“عرض شوارع غوغل”.. خدمة تفتح لك كل صناديق العالم

من غير اهتمام إعلامي كبير، يُواصل عملاق التقنية “غوغل” توسيع خدمته الثقافية والفنيّة، التي أطلقها عام 2016 في موقع خاص عنوانه: (www.google.com/culturalinstitute/beta)، حيث تواصل الخدمة عقد شراكات مع متاحف ومؤسسات فنيّة وثقافية حول العالم، لتوفير أعمال فنية خاصة عليها.
كما تواصل الخدمة إضافة متاحف جديدة للقائمة، من المتاحف التي يمكن التجول فيها افتراضيا، واكتشاف أبنيتها، وهي تشبه كثيرا خدمتها الشعبية “عرض شوارع غوغل”، التي تُمكن من التجول افتراضيا في شوارع معظم الدول الأوروبية والغربية، وكانت قد صورتها غوغل -في مشروع طموح للغاية- عن طريق كاميرات خاصة، وضمن مدة زمنية امتدت سنوات.

وقد نضجت هذه الخدمة نضجا كبيرا، من حيث تصميم الموقع الإلكتروني وتبويبه، ومن حيث المحتوى الضخم الذي أصبح الموقع يملكه، من الأعمال الفنيّة والمجموعات الخاصة بمتاحف وتجمعات فنية وثقافية.
اقرأ أيضا
list of 4 items- list 1 of 4من المدنية إلى البرية.. عائلة أوروبية تبحث عن معنى الحياة وسط الطبيعة
- list 2 of 4قاعات القضاء تقتص لضحايا “مجزرة الأطفال” من إعلامي أمريكي متطرف
- list 3 of 4وثائقي “بطاقة الأفلام”.. قصة الشركة التي باعت وهم الدخول المفتوح إلى قاعات السينما
- list 4 of 4مصير الإنسان بيد الآلة.. ماذا لو اعتلى الذكاء الاصطناعي منصة القضاء؟
كما أن الخدمة وصلت إلى الأجهزة الذكية الصغيرة والحديثة، عبر البرامج التطبيقية التي أطلقت منذ أشهر، وتلقى رواجا كبيرا اليوم، بسبب الخدمات التفاعلية التي تمنحها، ثم بسبب تلاؤمها مع طبيعة الأجهزة التي صُممت لها.
غوغل.. العالم بين يديك
على صعيد تبويب الموقع الإلكتروني، يمكن اكتشاف محتواه بطرق عدة، منها أسماء الفنانين، والحركات الفنية، والسمات، والمجموعات الفنية، والأمكنة، والأحداث التاريخية، والشخصيات التاريخية، الوسيط الذي تقدم عبره المادة الفنية، وكل من هذه التصنيفات الرئيسية يقود إلى أخرى فرعية.
كما يمكن ترك الخدمة، لتقود المتصفح إلى وجهات لم يفكر بها من قبل، عن طريق قسم “اكتشاف”.
وأما الراغبون بالذهاب إلى متاحف ومبان تاريخية شهيرة، فتوفر لهم الخدمة خريطة عُلِّمت عليها أسماء المتاحف والمؤسسات الفنية القريبة جغرافياً من المتصفح، ليكون باستطاعته استكشافها وما تعرض من أعمال، وربما زيارتها مستقبلا.
وتشترط هذه الخدمة أن يكون للمتصفح حساب على موقع “غوغل”.

وإذا كانت سمعة الخدمة في الوقت الحاضر ترتكز أساسا على ما توفره من جولات افتراضية في متاحف حول العالم، واكتشاف بعض المواقع الأثرية والفنية عن طريق فيديوهات صُورت بتقنية 360 درجة، فإن لها جانبا آخر لا يقل أهمية.
يتمثل ذلك بالعدد الكبير جدا من الصور الشديدة الدقة، التي تملكها من أعمال فنية كثيرة، فيمكن تكبيرها إلى حدود كبيرة، والتمعن بأدق تفاصيلها والأسطح التي نفذت عليها، ولم يكن ذلك متاحا من قبل.
تشمل هذه الخاصية اللوحات التي رُسمت على مواد شتى والصور الفوتوغرافية أيضا، وتحجز الصور مكانة مهمة ضمن محتوى خدمة غوغل هذه.

إن تصفح أقسام موقع الخدمة الإلكتروني أو تطبيقها على الأجهزة الذكية، يشبه التجوال في موقع “يوتيوب”، المملوك أيضا لشركة “غوغل”، فسرعان ما يتيه المرء في الصور والمعلومات المغرية الموجودة.
فلا تنتهي رحلة الباحث سريعا، بل تفتح أمامه عشرات الصفحات الفرعية، التي تثير فضوله للمزيد، لا سيما من يتابعون الفن التشكيلي والفنون الصورية الأخرى.
فتصفح صفحات فناني عصر النهضة في هولندا سيقود من دون تخطيط إلى صور للفن التجريدي من القرن العشرين، وأعمال فنان الغرافيتي البريطاني المعروف “بانكسي”، هي على بعد نقرة فقط من أعمال الرسام البلجيكي “بيتر بول روبنز”، وهكذا يصل المتصفح إلى محطات جديدة مفاجئة، لم يتوقعها عندما بدأ رحلته على الموقع.
خدمة التجول الافتراضي
يتوجه التجول الافتراضي في المتاحف إلى جمهور ربما يكون محدودا، لا سيما أنه يمكن التجول في قاعات المتاحف وممراتها فقط، ولا يمكن تكبير صور الأعمال الفنية المعروضة فيها، ولكن يمكن الوصول إليها عن طريق قسم آخر في الموقع، يختص بعرض مجموعات المتاحف الخاصة من الأعمال الفنية.
بيد أن هذه التحديدات لا تقلل إثارة التجول في متاحف ربما لن يزورها المرء في حياته، والتعرف على جماليات المباني والقاعات، التي صُورت بكاميرات متخصصة.
متاحف المنطقة العربية التي تعاونت مع خدمة “غوغل” للثقافة، إنما هما متحف الفن الإسلامي والمتحف العربي للفن الحديث في قطر، فتمنح الخدمة فرصة التجول في أروقة المتحف الإسلامي، وهو متخصص في الفن الإسلامي، كما تعرض صور الأعمال الفنية المعروضة وتفاصيلها.
أما المتحف العربي للفن الحديث، ففيه صور ومعلومات قيمة جدا عن الأعمال المعروضة فيه، وبعضها باللغة العربية، كتبت عليه أسماء لوحات الفنانين العرب بأسمائها العربية الأصلية.

والطريف أن شعبية خدمة “غوغل” للفن والثقافة قد ارتفعت كثيرا بسبب ما تقدمه تطبيقات هذه الخدمة، من إمكانية وضع المستخدمين صور “سيلفي” مع لوحات شهيرة، وقد أصبحت هذه الإمكانية أكثر إمكانيات التطبيق استخداما، وكتب عنها الإعلام الشعبي.
على الجانب الآخر، ما زال جمهور الخدمة نخبويا كثيرا، مع أنها تفتح أبوابها للجميع، لا للفنانين المكرسين حصرا، فهناك مثلا مجموعات لفنانين جدد ومهمشين، بعضهم من المنطقة العربية، يأملون أن يجدوا على منصة خدمة “غوغل” الجمهور الواسع.
تقف مؤسسة “غوغل” الثقافية -التي تأسست عام 2011- خلف هذا المشروع، الذي يرغب بتسخير الميزات التقنية الحديثة، لتوفير كنوز العالم الفنيّة والثقافية للراغبين على شبكة الإنترنت.
يُشبه موقع الخدمة الإلكتروني خدمات “غوغل” الأخرى، من حيث أنه يمكن ربطها مع المواقع الشخصية والمدونات والمواقع الإعلامية، لعرض أعمال الخدمة الفنية على صفحات هذه المواقع.
وكما هو الحال مع خرائط “غوغل” أو أفلام موقع “يوتيوب”، فقد طورت “غوغل” للمشروع كاميرات خاصة، لالتقاط صور شديدة الدقة من الأعمال الفنية، بحيث يُمكن تكبيرها لدرجات كبيرة جدا، من دون أن يُؤثر ذلك على دقة الصور.
