والمُرّة” الذي اعتمد على الإبهار البصري والمصادفات غير المبررة طوال حلقاته، دون أن يقدم دراما حقيقية، وكان من بطولة نيقولا معوض ودانا مارديني، ومن الواضح أنه يقدم لنا دراما تركية مُعرّبة مثله مثل “عروس بيروت”.
“عروس بيروت”.. تحفة ممسوخة المحتوى غريبة البيئة
ويبدو أن “عروس بيروت” لن يذهب بنا إلى أي مكان سوى تقديم دراما مسلية فيها الكثير مما يشتهيه المتفرج العربي ولن يناله يوما، خاصة شخصية “ثريا” التي تقوم بها الممثلة اللبنانية كارمن بصيبص، وهي الشخصية الملاك التي غيّرت الجميع للأفضل عبر نصائح عميقة مثل “لن تغفر الناس لك إذا لم تغفر لنفسك”، وهذه النصائح لم تأت من شخصيات عميقة تعاني معاناة حقيقية أو تمر بعثرات يصدقها المشاهد، مما يجعلها حوارات مضحكة غير قابلة للتصديق.
لقد وردت هذه العبارة ذاتها تماما في مسلسل “النشوة” الأمريكي الذي يُعرض بالصدفة الجزء الثاني منه بالتوازي مع “عروس بيروت”، لكن على منصة “إتش بي أوه” (HBO)، وتأتي العبارة من أفواه شخصيات عميقة ومعقدة رأى المشاهد ما مرّت به من واقع مؤلم أوصلها إلى قول عبارة مماثلة، وبعد معاناة شديدة مع الإدمان، إلى درجة تجعلك تشعر أنك مختنق في داخل بيئتك وتحتاج فعلا إلى أن تغفر لذاتك، وتسترجع كمُشاهد كل ما يمر بك، وقد تتعلم من هذا النوع من الدراما الغفران وتُغير فيك، لكن بالتأكيد ليس هذا ما ستفعله “عروس بيروت”.
ولا ننسى أن كثيرا من هذه المسلسلات لم تصور في بيئتها، فـ”عروس بيروت” صُوّر في تركيا، بينما صوّر عدد من المسلسلات المصرية الشعبية في مدينة إنتاجية بمدينة بيروت، مما يعني أنها اعتمدت على خداع مزدوج للمشاهد، لكن في بعض المسلسلات لم يقلل هذا من العمل أو يسبب إرباكا في أحداثه، مثل مسلسل “أيام” لحورية فرغلي ورياض خولي، ويتحدث عن مشاكل الحارة المصرية ويُعيدها إلى الشاشة دون قصص البلطجة، بل يستعرض الشخصية المصرية البسيطة التي تواجه صعوبات الحياة، وقد كان عملا بديعا في ثلاثة أجزاء سيعرض الأخير منها بعد رمضان القادم.
“60 دقيقة”.. ثغرات درامية في مسلسل مجتث الجذور
إن الصدقيّة والأصالة التي تحلى بها مسلسل “أيام” لا يمكن الشعور بها في مسلسل “60 دقيقة” الذي صُوّر في بيروت أيضا رغم أن أحداثه تدور في مصر، ويحكي قصة زوجة طبيب نفسي تقترب من الهوس المرضي، وتقتل زوجها الذي يخدعها نفسيا وعاطفيا، وقام بالدورين الممثلة ياسمين رئيس والسوري محمود نصر الذي أتقن اللهجة المصرية في سنوات قليلة، على عكس زملائه الذي يعملون في الدراما المصرية منذ عقود.
يصاحبك شعور خلال الحلقات أن المسلسل مجتث الجذور وغريب حتى على أبطاله، وليس المكان فقط، مما سبّب ثغرات درامية وضعفا في كثير من الأماكن، ومع ذلك لا يزال جذابا، فهو يعرض قضية جريئة هي تحرش الطبيب بمريضاته اللواتي يثقن به.
“أغلب المنصات ذات أهداف تجارية”.. وحش المستقبل
تتحدث سماح الحريري للجزيرة الوثائقية عن انتماء العمل الفني لبيئته وصدقه، وهي كاتبة مسلسل “أيام”، وكتبت من قبل أيضا مسلسل “زواج قاصرات” و”ساحرة الجنوب”، وتقول: إن الكتابة المتناسقة القائمة على الضمير والحب مهمة جدا للعمل، لذلك كنت مترددة حين عرفت أن مسلسل “أيام” سيمثل في بيروت، إلا أن صدقية العمل وتفاني أبطاله والعاملين فيه كلها عوامل جعلت العمل ينجح.
وحول إنتاج المنصات تقول سماح الحريري: أغلب المنصات ذات أهداف تجارية، ولكل منصة أيديولوجية معينة في الفن الذي تقدمه، مثلا نتفليكس لا يغيب عن ذهن المتلقي أن لها توجها معينا بغض النظر عن طبيعته، ومع ذلك فالمنصات عملت تنوعا ومنافسة مستحبة، وجرأة في تناول موضوعات لم يخض بها الإنتاج العادي في السابق، وخاصة الحرية التي تقدم بها الأفكار التي كانت ممنوعة من قبل، ويظهر ذلك أيضا في أداء الممثلين.
ويرى المخرج أحمد فوزي صالح أن المستقبل لإنتاج المنصات، ويُضيف في حديث إلى الجزيرة الوثائقية قائلا: إنتاج التلفزيون سيختفي مقابل الشكل الجديد لإنتاج المنصات الذي يستعين بمخرجي السينما، ويكون للعمل إيقاع مختلف عن الدراما التلفزيونية.
ويؤكد صالح أن المنصات لا يجوز أن تنتج مسلسلات مشابهة لما ينتجه التلفزيون، أي أعمال “السوب أوبرا” (Soap Opera)، وهي المسلسلات الطويلة التي تستطيع أن تشاهدها من أي حلقة، وتعتمد على المصادفات، وتمتد إلى سنوات.
“وسط البلد”..جذب الانتباه إلى “أول سوب أوبرا مصرية”
يبدو أن أمنيات المخرج صالح لا تذهب في مكانها الصحيح، فكثير من المنصات تعمل على إنتاج أعمال “السوب أوبرا”، مثل مسلسل “وسط البلد” الذي عُرض قبل فترة على منصة شاهد، وما يدعو للسخرية أنه مكتوب في عنوانه “أول سوب أوبرا مصرية”، وهذا ليس صحيحا، فهناك العشرات قبله، لكن يبدو أن هذا المسلسل يحاول أن يجذب الانتباه بطريقة أخرى وسط ضعفه الدرامي الشديد وأحداثه غير المتماسكة، وردود أفعال الممثلين التي لا تناسب القضايا المطروحة.
وكلمة “سوب أوبرا” تدل على الأعمال الدرامية الإذاعية التي كانت ترعاها في الأصل شركات تصنيع الصابون الأمريكية في ثلاثينيات القرن الماضي، ثم انتقلت إلى التلفزيون في الخمسينيات، وجمهورها من ربات البيوت اللواتي يستطعن أن يمارسن أعمالهن المنزلية طوال اليوم ويستمعن إلى هذه الأعمال، فالقصة مفتوحة، وكل حلقة تنتهي بوعد استكمال الحكاية في حلقة قادمة، وكلما ظن المشاهد أن القصة في طريقها إلى النهاية تولدت أخرى، وهكذا دواليك.
ورشة الكتابة.. ثورة مادية تصنع تشوهات في المشهد
يقوم كثير من الأعمال الدرامية الجديدة على ورشات الكتابة لا الكاتب الواحد، خاصة الكوميدية منها، وهنا ترى الكاتبة سماح الحريري أن الكتابة هي أساس نجاح العمل أو فشله، فيأتي بعض الكُتاب وصانعو الدراما وينحتون المسلسل دون تأصيل للشخصيات أو إجراء بحث عن القضايا التي يتناولها.
تقول سماح الحريري: يقوم الكاتب بعقد لقاءات بين مجموعة من الكاتبات والكُتّاب الشباب في ورشات الكتابة، وهو مفهوم غير ناضج بعد كما يحدث في بريطانيا أو أمريكا، بل يتعامل معه على أساس مادي لإنتاج أكبر عدد من المسلسلات بسرعة قياسية.
وترى الحريري أنه في هذه اللحظة تُنتج أعمال غير متناسقة فيها حوارات غير متجانسة، أما الشخصيات فتحوي تناقضات كبيرة، وغالبا ما تجري الورشات بدون المرشد الذي يكون منشغلا في صناعة أكثر من عمل، كما لا يحصل الكُتّاب المشاركون على حقهم المالي الذي يستحقونه.
وتتابع الحريري قائلة: كل هذه الظروف جعلت الاستسهال كبيرا في صناعة الدراما، فتخرج إلينا بقصة سطحية، وأحيانا تكون فكرة المسلسل جميلة، وتتفرج عليها لتجد أن المسلسل يشدك في أول ثلاث حلقات، ثم يتوه المُشاهد، بينما الممثل نفسه يخرج عن الشخصية، والسبب هو النفَس القصير في الكتابة، وهذا ما يؤدي إلى فقدان الجودة.
وأكّدت الحريري أنه على الرغم من ذلك هناك أعمال جيدة جدا تكتب عبر ورشات محكومة جيدا، موضحة أنها حين أشرفت على إحدى ورشات الكتابة لعمل درامي، وجدت نفسها في النهاية تصبغ العمل بصبغة واحدة، ولولا ذلك سيبقى عبارة عن بقع و”تلطيش”، متابعة “لأن كل شخص له روح وأسلوب وجملة حوار وتوصيف للشخصية”.
“الحرير المخملي”.. شخصيات منسلخة من صفاتها الدرامية
هناك عدة أعمال بين الرمضانين الفائت والقادم لم تكن من إنتاج المنصات الرئيسية الشهرية، بل هي من تابعة لشركات إنتاج مصرية وسورية، ومن الممكن اعتبار أن هذه المجموعة تضم أسوأ الأعمال الدرامية المقدمة، مثل “الحرير المخملي” للمخرج أحمد حسن، والممثلين مصطفى فهمي ودنيا عبد العزيز وهالة فاخر، وهو يتحدث عن قضية إرث وانتقام تبدو في أغلبها غير جدية، فالشخصيات لا تتطور، بل تجد أحيانا أن الشخصية تأتي بأفعال لا تتماشى مع صفاتها.
أما التكرار في المواقف والصراعات فهو مستمر في 60 حلقة من الحوارات شديدة الهزال، ولا يحدث جديد في المسلسل سوى مزيد من الكراهية بين عائلتين، وأفعال انتقامية غير مقنعة، وممثلين متشنجين، خاصة الممثل أحمد سعيد عبد الغني.
“حي السيدة زينب”.. جاذبية البداية التي تسبق السقوط
ينطبق وصف مسلسل “الحرير المخملي” على مسلسل “حي السيدة زينب” للمخرج محمد النقلي الذي كان جاذبا في أولى حلقاته، ثم سقط سقطة قوية، فقد كان ينتظر المشاهد أحداثا ملحمية، إلا أنها كانت كلها إشكاليات ضعيفة لا تخرج عن جدران منزل العائلة، ولم تقترب حقيقة من الفوز بكرسي شيخ الصوفية، وإنما هو عرض بعض جلسات الذكر التي لم تُحسن من سير المسلسل الذي تتوب كل شخصياته فجأة دون تدرُّجٍ درامي.
وربما تكون الممثلة الوحيدة التي لعبت دورا تفوقت فيه على نفسها هي رانيا منصور في دور ليلى، عدا ذلك تجد أحداثا كثيرة وصراعات كان يمكن الاستغناء عنها وسط ضعف تمثيل لجميع الممثلين، خاصة الممثل أحمد وفيق الذي لا تتحسن قدراته على الإطلاق من عمل إلى آخر، وهناك المحاضرات الفلسفية الساذجة التي يقدمها باعتباره فيلسوفا كبيرا، وما هي إلا أفكار قديمة تشبه الخطب المدرسية.
“شارع 9”.. تشويه قدرات الممثلين وصورة الدراما المصرية
يأتي مسلسلا “شارع 9″ للمخرج محمد عبد الخالق، و”مماليك” للمخرج حازم فودة، وكلاهما عبارة عن أعمال تشوه قدرات الممثلين والدراما المصرية وسط سيناريوهات وحوارات ممجوجة، ومصائر للشخصيات ليست لها علاقة بالسياق الدرامي.
وإذا شاهدت أي حلقة في مسلسل “شارع 9” (50 حلقة) فلن تجد أي تغيير يُذكر، بل هو كومة من القيم التقليدية والنظرة الدونية للنساء، وصراخ وعلاقات عائلية لا يمكن أن تحدث على أرض الواقع، ومن الغريب أن تقبل رانيا يوسف ونرمين الفقي ومحمود عبد الغني وبيومي فؤاد العمل في أدوار كهذه لن تفعل سوى التقليل من قدرهم كنجوم.
“نقل عام”.. مسلسل عائلي تحول إلى فيلم حركة
حين نتحدث عن مسلسل “أبو العروسة” في جزئه الثالث الذي أُنتج أيضا بعيدا عن المنصات؛ نجد أنه الأفضل جودة وتمثيلا وقصة، رغم المثالية والملائكية للشخصيات والنماذج التي يسعى إليها.
وكذلك مسلسل “نقل عام” الذي كان مميزا أيضا في تصوير ملامح حياة أسرة مصرية فقيرة، وقدّم الموهبة الحقيقية للممثل محمد عبد العزيز ابن الفنان الراحل محمود عبد العزيز، ولولا تحوّل حلقاته الأخيرة إلى “فيلم آكشن” لبقي على جودته التي توّجها الممثل محمود حميدة والممثلة سميحة أيوب.
وربما كان سبب هذا التهاوي عائدا إلى الكتابة التي أنتجت المسلسل عبر ورشة جماعية، فبمجرد أن ظهرت شخصية “البارون”، وهي الممثلة اللبنانية نيكول سابا التي لا تجيد سوى الزعيق؛ تحول حينها من مسلسل شديد الواقعية إلى مسلسل بوليسي خيالي، وهذا أسوأ ما قد يحدث للدراما الجيدة.
“وثيقة شرف”.. عمل كاد أن يكون تحفة فنية
بالنسبة للأعمال السورية فهناك عمل يشبه مصيره ما حدث لمسلسل “نقل عام”، وهو مسلسل “وثيقة شرف”، فقد كان مسلسلا أخّاذا لولا تدخل قصة جانبية بوليسية غير منطقية دمرت واقعية المسلسل، وهي حكاية كتاب يُقتل صاحبه لأنه كشف عن عصابة تتاجر بالنساء، وعلى رأسهم “فكتوريا” التي تقوم بدورها سوزان نجم الدين.
لم تقدم سوزان شيئا يستحق منذ دورها في مسلسل “نهاية رجل شجاع” قبل أكثر من 25 عاما، ومنذ تلك اللحظة وهي تهتم بشكلها فقط متجاهلة الأدوار التي تقدمها، لذلك كانت الحكاية التي أقحمت على المسلسل كي تظهر شخصيتها هي سبب تهاوي العمل بعد أن كاد يكون تحفة درامية.
“الضفدع”.. قصة تائهة بين فوضى الأحداث وضعف الأداء
يأتي مسلسل “الضفدع” الذي تُمثل فيه أمل عرفة ووفاء موصلي، وكلتاهما لم تكونا على طبيعتهما في المسلسل بسبب طبقات المكياج وأثر عمليات التجميل، إضافة إلى أن الشخصيات المكتوبة بالأساس مكتوبة بشكل ضعيف، وردود الفعل بينهما كأم وابنتها غير مبررة دراميا، أي أنك لا تعرف سبب عداء الأم لابنتها، وهو ما سوف ينقلب لاحقا أيضا بشكل غير مبرر.
ومن الواضح أن هناك ملامح قصة جيدة لم يستطع المخرج يزن أبو حمدة إبرازها، كما لم يلتقط أفضل ما في الممثلين الذين جاء أداؤهم شديد الضعف، مثل حازم زيدان وعامر العلي وجوان الخضر.
ويتخلل المسلسل كثير من الأحداث والجرائم التي لا تُعرف علاقتها بالحبكة الرئيسية، وفوضى عارمة بالتأكيد لا تشبه من قريب أو بعيد إبداع المسلسل السوري “فوضى” الذي عُرض بأقل إنتاج وناقش قضايا حيّة، وعاشت شخصياته مع المتلقي لسنوات منذ عرضه في رمضان عام 2018، على أمل أن يقدم في موسم رمضان القادم ما يشبهه من بساطة وعمق في الشخصيات، فلم يعد المُشاهد يريد إلا تصديق ما يراه.