ابن الرومي.. شاعر قُتل اتقاء هجائه

قال عنه طه حسين “كان سيء الحظ في حياته، ولم يكن محببا إلى الناس، وإنما كان مبغضا إليهم، وكان مُحسداً أيضاً، ولم يكن أمره مقصوراً على سوء حظه، بل ربما كان سوء طبيعته، فقد كان حاد المزاج، مضطرباً، معتل الطبع، ضعيف الأعصاب، حاد الحس جداً، يكاد يبلغ من ذلك الإسراف” فكان نتاج ذلك كله أن خرج إلى العالم بقصائد تنوح، وتبكي، وتهجو، وكانت أشعاره بمثابة المساحة الحرة التي يفرغ فيها كبته وحسرته.
وُلد ابن الرومي، علي بن العباس بن جُريج في بغداد عاصمة الخلافة العباسية سنة 221هـ/836م، لأب رومي وأم فارسية
كني بأبي العباس تيمنا بالدولة العباسية الصاعدة وبابن الرومي نسبة إلى أصل والده
جالس العلماء مبكرا فكان مثالا نادرا للحفظ والاستيعاب وشاعرا فذا من طبقة المتنبي، وكان شعره يدور في الغالب بين المدح والهجاء، المدح الذي كان يرفع ممدوحه من رجال السلطة إلى عنان السماء، والهجاء الذي كان يهوي بهم إلى أسفل الدركات
جاء أغلب شعره هجاء قاسيا ثائرا فيه على الفساد والطغاة مما جعل الولاة والأمراء يرهبونه وينأون عن تقريبه من مجالسهم فيضمرون له السوء
اشتُهر ابن الرومي بأنه كان على الدوام متطيرا متشائمًا، وهو مع تطيره، كان يُحب الأكل والطعام بصنوفه وأنواعه، مُغرم به، وهو سبب بلائه وشقوته وموته
ساقه بؤسه إلى حتفه حين اتصل بوزير الخليفة العباسي المعتضد أبي حسين القاسم بن وهب وابنه وأسمعهما أهاجيه فخافا من لسانه ودسا له السم في فطيرة وهو يجالسهما
وحين أحس بسريان السم في جسده نهض من المجلس، فسأله ابن وهب: إلى أين تذهب؟ فرد عليه: إلى الموضع الذي بعثتني إليه. فقال له الوزير: سلم على والدي. فأجاب ابن الرومي ساخرا: طريقي ليس إلى النار.