الغلاف الجوي.. السقف المحفوظ الذي يحمي الأرض

الغلاف الجوي

على ارتفاع نحو 12 كم من سطح المريخ، تمكّن المكوك الفضائي “مارينر4” في منتصف عام 1965 من التقاط أولى الصور غير الملوّنة للكوكب الأحمر وإرسالها نحو الأرض، ليعمل العلماء لاحقا على معالجتها وتحليلها ودراستها، وكانت المفاجأة الكبرى أن ما وقعت عليه أعينهم يشبه إلى حد كبير ما هو على سطح القمر؛ فآثار اصطدام النيازك والفوهات قد بدت بارزة في جميع الصور، وهو ما دفع العلماء إلى تغيير تصوراتهم عن المريخ بشكل كلي.

غلاف الأرض الجوي هو طبقة رقيقة جدا من الهواء تعمل على حفظ جميع أشكال الحياة على الأرض

فهذه الفوهات المنتشرة على سطحه توضح لنا تاريخا مظلما عاشه الكوكب، وتكشف أسرارا توارت عن أنظارنا بحكم المسافات الشاسعة، ولطالما كنا نظن أن المريخ هو توأم الأرض في المجموعة الشمسية، لكن حان الأوان لأن نتراجع عن هذه الفكرة، وعلى أقل تقدير بما يتعلّق بإمكانية احتضان الحياة في الوقت الراهن، والحديث هنا عن طبيعة الغلاف الجوّي وكثافته.

فالمريخ أقرب إلى أن يكون كالقمر فيما يتعلّق بهذا الجانب، لأنه وفق ما أظهرته دراسات مكوكي الفضاء “مارس غلوبال سيرفيور” (Mars Global Surveyor) و”مارس إكسبرس” (Mars Express) يظهر لنا بأن متوسّط كثافة الضغط الجوّي في المريخ يبلغ 0.6% فقط من ما هو في الأرض، وأن أعلى كثافة للهواء في المريخ تعادل كثافة الهواء في الأرض على ارتفاع 35 كم فوق سطح البحر.1

لذا فإنّه من المنطقي رؤية سطح المريخ كسطح القمر ممتلئا بأعداد هائلة من الفوهات الناتجة من سقوط النيازك بسبب عدم توفّر غلاف جوّي سميك يحميه على الأقل من النيازك الصغيرة ومتوسطة الحجم، وهنا يظهر جزء يسير من أهمية الغلاف الجوي بالنسبة للأرض، والرّغد الذي تنعم به الكائنات الحيّة بكافة أنماطها وأشكالها بسبب وجود هذا الدرع الهوائي.

نشأة الغلاف الجوي.. درع يحيط بالكوكب الوليد

علاقة الأرض بغلافها الجوّي ليس وليد اللحظة وليس سمة ثابتة في البيئة، وإنما كان تطورا طويلا رافق الحقب الزمنية التي عاشها الكوكب، حتى بات ما يحدث على سطح الكوكب من مظاهر بيئية وكوارث طبيعية يؤثّر حتما على كل ما اعتلاه.

وبالرغم من صعوبة حساب عمر الأرض بشكل دقيق، فإن معظم الجيولوجيين يرون أن عمرها لا ينبغي أن يقل عن 4.5 مليار سنة، بناء على شواهد حيّة متوفرة حولنا كاكتشاف أقدم الصخور المؤرخة الموجودة في “مرتفعات جاك” جنوب غرب أستراليا.

البراكين هي المصدر الأول لنشوء الغلاف الغازي حول الأرض

وفي طورها الأول الذي تبع تكوينها، لم تكن الأرض إلا جسما عملاقا من الحمم المنصهرة يحيط بها غلاف غازي سميك من ذرات الهيدروجين والهيليوم الخفيفة. ثم حدث اصطدام عظيم بين الأرض وجسم آخر بحجم كوكب المريخ يُدعى “ثيا”، وقد نتجت عن ذلك طاقة هائلة أدّت إلى انصهار الكوكب بأكمله وتشتيت غلافه الغازي البدائي تدريجيا إلى الفضاء الخارجي، وتُعرف هذه بفرضية الاصطدام العملاق (Big Splash).2

وخلال السنوات الطويلة اللاحقة، وفي حقبة الدهر السحيق (Archean) التي امتدت من 1 مليار إلى 3.5 مليار سنة بعد نشأة الأرض، حدث فقدانٌ للحرارة على نطاق واسع، فبردت الطبقة الخارجية بما يكفي للسماح بتكوّن القشرة، إلا أنّ الطبقة السفلى “الوشاح” ظلّت في حالة فوران، مما أدى إلى نشاط بركاني مستمر نتج عنه تحرير كثير من الغازات، مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والأمونيا وغاز الميثان وثاني أكسيد الكبريت.

أنشطة البراكين وتراكم الغازات.. ميلاد الغلاف الثانوي

تحت تأثير الحرارة المرتفعة آنذاك تفاعل الأوكسجين مع غازي الأمونيا والميثان ليمهد ظهور ما يُعرف بالغلاف الجوي الثانوي (Secondary Atmosphere)، وتأتي هذه التسمية الخاصة للدلالة على طبيعة الغلاف الجوي (الحالي) الذي لم يتكوّن خلال نشأة النجم والكواكب، وبدلا من ذلك نشأ الغلاف الجوي الثانوي بفعل النشاط البركاني أو بسبب تراكم الغازات الناتج عن اصطدام النيازك بأسطح الكواكب.

مخطط يوضح كيف تتغير درجة الحرارة مع الارتفاع في الغلاف الجوي

وأما ما يحيط بسطح الأرض اليوم من غلاف جوّي، فهو امتداد لتطوّر الغلاف الجوي الثانوي الذي احتوى في أوّل نشأته على بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والنيتروجين.

وعندما برد سطح الكوكب، وانخفضت درجة حرارته إلى 100 درجة تحت الصفر قبل نحو 3.8 مليار سنة؛ تكثّف بخار الماء، فتكوّنت مياه البحار والمحيطات، ولاحقا بدأت أول أنماط المخلوقات الحيّة تأخذ مجراها في المياه مثل البكتيريا والطحالب الخضراء المزرقة، فظهرت عملية البناء الضوئي في الكائنات الحيّة التي تعتمد على الطاقة القادمة من الشمس وثاني أوكسيد الكربون في إنتاج الطاقة والأوكسجين، فكانت النتيجة أن ارتفعت نسبة الأوكسجين في الغلاف الجوي على نحو ملحوظ كما ندركه اليوم.3

تركيبة الغلاف الجوي.. كرة الكريستال التي تحمي الكوكب من الفراغ

إننا ندرك بما لا يدع مجالا للشك أنّ ثمة غلافا جوّيا يحيط بنا من كل حدب وصوب، ولو اكتفينا بوسيلة النظر فحسب دون استخدام أجهزة الاستشعار والرصد، فإننا قادرون على الاستدلال بهذه الطبقة الغازية من خلال ظواهر طبيعية عدّة تحدث يوميا، كمنظر الغروب حينما تسقط أشعة الشمس البرّاقة على الأرض من زاوية بعيدة، فنرى اللون البرتقالي والأحمر المصفر يدحر زرقة السماء، قبل أن يتوارى المشهد الخلاب في الظلام الكاحل، فتظهر النجوم بلألأتها المعتادة تزيّن عباءة السماء.

وعند الدنو نحو القطبين، حيث تتجسّد ظاهرة الشفق القطبي، إحدى أجمل الظواهر الطبيعية في شرائط ضوئية متوهجة كأوتار البيانو المتراقصة أو الستائر المتموجة؛ نجد بأنّ الغلاف الجوي يقف وراء ذلك كلّه.

الطبقات الأساسية للغلاف الجوي وجميعها يمثل طبقة رقيقة مقارنة بسمك الكرة الأرضية

وغلاف الأرض الجوي يعد رقيقا نسبيا عند مقارنته مع حجم الأرض، ويتكوّن بالمقام الأول من النيتروجين بنسبة 78% والأوكسجين 21%، وأما النسبة المتبقية 1% فتضم بقية الغازات الأقل شيوعا مثل الأرجون والنيون والهيدروجين، وغازات أخرى يختلف تركيزها وفقا للموقع مثل بخار الماء وثاني أكسيد الكربون والميثان والأوزون وغير ذلك.4

وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ

وبالرغم من نسبة وجودهما الضئيل عند المقارنة، فلا ينبغي إغفال الدور الذي يلعبه بخار الماء وثاني أكسيد الكربون في تركيب الغلاف الجوي بسبب قدرتهما على امتصاص الحرارة وتخزينها.

فقد استغرق تكوّن الغلاف الجوي للأرض وقتا طويلا حتى اتخذ شكله الحالي اليوم. وعلى مدار سنوات من المراقبة والدراسة تمكن علماء الأرصاد الجوية من تقسيم الغلاف الجوي بناء على اختلاف درجات الحرارة إلى 5 طبقات أساسية، ابتداء من الأدنى فالأعلى وهي:

  • الطبقة المناخية (التروبوسفير).
  • الطبقة الهادئة (الستراتوسفير).
  • الطبقة المتوسطة (الميزوسفير).
  • الطبقة الحرارية (الثيرموسفير).
  • الطبقة الخارجية (الإكزوسفير).

وثمّة 3 طبقات أخرى فرعية وهي:

  • طبقة الأوزون (الأزونوسفير).
  • الطبقة الأيونية (الأيونوسفير).
  • الغلاف المغناطيسي (الميغناتوسفير).

علما أنّ هذه التصنيفات قد تختلف بشكل طفيف من جهة علمية إلى أخرى، حتى أن بعض الباحثين يرى بأن هذه الطبقات هي المقصودة في مصطلح السماوات السبع التي ذكرها الله تعالى في القرآن الكريم مرارا وتكرارا.

الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا ۖ مَّا تَرَىٰ فِي خَلْقِ الرَّحْمَٰنِ مِن تَفَاوُتٍ ۖ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَىٰ مِن فُطُورٍ

وتتمتع كل طبقة بسمات فريدة تخدم أداء غرضٍ ما، وتساهم في تعزيز الحياة والحفاظ على الكائنات الحية على كوكب الأرض، لكن إذا ما نظرنا إلى الغلاف الجوي في عمومه، فإنه أشبه بكرة الكريستال التي تعزل الكوكب عن المحيط وتحميه من الفراغ (Vacuum) الموجود في الفضاء الخارجي، وعليه فإن الهواء الذي تتنفسه الكائنات الحيّة يبقى محفوظا ضمن هذه الكرة البلورية.

طبقة المناخ.. منبع المطر ومسرح الظواهر الجوية

تعد الطبقة المناخية (التروبوسفير) أولى طبقات الغلاف الجوي، وتحتوي على قرابة 75% من كتلة الغلاف بحكم قربها من سطح الأرض، كما أنها تحتوي على 99% من بخار الماء، ولذلك فإن الأمطار تهطل من هذه المنطقة بالتحديد، بل إنّ معظم الظواهر الجويّة تحدث فيها كذلك ولهذا تسمى “الطبقة المناخية” على الرغم من سمكها الضئيل البالغ 11 كم فقط.

ترسل الشمس أنواعا ثلاثة من الأشعة فوق البنفسجية، ينفذ إلى الأرض منها نوع واحد فقط

وتكمن أهم صفات طبقة التروبوسفير في قدرتها على الحفاظ على الحرارة، بسبب وجود الغازات الدفيئة التي ذكرنا سابقا، مثل ثاني أوكسيد الكربون وبخار الماء وكذلك الغازات المفلورة “الصناعية”، وهذا من شأنه أن يحافظ على درجة حرارة معتدلة للكوكب، تلائم طبيعة الكائنات الحية. وما لوحظ هو أن درجة حرارة الهواء تقلّ كلما ابتعدنا عن سطح الأرض.

والتروبوسفير كبقية الطبقات، لكن تركيزها أعلى ويسمح للصوت بالانتقال من مكان إلى آخر، لأنّ الصوت عبارة عن طاقة وموجة ترددية بحاجة إلى وسط مادي للانتقال، ولو كانت الأرض محاطة بفراغ مكتم فإنّه من المحال أن نسمع أيّ صوتٍ مهما بلغت شدّته، وكان الكوكب ليعيش في صمت مطبق كما هو الحال بالنسبة للقمر.

الطبقة الهادئة.. درع الحماية من الأشعة وملعب الطائرات

تتبع طبقةَ المناخ في الترتيب الطبقةُ الهادئة (الستراتوسفير)، ويصل ارتفاعها إلى 50 كم فوق سطح البحر، وعلى نهج مخالف تبدأ درجة الحرارة بالارتفاع بدلا من الانخفاض كلما صعدنا إلى الأعلى، وهو ما يُعرف بـ”انقلاب درجة الحرارة” (Temperature Inversion). وتعد هذه الطبقةُ المسؤولةَ عن حماية الكوكب من الأشعة فوق البنفسجية الخطيرة، بواسطة طبقة الأوزون التي تقع أسفلها مباشرة، ولهذا يُنظر إلى الطبقة الهادئة على أنها الدرع الغازي الذي يعمل على ترشيح أشعة الشمس الضارة وتنقيتها قبل وصولها إلى الأرض.

فوق الطبقة المناخية وبدايات الطبقة الهادئة تسافر رحلات الطيران المدني حول العالم

ونتيجة لارتفاع هذه الطبقة عن سطح الأرض، فإن الهواء فيها غالبا ما يكون في حالة جافة، حيث تنعدم السحب، مما يسمح برحلة آمنة للطائرات في التحليق فيها على مستوى منخفض (10-13 كم)، لتجنّب الاضطرابات والمطبات الهوائية الشائع وجودها في الطبقة المناخية.

لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنّ رحلة الطائرة آمنة من جميع الجهات، لأن الضغط الجوي ينخفض بشدة في هذه الطبقة ومعدلات الأوكسجين على حدٍ سواء، وهو ما يتطلّب تصاميم دقيقة تحافظ على الضغط الداخلي ضمن الطائرة.

الطبقة المتوسطة.. ظلام دامس يعم جدار الحماية من النيازك

تقع الطبقة المتوسطة (الميزوسفير) فوق الطبقة الهادئة، ويمتد ارتفاعها إلى 90 كم فوق سطح البحر، وفي هذه الطبقة تعود درجة الحرارة إلى وضعها الأوّل إذ تبدأ بالانخفاض كلما صعدنا، ذلك لأن الطبقة لا تمتص أشعة الشمس، بل إنّها مظلمة في العادة، وتفتقر إلى الأوكسجين بشكل كبير، مما يمنع الإنسان من النجاة بأيّ شكل من الأشكال دون لباسٍ واق.

وعلى أي حال، فإنّ أهمية هذه الطبقة يعد في قدرتها على مجابهة وصد عدوان النيازك المستمر على الأرض، فوفقا لبعض الدراسات فثمّة 100 طن من الأجسام الدخيلة على الأرض تحرق وتدمر بواسطة الطبقة المتوسطة قبل وصولها إلى سطح الأرض، لذا يُنظر إلى هذه الطبقة على أنها الدرع الفيزيائي الحديدي أمام الأجسام السابحة في الفضاء.5

الطبقة الحرارية.. جحيم تستوطنه الأقمار الصناعية ومحطة الفضاء

بعد الطبقة المتوسطة تأتي الطبقة الحرارية (الثيرموسفير)، ويصل ارتفاعها إلى 600 كم فوق سطح الأرض، وتتميّز عن غيرها في ارتفاع درجة الحرارة بشدة إذ تتراوح بين 200-500 درجة مئوية، بناء على النشاط الشمسي، وذلك بسبب الرياح الشمسية التي تحتوي على تيارات من الجسيمات المشحونة، بالإضافة إلى امتصاص هذه الطبقة لجزء من الأشعة فوق البنفسجية والسينية.6

على ارتفاع 550 كم من سطح الأرض وفي حيز الطبقة الحرارية يحلق تلسكوب هابل الفضائي

كما أنّ الطبقة الحرارية تعد موطنا للأقمار الصناعية التي تتكفل اليوم بتغطية عالمية خاصة في خدمة تحديد المواقع، إلى جانب الاستشعار عن بعد والأقمار العسكرية، بالإضافة إلى تمركز محطة الفضاء الدولية في هذه الطبقة على متوسط ارتفاع 400 كم، ووجود “تلسكوب هابل الفضائي” وغيره من تلسكوبات الفضاء.7

الطبقة الخارجية.. عالم من الذرات والجزيئات يتخطفه الفضاء الخارجي

آخر الطبقات الأساسية للغلاف الجوي هي الطبقة الخارجية (الإكزوسفير)، وقد تمتد إلى 10 آلاف كم، وتضم مدار الأرض المنخفض (LEO) الذي تسبح في جوفه أقمار صناعية عدة. وبسبب بعد الطبقة عن الغلاف الأرضي، فإن معظم الذرات والجزيئات تتعرض للفقدان لصالح الفضاء الخارجي.

الطبقة الأيونية.. تفاعل كيميائي كهربائي في حفلة الشفق القطبي

على الرغم من أنّ الطبقة الأيونية (الأيونوسفير) تمتد من 50-900 كم ولا تعد من ضمن الطبقات الرئيسية في الغلاف الجوي، فإن أهميتها في الشفق القطبي تظهر في تلك المناظر الخلّابة التي تنتج إثر تفاعل كيميائي كهربائي بين المجال المغناطيسي للأرض والرياح الشمسية.

الشفق القطبي ظاهرة طبيعة تنتج عن تفاعل الجسيمات الشمسية المشحونة مع الغلاف الأيوني للأرض

وتحدث هذه التفاعلات في القطبين المغناطيسيين للكوكب، ولا تتفرد الأرض بهذه الظاهرة الفلكية فحسب، بل تطرأ على مجموعة أخرى من كواكب المجموعة الشمسية، على شرط أن يكون للكوكب مجال مغناطيسي وغلاف جوي سميك كزحل والمشتري.8

حدود الفضاء الخارجي.. حين توحد السماء ما مزقته الأرض

يشير القانون الدولي في الفضاء إلى مشروعية عمل الدول في الفضاء، انطلاقا من مبدأ مشاركة البشرية في ذات المصلحة والتطلع نحو الاستكشاف، لذا فإن جميع الدول تمتلك ذات الحق في المساحة العلمية والعملية في البحث والتنقيب في الفضاء، لكن من أين يبدأ الفضاء فعليا؟

على الرغم من عدم وجود قانون معتمد، فإنّ العرف اليوم يذهب إلى ما ينص عليه نص “خط كارمن” (Karman Line) في تعريف حدود الفضاء مع الغلاف الجوي، وتبدأ على ارتفاع 100 كم من سطح الأرض، وهو ما يدعو للغرابة، لأنّ ارتفاع الغلاف الجوّي أعلى من ذلك بكثير، هذا باعتبار أن الطبقة الحرارية (الثيرموسفير) إحدى طبقات الغلاف الجوي.

ويعزى اختيار هذا الارتفاع إلى رقة الغلاف الجوي، إذ يفقد ميزته على رفع الطائرات في أثناء طيرانها، وهذا يفسّر عدم قدرة الطائرات التقليدية على التحليق في طبقات الجو العليا، كما أن الأقمار الصناعية تدور في مدارات أعلى كي لا تخترق الحدود الفضائية للبلدان.9

وختاما فإن اعتدال كثافة وسماكة الغلاف الجوي للأرض يُعد أمرا بالغ الأهمية في استمرارية الحياة على الكوكب، والنظر إلى كواكب المجموعة الشمسية حولنا يلخص لنا الكثير، فما من كوكب كالأرض يمتلك غلافا جوّي يدعم مقومات الحياة على سطحه.

وصدق الله العظيم القائل في وصف الغلاف الجوي: ﴿وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ﴾ صدق الله العظيم.10

 

المصادر

[1] ويليمز، مات (2015). مقارنة المريخ بالأرض. تم الاسترداد من: https://phys.org/news/2015-12-mars-earth.html

[2] فوسين، باول (2021). قد يتواجد على الأرض بقايا من الاصطدام الذي دفع إلى ولادة القمر. تم الاسترداد من: https://www.science.org/content/article/remains-impact-created-moon-may-lie-deep-within-earth#:~:text=Scientists%20have%20long%20agreed%20that,some%204.5%20billion%20years%20ago

[3] تومسون، ليز (2021). كشف أسرار الغلاف الجوي في بدايته. تم الاسترداد من: https://www.anl.gov/article/unlocking-the-secrets-of-earths-early-atmosphere

[4] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). ما هي الغازات التي تشكل الغلاف الجوي للأرض؟. تم الاسترداد من: http://www.ces.fau.edu/nasa/module-2/atmosphere/earth.php

[5] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). ميزوسفير. تم الاسترداد من: https://www.meteorologiaenred.com/en/mesosfera.html

[6] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). الثرموسفير. تم الاسترداد من: https://scied.ucar.edu/learning-zone/atmosphere/thermosphere#:~:text=The%20thermosphere%20is%20typically%20about,3%2C632%C2%B0%20F)%20or%20higher.

[7] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). ثيرموسفير. تم الاسترداد من: https://spaceplace.nasa.gov/thermosphere/en/

[8] مريم، جودزوادز (2018). 10 أسباب تكشف أهمية الغلاف الجوي للأرض. تم الاسترداد من: https://theimportantsite.com/10-reasons-why-the-earths-atmosphere-is-important/

[9] محررو الموقع (2016). ما هو الفضاء؟ تم الاسترداد من: https://www.nesdis.noaa.gov/news/where-space#:~:text=A%20common%20definition%20of%20space,conventional%20aircraft%20to%20maintain%20flight.

[10] القرآن الكريم- سورة الأنبياء – الآية 32