الطاقة البديلة.. أسلحة الكوكب لعصر ما بعد الوقود الأحفوري

يمان الشريف

إن الكون في حركته قائم على الطاقة بكافة أشكالها وأنماطها، فهي محرِّك الكائنات الحية، وواهبة القدرة على إدارة شتى الأنظمة الحيّة وعلى تنفيذ العمليات الخلوية عن طريق مجموعة من التفاعلات الكيميائية المعروفة بالأيض. وكذا الحال بالنسبة للنجوم التي تبقى حية بفضل الطاقة الناتجة عن التفاعلات النووية في جوفها. وينطبق الأمر ذاته على الأنظمة الحياتية والمجتمعات البشرية التي أوجدها الإنسان منذ القدم، وأفضت إلى ظهور مجموعة متنوعة ووفيرة من الأنظمة الآلية المثيرة التي تعمل في سبيل خدمة البشرية.

ويستوجب تشغيل الآلة بالضرورة وجود طاقة قادرة على بعث الحياة في الأجسام الميكانيكية والإلكترونية وغيرها كما هو الحال في الكائنات الحية. وفي عادة الأمر، فإن الطاقة المستهلكة في هذه الآلات (أو الأجهزة) تعد طاقة كهربائية، وتتعدد مصادرها من مكان إلى آخر.

 

كما يتشعب الحديث عند التطرق إلى أصل الطاقة في الفكر البشري والتطور الذي طرأ على تشكيل وصياغة الطاقة خلال الرحلة البشرية في استكشاف الكون، ومفهوم الطاقة في حد ذاته كان محلّ طرحٍ لدى فلاسفة الإغريق الذين علّلوا سقوط السهم بعد انطلاقه من القوس بأنه أصيب بالإعياء والتعب فسقط. ورغم ما يبدو عليه ذلك من تعليل علمي ركيك، فإنه يجسد بعض المعاني المتقاربة لمضمون الحدث، فالسبب الرئيسي وراء سقوط السهم هو جاذبية الأرض التي أجبرت السهم على الارتطام، وهذا الاصطدام أهدر جميع الطاقة الحركية التي كانت موجودة، وحوّلها إلى شكل آخر من الطاقة (طاقة حرارية وغيره).

وعملية تحويل الطاقة من شكل إلى آخر تعزى إلى قانون حفظ الطاقة الذي ينص على أنّ الطاقة لا تفنى ولا تستحدث من العدم، وإنما تتغير من شكل إلى آخر بذات القدر في نظام مغلق، وباعتبار أنّ الكون نظام مغلق، فإنّ هذا القانون يشكل إحدى لبنات علم الديناميكا الحرارية، وهو العلم الذي يدرس انتقال الطاقة وتفاعلها مع القوى المؤثرة، بالإضافة إلى التطبيقات الهندسية والعملية. ويُنسب إلى العالم الفرنسي “سعدي كارنو” الفضل في إحياء هذا الفرع من العلوم في القرن التاسع عشر.

قبل مئة عام، كان الفحم الحجري المصدر الرئيس للطاقة في العالم

 

وتتخذ الطاقة عدة أنماط وأشكال، فمنها الطاقة الحرارية والكهربائية والمغناطيسية والصوتية والميكانيكية والحركية والموجية والإشعاعية والكيميائية وغير ذلك. وتُعد مصادر وموارد هذه الطاقة متشعبة ومتعددة، وتنطوي تحت قسمين أساسيين: الطاقة غير المتجددة، وهي التي تأتي من مصادر قابلة للنفاد، ومعظم هذا النوع آت من الوقود الأحفوري. والطاقة المتجددة، وهي ما يُطلق عليه اليوم الطاقة البديلة أو الطاقة النظيفة، لأنها تراعي عدم إلحاق الضرر بكوكب الأرض، على عكس ما تفعله الطاقة الأحفورية.

طاقة الحيوانات المخزنة في باطن الأرض.. إرث العصر الكربوني

ساهمت الثورة الصناعية الأولى التي ظهرت في منتصف القرن الثامن عشر حتى عام 1830 على تعزيز مفهوم استهلاك الطاقة، وكذلك في نشوء أولى الشركات الرائدة في استخراج الوقود الأحفوري، مثل شركة شيفيلد للفحم المتموقعة في قلب المملكة المتحدة. وقد شهد كوكب الأرض ارتفاعا دراماتيكيا في إنتاج الفحم من 2.7 مليون إلى 250 مليون طن في ظرف قرنين من الزمن، أي بزيادة تعادل 9 آلاف في المئة.1

وهذا النمو المتسارع ينمّ عن الاستهلاك الفائض والحاجة الكبيرة، وكذلك إلى فعالية الطاقة الأحفورية في تلبية احتياجات المجتمع البشري في تشغيل المحركات البخارية ومحركات الديزل وأجهزة التدفئة والتبريد، وحتى في عملية الإنارة والإضاءة.

تلوث الغلاف الجوي وزيادة درجة حرارة الأرض ناتج عن حرق الوقود الأحفوري بكميات هائلة

 

ويمثل الوقود الأحفوري أغلب مصادر الطاقة غير المتجددة ويندرج تحته: الفحم والنفط والغاز الطبيعي. كما يعد الكربون العنصر الرئيسي في الوقود الأحفوري الذي تشكّل على فترات زمنية طويلة تتراوح بين 300-360 مليون سنة مضت، وهي حقبة العصر الفحمي (أو الكربوني) من تاريخ الأرض، أي حتى قبل ظهور الديناصورات.

ثمّة مخزون هائل من هذه الطاقة في كوكب الأرض، إذ تمثل النباتات والحيوانات المندثرة -بسبب العوامل الطبيعية- نواة الوقود الأحفوري، وبفعل الضغط والحرارة تحوّلت الطاقة المخزنة داخل هذه الكائنات إلى وقود، وتجمعت ضمن خزانات قابعة في باطن الأرض. ويعد استخراجه اليوم من العمليات السهلة نسبيا، وكذلك نقله وشحنه حول العالم.

البترول عصب الحياة في عصر التكنولوجيا الحديثة، فهل سنجد له بديلا نظيفا؟

 

وللوقود الأحفوري مساوئ تضاهي فوائده بسبب العناصر الكيميائية الناتجة من عملية احتراقه، إذ بسببه يختل التركيب الغازي للغلاف الجوي، وهو ما يلعب دورا أساسيا في أزمة التغير المناخي التي تحتل أولوية قصوى اليوم، ضمن ملف الأزمات المهددة للحياة على كوكب الأرض.

لذا تهدف دول متقدمة إلى تقنين استخدام الوقود الأحفوري واستبداله بمصادر أخرى للطاقة، وهي الطاقة البديلة، لكنه يبدو تحديا صعبا نظرا لحجم الطاقة اللازمة لتشغيل مدن وبلاد بأكملها، إذ وصل الاستهلاك اليومي إلى 97 مليون برميل نفط حول العالم. بالإضافة إلى أنّ هذا المعدل الاستهلاكي يمنحنا 50 سنة إضافية فقط حتى ينفد المخزون النفطي الذي تمتلكه دول العالم، فالعمل على إيجاد بدائل بات أمرا لا مفر منه.2

بدائل الطاقة.. تحديات مواكبة إنسان الحاضر

قبل عصر الثورة الصناعية كان اعتماد البشرية على الطاقة محدودا للغاية ومرهونا بالنمط المعيشي البسيط. فمن أجل توفير الحرارة اللازمة، كانوا يستعينون بأشعة الشمس، أو بحرق الخشب والقش، وللتنقل كانوا يستعينون بالخيول والجمال أو الرياح في توجيه السفن الشراعية، وإنجاز بعض الأعمال كالحرث، فكانت الحيوانات خير معين.

 

إن أيّ بديل للطاقة ينبغي أن يستوفي الكمية اللازمة القادرة على حفاظ استمرارية النمط المعيشي الحالي. ووفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، فقد بلغ إجمالي استهلاك الكهرباء في الولايات المتحدة في عام 2020 حوالي 3.8 ترليون كيلوواط، ويتم توليد هذا الكم الهائل من الطاقة الكهربائية من الغاز الطبيعي والفحم والطاقة النووية، وأيضا من الطاقة المتجددة إلا أنّها تمثل 17% فقط.3

وإذا اقترن الأمر على نطاق أوسع على مستوى الكوكب بأكمله، فإننا أمام تحدٍّ حقيقي لإيجاد البديل المناسب، وثمة أنواع عدة لمصادر الطاقة المتجددة وأشهرها وفق الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “آيرينا” (IRENA) هي: الطاقة الشمسية، والطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة الكهرومائية، والطاقة البحرية، وطاقة الرياح، وأخيرًا الطاقة الحيوية.

الطاقة الشمسية.. ساعة واحدة تكفي الكوكب عاما كاملا

تعد الأشعة القادمة من الشمس أعظم مصادر الطاقة التي تمد كوكب الأرض والكائنات الحية والنظام البيئي بالطاقة، ولآلاف السنوات استطاع الإنسان أن يجد حاجته بها لوفرتها ولكونها بلا مقابل. ويُستفاد من حرارتها وضوئها في زراعة المحاصيل وتجفيف الثياب والأطعمة وتدفئة الأماكن وغير ذلك. كما أن الطاقة الشمسية متجددة على النطاق الضيق من عمر البشرية مقارنة بعمر النجوم، فمخزونها النووي يكاد لا ينقضي.

ووفقا للمختبر الوطني للطاقة المتجددة “نريل” (NREL) الواقع في ولاية كولورادو الأمريكية، فإن الأرض تستقبل من الطاقة الشمسية في الساعة الواحدة ما يفوق حاجة جميع سكان الأرض لعام كامل. إلا أنّ الاستفادة من هذه الخاصية غير ممكنة لعدة أسباب، أهمها أن ثمّة جزءا كبيرا من الطاقة يصده الغلاف الجوي ويمنعه من الوصول إلى سطح الأرض، بالإضافة إلى عدم إمكانية توفير (مخازن) بكميات كافية وبكفاءة عالية لحفظ الطاقة الشمسية.4

الطاقة الشمسية، طاقة مجانية نظيفة يمكن استغلالها معظم أيام السنة

 

ويُقصد بالمخازن هنا الخلاليا الكهروضوئية القادرة على تحويل وتخزين الطاقة الشمسية على هيئة طاقة كهربائية، وقد تمت صناعة أول خلية من السيليكون في عام 1954 بواسطة “مختبرات بل” للأبحاث التقنية. ويُشاع استخدامها اليوم على نطاق واسع على هيئة ألواح شمسية مثبتة في الأفنية وسقوف الأبنية المطلة مباشرة على الشمس.

وتعتزم العديد من الدول حول العالم تبنّي مشروع الطاقة الشمسية لتكون المصدر الرئيسي، وربّما الوحيد، القادر على إمداد جميع المنشآت السكنية والمعامل والمصانع في البلاد. وتعد المملكة المتحدة إحدى هذه الدول التي خطّت طريقها وسنّت قانونا يحمي مستهلكي الطاقة المتجددة والمستثمرين بها، ويُعرف بقانون “تعريفة التغذية الكهربائية” (Feed-in Tariff).

وقد أعلنت واشنطن مؤخرا عن خطتها في تسخير الطاقة الشمسية لتوليد نصف الشبكة الكهربائية في الولايات المتحدة بحلول 2050. وتوجد حاليا أكبر محطة توليد طاقة شمسية في العالم في صحراء كاليفورنيا، “مرفق إيفانبا للطاقة الشمسية”، وتتكون المحطة من 347 ألف مرآة مسطحة تعكس أشعة الشمس وتسلطه على قمة ثلاثة أبراج بارتفاع 150 متر، معتمدة على تقنية “تركيز أشعة الشمس” لتوليد الكهرباء.5

تخزين الطاقة البديلة هو أكبر التحديات التي تواجه العلماء في العالم

 

لقد بات اقتناء الألواح الشمسية للاستعمال الشخصي أسهل من أي وقت مضى مع تشجيع حكومي ودولي مستمر. فقد ظهرت عدة شركات خاصة -مثل شركة “سبيس أكس”- تقدم خدمة تركيب ألواح كهروضوئية تغطي كافة احتياجات المنزل. كما يجب التنويه إلى بعض النقاط السلبية التي ينبغي وضعها بعين الاعتبار، ومنها أن كمية أشعة الشمس القادمة تختلف من بقعة لأخرى على سطح الأرض، وذلك اعتمادا على الموقع والوقت وكذلك حالة الطقس.

الطاقة الهوائية.. تجري الرياح بما تشتهي البشرية

تعد طاقة الرياح إحدى أسرع التقنيات نموا حول العالم منذ بداية ظهورها في نهاية القرن التاسع عشر بشكلها الحالي، وتشكل حاليا 16% من مصادر الطاقة المتجددة. وتكمن عملية الاستفادة من طاقة الرياح بتحويل طاقتها الحركية إلى طاقة كهربائية بواسطة محركات توربينية موصولة بـ3 عنفات (مراوح) طويلة تدور بسرعة تتوافق مع سرعة هبوب الرياح.

وللاستفادة القصوى من هذه العملية، يجري بناء العنفات الهوائية في أماكن نائية حيث لا توجد أبنية تصد أو تبطئ حركة الرياح، أو على ضفاف البحار حيث تكون الرياح البحرية شديدة السرعة. وتلعب عدة عوامل هندسية في عملية توليد الكهرباء، مثل طول العنفات وحجم المجسم بأكلمه، لذا تنتشر اليوم عنفات هوائية تضاهي بارتفاعها ناطحات السحاب.

مراوح عملاقة تختزن طاقة الرياح إلى طاقة كهربائية

 

تستطيع التوربينة الهوائية صغيرة الحجم توليد 100 كيلوواط، وهو ما يكفي لتزويد منزل كامل بالطاقة، وأما الأحجام الكبيرة فقادرة على توليد 9.5 ميغاواط. ويطلق على شبكة من التوربينات الهوائية المتصلة اسم “المزرعة الريحية”، وتعد منشأة “مزرعة والني الريحية” أحد الأمثل عليها، وهي الأكبر حجما بين المزارع، إذ تغطي مساحة 149 كيلومترا مربعا، وهو ما يفوق مساحة مدينة سان فرانسيسكو.

تقع هذه المزرعة بالقرب من السواحل الشمالية الغربية الإنجليزية، وتمتلك القدرة على توفير الكهرباء لما يزيد عن نصف مليون منزل في المملكة المتحدة.6

ولا تبدو العنفات الهوائية في تصميمها الهندسي حديثة على التصور البشري، ففي القرون الأولى ظهرت الطواحين الهوائية في هولندا قائمة على ذات المفهوم، لكن لم يكن يجري توليد الكهرباء في ذلك الحين، فكانت معنية فقط بقضاء بعض المهام الأخرى التي تتطلب نظاما ميكانيكيا معيّنا مثل نشر الأخشاب، وطحن الحبوب والتوابل، واستخراج الزيت من البذور.

الطاقة الأرضية.. حرارة تعادل سطح الشمس تحت أقدامنا

ليس فقط الوقود الأحفوري هو ما يمكن الاستفادة منه من باطن الأرض، بل إنّ الطاقة الحرارية الجوفية التي تبعثها الأرض إلى السطح قادرة على أن تكون المصدر المنشود للطاقة النظيفة. وتنبع هذه الطاقة من الأعماق السحيقة من لب الأرض المنصهر البالغة درجة حرارته 6 آلاف درجة مئوية، وهو ما يعادل درجة حرارة سطح الشمس، وبفضل التحلل البطيء للجسيمات المشعة فإن الحرارة تتدفق إلى مستوى قريب من سطح الأرض.

وتنقسم الطاقة الحرارية الجوفية إلى الماء وبخار الماء، ووفق نظام وآلية معينة يجري ضخ هذه الطاقة إلى الأعلى لتحريك محركات وتوربينات قادرة على توليد الكهرباء وتخزينها لاحقا.

ويبلغ معدل تدفق الطاقة الحرارية الجوفيةنحو 30 تيراواط، وهو تقريبا ضعف الاستهلاك البشري البالغ 18 تيراواط وفق إحصائيات تعود لعام 2016. بمعنى آخر فالحضارة البشرية ينبغي أن تستهلك هذا القدر من الطاقة، لتبقى قائمة كما تبدو عليه اليوم.7

يمكن الاستفادة من الطاقة الحرارية المخزونة في باطن الأرض لتوليد الكهرباء

 

وبالنظر إلى الأرقام أعلاه، فإننا بلا شك نقف على منجم من الذهب أو منجم من الطاقة إن صح القول، وتشير شركة “ألتاروك للطاقة النظيفة” -التي يقع مقرها في واشنطن- إلى أنّ استغلال 0.1% فقط من المخزون الحراري الجوفي للأرض كفيل بتلبية احتياجات البشرية من الطاقة مليوني سنة.8

في الوقت الراهن هناك عدة تقنيات صناعية تحفر في أعماق الأرض لاستخراج جزء من هذه الطاقة، ثمة منافذ أخرى طبيعية منتشرة في عدة بلدان، وتتميّز بها الدول ذات النشاط البركاني مثل أيسلندا الواقعة أقصى الشمال الأوروبي بالقرب من القطب الشمالي، إذ تضم ما لا يقل عن 25 بركانا نشطا وعددا من الينابيع الساخنة.

الطاقة الكهرومائية.. كهرباء تنتزعه الجاذبية من الماء

يغطي الماء أجزاء شاسعة من سطح الكرة الأرضية ومحاولة الاستفادة من ذلك في توليد الكهرباء لا يعد فكرة سيئة بتاتا، بل هو على النقيض من ذلك، فرخص التكلفة مع زيادة الكفاءة يمنحنا فرصة ذهبية للنظر في هذا الخيار الذهبي.

ولا يختلف مبدأ توليد الكهرباء هنا عن ما سبق، فبدلا من استغلال الرياح في تحريك التوربينات كما هو الحال في طاقة الرياح، يجري استغلال تدفق الماء للقيام بذلك. وما نحتاج إليه هو محطة تحتوي على سد وخزّان لجمع الماء، وبفضل عمل الجاذبية نجعل الماء يتدفق من أعلى السد إلى أسفله عبر قنوات خاصة تنتصفها توربينات تولّد الكهرباء مع حركة دورانها.

السدود طاقة حركية هدارة ومصدر للكهرباء في الدول ذات الأنهار والسدود

 

وتنتشر المحطات الكهرومائية حول العالم على نطاق كبير، وتمتلك الصين أضخم هذه السدود، وهو سد “الممرات الثلاثة” الواقع على نهر اليانغتسي، ويولّد 22.5 غيغاوات، وذلك ما يغطي حاجة 80 مليون أسرة صينية في العام. في حين تعتمد دول على نحو كامل في توليد الكهرباء على الطاقة الكهرومائية مثل النرويج.9

لكننا نواجه مضارا ناتجة عن إنشاء السدود، فقد أثرت على الغطاء النباتي بسبب انحسار الماء عنها، بالإضافة إلى احتمالية انهيارها إذا لم تُبنَ بالشكل الصحيح، ففي عام 1975 وقعت إحدى أشد الكوارث مأساة في العالم حين انهار سد “بانكياو” في الصين، متسببا بحدوث ثالث أخطر الفيضانات في التاريخ، وقد أثّر على حياة 10 ملايين إنسان، وغمر حوالي 30 مدينة، وقضى على 171 ألف شخص.10

لذا يُنظر إلى مثل هذه المشاريع بعناية فائقة لما قد يترتب عليها من أضرار، ولا بد أن نضع بعين الاعتبار أنّ الكوارث الناتجة من أخطاء هندسية تقلصت على نحو كبير بسبب التطور الكبير مؤخرا.

“بروتوكول كايتو”.. صرخة لإنقاذ الكوكب من الاحتباس الحراري

على هامش أزمة الاحتباس الحراري وبرعاية الأمم المتحدة وقعت 192 دولة اتفاقية أممية في 11 كانون الأول/ديسمبر 1997، وتُعرف باسم “بروتوكول كايتو”، وتقتضي وضع حد لتركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي عند مستويات تحول دون تأثير بشري خطير في النظام المناخي. وقد شملت الاتفاقية 7 غازات دفيئة، أهمها غاز ثاني أوكسيد الكربون الناتج من العوادم ومن حرق الوقود الأحفوري.

بوتوكل كيوتو 2005 يقضي بالحد من تركيز الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي

 

وقد استهدفت الاتفاقية جميع دول العالم، وضيّقت الخناق على الدول المتقدمة دون النامية، إذ يرى المسؤولون بأن الدول الصناعية المتقدمة تتحمل كلفة التلوث البيئي والاحتباس الحراري أكثر من غيرها.

وقد دخلت الاتفاقية حيّز التنفيذ في عام 2005 بسبب الصعوبات البالغة في عملية التصديق، كما رفضت الولايات المتحدة الأمريكية التوقيع بسبب ما تراه إجحافا بحقها، لأنّ بعض الدول النامية مثل الصين والهند سيدخلون نخبة دول العالم في نهاية المطاف، ولن تكون هناك رقابة على حركة التصنيع.

وفي 8 كانون الأول/ديسمبر 2012 تبنت الدوحة إقامة مؤتمر آخر لتجديد الاتفاقية، وقد عُرفت باسم “تعديل الدوحة”، على أن تلتزم الدول المعنية بالمعاهدة حتى نهاية عام 2020. 11

لقد تكللت هذه الجهود بنجاح مبهر في تقليص الاعتماد على الوقود الأحفوري واستبداله بالطاقة البديلة النظيفة، ويظهر ذلك جليا في دول الاتحاد الأوروبي والتطور الذي طرأ عليها خلال العقدين الماضيين، وما بقي بعد ذلك هو انتظار تعافي كوكب الأرض وعودة الحياة إلى الازدهار كما كانت في سابق عهدها.

كبح جماح الحرارة بالطاقة البديلة.. خطة إسعاف الأرض

إننا لا نبدو متأخرين كثيرا لتفادي العواقب الوخيمة الناتجة عن التغير المناخي، لكن -كما أشارت إليه وكالة الفضاء الأمريكية ناسا- أيّ شيء نقوم به اليوم ستكون نتائجه للمستقبل، فثمة فاصل زمني بين ما نفعله وما سنشعر به، وهذا الفاصل قد يمتد لعقد من الزمن.

في حين سيكون الارتفاع في درجة الحرارة الذي بلغ 1.1 درجة مئوية منذ الثورة الصناعية ملازما لنا لقرون طويلة. وإذا لم نتمكن من تفادي وصول هذا الفارق إلى 1.5 درجة مئوية، فإننا سنكون على موعد مع عواصف عنيفة وفيضانات وموجات جفاف شديدة وارتفاع في منسوب البحار.12

الحقاظ على الأرض صالحة للحياة واجب جميع الأفراد ودولهم

 

لذا سيُعد إنجازا هائلا إن تداركنا ذلك قبل فوات الأوان، وعدم الالتزام بأي تعهدات سيضع تلك الزيادة على حافة 4.5 درجة مئوية مع حلول 2100 وفق تقديرات ناسا، ولا أحد يعلم حينها ماذا سيحل على كوكب الأرض. ولا سبيل لنا إلى ذلك سوى الطاقة البديلة.

وعلاوة على ما تمثله مصادر الطاقة المتجددة بكونها آمنة الاستخدام، فإنها قادرة كذلك على تحمل كافة الأعباء في إمداد الكوكب بالطاقة اللازمة، ووفقا لدراسة عمرها 5 سنوات أجرتها جامعة “لابينرانتا” للتكنولوجيا في فنلندا، فقد وجدت بأنه مع حلول عام 2050 سيكون بمقدور الطاقة البديلة تغطية كافة القطاعات في عموم الأرض من كهرباء وتدفئة ونقل عام.13

 

المصادر:

[1]محررو الموقع (التاريخ غير معروف). الطاقة غير المتجددة. تم الاسترداد من: https://www.nationalgeographic.org/encyclopedia/non-renewable-energy/#:~:text=Nuclear%20energy%20is%20usually%20considered,nuclear%20power%20plants%20is%20not.

[2]محررو الموقع (2022). الطاقة: البترول. تم الاسترداد من: https://www.worldometers.info/oil/

[3]محررو الموقع (2020). إنتاج الكهرباء وتوزيعها. تم الاسترداد من: https://afdc.energy.gov/fuels/electricity_production.html#:~:text=According%20to%20the%20U.S.%20Energy,%2C%20geothermal%2C%20and%20solar%20power.

[4]شين، لورا (2018). الطاقة المتجددة: الحقائق النظيفة. تم الاسترداد من: https://www.nrdc.org/stories/renewable-energy-clean-facts#:~:text=your%20own%20home.-,What%20Is%20Renewable%20Energy%3F,depends%20on%20time%20and%20weather.

[5]بيرس، إيرن (2016). أهم 6 أمور لا تعرفها عن الطاقة الشمسية. تم الاسترداد من: https://www.energy.gov/articles/top-6-things-you-didnt-know-about-solar-energy

[6]محررو الموقع (التاريخ غير معروف). طاقة الرياح. تم الاسترداد من:https://www.nationalgeographic.org/encyclopedia/wind-energy/

[7]يونج، ماثيو (2017). كم من الطاقة يحتاج العلم؟. تم الاسترداد من: https://www.anthropocenemagazine.org/howmuchenergy/

[8]روبرتس، دافيد (2020). تتهيأ الطاقة الحرارية الجوفية لاحداث الفارق الأكبر. تم الاسترداد من: https://www.vox.com/energy-and-environment/2020/10/21/21515461/renewable-energy-geothermal-egs-ags-supercritical

[9]محررو الموقع (التاريخ غير معروف). الطاقة الكهرومائية. تم الاسترداد من: https://www.irena.org/hydropower

[10]محررو الموقع (2020). إيجابيات وسلبيات الطاقة الكهرومائية. تم الاسترداد من: https://kiwienergy.us/pros-and-cons-of-hydroelectric-energy/

[11]محررو الموقع (التاريخ غير معروف). ما هو بروتوكول كيوتو؟. تم الاسترداد من: https://unfccc.int/kyoto_protocol

[12]فيشتي، مارك (2021). لا يزال هناك وقت لإصلاح المناخ — حوالي 11 عامًا. تم الاسترداد من: https://www.scientificamerican.com/article/theres-still-time-to-fix-climate-about-11-years/#:~:text=In%20a%202018%20report%2C%20the,emissions%20in%20half%20by%202030.

[13]ميد، ماري (2019). هل يمكن أن يكون العالم مدعومًا بالكامل بالطاقة المتجددة؟. تم الاسترداد من:https://www.greenamerica.org/green-economy-work/could-world-be-powered-fully-renewable-sources


إعلان