“على سطح القمر”.. سيمفونيات تحتفل بانتصار الإنسان على الفضاء
كثيرا ما تعود بنا مقطوعة موسيقية أو ألحان أغنية إلى أحداث فترة محددة من الزمن، نستعيد بها الذكريات، ونعيش بها ذات اللحظات، وقد يكون صعود الإنسان إلى القمر واختراق الفضاء الخارجي من أهم الأحداث التي توقف عندها الفنانون والأدباء.
لا شك أنها كانت لحظة ملهمة لأولئك المرهفين والمبدعين الذين عايشوا تلك المرحلة وتماهوا معها بمخيلاتهم وإنتاجاتهم الفنية. وفي هذه الحلقة التي تبثها الجزيرة الوثائقية ضمن سلسلة “أغان صنعت التاريخ”، نعود إلى اللحظة التي وطئ بها أول إنسان سطح القمر، تلك اللحظة التي راقب خلالها العالم أجمع بشغف أعظم مغامرة قام بها الإنسان في تاريخه.
حيث تقدم الحلقة عددا كبيرا من الصور والمقاطع الأرشيفية النادرة، إلى جانب المقابلات مع بعض أعظم الموسيقيين والصحفيين والمؤرخين الذين رافقوا ذلك الحدث.
“أبولو 11”.. وصول الإنسان الأول إلى القمر
لقد أصبح العالم وحدة واحدة أكثر من أي وقت مضى، كان يوم العشرين من يوليو/ تموز عام 1969 لحظة وصول أول رحلة مأهولة إلى سطح القمر، رحلة “أبولو 11” التابعة للولايات المتحدة، كانت التجربة الأروع في هذا العصر، وكما تحرر العالم من الكثير من القيود الاقتصادية والثقافية في ذلك، فقد تحرر أيضا من قيود الجاذبية.
كان أولئك الرجال الذين وصلوا إلى هناك يتصفون بشجاعة منقطعة النظير. يقول “جين كرانز” مدير رحلات وكالة ناسا: كانت لدينا مشاكل في الاتصالات ونظام الملاحة، وتعطلت حواسيبنا بشكل كامل.
أما الموسيقي “ديفيد كروسبي” فيقول: الهاتف النقال -الذي نحمله اليوم- يمتلك إمكانيات أكبر من كل شيء، وقد كان موجودا على تلك السفينة الفضائية.
في ذلك اليوم، تسمّر الجميع أمام شاشات التلفاز، وراقبوا الرحلة لحظة بلحظة، لقد استغرق الهبوط وقتا طويلا، ولم يبق لديهم الكثير من الوقود في المركبة، لذا سيهبط الطاقم بين الصخور والفوهات، كان هناك رجل واحد في غرفة التحكم هو الوحيد الذي يتحدث، ومهمته الإبلاغ عن كمية الوقود الباقية.
كان الأمر مذهلا، عندما هبطت السفينة على سطح القمر. ومن وحي المناسبة كتب “ديفيد باوي” أغنية تدعى “غرابة الفضاء” (Space Oddity). يقول الموسيقي “ريك واكمان”: ذهبنا إلى الأستوديو وسجلتها معه، كان من المقصود دوما أن نتحدث عن الاستكشافات الرائعة والبهجة، وأيضا أخطار الفضاء.
ويعلق الموسيقي “بيتر سيلينغ” بقوله: هذا هو الغرض من الموسيقى، إنه القيام برسم صورة، حين أغلق عيني أشعر أنني داخل كبسولة فضائية.
مثلت الرحلة كل شيء إيجابي عن أميركا، بأنها هي التي تحكم العالم في تلك الفترة، فهم من ذهبوا إلى القمر وليس روسيا. يقول رائد الفضاء “دان بربانك”: لقد كان شيئا فاق كل التوقعات، وكان نوعا من إعادة ضبط فهم الإنسان لما يمكن تحقيقه.
“أبولو 11”.. وصول الإنسان الأول إلى القمر
لقد أصبح العالم وحدة واحدة أكثر من أي وقت مضى، كان يوم العشرين من يوليو/ تموز عام 1969 لحظة وصول أول رحلة مأهولة إلى سطح القمر، رحلة “أبولو 11” التابعة للولايات المتحدة، كانت التجربة الأروع في هذا العصر، وكما تحرر العالم من الكثير من القيود الاقتصادية والثقافية في ذلك، فقد تحرر أيضا من قيود الجاذبية.
كان أولئك الرجال الذين وصلوا إلى هناك يتصفون بشجاعة منقطعة النظير. يقول “جين كرانز” مدير رحلات وكالة ناسا: كانت لدينا مشاكل في الاتصالات ونظام الملاحة، وتعطلت حواسيبنا بشكل كامل.
أما الموسيقي “ديفيد كروسبي” فيقول: الهاتف النقال -الذي نحمله اليوم- يمتلك إمكانيات أكبر من كل شيء، وقد كان موجودا على تلك السفينة الفضائية.
في ذلك اليوم، تسمّر الجميع أمام شاشات التلفاز، وراقبوا الرحلة لحظة بلحظة، لقد استغرق الهبوط وقتا طويلا، ولم يبق لديهم الكثير من الوقود في المركبة، لذا سيهبط الطاقم بين الصخور والفوهات، كان هناك رجل واحد في غرفة التحكم هو الوحيد الذي يتحدث، ومهمته الإبلاغ عن كمية الوقود الباقية.
كان الأمر مذهلا، عندما هبطت السفينة على سطح القمر. ومن وحي المناسبة كتب “ديفيد باوي” أغنية تدعى “غرابة الفضاء” (Space Oddity). يقول الموسيقي “ريك واكمان”: ذهبنا إلى الأستوديو وسجلتها معه، كان من المقصود دوما أن نتحدث عن الاستكشافات الرائعة والبهجة، وأيضا أخطار الفضاء.
ويعلق الموسيقي “بيتر سيلينغ” بقوله: هذا هو الغرض من الموسيقى، إنه القيام برسم صورة، حين أغلق عيني أشعر أنني داخل كبسولة فضائية.
مثلت الرحلة كل شيء إيجابي عن أميركا، بأنها هي التي تحكم العالم في تلك الفترة، فهم من ذهبوا إلى القمر وليس روسيا. يقول رائد الفضاء “دان بربانك”: لقد كان شيئا فاق كل التوقعات، وكان نوعا من إعادة ضبط فهم الإنسان لما يمكن تحقيقه.
“بإمكانهم إسقاط قنبلة فوق رؤوسنا”.. سباق الحرب الباردة
يرى كثيرون أن الصعود إلى القمر لم يكن متعلقا بالعلم، بل كان لأهداف سياسية وعسكرية. يقول مؤرخ الفلك “آصف صديقي”: كانت الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي هي الدافع وراء رحلة “أبولو 11″، وكان الفضاء هو الساحة الجديدة.
لقد فاجأ الروس العالم في عام 1957 بإطلاق مركبة “سبوتنيك” إلى الفضاء. تقول “آن دوريان” مديرة الإبداع في مشروع “فوياجر بين النجوم”: لدي ذكرى حية لخبر إطلاق “سبوتنيك”، أتذكر نوعا من القلق والخوف في صوت أمي من أن الروس كانت لديهم القدرة في السيطرة على السماء.
ويقول الموسيقي “توماس دولبي”: تظاهرنا في بريطانيا حينها، وقلنا إذا كان بإمكانهم إرسال هذا فوق رؤوسنا، فبإمكانهم إسقاط قنبلة فوق رؤوسنا.
هكذا استيقظ الرئيس “جون كينيدي” ذات صباح، فأخبروه أن الولايات المتحدة هُزمت مرة أخرى في سباق الفضاء بصعود أول رجل فضاء روسي يدعى “يوري غاغارين” في عام 1961. قال حينها “كينيدي”: أعتقد أن هذه الأمة يجب أن تقطع التزاما على نفسها بتحقيق هدف إنزال أول رجل فضاء على سطح القمر قبل انتهاء هذا العقد، وإعادته سالما إلى الأرض. وقال أيضا: في عام 1969 نختار الذهاب إلى القمر في هذا العقد وتحقيق الأشياء الأخرى، ليس لأنها سهلة، بل لأنها صعبة.
يقول “جين كرانز”: كان التحدي هو استخلاص أفضل ما يمكن لأمريكا أن تقدمه، كان برنامج الفضاء الروسي يسبقنا بعامين، وفي عام 1965 قام الأمريكيون بالسير في الفضاء، كانت الصور الملونة مذهلة للطفو الأبيض في نهاية حبل ذهبي على بعد 160 كيلومترا من الأرض.
“تائه في الفضاء”.. إلهام مسلسلات الخيال العلمي
أراد الأمريكيون الذهاب إلى عوالم أخرى غير الأرض أكثر روعة وسحرا، وهذا ما حمس الناس على كتابة مواد عن المستقبل سواء كانت أدبا أو أغاني.
في عام 1966 غنت فرقة “ذا بيردس” أغنية “السيد رجل الفضاء” (Mr. Spaceman). يقول “آصف صديقي”: حين أفكر في الأغاني التي تتحدث عن الفضاء في الستينيات أتذكر فرقة “ذا بيردس” و”كروسبي” و”ميتيغين” و”كلارك”.
أما بالنسبة لبرامج الأطفال التي كانت رائجة تلك الفترة والتي تتحدث عن الفضاء، فيقول رائد الفضاء “درو فيوستل”: حين كنت ابن 11 سنة كان برنامج “دكتور بو” و “ذا داوتس” المفضلين لدي، وتربيت على مسلسل “تائه في الفضاء” (Lost in Space) و”آل جتسون” (The Jetsons)، جعلتني تلك البرامج أفكر أنه عندما سأكبر سيكون من الطبيعي لأي شخص الانضمام إلى برنامج الفضاء.
ويقول الكاتب “غريغ تايت”: كنت أتابع مسلسل “رحلة النجم” (Star Trek) بشكل دقيق، تحدث عن تكنولوجيا الانتقال الآني والسفر أسرع من الضوء، هذه الأشياء تجعلك ترى أن أمامنا شوطا طويلا لنقطعه. كان فيلم “أوديسة الفضاء” (Space Odyssey) في 2001 للمخرج “ستانلي كوبريك” التجسيد الأكثر واقعية لرحلة الفضاء التي حدثت في 1968، حيث نرى فيه مكوك الفضاء “سبانام” وهو يلتحق بمحطة فضائية على شكل عجلة، يحدث كل هذا ونحن نستمع لموسيقى “شتراوس”.
وهنا تقول “آن دوريان”: تعلم أنك تشهد مستقبلا قديما باستطاعتنا تخيله، ذلك المستقبل لا يزال يشعرني بأنه أحدث من أي مستقبل باستطاعتنا تخيله.
أما رائد الفضاء “دان بربانك” فيقول: كانت فكرة الفيلم مذهلة، راودتني تلك الفترة، سيعيش آلاف الناس في الفضاء، وستكون لدينا قواعد في المريخ.
“الرجل الأبيض على القمر”.. سخرية الشعراء
كان الأمر على أرض الواقع في ذلك الوقت مختلفا تماما، تقول الموسيقية “ميشيل ندجيوسيلو”: لا أتفهم دوافع الصعود إلى الفضاء، فنسبة الفقر كبيرة جدا على أرضنا، ومع ذلك نرسل رجالا إلى القمر.
يقول الشاعر “غيل سكوت هيرون” ساخرا في قصيدته “الرجل الأبيض على القمر”، ليدلل على حالة التناقض:
عض فأر أختي “نيل”
بينما الرجل الأبيض على القمر
وبدأ وجهها وذراعاها في التورم
بينما الرجل الأبيض على القمر
لا أستطيع دفع فواتير الطبيب
لكن الرجل الأبيض على القمر
بعد عشر سنوات من الآن سأظل أدفع
بينما الرجل الأبيض على القمر
لا يتوفر ماء ساخن ولا مراحيض ولا أضواء
لكن الرجل الأبيض على القمر.
يعلق “آصف صديقي” بقوله: لو ذهبت إلى الشارع رقم 125 في هيرون سمول توك الذي تحدث عنه الشاعر “غيل سكوت” في قصيدته في العام 1974، ستراه مختلفا عن هيوستن مثلا، لكنه يقولها بطريقة شاعرية وجارحة لكثير من الناس، كان يجب عليه أن يقولها. وقد مثّل برنامج أبولو قمة التفاؤل في الستينيات، لكنه تبدد في السبعينيات، والسبب الأساسي أنهم فقدوا الاهتمام، في نوفمبر عام 1968 نفذت “أبولو 12” هبوطا على القمر، وكان الناس يقولون نعم هذا مثير ولكن ليس كالمرة الأولى، لقد بدأ الأمريكيون يشعرون بالملل.
صدرت أغنية “رجل الصاروخ” (Rocket Man) التي غناها “إلتون جون”. يقول مؤلف الأغنية “بيروني تاوبين”: كنت في السيارة ثم خطرت لي فكرة الجملة الأولى، وكانت تقول “حزمت حقائبي الليلة الماضية قبل الرحلة”، لم أكن أعرف في ذلك الوقت أنها ستكون أغنية رائد الفضاء.
“قد تكون هذه آخر مرة”.. نهاية سباق التسلح النووي
تخيل فيها أن السفر إلى الفضاء سيكون كالسفر في الحافلة. يقول آصف صديقي: الفضاء ليس المكان الذي سنعيد فيه اكتشاف أنفسنا، إنه مكان آخر انتشر فيه الناس، وسنواجه نفس المشاكل.
كانت أمريكا ترسل آخر ثلاث رحلات إلى القمر في ذلك الوقت. يقول عالم الفيزياء الفلكية “نيل ديغراس تايسون”: ذهبنا للقمر لأننا كنا في سباق الفضاء مع الاتحاد السوفياتي لذا نحاول نسيانها أو طمسها، كان هناك من يقول إننا بحاجة للإرادة السياسية، لكن هذا السباق انتهى، وبذلك تبخر ذلك الالتزام السياسي.
ترى “آن دوريان” أن الهدف الأساسي كان التسلح النووي وليس استكشاف الكون، وأن ذلك كان مثيرا للسخرية، والدليل أن آخر زائر إلى الفضاء كان أول عالم.
يقول “جين كرانز”: كان أتعس يوم، كنت مدير الرحلات في ناسا للانطلاق إلى القمر، وأرادوا بشكل أساسي إنهاء المهمة، وكانت هناك رسالة للرئيس تقول قد تكون هذه آخر مرة، وقلت لا تقل إننا استسلمنا، لا أصدق هذا، لقد كان شرابا مرا.
كان الجميع يرى أنها نقطة الانطلاق نحو الفضاء الخارجي، لكن الأمر انتهى، في عام 1972 توقف الذهاب إلى الفضاء، ولم يرجعوا إلى هناك. يقول “جين كرانز”: أغلقنا أبولو ووجهنا اهتمامنا بأمور أخرى، لكن كل مرة أذهب فيها إلى مركز جونسون للفضاء في كييف أرى صاروخ ساتورن الجميل الذي كان يجب استخدامه، وأرى سفن الفضاء موجودة في المتاحف.
“صن را”.. حفلات موسيقية تحملك إلى الفضاء
أصبح ذلك جزءا من الثقافة الأمريكية، وأطلق الفنانون العنان لمخيلاتهم من هؤلاء “صن را” الذي عاش في الجنوب وعانى من التمييز العنصري، كان يظن نفسه من كوكب آخر، وكان يرى أن الفضاء مساحة يمكن أن تكون شيئا آخر.
يقول الكاتب “غريغ تيت” عن “صن را “: لم يسبق له الإخفاق بأداء شخصية، يقول للناس تعالوا معي إلى المريخ، وإذا حضرت حفلة له لمدة ساعتين ستنتقل حتما إلى الفضاء، كان ربما يخرج من سفينة الفضاء مرتديا القرون.
يقول الموسيقي “جورج كلينتون”: كنت أشاهد جميع حفلات الروك، وكنت أرغب بأن أقيم حفلة لموسيقى الفانك، لإعلان عودة هذا النوع من الموسيقى إلى الكوكب.
احتلت فكرة هبوط “السفينة الأم” جزءا كبيرا من تفكير “صن را”، فهو يرى فكرة قدوم الناس من كل مكان وبطريقة ما، فهم يساعدوننا على حل مشكلنا، إنها فكرة قديمة جدا.
يرى الكاتب الموسيقي “جيسون كينغ” أنها حملت تلميحات روحانية الزنوج، وهناك إشارات للصور التوراتية فيها مثل البشارة، “كان جورج كلينتون يصنع قوسا من الأرض الموعودة في السنوات التي تلت الهبوط من القمر”.
يقول “نايل رودجرز”: كنا مولعين بالفضاء وعزفت مع فرقة بارليامنت مرات عدة، لقد كان “جورج كلينتون” بالنسبة لي بطلا موسيقيا عظيما، وفكرة السفينة الأم من أعظم تجارب موسيقى الفانك روك.
هذا الإحساس الأفريقي بالمستقبل كان نقدا اجتماعيا لانعدام المساواة العرقية، وقد كانت فرقة بارليامنت تصرخ بأن هناك سبيلا للثورة. يصور “جورج كلينتون” فكرة عرض “السفينة الأم” فيقول: يجب أن نتعامل مع الأمر بمرح، فكل الكائنات الفضائية سيكون مزاجها حادا، فهناك شخص يقود السفينة سيتمايل ويسترخي، فأنت ستذهب إلى الفضاء وستستمتع، كانت فكرة العرض تدور حول الإبهار، وكان الجمهور يقول أحضروا المعرفة، وكنت مندهشا وأقول هل هم جادون فعلا؟
“تشالينجر 51”.. ثواني المجد التي سبقت العاصفة
بعد “أبولو” قرر فريق الفضاء الاستمرار. يقول “جين كرانز”: جلسنا وقلنا بمجرد أن يكون لك سبق لا تستسلم، وكان معنا الأشخاص ذاتهم المهتمون بالذهاب إلى القمر.
كانت فكرة المكوك الفضائي أن يجري إطلاقه مثل مركبة فضائية، ومن ثم الهبوط من طائرة شراعية، ويكون قابلا لإعادة الاستخدام.
تقول “جون سكوبي رودجرز” زوجة رائد الفضاء “ديك سكوبي”: يمكنكم تخيل كم كنت منشغلة بمهمة “تشالنجر 51″، كان زوجي “ديك” البالغ من العمر 26 عاما في ذلك الوقت طيارا في سلاح الجو، وكان يقول لي حسنا حبيبتي أراك لاحقا سأسافر على متن طائرة نفاثة، ولا أعلم متى سأعود، لم يستطع أن يغنيها بشكل جيد.
كذلك أراد المغني “جون دنفر” أن يسافر إلى الفضاء، وعندما لم يقع اختياره واختيرت المعلمة “كريستا” قال ستفعل هذا نيابة عن الجميع، وقال “ديك” وقتها طالما أنا زوج معلمة سأطير مع معلمة إلى الفضاء، ومنذ ذلك الوقت عُرفت بـ”مهمة المعلمة في الفضاء”.
أراد “ديك” إخبار المتسابقين العشرة النهائيين بالأخطار، وقال لهم إنها ليست مجرد رحلة تجارية يجب أن تعلموا هذا، لكنهم لم يتراجعوا.
تقول “جون سكوبي رودجرز”: كان صباحا جميلا باردا عند الانطلاق، اشتعلت المعززات الحرارية الصلبة واهتزت الأرض وشعرت بموجات الهواء، إنها قوة دفع تعادل ملايين الأطنان، كان هناك 24 رحلة ناجحة حتى ذلك اليوم، وكان لديهم 73 ثانية، حتى حدث ما يعجز اللسان عن وصفه.
“الرائد توم”.. أغنية قائد الرحلة المأساوية
عندما انفجر المكوك في المهمة 25 في عام 1986، توقف العالم، وكان هناك تغطية على مدار الساعة طول أسبوع ما بعد الكارثة، كانت المركبات قبل ذلك ترسل لمدة خمس سنوات، وأصبح هذا أمرا روتينيا، ولكن بعد الحادثة أدركوا خطورة ما يقومون به، وبث الخوف في آمال أمريكا وطموحها بشأن الفضاء.
قتل في تحطم مكوك تشالنجر أفراد المكوك السبعة، واعتبرتهم أمريكا أبطالا، وهم “مايكل سميث” و”ديك سكوبي” و”جوديث ايزنيك” و”رونالد ماكنير” و”أليسون أونزوكا” و”غريغوري جارفيس” و”كريستا ماكوليف”.
وربما عبرت أغنية “الرائد توم” (Major Tom) للموسيقي “بيتر شيلينغ”، وهي أغنية حزينة للغاية عن شخصية “ديفيد بول” رائد الفضاء، عن الذهاب والوداع. يقول رائد الفضاء “درو فيوستل”: إنها تتحدث عن فقدان شخص من الفضاء، فالأمر يتعلق بمهمة الانقاذ، وأحد أبنائي يعمل موسيقيا، وقد أخبرته أنني حقا أحببت “بيتر شيلينغ” وبأن الأغنية رائعة، أحببت الإيقاع واستخدام موسيقى التانغو والنغمات والإيقاع السريع.
قال: نعم، لكنها ليست عملية إنقاذ ناجحة لأنهم لم يستردوا القائد “توم”، وقد تعجبت منه، فقد كان يتحدث باسم أحد أبناء الضحايا، ويقيم في ذهنه خطر إرسال أبيه إلى الفضاء. أظن أننا -كرواد فضاء- كثير منا يتسم بالشجاعة، وللمرة الأولى أدرك أن شجاعتي أثرت علي.
عقد من القرن الـ21 في الستينيات.. أحلام “كينيدي”
يقول الموسيقي “بيلي براغ”: حاولت أن أكتب أغنية تبين أن المستقبل لا يكون دائما بالشكل الذي نتوقعه، ما زلت أرغب في السيارة الطائرة التي ظهرت في مسلسل “آل جتسنز” (The Jetsons)، علينا النظر إلى سباق الفضاء على أنه ظاهرة الستينيات.
أما رائد الفضاء “جين سيرنن” فيقول: بدا الأمر كما لو أن “كينيدي” سحب عقدا من القرن الواحد والعشرين ووضعه في الستينيات، لقد كان “أبولو” أول برنامج يلتقط صورة للأرض من الفضاء.
وتعلق “آن دوريان” بقولها: كم هي رائعة ولكنها زائلة، وعلينا الحفاظ عليها لتبقى صالحة للعيش.
أما رائد الفضاء “دان بربانك” فيقول: أحيانا تتمنى لو كان بإمكانك جلب جميع قادة العالم هناك، وأن تأخذهم إلى النافذة، وتقول لهم انظروا.
إنها من أروع المناظر يقول “درو فيوستل”: وأنت ترتدي البزة مجرد أطراف أصابعك وأطراف معدنية صغيرة تمنعك من التطواف بعيدا، وأنت تجلس هناك دون أي شيء تحتك، وقدماك معلقتان والأرض تمر أمامك، وكأنك ترى الموسيقى تمر أمامك والأرض تتخطاك.
أطلق المسباران المضيئان “فوياجر” عام 1977، وجرى توقيت وضبط مساريهما بحيث يمكنهما زيارة عدد من الكواكب في رحلتهما. واليوم وبعد مرور أكثر من أربعين سنة، ما زالت لديهما طاقة ليغادرا النظام الشمسي وعدم العودة، وهما أبعد جسمين لمستهما يد بشرية، حيث يستغرق الضوء للوصول إليهما 19 ساعة، وهو أول اكتشاف معمق وحقيقي.
“كافاتينا موفمنت”.. نغم موسيقي من الحضارة البشرية يغزو الكون
خطرت فكرة للعالم لـ”كارل ساغان”، وهي وضع شيء ما على سفينة فضائية كرسالة كونية، ستتحدث للكائنات الفضائية عن البشر وكان ذلك أسطوانة فوياجر. يقول “آصف صديقي”: كان لديهم صور بلغات متعددة، لكنهم قرروا إرسال الموسيقى، وقد وضعت على السفينة الفضائية لتمثل روح البشرية، وهو ما لا تستطيع الصور والكلمات المكتوبة التعبير عنه.
تقول “آن دوريان”: المقطوعة الأخيرة على الأسطوانة على متن فوياجر كانت “كافاتينا موفمنت” (Cavatina Movement)، وقد سألني “كارل ساغان” عن ما إذا كنت أرغب بالقيام بذلك، وكان يعلم أني مهتمة بالموسيقى، وحين علمت أن أسطوانة “فوياجر” سيكون عمرها الافتراضي ألف مليون سنة، أدركت أنها فرصة لبناء قوس من الثقافة الإنسانية، لقد كان عملا مقدسا في السنوات الخمس والعشرين الماضية، فلقد اكتشفنا آلاف الكواكب الجديدة، وفكرة أن هذا الكوكب هو المكان الوحيد الصالح للعيش يصعب تصديقها.
وتتابع “دوريان” قائلة: لن نتوقف عن الاستكشاف، وحين ألقى نظرة على الصور المأخوذة من التلسكوب لا يمكنني تخيل أنها الفرصة الوحيدة فقط في هذا الكون، هذا غير ممكن، هناك مساحة شاسعة.
لن يتوقف الإنسان عن الاستكشاف وعن البحث في الفضاء الخارجي طالما هناك الرغبة والطموح، ولن تتوقف الموسيقى عن العزف مادام هناك مبدعون شغوفون وملهمون.