مدارات الأقمار الصناعية.. سيمفونية فلكية كبرى تعزفها ميكانيكا السماء

إنّ السبب الوحيد الذي يمنع القمر من السقوط على الأرض والارتطام به يكمن في قوة الطرد المركزية الموجودة المعاكسة لقوة الجاذبية، وتنشأ هذه القوّة من حركة القمر الجانبية المستمرّة، ولو أن القمر توقف عن الحركة فجأةً تحت تأثير قوّة ما، فإننا بلا شك سنشهد كتلة ضخمة تتسارع بالسقوط نحونا في مشهد درامي مروّع.

ولو أدركنا بأنّ النيزك الذي أباد ثلاثة أرباع الحياة التي كانت موجودة على الأرض، وأدى إلى انقراض الديناصورات قبل نحو 66 مليون سنة، كان يبلغ قطره 12 كيلومترا -وهو حجم يكاد لا يُذكر إذا ما قورن بحجم القمر البالغ قطره 3500 كيلومتر- فإن نتيجة أي اصطدام ستنهي الحياة تماما على الأرض، بل سيتحوّل الكوكب الأزرق إلى حمم حمراء ملتهبة ناتجة عن ذوبان السطح بفعل قوّة الاصطدام.

ولن يسلم شيء حينها، لا إنسان ولا حيوان، ولا حتى جماد، وستختفي جميع معالم الأرض تماما عن الوجود، ولكن هذا لن يحدث أبدا لسببين: الأوّل هو قانون حد “روش” (Roche Limit) الذي يشير إلى أن الأجسام الأصغر حجما عندما تقترب من الجرم الآخر يتشوّه شكلها تحت تأثير قوى المد والجزر بينهما، وعند تجاوز حد “روش” فإنّ الجرم الصغير سيتفكك ويتحوّل إلى أجزاء أصغر حجما، تدور حول الجرم الآخر، ثم تتساقط على سطحه كِسفا.1

والسبب الثاني يعود إلى قانون حفظ الزخم الزاوي في نظام الأرض والقمر، وهذا القانون ينص على أنّ علاقة أيّ جرمين سماويين تنتج عنها حركة جانبية (زاويّة)، لن تتغير مع مرور الوقت إلا إذا وُجدت قوّة خارجية أثّرت على أحد الجرمين. مثل أن يسقط نيزك ضخم على القمر ويحرفه عن مساره، أو أن تتباطأ سرعة أحدهما فيبتعد مدار الآخر، وهو ما يحدث لمدار القمر حيث يبتعد عن الأرض بمقدار 3.8 سم سنويا، بسبب حركتي المد والجزر اللتين تبطئان من دوران الأرض حول نفسها.2

السقوط الحر الدائم.. سر حفاظ الأجسام على المدار المستقر

يحظى القمر بعلاقة طيّبة مع جاره الأرض، فسرعة القمر والمسافة الفاصلة مع الأرض تسمح بوجود توازن منضبط يمنعه من الإفلات من المدار. ولو كان متوسط سرعة القمر المدارية أعلى مما هو عليه الآن، فسنرى القمر حينها ينحاز عن مداره هاربا من جاذبية الأرض، والعكس صحيح إذا كان متوسط سرعته أبطأ مما هو عليه، فحينها سيسقط باتجاهنا.

كل كوكب وقمر في السماء يدور في فلك خاص به

وكذا الحال ينطبق على كافة كواكب المجموعة الشمسية ومنها الأرض، فجميع الكواكب ذات علاقة صحيّة مع الشمس التي تمثّل 99% من كتلة المجموعة الشمسية، بمعنى أنّ مركز الجاذبية يقبع تقريبا في منتصف كتلة الشمس، وعليه تدور حوله جميع الكواكب.

ويكمن السر في حفاظ الجسم على مدار مستقر في سرعته، فالفرق الوحيد بين القمر والقذيفة هو أنّ سرعة القذيفة لا تؤهلها لأن تستمر في التحليق دون السقوط. ولو أطلقنا قذيفة بسرعة أعلى فستزداد المسافة قبل أن تسقط مجددا، ولكن لو أطلقنا القذيفة بالسرعة المطلوبة فإنّها ستدور حول الأرض دورة كاملة، وإذا لم تكن هناك موانع فيزيائية أو احتكاك في الهواء، فإنّ القذيفة ستستمر بالدوران دون توقف، وهو ما يعرف بالسقوط الحر الدائم.

إذا اكتسبت المقذوفات سرعة مناسبة فإنها تتخذ مدارا دائما حول الأرض، فإن زادت سرعتها انطلقت إلى الفضاء

وهذا هو مبدأ إرسال الأقمار الصناعية حول الأرض. ولتحديد السرعة المطلوبة لأي جسم، فهناك 3 عوامل أساسية: ثابت الجاذبية، وكتلة الجرم السماوي المراد الدوران حوله مثل الأرض، وارتفاع المدار. وبافتراض قذيفة أطلقت من قمّة جبل إفرست على ارتفاع 8.8 كيلومترات، فإنّ السرعة المطلوبة هي نحو 9 آلاف كيلومتر في الساعة، وكلّما زاد الارتفاع قلّت السرعة المطلوبة.

ومقارنةً بالقمر الذي يقبع على متوسّط مسافة 384 ألف كيلومتر عن الأرض، فإنّ متوسّط سرعته هو 3600 كيلومتر في الساعة. ويختلف مدار القمر عن مدار القذيفي الافتراضي في أنّه ليس مدارا دائريا، بل بيضاويا (إهليلجيا)، وهذا يعني أنّ السرعة والمسافة الفاصلة ليست ثابته على طول المدار، ويُعزى الفضل في اكتشاف ذلك رياضيا إلى العالم الألماني “يوهان كبلر” في القرن السادس عشر.

قوانين “كبلر”.. نشأة أبجديات علم ميكانيكا السماء

لا يمكن الحديث عن المدارات وأنواعها دون التطرق إلى قوانين “كبلر” الثلاثة التي تصيغ المفاهيم الأساسية لميكانيكا المدارات والسماء، وهي التي مهّدت الطريق للعالم الإنجليزي “إسحاق نيوتن” حتى يضع إطارا رياضيا صحيحا للجاذبية، وهو المعروف بقانون الجذب العام.

لقد أتيحت الفرصة للعالم الشاب “كبلر” للعمل مع الفلكي الشهير الدنماركي “تايخو براهي” في العاصمة البولندية براغ. فقد كانت الدراسات والقراءات الفلكية الأكثر الدقة تنسب لـ”براهي”، الذي لم يثق كثيرا من “كبلر” في البداية، خشيةً من أن يتفوّق عليه الشاب المحنك.

فقد كُلّف “كبلر” بدراسة مدار كوكب المريخ، واستنتج في نهاية المطاف أنّ مدارات الكواكب ليست دائرية مطلقا، ولكنها كانت بدلا من ذلك مدارات بيضاوية ممتدّة، وهي التي يسميها علماء الهندسة بالقطع الناقص. وبناءً على ذلك صاغ “كبلر” قوانينه الثلاثة الشهيرة، التي تقول:

  • قانون “كبلر” الأول: جميع مدارات الكوكب حول الشمس تأخذ شكلا بيضاويا لا دائريا.
  • قانون “كبلر” الثاني: تختلف سرعة الكوكب في مداره تبعا لموقعه وبعده عن الشمس، أي أنه لا توجد سرعة ثابتة، فكلما اقترب الكوكب من الشمس زادت سرعته، وكلما ابتعد قلّت سرعته.
  • قانون “كبلر” الثالث: الوقت الذي يستغرقه الكوكب للدوران حول الشمس يرتبط بحجم مداره، فنجد أن كوكب عطارد -وهو أقرب الكواكب من الشمس- يستغرق 88 يوما فقط للدوران حولها. بينما تستغرق الأرض 365 يوما، ويحتاج زحل إلى 10759 يوما لإتمام ذات الدورة.3

أنواع المدارات.. هكذا تتحرك الأجرام في السماء

وفقا لقوانين “كبلر”، فإنّ المدارات تُقسّم إلى 4 مدارات، وذلك ابتداء من المدار الدائري، وهو أن يشكل المسار دائرة صحيحة بنصف قطر معيّن، وهي حالة نادرة أن تدور الأجرام السماوية في أفلاك دائرية صحيحة.

وانطلاقا من هنا أدخل “كبلر” عنصرا رياضيا أساسيا يصف حالة المدار، وأطلق عليه “الاختلاف المركزي” (Eccentricity) أو نسبة عدم التمركزية، وهو مقياس يحدد مدى ابتعاد المدار عن كونه دائريا صحيحا. وفي المعادلات الرياضية المرتبطة بميكانيكا السماء، إذا ساوت هذه النسبة الصفر، فإنّ ذلك يعني أنّ المدار يشكّل دائرة صحيحة.

تتحرك الكواكب حول الشمس في مدارات بيضوية تقترب فيها من الشمس تارة وتبتعد عنها تارة أخرى

وأما إذا تراوحت النسبة بين الصفر والواحد، فإنّ المدار يمثّل قطعا ناقصا (Ellipse)، أو إهليجا كما يسمى، وهو النوع الثاني من مدارات “كبلر”. وجميع الكواكب التي نعرفها بلا استثناء تندرج أفلاكها تحت هذا التصنيف، إذ تكون أفلاكها بيضاوية في أثناء تتبع مسارها حول النجم.

وإذا كانت النسبة تعادل الواحد، فإنّ المدار يكون قطعا مكافئا (Parabola)، وحينها يتوقف المسار عن الاتصال وتصبح كلا نهايتيه إلى ما لا نهاية. كما يُشار إليها بمسارات الهروب، وهي تمتلك أقل طاقة ممكنة يحتاجها الجسم للهروب من جاذبية الجسم المركزي. فعلى سبيل المثال، إذا كان هناك مركبة فضائية تدور حول الأرض بمسار إهليلجي، فمن أجل أن تتحرر من جاذبية الأرض لإجراء مناورات مدارية، فإنها تسلك مسار القطع المكافئ، لأنه الأقل استهلاكا للطاقة.

تدور المذنبات في مدارات إما قطع مكافئ أو قطع زائد، وفي كليهما لا يعود المذنب أبدا

وإذا كانت النسبة تفوق الواحد، فإنّ المدار يأخذ شكل قطع زائد (Hyperbola)، ويُطلق عليه المسار الزائدي، إذ يدور فيه الجسم بسرعات عالية، لا تدع أيّ فرصة للوقوع في مصيدة الجاذبية، فيكون المسار لأجل العبور فحسب. وعلى غرار مسارات القطع المكافئ، فإن جميع المسارات الزائدية تُعد مسارات هروب وتحرر من الجاذبية. ومثال ذلك المذنّبات غير الدورية التي تظهر مرّة في العمر، مثل مذنّب (C/1980 E1) الذي اكتشفه الفلكي الأمريكي “إدورد بويل” عام 1980، فقد لاحظ بأنّ الانحراف المداري في مساره يعادل 1.057. 4

أما المذنبات الدورية الأخرى مثل مذنب “هالي” الشهير الذي يستغرق نحو 75 سنة لكي تمر دورته حول الشمس، فإنّ مساره بيضاوي، ولديه انحراف مداري يعادل 0.967، أي أنه يعاني من تشوّه كبير في مساره بالنسبة لشكل الدائرة، وأما الأرض فإنّ الانحراف المداري في مسارها يساوي 0.017 وهذا يعني أنّ مسارها أقرب إلى أن يكون دائرة صحيحة.5

المدار الجغرافي الثابت.. أبعد المدارات من سطح الكوكب

إنّ ما نفعله حقا في عملية إرساء الأقمار الصناعية في الفضاء ووضعها في مدارات حول الأرض يشبه إلى حد كبير المثال الذي تطرقنا إليه سابقا على مستوى القذيفة، مع فارق الارتفاع والمسافة الفاصلة بين الأرض والقمر الصناعي. فلو أرسلنا أقمارا صناعية بواسطة الصواريخ إلى الفضاء الخارجي بخط مستقيم وعامودي، فلن يلبث القمر الصناعي حتى يعود ساقطا إلى الأرض.

مدارات الأقمار الصناعية حول الأرض المنخفضة والمتوسطة والثابتة

ولضمان بقائه في الأعلى، يُدفع القمر الصناعي بواسطة الصاروخ أفقيا ليكتسب سرعة جانبية معيّنة، مما يجعله في حالة سقوط مستمرة، لكن دون أن يرتطم بالأرض. وبسبب غياب جميع العوائق المؤثرة مثل الاحتكاك بالهواء، فإنّ القمر الصناعي يحافظ على مساره حول الأرض. وتتعدد أنماط مدارات الأقمار الصناعية وفقا لغرض المهمة، وهي على النحو الآتي.

فأشهر تلك المدارات هو “المدار الجغرافي الثابت” (Geostationary Orbit)، إذ تدور الأقمار الصناعية حول الأرض فوق خط الاستواء من الغرب إلى الشرق، بالتوازي مع دوران الكوكب الذي يستغرق مدة زمنية تعادل 23 ساعة و56 دقيقة و4 ثوان.

الأقمار الثابتة هي التي تتم دورة واحدة حول الأرض كل 24 ساعة تقريبا

وهذا يجعل الأقمار الصناعية في مدار مستقر بالنسبة إلى الكوكب، فتبدو حينها الأرض ثابتة مستقرّة. ولكي يستمر هذا التواؤم والانسجام ينبغي على الأقمار الصناعية التحليق بسرعة حوالي 3 كيلومترات في الثانية، وعلى ارتفاع 35,786 كيلومترا بالتحديد، وهذه المسافة شديدة البعد من سطح الأرض، مقارنة بعدد من المدارات الأخرى.

يُستخدم المدار الجغرافي الثابت واختصاره (GEO) لعدة أغراض جوهرية، لمراقبة بقعة جغرافية معيّنة باستمرار، أو تقديم خدمة وتغطية مستمرّة مثل أقمار الاتصالات. وهنا تظهر أهميّة توجيه هوائي على الأرض نحو إحداثيات محددة في السماء، ليبقى الاتصال مستمرا. ويُستخدم كذلك لمراقبة الطقس والحرائق، أو للأغراض العسكرية والتجسس. وبحكم المسافة البعيدة عن الأرض، يمكن لهذه الأقمار الصناعية أن تغطي الكوكب بأكمله بعدد قليل من الأقمار.

المدار الأرضي المنخفض.. موطن محطة الفضاء الدولية

يكون “المدار الأرضي المنخفض” (Low Earth Orbit) قريبا نسبيا من سطح الأرض كما توحي تسميته، وعادة ما يكون على ارتفاع لا يتجاوز ألف كيلومتر، ويمكن أن يكون عند حد أدنى على ارتفاع 160 كيلومترا، وهو ارتفاع لا يستهان به. ولأجل المقارنة، فإنّ الطائرات التجارية لا يزيد اقصى ارتفاع لها عن 14 كيلومترا تقريبا، وهي مسافة أقل بكثير من الحد الأدنى للمدار.

وعلى عكس المدار الجغرافي الثابت الذي يقبع فوق خط الاستواء على وجه التحديد، فإنّ المدارات الأرضية المنخفضة متعددة المسارات يمكن أن تميل وتنطلق من جهة إلى أخرى، وهو ما تنتج عنه أعداد كبيرة من المسارات المتاحة للأقمار الصناعية، ويعد ذلك أحد الأسباب التي تجعل المدار الأرضي المنخفض شائع الاستخدام في الفضاء.

قطار من أقمار شبكة “ستارلينك” التي بدأت تملأ السماء لتغطية الاتصالات فوق المناطق النائية على الأرض

ويُستخدم هذا المدار لأغراض التصوير والكشف عن التفاصيل الدقيقة في التضاريس بسبب قربه من السطح، وكذلك يُعد موطنا لمحطة الفضاء الدولية الشهيرة (ISS)؛ إذ تسهل عملية نقل رواد الفضاء منها وإليها. وتتحرك الأقمار الصناعية في هذا المدار بسرعة 7.8 كيلومترات في الثانية، وعليه فإنّ القمر الصناعي يستغرق حوالي 90 دقيقة فقط للدوران حول الأرض، أيّ أن محطة الفضاء الدولية تدور حول الكوكب 16 مرة في اليوم.

وغالبا ما تعمل أقمار الاتصالات الواقعة في المدار الأرضي المنخفض ضمن مجموعات كبيرة لتوفير تغطية ثابتة مستمرة. وتعد شبكة الأقمار الصناعية “ستارلينك” (Starlink) المصنوعة بواسطة شركة “سبيس اكس” لتوفير خدمة الاتصال القمري بالإنترنت نموذجا على ذلك، وهي تهدف إلى خلق شبكة ضخمة تتألف من 42 ألف قمر صناعيا على ارتفاع 500 كيلومتر، لتغطي كوكب الأرض بأكمله.

المدار الأرضي المتوسط.. أنظمة الملاحة عبر الأقمار الصناعية

يشتمل “المدار الأرضي المتوسط” (Medium Earth Orbit) على نطاق واسع من المدارات بين المدار الأرضي المنخفض والمدار الجغرافي الثابت، أي بين 1000 كيلومتر إلى نحو 36 كيلومترا. ولا يُشترط فيه مسار محدد حول الأرض، لذا ينشط فيه عدد من التطبيقات المختلفة.

أقمار إيلون ماسك للاتصالات تدور حول الأرض في مدارات متوسطة الارتفاع

وهو مشابه للمدار الأرضي المنخفض، من حيث أنه لا يحتاج أيضا إلى اتخاذ مسارات محددة حول الأرض، ويُستخدم من قبل مجموعة متنوعة من الأقمار الصناعية مع عدد من التطبيقات المختلفة.

ويستخدم على نحو الخصوص لغرض الملاحة عبر الأقمار الصناعية، مثل نظام “غاليليو” الأوروبي، ونظام التموضع العالمي (GPS)، إذ يعمل على توفير معلومات عن الموقع والوقت في جميع الأحوال الجوية في أي مكان على وجه الأرض، بحيث تكون هناك على الأقل 4 أقمار مطلّة على البقعة الجغرافية المعنية.

المدار القطبي والمدار المتزامن مع الشمس

تنتقل الأقمار الصناعية في المدارات القطبية (Polar Orbits) عادة من الشمال إلى الجنوب حول الأرض، بدلا من الغرب إلى الشرق، ولا يشترط مرورها تماما فوق قطبي الأرض، أي قد يحدث انحراف بمقدار 20-30 درجة. وتعد المدارات القطبية ضمن المدارات الأرضية المنخفضة.

الفرق بين المدار القطبي والمدار الاستوائي الثابت

وأما المدار المتزامن مع الشمس (Sun-synchronous Orbit) فيعد كذلك مدارا قطبيا، لكنّه يبقى متزامنا مع الشمس، بحيث يسلك القمر الصناعي نفس المسار مقارنة بموقع الشمس. بمعنى آخر، يمكن لهذه المدارات التحليق فوق بقعة جغرافية بساعة معيّنة كل يوم، فعلى سبيل المثال يمكن أن يمر القمر الصناعي فوق مدينة غزّة كل يوم عند الساعة الثانية عشر ظهرا.

ومن أغراضه الاستشعار عن بُعد، وذلك بمراقبة المناطق الجغرافية عن طريق التقاط سلسلة من الصور على مدار فترات زمنية متواصلة، ويستخدم العلماء تلك الصور في دراسة أنماط الطقس وحركة العواصف، ومراقبة انتشار حرائق الغابات والفيضانات، ومشاهدة آثار الدمار المفتعل على المدن السكنية من يوم إلى آخر.6

“نقاط لاغرانج”.. مستقر التلسكوبات المتلصصة على الكون

في ميكانيكا الأجرام السماوية، يجب أن يحتوي كل نظام ثنائي في الفضاء -مثل الأرض والقمر، أو الشمس والأرض- على 5 نقاط رئيسية يتساوى عندها مجموع قوتي الجاذبية، فتلغي القوتان تأثير إحداهما على الأخرى، فينعدم تأثير الجاذبية على أي جسم ثالث إذا ما استقرّ في إحدى هذه النقاط الخمس.

نقاط لاغرانج الخمس التي يقف فيها الجرم السماوي مستقرا ويدور حول الشمس مرة كل سنة كاملة

وبسبب انعدام تأثير الجاذبية، يبقى الجسم (الثالث) عالقا في تلك النقاط وفي ذلك الحيّز المكاني إلى الأزل، أو إلى أن يتأثر بجاذبية جسم آخر ضخم. ويُطلق عليها نقاط “لاغرانج”، نسبة لمكتشفها الرياضي الإيطالي “جوزيف دي لاغرانج” من القرن الثامن عشر، وقد سميت هذه النقاط الخمس بالتسلسل الرقمي، يسبقها أول حرف من اسم العالم المكتشف، حرف اللام (L1, L2.. L5).

وعلى بعد مليون ونصف المليون كيلومتر من الأرض، تقع النقطة الثانية من نقاط “لاغرانج” في الجهة البعيدة عن الشمس، ويستقرّ فيها المرصد الفضائي الشهير “جيمس ويب”، ينقّب في باطن الكون ويكشف أسراره بصمت، بعيدا عن صخب كوكب الأرض.

 

المصادر:

[1] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). تحديد وتحدي حدود روش. الاسترداد من: https://www.sciencenews.org/learning/guide/component/defining-and-defying-roche-limits#:~:text=The%20Roche%20limit%20is%20an,particles%20from%20forming%20a%20moon.

[2] https://public.nrao.edu/ask/what-happens-as-the-moon-moves-away-from-the-earth/

 

[3] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). المدارات وقوانين كبلر. الاسترداد من: https://science.nasa.gov/resource/orbits-and-keplers-laws/

[4] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). مذنب C/1980 E1 بويل. الاسترداد من: http://ssdp.cbk.waw.pl/LPCs/Catalogue/1980e1.html

[5] بويس، ألن (2020). دورات ميلانكوفيتش (المدارية) ودورها في مناخ الأرض. الاسترداد من: https://climate.nasa.gov/news/2948/milankovitch-orbital-cycles-and-their-role-in-earths-climate/

[6] محررو الموقع (2020). أنواع المدارات. الاسترداد من: https://www.esa.int/Enabling_Support/Space_Transportation/Types_of_orbits


إعلان