الهلال.. سباق الدول نحو إعلان عيد الفطر السعيد 2025

يوم السبت 29 مارس/ آذار 2025، ستشهد بعض دول غرب أفريقيا من بينها تونس والجزائر والمغرب وموريتانيا ، وأجزاء من أوروبا كسوفا جزئيا للشمس يبدأ بتوقيت مكة المكرمة في تمام الساعة (11:51 صباحا) وينتهي في تمام الساعة  (15:43 عصرا) ، وهو إعلان عن حدوث القمر المحاق الذي لم يخرج بعد إلى طور الهلال، إذ سيغيب القمر في مكة المكرمة وعموم بلدان الخليج بعد 4-7 دقائق فقط من غروب الشمس.

خريطة العالم للمناطق التي ستشاهد كسوف الشمس الجزئي ظهر يوم السبت 29 رمضان

 ومع اتفاق الدول العربية سوى  المملكة المغربية ودول شرق آسيا في بداية الصوم لهذا العام 1446 هـ/ 2025 والذي جاء يوم السبت 1 مارس/آذار 2025، يأتي الخلاف عند النهاية في إعلان عيد الفطر، من سيعلن الهلال أولا؟ وهي قصة جدلية لا تنتهي، فهل الهلال متولد ويرى؟ أم أنه متولد ولا يرى؟ أم أنه غير متولد أصلا؟

كسوف الشمس.. اقتران ينفي وجود الهلال

الاقتران والمحاق وولادة الهلال والقمر الجديد هي أربع مترادفات لغوية لنفس الظاهرة في الحدث أو التوقيت، وتعني التقاء الأرض بالقمر والشمس على خط واحد، مع أو بدون شرط حدوث كسوف كلي أو جزئي، وهي لحظة عالمية واحدة إذا اعتبرنا هذا الاصطفاف اصطفافا مركزيا، أي مركز الأرض ومركز القمر ومركز الشمس، وهي لحظة يمكن الحصول على وقتها من أي مرجع فلكي في العالم، وفي يوم السبت سيحدث الكسوف. وفي شهرنا هذا، تحدث هذه اللحظة في تمام الساعة (13:57) ظهرا بتوقيت مكة المكرمة.

اصطفاف الأجرام الثلاثة يحدث في لحظة واحدة كل شهر ويعرف بالاقتران أو ولادة القمر

فهل بعد كسوف يوم السبت هذا يمكن رؤية الهلال؟ الإجابة الفلكية والعلمية.. لا، إذ القمر الذي انفصل عن الشمس قبل ثلاث ساعات لم يتشكل فيه ضوء الهلال بعد، بل لا يزال في طور القمر المحاق المحاذي للشمس، فهو لا يبعد عنها سوى درجة ونصف الدرجة على أكثر تقدير كما هو محسوب له في سماء مكة المكرمة.

وثلاث ساعات في حركة القمر في السماء تعني أن القمر سيتحرك مبتعدا عن قرص الشمس ثلاثة أضعاف حجمه، فقط. ويبلغ ذلك في رأي العين بمقدار حجم القمر في السماء ثلاث مرات كما يرى من الأرض (القمر البدر يعادل نصف درجة) أو بعبارة أخرى أكثر بقليل من سُمك إصبع اليد الصغير. وهذا يعني أن القمر سيكون على مسافة الإصبع الصغير من الشمس التي ما تزال متوهجة لحظة غروبها.

المسافة الضئيلة بين القمر والشمس لا تسمح بتشكل الهلال بل لا يزال في طور المحاق

ويكون اتجاه الهلال عادة أسفل القمر، أي أنه أقرب إلى حافة الشمس، وهذا يعني أنه لن يمكث 7 دقائق في السماء بعد غروب الشمس، بل أقل من 5 دقائق.

وهل مدة الـ5 دقائق كافية لرؤية الهلال؟

للإجابة عن هذا السؤال دعونا نتخيل بأننا واقفون بانتظار غروب الشمس، وأن ما نبحث عنه هو الهلال الذي يرتفع عن قرص الشمس بمقدار سمك الإصبع الصغير، أو حتى الإبهام على أكثر تقدير. فلو افترضنا بأن وهج الشمس لا يؤثر كثيرا، وهو افتراض خاطئ بالطبع، فيا ترى هل الغلاف الجوي سيكون شديد النقاء والصفاء فوق الأفق لحظة الغروب، أم سيكون هناك ضباب ودخان أفقي يرى على الدوام سببه تلوث الغلاف الجوي بسبب حركة الهواء في النهار؟

الهلال الرفيع الذي ظهر فجر يوم الجمعة 28 رمضان

فمن النادر أن نعثر على مكان على الأرض (خصوصا على مستوى سطح البحر أو نحوه) غير ملوث الأفق الغربي، والسبب هو حركة الهواء في النهار، وأقل مسافة هي 3-5 درجات أي أكثر من سمك إصبع الإبهام بمرتين.

فإذا كان هلال شهر شوال 1446 ليوم السبت مرتفعا درجة واحدة فقط بعد الشمس، فهذا يستلزم أن كل القمر مغموس في التلوث الأفقي الغباري، ما يجعل رؤيته مستحيلة حتى لو كان هلاله كبيرا، فكيف بهلال (العيد) الذي لم يولد (بصريا) بعد؟

رسم توضيحي لموضع القمر لحظة رؤيته فجر الجمعة بسبب المسافة الكبيرة بينه وبين الشمس

والولادة في هذا المقام تعني تشكل الهلال قوسا من نور، وليس مجرد انتهاء الدورة الفلكية للقمر وابتداء أخرى، فهذه الدورة لا يعتد بها عند الفقهاء.

لكن مؤخرا ظهرت مجالس إفتاء عربية ترد شهادة المترائي الذي يدعي رؤية هلال بهذه المواصفات غير المقبولة علميا، وفي مقدمتها دائرة الإفتاء الأردنية التي ترفض أية شهادات يمكن أن تتقدم في إثبات هلال مثل حالة يوم السبت هذه. فالأردن قد حسمت الأمر والعيد فيها سيكون يوم الإثنين 31 مارس/آذار 2025 وتشاركها بعض الدول العربية والإسلامية الأخرى.

أما يوم الأحد 30 مارس/ آذار 2025، فإن وجود الهلال بعد غروب الشمس لحوالي ساعة و10 دقائق على ارتفاع 15 درجة فوق الأفق الغربي كما يُرى من مكة المكرمة، سيسمح لجميع الدول العربية والدول الإسلامية برؤيته، وبذلك فإن الأصل المبني على الرؤية الصحيحة هو أن يكون عيد الفطر السعيد الإثنين 31 مارس/آذار 2025.

لماذا يتسابقون؟

سؤال لا إجابة عليه حتى الآن.. لكنها ظاهرة غير خافية، حتى إن البعض يطلب من لجان التحري في بلده أن تخرج للرؤية حتى وهم يعلمون بأن شروط الهلال غير متحققة. ومثل هذا الإعلان من شأنه أن يربك الناس ويتسبب في اختلافهم في مواعيد عباداتهم وانتهائها. فهل سيعلنون رؤيته يوم السبت؟

عيد فطر سعيد، وكل عام وأنتم بخير


إعلان