معادلات غيّرت شكل العالم.. رحلة من الترف العلمي تصنع الحضارات

“يوريكا! يوريكا!” بهذه الكلمات صدح صوت عالم الرياضيات الإغريقي “أرخميدس” وهو يجري عاريا في شوارع مدينة سرقوسة التاريخية رافعا يديه إلى السماء وجسمه كلّه مبلل تحت مرأى الجميع، في مشهد أسطوري ما زالت ترويه الأجيال لأكثر من ألفي عام، في إشارة إلى العثور على هدف منشود طال انتظاره أو تحقيق إنجاز استعسر أمره.

ووفق ما ترويه الأسطورة فإنّ “أرخميدس” قد كُلّف من الزعيم اليوناني “هيرو الثاني” بفحص نسبة نقاوة الذهب في تاجه الملكي بسبب الشكوك التي كانت تحوم حوله. ولأنّ التاج الذهبي لم يكن منتظم الشكل فإنّ الأمر بدا شائكا ومحالا، وكلّما فكر في المسألة أكثر زاد تعقيدها حتى كاد أن يفقد عقله.

وفي صبيحة يوم من الأيام طوّعت له نفسه بأن يأخذ حماما ساخنا، وقد كانت عادة يونانية قديمة شائعة استخدام الحمامات الحارة للاسترخاء، وما لبث بعد أن وضع جسده في حوض الماء حتى لاحظ بأن منسوب الماء قد ارتفع عما كان عليه.

جلس لحظات وهو يتمعّن المشهد ويحاول جاهدا ربط ملاحظاته بالمسألة المرهقة، ثمّ فجأة يقفز من الحوض ويخرج صارخا “يوريكا.. يوريكا” أي “وجدتها وجدتها” والجميع كانوا في دهشة من أمره. لقد أدرك “أرخميدس” بأنّ أي جسم مهما بدا عشوائي التركيب (غير منتظم)، فإنه عندما ينغمر في الماء يُحدث إزاحة في الماء تساوي حجم الجسم.

وبعلاقة تجمع بين الكثافة والحجم والكتلة، فإنه من الممكن الآن الحصول على نتائج مرضية بما يخص التاج الذهبي، ذلك لأنّ كثافة الذهب كانت معروفة حينذاك، وأيّ مواد دخيلة سيتعرّف على نسبتها بسرعة عند تنفيذ هذه الحيلة الفيزيائية المذهلة رغم بساطتها، وهي تعرف اليوم بمبدأ أرخميدس لطفو الأجسام.

تعرف أرخميدس على كثافات المواد بعد فكرة خطرت له أثناء استحمامه في حوض الحمام، فصرخ قائلا “يوريكا” أي وجدتها

إنّ حادثة كهذه تكشف جانبا بشريا مثيرا للاهتمام، فالتاريخ يزخر بكثير من الاكتشافات الرياضية التي صاغت معالم الحضارة البشرية، ومنها ما يقوم عليها العالم اليوم بصورة أساسية وجوهرية، وتندرج هذه الاكتشفات تحت مسمى القوانين الرياضية والفيزيائية، ورغم كثرتها فقد اخترنا في هذا المقال القوانين المكتشفة الأكثر تأثيرا على حياة الإنسان، استنادا على بساطة المعادلة وتأثيرها الكبير وفق ما نعتقده، وقد تختلف القائمة من مكان لآخر بناء على معطيات عدّة.

تكافؤ الكتلة والطاقة.. أخطر المعادلات في التاريخ

لا ينبغي أن تخلو قائمة لأهم المعادلات التي غيّرت معالم كوكب الأرض دون التطرق إلى المعادلة الأشهر والأميز، وربّما الأخطر في التاريخ، وهي قانون “أينشتاين” الشهير “الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء”، وهو ما يُعرف بمبدأ تكافؤ الكتلة والطاقة.

ورغم بساطة تركيبها الرياضي فإنّ هذه المعادلة قادرة على التنبؤ بالطاقة الممكن استخلاصها من أيّ كتلة، في حين كان يُنظر إلى الكتلة والطاقة على أنهما كميّتان مستقلتان، قبل ظهور معادلات النسبية الخاصة على يد العالم الألماني “ألبرت أينشتاين” في بداية القرن الماضي.

بسبب معادلة آينشتين “تكافؤ الكتلة والطاقة”، تمكن العالم من تطوير القنبلة الذرية

وفي حقيقة الأمر، فقد بدا أن كلا الكميّتين تمثلان كيانا فيزيائيا واحدا، أي الكتلة والطاقة، وهذا ما يظهر جليا في المعادلة، بحيث يمكن تفسير أي جسم ساكن بأنه يحتوي على طاقة بمقدار “كتلته مضروبة بمربع سرعة الضوء”، ويمكن الإشارة إلى هذه الطاقة بأنها “طاقة ساكنة”، مع إمكانية تحوّل الطاقة الساكنة إلى أشكال وأنماط أخرى من الطاقة التي عادة ما تكون ناتجة من التفاعلات الكيميائية، أو التفاعلات النووية التي تنتج عنها تحوّلات أكبر بكثير من غيرها.1

علما بأنّ سرعة الضوء تساوي تقريبا 300 ألف كيلومتر بالثانية، أي أن الكتلة مهما بدت ضئيلة، فإنّ الطاقة الناتجة عنها ستكون مهولة، وهذا مبدأ عمل الأسلحة النووية والذرّية، وكذلك الآلية التي تعمل بها النجوم، لإطلاق الطاقة المهولة على مدار مليارات السنوات.

نظرية فيثاغورس.. صديقة مخلصة لرجال الهندسة والعمارة

رغم أن المصريين القدامى قد عملوا بهذا المبدأ في الحسابات الهندسية وطريقة البناء، فإنها تُنسب عادة وتُشتهر بالعالم والفيلسوف اليوناني “فيثاغورس الساموسي” الذي وضع أحد أشهر التراكيب الرياضية المألوفة على الإطلاق إذ أنّ “مربع الوتر يساوي مجموع مربع الضلع الأول ومربع الضلع الثاني”، وتعرف باسم “نظرية فيثاغورس”. كما تنطبق هذه النظرية على وجه الخصوص على مثلث قائم الزاوية.

تعد معادلة “فيثاغورس” إحدى مزايا وخصائص “الهندسة الإقليدية” المسطحة ثنائية الأبعاد، وتتميّز بها عن هندسة المنحنيات أو الهندسة الفراغية، إذ يبطل مفعولها السحري هناك، بمعنى لو أنّ ثمة مجسما ثلاثي الأبعاد كالكرة، فلن يكون ممكنا استخدام نظرية “فيثاغورس” بسبب الاعوجاج الحاصل في أضلع المثلث وبالتالي يختلّ شرط الزاوية القائمة.

وضع فيثاغورس نظرية المثلث قائم الزاوية والذي فيه المربع على الوتر يساوي مجموع المربعين على الضلعين

وثمّة عدد من التطبيقات الهندسية المستخدمة، وأشهرُها فيما يتعلق بمعرفة طول الأضلاع في المثلث قائمُ الزاوية أو حساب طول قطر المربع، بالإضافة إلى اعتماد علم المثلثات بشكل كلّي على النظرية لحساب النسب المثلثية الرئيسية مثل “جيب الزاوية” و”ظل الزاوية”.

وفي الحياة اليومية، فإنّ النظرية تُستخدم في كاميرات المراقبة للتعرّف على الوجوه، وفي تحديد أقصر الطرق بين نقطتين، وأيضا في حساب شدة المنحدرات في التلال والجبال، وتُعد صديقا مخلصا بالنسبة للمعماريين والمهندسين وغيرهم.

قانون الجاذبية.. ثورة بنيت على أكتاف العمالقة

في عصر النهضة الأوروبية ما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر ظهر تحالف علمي عن بعد بين الثلاثي الشهير البولندي “نيكولاس كوبرنيكوس” والإيطالي “غاليليو غاليلي” والألماني “يوهان كبلر”، وقد غيّر المشهد تماما ومهد الطريق لظهور الظاهرة العلمية الفذة البريطاني “إسحاق نيوتن” الذي جاء على يده خلاصة ما عمل عليه أقرانه السابقين، وقوله المنسوب يلخص به المشهد آنذاك: إنني أرى أبعد لأنني أقف على أكتاف عمالقة.

لقد كان الكون قديما على ما ينصّ عليه النظام البطلمي (نسبة لبطلميوس)، وهو أن الأرض مركز الكون، وما دونها من الأجرام السماوية يدور حولها بما فيها الشمس، وعطفا على النموذج الخاطئ، لم يكن هناك أي استناد حقيقي يُبنى عليه هذا الاعتقاد.

كل الأجسام في الكون تتجاذب مع بعضها بنفس القوة، لكن الذي يتحرك نحو الآخر هو الأقل كتلة

وظلّ الأمر مبهما لعدة قرون حتى صاغ “نيوتن” أوّل قوّة من القوى الأربعة الأساسية، وهي قوة الجاذبية، مشيرا إلى أنّ العلاقة بين الأجسام في الكون تحكمها قوّة تزداد بزيادة كتلتي الجسمين، وتنقص بزيادة المسافة الفاصلة بينهما، وأطلق عليه قانون الجاذبية الكوني أو قانون الجذب العام.

كما يحتوي القانون على ثابت طبيعي يُعرف بثابت الجاذبية، ويُرمز له بحرف “جـ” (G)، ويُعتبر من أهم الثوابت الفيزيائية، مع ثابت سرعة الضوء، وثابت “بلانك”.

لقد ظلّ قانون الجاذبية العام صامدا أكثر من مئتي سنة يحظى بثقة كافة العلماء، حتى حلت مكانه مفاهيم “أينشتاين” الثورية في معادلات النسبية الخاصة التي تصف تأثير الجاذبية “أو قوّة الجاذبية” بأنها ليست سوى انحناءات في الزمكان أو في النسيج الكوني.

ورغم إدراكنا لعدم دقّة قانون نيوتن، فما زالت استخداماته سارية المفعول على نطاقات واسعة ومعتمدة في أغلب المؤسسات الأكاديمية والتعليمية والتطبيقية والحياتية، وذلك لنتائجه الصحيحة.

كما يساهم قانون الجاذبية في مجال الفلك بشكل كبير في عملية التنقيب والبحث عن كواكب جديدة ونجوم في الكون، وأيضا في حساب كتل الأجرام السماوية مثل الأرض والشمس وبقية كواكب المجموعة الشمسية. كما أنّ باستطاعة القانون التنبؤ بمدار ومسار الأجسام الفلكية حول جسم أكبر كتلة.

معادلات الحركة.. قوانين تنعش إنتاج الثورة الصناعية

كان بجعبة “نيوتن” الكثير لتقديمه للعلم، ورغم شهرته بجمع وكتابة وصياغة قوانين التفاضل والتكامل (Calculus) ضمن عمله الشهير “الأصول الرياضية للفلسفة الطبيعية”، فقد اشتهر كذلك بقوانينه الثلاثة للحركة، وهي قوام الفيزياء الكلاسيكية.

ومن تلك القوانين الثلاثة، وقع الاختيار على القانون الثاني الذي يشير إلى أنّ “القوّة تساوي الكتلة مضروبة بالتسارع”، وهو شديد الارتباط بقيام الثورة الصناعية، فقد قدّم إطارا علميا لتطوير عدد من الآلات والتقنيات التي ظهرت خلال الثورة الصناعية الأولى. وقد منح القانون الثاني تفسيرا رياضيا للحركة، مما سهّل عمل المهندسين والمخترعين لتصميم وبناء آلات أكثر كفاءة وفعالية، وهو ما دفع بعجلة النمو الصناعي.

كان لقوانين نيوتن للحركة دور رئيس في تطوير مختلف أنواع الصناعات بعيد الثورة الصناعية

فعلى سبيل المثال، اعتمدت المحركات البخارية التي ابتكرها المهندس البريطاني “جيمس واط”، على مبادئ الميكانيكا الكلاسيكية لتحويل الحرارة إلى طاقة ميكانيكية، وقد استُخدم في تشغيل عدد من الآلات مثل آلة الغزل والنسج. وهو ما ساهم أيضا في تضاعف عملية الإنتاج.

ليس هذا فحسب، حتى أيضا قانون “نيوتن” الثالث الذي ينص على أنّ “لكل فعل ردة فعل مساوية له في المقدار ومعاكسة في الاتجاه”، ما زال مطبقا إلى اليوم في عمل الصواريخ في بعثات الفضاء، ولا يبدو أنّ هناك أيّ طريق للاستغناء عن معادلات نيوتن للحركة بأي وجه من الأوجه.

قوانين الديناميكا الحرارية.. أسرار حفظ الطاقة وانتقالها في النظام المعزول

يُعتبر المهندس الفرنسي “نيكولا كارنو” الأب ومؤسس علم الديناميكا الحرارية، وهو العلم الذي يدرس خواص انتقال الأنماط الحرارية وتحولات الطاقة من شكل إلى آخر، مثل تحوّل الطاقة الحرارية إلى طاقة ميكانيكية في محركات الاحتراق الداخلي أو في المحركات البخارية.

وتضم الديناميكا الحرارية في مجملها 4 قوانين أساسية تشترك جميعا في ذات القيمة العلمية، مثل القانون الأول المعروف بـ”قانون حفظ الطاقة”، إذ أن الطاقة ضمن نظام مغلق تتغير من شكل إلى آخر، لكنها لا تفنى ولا تستحدث من العدم.

وقد بدا أن القانون الثاني الذي يصف سلوك انتقال الحرارة داخل نظام معزول، قد نال شهرة أوسع من غيره بسبب استخداماته وتطبيقاته المثيرة. ويمكن التعبير عن القانون الثاني بطرق مختلفة بناء على الحالة المعنية، وأبسط مثال يمكن توظيفه هنا هو كيفية انتقال الحرارة (الطاقة الحرارية) باتجاه واحد من الأجسام الحارة إلى الباردة أو من المحيط الحار إلى المحيط البارد. مثال على ذلك كأس الشاي الحار إذا ما تُرِك، فإن من البديهيات أن يبرد بسبب انتقال الحرارة منه إلى المحيط، وأيّ محاولة لإعادة تسخينه فإنها تتطلب مجهودا أو شُغلا.

في نظام مغلق كعلبة فيها فاصولياء ملونة، كلما حركتها قل احتمال أن تعود الفاصولياء إلى وضعها الأول

إنّ فهمنا لهذا القانون يجعلنا ندرك بأنّ ثمّة قصورا حراريا (أو كما يُعرف بـ”الإنتروبيا”) ضمن أي نظام مغلق، وفي حالة وجود عدم اتزان، فإنّ النظام يسعى إلى رفع قصوره الحراري تلقائيا حتى يصل إلى حالة توزيع متساوية في جميع أجزائه، كمثال كأس الشاي وتساوي درجة الحرارة في الغرفة، أو اندماج قطرة حبر داخل كوب من الماء، وقد تستغرق عملية الوصول إلى الاتزان بعض الوقت.

ومن هنا يحتج علماء الديناميكا الحرارية بأنّ ثمّة علاقة خطية حقيقية بين الإنتروبيا والوقت، تشير لنا باستحالة الرجوع بالزمن إلى الوراء، لأن الإنتروبيا دائما في ازدياد، وفي الحالات المثالية تبقى مستقرّة. وهذا هو المبدأ الذي يستند عليه فيلم الخيال العلمي “تينيت” (TENET)، إذ رأى المخرج “كريستوفر نولان” إمكانية الرجوع بالزمن إلى وراء بواسطة التلاعب بالإنتروبيا عبر تكنولوجيا متطورة جدا.

كما أن من جملة استخدامات القانون الثاني في الديناميكا الحرارية التنبؤ بأحد أنماط نهاية الكون، وهو ما يُطلق عليه “الموت الحراري”، إذ يكون الكون في حالة اتزان حراري بعد أن يصل القصور الذاتي أقصى مستوياته، فيكون الكون برمته عند درجة حرارة واحدة، وحينها لن يكون هناك أيّ سبيل للقيام بأي “عمل” بمفهومه الفيزيائي.2

قوانين ماكسويل.. معادلات أنارت كوكب الأرض

بضغطة واحدة نستطيع اليوم إنارة منزل كامل بفنائه وجميع شرفاته، وذلك بفضل سير التيار الكهربائي عبر الأسلاك الموزعة والمنتشرة في المنزل إلى مصابيح الإنارة، وهذا ليس سوى أحد استخدامات الكهرباء التي باتت معلما من معالم المدنية الحديثة، فالناظر إلى الأرض من الفضاء ليلا سيلحظُ المدن المكدّسة بالبشر قد تلألأت بإنارة صفراء بارزة، بدلا من أن يكون الكوكب مظلما معتما كبقية الكواكب.

ويعود الفضل إلى العالم والرياضي الأسكتلندي “جيمس كلارك ماكسويل” الذي وضع القوانين الأربعة المعروفة بقوانين ماكسويل في عام 1862، وهي تصف العلاقة بين الكهرباء والمغناطيس وتضمينهما في إحدى القوى الأساسية في الكون “القوة الكهرومغناطيسية”.

استطاع ماكسويل من خلال معادلاته التي دمجت بين الكهرباء والمغناطيسية حساب سرعة الضوء

ويشير القانون الأول إلى علاقة التدفق الكهربائي بالشحنة الكهربائية، والقانون الثاني يصف طبيعة المجالات الكهربائية إذ يمكن أن تنشأ من مصدر ذات شحنة سالبة أو موجبة، كالإلكترون، على نقيض المجالات المغناطيسية التي تشترط دائما وجود قطبين شمالي وجنوبي، كما هو الحال على كوكب الأرض. وأما المعادلتان الأخيرتان فهما تصفان العلاقة المباشرة بين الكهرباء والمغناطيس، بحيث يخلق المجال الكهربائي “المتغيّر” مجالا مغناطيسيا محاذيا له والعكس صحيح.

عمل “ماكسويل” على دمج هذه المعادلات ضمن إطار المعادلات الموجية للمجالات الكهربائية والمغناطيسية، مع تساوي سرعة انتشار الموجات بقيمة ثابتة تساوي سرعة الضوء، مما دفعه إلى الاستنتاج بأنّ الضوء ليس إلا موجات كهرومغناطيسية. وقد حفّز ذلك الاكتشاف نظرية “أينشتاين” في النسبية الخاصة التي تستند في معادلاتها على سرعة الضوء، باعتباره قيمة ثابتة.

وكان نتاج ذلك العمل الضخم هو قدرتنا على فهم الكهرباء وآلية عمله، وهو ما قادنا إلى ثورة رقمية مهيبة وما تبعها من استخدامات شتى لكافة أنواع الأجهزة الكهربائية الموجودة في العصر الحديث، بما فيها الشاشة الإلكترونية التي تقرأ منها هذه العبارات الآن.

معادلة “برنولي”.. قوانين تحمل الطائرات في السماء

في ديناميكا الموائع تعد معادلة “برنولي” إحدى أبسط وأهم المبادئ التي يستند عليها مهندسو ديناميكا الهواء ومهندسي الطيران، ذلك لسهولة استخدامها ودقتها العالية في التعامل مع جميع الموائع غير القابلة للضغط. وعادة ما تستخدم المعادلة في التعرف على معدل تدفق المائع (مثل الماء) أو قراءة مستوى ضغط نقطة ما داخل الأنابيب أو الواقعة على القنوات المفتوحة بواسطة جهاز “فينتوري ميتر” (Venturi Meter) أو أنبوب “بيتوب” (Pitot Tube).

ويُعد الفيزيائي السويسري “دانيال برنولي” واضع المعادلة وإليه تُنسب، وتكمن أهميتها الكبرى في تفسير السبب وراء تحليق الطائرات ذلك، لطالما كانت الأجنحة هي المصادر الوحيدة التي ترفع الطائرة عاليا إلى السماء بتوليد قوّة رفع تتغلب على وزن هيكل الطائرة.

يعتبر مبدأ برنولي أحد أهم مبادئ الطبيعة إذ هو الذي سهل تطوير الطائرات المدنية وطيرانها في الهواء

إن معادلة برنولي تنص على علاقة تجمع بين الضغط والسرعة بشكل مبسط للغاية، بحيث كلما زادت السرعة قلّ الضغط، وكلما قلّت السرعة زاد الضغط، لذا يعتمد مهندسو الطيران على تصميم “الجناح الكامل” (Airfoil) -وهو المقطع العرضي للجناح- بشكل غير متساو، إذ يكون السطح الأعلى أطول من السطح الأسفل، لدفع الهواء بالتحرك بشكل أسرع من الأعلى، وبالتالي يقلّ الضغط وفق قانون “برنولي”، وعلى الجانب الآخر من الأسفل يجري الهواء بسرعة أقل، فيكون الضغط أعلى، مما يدفع الأجنحة للارتفاع عاليا.

ولتوليد قوّة ضغط عالية قادرة على رفع طائرات تجارية تتراوح أوزانها بين 14-57 طنا، فإننا بحاجة إلى سرعات عالية تبدأ من حدود 200 كم في الساعة، وهنا تظهر كفاءة وتميّز كلّ محرك نفاث عن الآخر.

إننا على يقين تام بأنّ ثمة مجموعات ضخمة من المعادلات الرياضية والفيزيائية المتعلقة بمجالات متعددة مثل ميكانيكا الكم وديناميكا الهواء وغيرها من المجالات، لكن اختيارنا قد وقع على القائمة أعلاه بما يتناسب مع بساطة التركيب الرياضي وسهولة الفهم ونطاق الاستخدام والتأثير.

 

المصادر

[1] بيركويتز، سيدني (التاريخ غير معروف). الطاقة = الكتلة مضروبة بمربع السرعة. تم الاسترداد من: https://www.britannica.com/science/E-mc2-equation

[2] لوكاس، جيم (2022). ما هو القانون الثاني في الديناميكا الحرارية؟. تم الاسترداد من: https://www.livescience.com/50941-second-law-thermodynamics.html