أفغانستان الجريحة.. عشرية السوفيات التي أزهقت أرواح مليون أفغاني

علي صبري

لعل أفغانستان من أكثر الدول في وعي جيلنا ارتباطا بالحروب والقتل والتشرد والبؤس، ذلك أنها دخلت قبل أربعة عقود دوامة الحرب دون توقف حتى اليوم، وهي منطقة صراع إقليمي ودولي مستمر للسيطرة عليها لموقعها الاستراتيجي الهام.

هذه قصة أرض جميلة جدا بقدر ما هي ملعونة، إنه بلد عالق في الحروب منذ وقت طويل، وقليل من يمكنهم أن يتذكروا متى بدأ ذلك أو لماذا، نظرا لمرور أكثر من أربعين عاما على اشتعال فتيل القتال والحروب دون أن يهدأ أبدا حتى اليوم.. وماذا يريد المتقاتلون الذين لا يتعبون من الحرب، أهو المال أم السلطان أم الدين؟! لا أحد لديه إجابة واضحة، فما الخطأ الذي وقع في أفغانستان، فأبقى على هذه الأرض القاحلة لغزا؟

 

أفغانستان الواقعة في قلب آسيا وتحيط بها حضارات قديمة، بقي أهلها معزولون خلف جبال هندوكوش الشهيرة، ورغم انقسام الأفغان إلى قبائل، فقد وحدهم دينهم الإسلامي ورغبتهم الشرسة بالاستقلال. فعلى مر التاريخ غزا فاتحون ذوو جيوش عظيمة هذه الأمة من الإسكندر الأكبر إلى الإمبراطورية البريطانية، لكنهم واجهوا جميعا المقاومة الأسطورية للأفغان.

ونظرا لأهمية التجربة الأفغانية على كل الصعد، أنتجت قناة الجزيرة الوثائقية فيلما من أربعة أجزاء، يروي حكاية الجرح الأفغاني الدامي من نهاية العهد الملكي إلى اليوم.

في تحرك تاريخي لمساندة الشيوعية في كابول العاصمة، قررت روسيا غزو أفغانستان

 

وتتحدث هذه الحلقة التي تأتي بعنوان “الجهاد” الكابوس السوفياتي في أفغانستان وحقبة الجهاد، وقد بدأ احتلال السوفيات بالتدخل العسكري لإنقاذ نظام كابل الشيوعي من السقوط شتاء 1979، وانتهى بخروج مذل في شباط/فبراير 1989، وما جرى في السنوات العشر من تفاصيل المشهد الأفغاني، على صعيد المعركة العسكرية وتداعياتها على الشعب الأفغاني.

محاولة إنقاذ النظام الشيوعي.. بداية المعركة السوفياتية

يفتتح الجزء الثاني من أفغانستان الجريحة بحكاية قصيرة يرويها مسعود خليلي القيادي في المقاومة الأفغانية وسفير بلاده في الهند سابقا، ويلخص مشهد الحرب بقوله: كنت في جبال نورستان، وكانت الطرقات تحت سيطرة السوفيات، فذهبت على حماري، وكان أمرا جيدا بالنسبة لي أن لا أذهب بسيارتي بل على ظهر حمار، فبدأ القصف وبدا الأمر وكأن تنينا يطير في السماء من أصوات الطائرات الهادرة، فهربت واختبأت داخل كهف وبقيت هناك خمس دقائق أو عشرا، وكان الصوت مرتفعا جدا وبعد ذلك حل الصمت المطبق، وقد أعقبه الكثير من الصراخ والبكاء لدرجة لم أصدقها، وحين ذهبت أبحث عن حماري رأيته مصابا، وهذا ما لن أنساه أبدا، لقد كان حماري يحتضر وعيناه مليئتان بالدماء، جلست عنده وكما لو أنه كان يتحدث إلي ويقول: لماذا تتقاتلون؟ هل رأيتم يوما حمارا يحرق منزل أخيه الحمار؟ لا، كانت الحرب قد بدأت، ويا لها من حرب.

امتلأت جبهات القتال بالمجاهدين الأفغان الذي توزعوا تحت ست قيادات رئيسية في مواجهة الغزو الشيوعي

 

في يوم شتاء بارد في ديسمبر/كانون أول 1979 دخل الجيش السوفياتي أرض أفغانستان، وكانت البلاد على شفير حرب أهلية، فقد نزل آلاف الأفغان إلى الشارع لمعارضة الحكم الشيوعي الذي استلم السلطة بانقلاب دموي قبل سنة ونصف، وبعد شهر من الشغب والاعتقالات أرسل الاتحاد السوفياتي فرقة عسكرية لدعم حلفائه الأفغان ولإعادة الوضع تحت السيطرة لتبقى أفغانستان بلدا اشتراكيا.

ويصف رسلان أوشيف -وهو قائد في الجيش السوفياتي ولقب ببطل الاتحاد السوفياتي لخدمته في أفغانستان- هذا التدخل من وجهة النظر السوفياتية فيقول: في الجيش أردنا جميعا التوجه إلى أفغانستان، وظننا أننا ذاهبون لمساعدة الشعب الأفغاني ومساعدة الفلاحين الفقراء ليحظوا بحياة أفضل، وأتذكر وصولي في 21 يناير/كانون الثاني 1980 إلى مطار باغرام، فقد بدا الأمر وكأننا هبطنا في “ألف ليلة وليلة”.. السماء والنجوم والجينز الأزرق المعروض للبيع والبرتقال، كل تلك الأمور التي لم نكن نراها في الاتحاد السوفياتي، ظننت أن الناس سيرحبون بنا بحفاوة، لكن كان العكس هو ما حدث، كنت أرى هذا في عيونهم بطريقة نظرهم إلينا.

وبالمقابل تروي سيما سمر -التي درست الطب في جامعة كابل وتولت منذ عام 2019 وزارة العلاقات العامة وحقوق الإنسان- الوضع من الجانب الأفغاني قائلة: دخل السوفيات لمساندة النظام الوحشي، فكيف يمكنك أن تدعم غزوا يدعم بدوره نظاما وحشيا؟ كنت طالبة في كلية الطب وكنت جزءا من المعارضة، وكنا نوزع الرسائل ليلا، ونكتب على الجدران ليلا “الموت للروس”، “اخرجوا من بلادنا”، وما شابه ذلك لتشجيع الناس على مقاومة الغزو ومقاومة النظام.

وقد وحد الصراع ضد غزو السوفيات الملحدين المجتمع الأفغاني من المزارعين في القرى وأفراد النخبة في جبهة واحدة، وهو ما يؤكده مسعود خليلي بقوله: منذ بداية حياتي أعيش وسط أبناء شعبي، وهو ما جعلني أعلم أننا مسلمون أشداء، ولا نزال كذلك، غير أننا لسنا إسلاميين ولسنا متعصبين، لكن في حال الغزو كانت تجري تعبئة الناس حول كلمة “الجهاد”.

“إما أن نقتل أو أن ننجح”.. وحدة الأفغان ضد المحتل

امتدادا للصراع السياسي في كابل، قاد الإسلاميون المعارضة في وجه الحكومة الشيوعية، وبعد الغزو السوفياتي حولوا المقاومة إلى جهاد، وأطلقوا على أنفسهم اسم “المجاهدين”.

يتحدث تقرير تلفزيوني أرشيفي غربي يعود لعام 1980 عن الروح المعنوية للمجاهدين، وأنهم يفضلون الموت على الاستسلام لحكم الروس، ويقول مقاتل أفغاني شاب على الخطوط الأمامية للمعركة: نشعر بقوة كبيرة حتى إن لم تكن لدينا فرصة للفوز، سنقاتل حتى آخر نفس، ولا يمكننا معرفة إن كان أي منا سينجو من هذه الحرب، لكن هذا قرارنا، إما أن نُقتل أو أن ننجح.

ألهمت شجاعة المجاهدين الناس في كل مكان، وولدت أسطورة المجاهدين، وعن ذلك تقول شكرية بركزاي -التي نشأت في كابل خلال الغزو السوفياتي، وأصبحت عام 2005 عضوا في البرلمان الأفغاني-: أذكر أن أحد أحلامي في مراهقتي كان الذهاب لتوزيع الماء على محاربي الحرية، في ذلك الوقت لم أكن أعرف لماذا يقاتلون أو كيف كانت المعركة، بل كان كل ما يهمني أن أتمكن من مساعدتهم.

امتدادا للحرب الباردة بين روسيا وأمريكا، وقفت الأخيرة إلى جانب الأفغان عبر باكستان والسعودية

 

ويتحدث تقرير تلفزيوني غربي أرشيفي يعود لعام 1980 عن مصادر تسليح المجاهدين الأفغان في البداية، وكيف يتحول بؤس شخص ما إلى ربح لشخص آخر حين تندلع الحرب في مكان ما، فيقول: “هنا في منطقة دَرَة على الحدود الشمالية الغربية لباكستان يستفيدون بشكل كبير من الموت، فهذا شارع صانعي الأسلحة”. ويتجول المراسل داخل محلات بيع الأسلحة لنقل حديث بعض المجاهدين متسوقي الأسلحة في هذه المنطقة، حيث يقول أحدهم: لم يساعدنا أحد في شراء الأسلحة، بل نشتري أسلحتنا وذخائرنا من درة بمالنا الخاص.

ولكن لم يكن مصدر التسليح هذا كافيا في رأي مسعود خليلي فيقول: عندما تحارب ولديك حلم تنتصر، لأن لديك أملا وأنت تحيا بالأمل، وأما بدون الأمل فستموت كل دقيقة، قلت لهم لنتوجه إلى العالم لأن لديهم كل شيء، ونحن ماذا لدينا؟ حجارة، أيمكننا القتال بالحجارة؟ نعم، هل يمكن أن ننتصر؟ نعم، وكم سيتطلب الأمر؟ لا أدري، لهذا السبب علينا طلب المساعدة.

عدو عدوي صديقي.. أصابع أمريكا في المعركة

وجد الأفغان المساعدة سريعا ففي منطق الحرب الباردة، حيث يطبق مبدأ عدو عدوي صديقي، كان الصراع الأفغاني فرصة سانحة للولايات المتحدة، فالغزو السوفياتي لأفغانستان وجد صدى قويا في واشنطن.

يقول “ميلتون بيردن”، وهو ضابط استخبارات أمريكي سابق، وضابط ميداني مسؤول عن أفغانستان في الثمانينيات: ردة فعلنا الأولى على الغزو السوفياتي كانت صدمة كبيرة، لأن البعض في الاستخبارات ظنوا أنها ليست فكرة جيدة، حتى من وجهة نظر السوفيات، لكنهم رغم هذا دخلوا الحرب.

وقال الرئيس الأمريكي السابق “جيمي كارتر”، الذي تولى الحكم بين عام 1977 و1981 في تسجيل: هذا الغزو تهديد خطير للسلام، أفغانستان المحتلة الآن من قبل السوفيات تشكل نقطة انطلاق في طريق السيطرة المحتملة على مخزون العالم من النفط.

في وسط مدينة المجاهدين بيشاور.. ستعثر على كل أطياف المجاهدين والمخابرات والعملاء

 

كانت ردة فعل الولايات المتحدة على غزو السوفيات لأفغانستان سريعة، وحرّكتها يد مستشار الأمن القومي في ذلك الوقت “زبغنيو بريجنسكي”، الذي قال في تسجيل سابق: راسلت الرئيس بعد يوم من الاجتياح، وذكرت له ما يجب القيام به، وفي المذكرة جملة أساسية “أمامنا فرصة تاريخية لندفع بالاتحاد السوفياتي إلى فيتنامه” (يقصد أن السوفيات سيغرقون في مستنقع أفغانستان مثلما غرقت أمريكا في فيتنام).

أرسلت الإدارة الأمريكية “بريجنسكي” إلى باكستان للتفاوض والتوصل إلى اتفاق يسمح لهم بالعمل من أرضهم، لتقديم المساعدة للمجاهدين. وعن تلك المرحلة يقول “بيردن”: بدأ عملنا في وكالة الاستخبارات في أفغانستان ربما بعشرة أو عشرين مليون دولار لشراء بعض الأسلحة، واستمر الأمر بالتزايد عشرون مليونا أخرى ثم 100 مليون، لكن ما زالت أموالا بسيطة جدا فلم تكن مبالغ طائلة، لكننا بدأنا بإحداث فرق.

بيشاور الباكستانية.. عاصمة الجهاد والمخابرات والحرب الإعلامية

بيشاور هي المدينة الباكستانية الأقرب إلى كابل والحدود الأفغانية، وبعد الاحتلال السوفياتي أعلن المجاهدون بيشاور عاصمة لهم في المنفى. ويصف “بيردن” حال المدينة بقوله إن كان من مشهد يصفها، فهو مشهد الحانة في فيلم “حرب النجوم”، كان الجميع هناك، المجاهدون ورجال “كي جي بي” ورجال ” سي آي إي”، كل وكالة تجسس كانت موجودة هناك، الجيد والسيء، الجميع كان هناك”.

وباتت بيشاور مقرا للمقاومة، لكن المجاهدين لم يكونوا موحدين فانقسموا حسب الأعراق، وتنافس سبعة من الفصائل في الحصول على الأسلحة.

مشهد بيشاور من وجهة نظر إعلامية يصفه “إدوارد جيرارديت” الصحفي الأمريكي الذي غطى الحرب الأفغانية منذ عام 1980 بقوله: وصلت إلى بيشاور بعد بضعة أيام من الغزو السوفياتي، وإن أردت تغطية القصة الأفغانية فعليك أن تكون في بيشاور، كان معظم الصحفيين ومن بينهم أنا ساذجين في البداية، كنا نذهب إلى القادة السياسيين، فيبدؤون بإخبارك عن إنجازاتهم البطولية وما حققوه، وأنهم هاجموا موكبا للروس وقتلوا منه المئات، وكانت كلها أكاذيب.

ويذكر تقرير تلفزيوني تلك المبالغات بقوله: في بيشاور يميلون إلى تضخيم الأمور، فلو أن كل ادعاءات الفصائل الجهادية كانت صحيحة لكانت معظم القوات السوفياتية البالغ عددها أكثر من 100 ألف رجل قد سحقت.

دخلت روسيا بجنودها وعتادها إلى مستنقع أفغانستان، فلم تستطع الخروج

 

وبمنطق يبدو تبريريا يقول مسعود خليلي: إن دمرنا 100 دبابة ولم تظهر على الإعلام فكأن شيئا لم يحصل، لذا سارعت بالعودة إلى باكستان وحاولت التواصل مع وسائل الإعلام كلها، وكنا نبالغ أحيانا لنجذبهم، نقول لهم دمرنا 25 دبابة، لكن نكون في الواقع قد دمرنا دبابة واحدة، أو قتلنا 100 روسي لكن العدد الحقيقي قد يكون جنديين ربما.

ويعرض تقرير تلفزيوني، حديث أحد المقاتلين الأفغان أنه قتل 800 جندي روسي، وأخذوا 10 آلاف قطعة سلاح من الروس.

ويعتقد “جيرارديت” أن القادة السياسيين أدركوا أنهم كلما ظهروا على الإعلام، حصلوا على دعم أكثر من الأمريكيين ووكالة الاستخبارات الأمريكية وغيرها، لهذا كانت العلاقات العامة مهمة جدا بالنسبة لهم.

بالمقابل يروي مراسل سابق لصحيفة “برافدا” الروسية في أفغانستان “ميخائيل كوزكوف” المشهد الإعلامي في ذلك الحين بقوله: انتهى الأمر بي في أفغانستان بسبب غبائي، كنت مراسلا للشؤون الخارجية، وفي مرحلة ما كان علينا استبدال مراسلنا في كابل، وأخبرتهم أنني أستطيع الذهاب، فقالوا لي هيا اذهب، شعرت أنني أخلاقيا يجب أن أكون جزءا من شيء له قيمة، وكانت لدي إمكانية لمساعدة هؤلاء الناس، وآمنت بهذا الأمر، كان هذا مشابها للحرب الأهلية في إسبانيا عام 1939.

مستنقع أفغانستان.. نزهة سوفياتية تحولت إلى مأزق

كانت خطة الاتحاد السوفياتي هي التدخل في أفغانستان لإعادة السيطرة للنظام الشيوعي الحليف في مهمة توقعوها سريعة، لكن مع مواجهة المقاومة المتنامية في الجبال تحولت المهمة القصيرة إلى حرب لا نهاية لها.

ويصف “كوزكوف” المشهد السوفياتي في أفغانستان بقوله: كان الجنود في معظمهم صبيانا من القرى الروسية والأوكرانية، ولم يروا يوما الجبال، لم يروا شيئا غير القرى الصغيرة التي ارتادوا مدارسها، لذا بالنسبة لهم فإنهم كانوا في كوكب آخر، مقارنة بالمجاهدين الذي كانوا على أرضهم وفي جبالهم، لقد كانوا أكثر ضعفا ولا يمكن مقارنتهم بهم.

أحمد شاه مسعود القائد الثاني بعد حكمتيار كان مدعوما من قبل فرنسا

 

ويقول القائد الروسي “رسلان أوشيف”: كانت كتيبتي أولى الكتائب التي انخرطت في المعارك، ومعظم القتال حصل في الجبال، وأعتقد أن البدء بهذه المواجهات كان خطأ استراتيجيا لا يغتفر، فأصعب خطوة أمام القائد هي إرسال الشبان إلى المعركة، إنها ليست مسألة خوف، لكن أيا كان ما يحصل فإنك تلوم نفسك دوما، حين يقع انفجار ما أو كمين، تقول لنفسك دوما لماذا لم تفعل شيئا لمنع ذلك؟

ويعرض الفيلم مشاهد مسجلة من تقرير تلفزيوني روسي لعملية كمين نصبه المجاهدون لدوريات سوفياتية، فأوقعت قتلى ودمرت آليات للجيش الأحمر. ويقول المراسل والنيران تشتعل في الآليات المدمرة: قبل ساعة كانت هذه الطريق الضيقة طبيعية وهادئة، هذا ما يفعله هؤلاء القتلة المأجورون.

أسد بانشير.. رحلة شاقة لمقابلة أسطورة الجهاد

أثبتت تكتيكات حرب العصابات لدى المجاهدين نجاحها، وكان واحد من أمهر قادتهم على وشك أن يصبح أسطورة، وهو أحمد شاه مسعود، الذي لُقب بـ “أسد بانشير”.

يقول الصحفي “جيرارديت”: تحدث معي مسعود خليلي في عام 1981 وكان يقنعني بالقيام بهذه الرحلة إلى أفغانستان، وقال لي “عليك الحضور إلى هنا للقاء القائد الأفغاني الرائع واسمه أحمد شاه مسعود”، وقال لي ستكون قصة صحفية رائعة لك، والأطباء الفرنسيون يعملون معه هناك أيضا.

وتروي “جولييت فورنو” رئيسة بعثة أطباء بلا حدود في أفغانستان، ما تتذكره عن تلك الرحلة بقولها: هدفنا كأطباء بلا حدود أن نكون حيث لا يكون الآخرون، بين الناس ومع السكان المحليين الذي هم في خطر، كنا نشتري الأحصنة والحمير من مخيمات اللاجئين لقوافلنا، فهي معتادة ومتأقلمة مع البيئة القاسية التي نعمل فيها، وكان علينا اختيار 150 من الأحصنة والحمير والبغال لكل قافلة، وكنت أتفقد الحصان من كل الجوانب لأقرر بعدها ما إن كان ملائما ليحمل المعدات والدواء.

حكمتيار.. القائد الأقوى في الساحة الأفغانية لم يكن تجاوزه ممكنا من قبل القوى الدولية

 

وتضيف فورنو: كنا نسير 35 يوما ونجري تحويلات طويلة في الطريق لتفادي الحواجز السوفياتية أو الأماكن المفخخة، الانطباع الأول كان الشعور بالحرية المطلقة، الأمر صعب التصديق قليلا، لأن ثمة أماكن لم تصل إليها الحرب مطلقا، وأخرى تعرضت للقصف أكثر من 60 مرة خلال 4 سنوات، هذه هي سخرية الحرب.

وعن مسعود تقول فورنو: كان مسعود شخصية كاريزمية وكان جميل الوجه ومتعلما جدا، ومن وجهة نظر ثقافية كان يمكنه التوافق مع الغربيين ولا سيما مع الفرنسيين، وكان يمكن للناس التواصل معه بسهولة وفهمه، والتفاعل مع المشاكل الأفغانية.

ويتذكر “جيرارديت” الرحلة إلى الشمال الأفغاني فيقول: من الواضح أننا لا يمكننا أن نستقل حافلة أو طائرة لأن البلد محتل، لذا كان علينا أن نسير ونأخذ الأحصنة معنا، وبعد ذلك نصل إلى سفح هذه الجبال الشاهقة بارتفاع 5000 مترا، وعلينا أن نتسلقها صعودا، وكان الأمر يأخذ ساعات لتصل قوافل الأحصنة إلى القمة، وكنت أحس طوال الوقت أنني أعيش في القرن الـ19، وأتذكر حين وصلنا إلى القمة وأمكنني حرفيا رؤية 100 كم داخل جبال هندوكوش المكللة بالثلوج في كل الاتجاهات حينها قلت: هذه هي أفغانستان.

ويواصل جيرارديت حكايته فيقول: حين وصلنا وادي بانشير، وصلنا خبر أن علينا مقابلة ذلك الرجل (مسعود)، وفجأة أتى مسعود مع ثلاثة رجال أو أربعة مزودين بالكلاشينكوف، وانفجرت ضاحكا، لأنه كان يبدو تماما مثل “بوب ديلان””. و”بوب ديلان” هو مغني وملحن وشاعر وفنان أمريكي حاصل على جائزة نوبل للآداب.

يتحدث خليلي عن مسعود فيقول: “كنت فخورا دوما لكوني صديقا له، فقد كان إنسانا حقيقيا، وكانت لديه دوما خطة، وكان ذكيا لدرجة تجعله يفهم شعبه ويثق فيه”. وهو ما تؤكده شكرية بركزاي عضو البرلمان الأفغاني بقولها: لم نر يوما صورته، لكن الجميع كان يتحدث عن مدى شجاعته، فهو بمفرده يتسلق الجبال ويقتل الروس.

صراعات الزعامات.. الثورة تأكل أبناءها

يقولون إن الثورة تلتهم أبناءها، فقد ولد التنافس على المال والسلاح والمجد صراعات بين قادة المجاهدين، والصراع الأكثر حدة كان بين مسعود وحكمتيار القيادي الإسلامي القوي.

يقول “بيردن” في توصيف حالة المجاهدين الداخلية: في محاولة لتقديم المساعدة للجماعات الأفغانية اتخذ الناس الطريق السهل وقسموها إلى قسمين، الأصوليون والمعتدلون، وبعد وصولي إلى هناك تساءلت من الذي فكر في هذا؟ بل كانوا جميعا أصوليين فيما يقومون به تجاه الغزو السوفياتي.

ويضيف: إذا كان مسعود محبوبا من قبل الفرنسيين والبريطانيين فإن حكمتيار قد أسيء فهمه في الغرب، فكان ينظر إليه على أنه وحش شرير، لكنه كان على الأرجح الأذكى -بالمعنى العميق للكلمة- بين كل قادة المجاهدين، هل كان فعالا؟ نعم كان كذلك، فقد تمكنت من التقرب كثيرا من بعض القادة القريبين منه، والرجل تقبل المساعدة بسهولة لكنه كان ممانعا لتدخلنا.

حين لا تعرف أين يختبئ عدوك، فعليك أن تتوقع منه كل شيء. وهذا ما أدركته روسيا

 

وعن قضية التدخل الخارجي يقول زعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار: أقول لكم دعوا الأفغان يختارون أبطالهم، ولسوء الحظ في أفغانستان والدول الإسلامية الأخرى فإن أبطالنا يحددهم الغرباء، وحتى المسمون إرهابيين يسميهم الغرباء أيضا.

تصاعدت التوترات بين قادة المجاهدين على مر السنوات، وكان لها تأثير مدمر. وهو ما يذهب إليه مسعود خليلي بقوله: لا يمكنني القول إننا كنا محقين 100%، ما حدث أن التباعد بين مسعود وحكمتيار بدأ يزداد أكثر فأكثر، وبشكل عميق جدا، حتى أن بعض القادة تقاتلوا فيما بينهم، في الوقت الذي كنا نقاتل فيه السوفيات، فكرهنا الناس كلنا.

“إن قتلت تكون شهيدا وتدخل الجنة”.. موسكو تدرك مأزقها

في العام 1985، وبعد ست سنوات، بات واضحا أن الجيش السوفياتي كان عالقا في ورطة كبيرة، بينما كانت المقاومة تتنامى أكثر فأكثر.

ويحاول “فريد مازداك” عضو الحزب الشيوعي الأفغاني توضيح سبب قوة المجاهدين بقوله: إن كنت لا تعرف من هو العدو وأين يختبئ، وإن كان العدو يقاتلك من دون لباس موحد، ينتهي بك الأمر إلى مقاتلة جميع من تصادفه، وهذا الأمر مثالي جدا بالنسبة إلى العدو فهو يجعله أقوى، لأنه سيحظى بدعم كل من آذيته أنت عن طريق الخطأ.

غزو أفغانستان خلف أكثر من مليون قتيل وجريح ودمارا هائلا لا يزال قائما حتى اليوم

 

وهو ما يؤكده القائد العسكري الروسي “رسلان أوشيف” قائلا: بصفتي جنرالا أخبرك أن الحرب العالمية الثانية كانت سهلة، لأن العدو هنا والخط الأمامي هنا وتبدأ المعركة، أما هنا فيبدو الشخص أمامك مسالما تماما، لكنه يكون قد زرع أمامك لغما، ويقف في مكانه ينظر إليك وأنت تتجه إليه، ماذا يفترض بي أن أقول له؟ أنني أعرف أنه الفاعل؟ كيف أفعل ذلك؟

وعن البعد النفسي للقتال واستسهال القتل يقول الصحفي “كوزكوف”: هل تستطيع قتل شخص ما؟ في شارع ما في موسكو على الأرجح لا، لكن هنا لا تعتبر من تقاتله إنسانا، بل هو مخلوق مجرد وغير مساو لك، لذا يمكنك قتله.

بالمقابل يقول أمين كريم القيادي في الحزب الإسلامي الأفغاني: أصوات الطلقات النارية من الطرفين تصم الآذان وتفقدك شعورك الإنساني الطبيعي، لكن الأمر مثير أيضا، هذه الرغبة في مقاتلة العدو، إن قتلت تكون شهيدا وتدخل الجنة وبهذا تكون فائزا، وإن قتلت العدو تفوز بالمجد.

“لن تمشي على قدميها مجددا”.. تركة ثقيلة للحرب

حرب السنوات العشر في أفغانستان كانت باهظة التكلفة على الصعيد الإنساني، فقد مات أكثر من مليون شخص في هذه الحرب، وجرح أكثر من مليون ونصف أو فقدوا قدما أو يدا، وبات الملايين لاجئين في بلاد الجوار.

تقول “جولييت فورنو” المعنية بأمور ضحايا الحرب: مع خمسة ملايين لاجئ، ثلاثة منهم في باكستان ومليونين في إيران بات الأمر أشبه بمذبحة لمن بقي في البلاد، ومن لم يفروا من البلاد بقوا إما لأنهم كانوا بعيدين عن الحدود، أو أنهم كانوا أفقر من أن يتحملوا تكاليف المغادرة الباهظة، كان هناك مدنيون وعسكريون مصابون، بعض المصابين -والكثير منهم أطفال- فقدوا أطرافهم وباتوا عبئا على المجتمع، أنت تبكي على الشخص الميت، أما المعاق فيكون مؤلما للعائلة بكاملها.

الدكتور عبد الله عزام شيخ المجاهدين العرب في أفغانستان استشهد بتفجير في بيشاور سنة 1989

 

وفي مشهد أرشيفي مؤثر تتحدث أم طفلة صغيرة مع طبيبة وتسألها عن حالة ابنتها، فتقول الطبيبة إنها لن تصبح أفضل، وستبقى مشلولة ولن تمشي على قدميها مجددا، فتسرح الأم بنظرها في الفراغ دون تعليق.

ويتذكر “جيرارديت” معاناة اللاجئين بقوله: تحدثت إلى العديد من اللاجئين المتوجهين إلى باكستان، وكانوا مجبرين على عبور هذا المعبر الجبلي الصعب، أجبر الأولاد على السير، والرجال كانوا يحملون أولادهم، كان منظرا مروعا جدا. كانوا ينامون في الجبال وكانوا يموتون بسبب البرد، وحينها تدرك حجم تأثير الحرب، كنت ترى قبورا متراكمة لأناس يموتون.

وعن اللجوء ومعاناته تقول سيما سمر: لقد عشت شخصيا كل هذه الحالات، وحينما أفكر بهذه القدرة الكبيرة التي يستجمعها المرء للمقاومة، والقدرة التي يمكن أن يحملها المرء لاستيعاب كل هذا، أظن أننا يجب أن ننفجر ونتحول إلى أشلاء بسبب كل هذا الألم.

تدفق الشباب العربي إلى أفغانستان.. نصرة بالأرواح والأموال

يتحدث خليلي عن تدفق الشباب العرب إلى أفغانستان، فيقول: حين كانت أفغانستان تحت الاحتلال السوفياتي، وصلت أخبار المعاناة الإنسانية إلى العالم الإسلامي، وكان هناك شباب أرادوا المجيء ومساعدة الأفغان.

ويقول عبد الله أنس أحد أشهر المقاتلين العرب في أفغانستان ومقرب من أحمد شاه مسعود: كنت أبلغ 23 أو 24 عاما في ذلك الوقت، وكنت أعيش في غرب الجزائر، وقرأت أن أفغانستان تحت الاحتلال السوفياتي، وعلى المسلمين مساعدة إخوانهم في أفغانستان لتحرير أرضهم، فأفغانستان باتت مشهورة جدا في العالم العربي، فبدأ الجميع يفكر بكيفية الانضمام إليهم والمساعدة والوصول إلى هناك.

اندحار الغزاة.. وسقوط الشيوعية.. وانتصار المجاهدين.. كانت ننتائج غزو أفغانستان

 

ويضيف أنس: وجدت أسامة بن لادن يعمل طوال الوقت في بيشاور، أذكر أنه كان هناك منزلان لاستقبال العرب عند قدومهم، قبل إرسالهم إلى داخل أفغانستان، فاعتاد أسامة بن لادن إعطاء المال لهؤلاء لبدل إيجار ونفقات يومية، وسيارة صغيرة لإحضار الأغراض والهاتف والفواتير، واستمر على هذا المنوال حتى نهاية عام 1987.

أما الصحفي “جيرارديت” فيقول: بدأت بمقابلة بعض العرب في بيشاور، حيث ترى هؤلاء السعوديين الأغنياء والإماراتيين وهم يحملون حرفيا حقائب مليئة بالمال، ولم تكن مساعدات عسكرية في البداية بل إنسانية، لبناء عيادات ومدارس وجوامع وبالدرجة الأولى الجوامع، حتى أن ابن لادن بدأ كعامل في الحقل الإنساني.

“ما عدتم ملوك الجو”.. إعلان الهزيمة في موسكو

يقول “كوزكوف”: بات واضحا أننا لن نفوز في هذه الحرب، كنت أرى الشاحنة تصل يوميا، وكانوا يرمون منها الجثث ويضعونها في نعوش، وبالطبع لم أتمكن من الكتابة عن هذا رسميا في الصحيفة حتى آخر يوم من الحرب، كانت تلك الأوامر ذكر قتيل واحد وجريحين في التقرير.

وفي عام 1986 اعترفت موسكو أن من المستحيل الفوز بالحرب ضد ميليشيات تحظى بالدعم من الشعب كاملا وممولة من الغرب والعالم العربي، وهو ما يؤيده “أوشيف” بقوله: من المستحيل الفوز بالحرب ضد الشعب، هذا مستحيل، لا لا سيما في حرب تحكمها الأحزاب، هذه ليست مهمة الجيش النظامي.

وكان القائد السوفياتي الجديد “ميخائيل غورباتشوف” هو من وجد حلا وأخرجهم من هذا الفخ الأفغاني. فقد تحدث “غورباتشوف” في مؤتمر للحزب الشيوعي السوفياتي عام 1986 وأعلنها صريحة: حولت الثورة المضادة والإمبريالية أفغانستان إلى جرح نازف، ونهدف في القريب العاجل إلى إعادة القوات السوفياتية الموجودة في أفغانستان إلى الوطن.

وبالنسبة إلى الرئيس الأمريكي “رونالد ريغان”، فإن الاتحاد السوفياتي كان إمبراطورية الشر، وفي ظل المصاعب التي يعانيها الاتحاد السوفياتي كانت الفرصة مواتية للرئيس “ريغان” لتوجيه ضربة قاضية لعدوه، فضاعف الدعم الأمريكي للمجاهدين الأفغان.

وعن تلك الفترة يقول بيردن: حتى هذه المرحلة أعتقد أن الهدف الرئيسي للولايات المتحدة كان استنزاف السوفيات، والقتال حتى آخر أفغاني، ولكن” ريغان” الذي كان يتمتع بحس أخلاقي ويفرق بين الصواب والخطأ قرر أنهم لن يقاتلوا حتى آخر أفغاني بل سيمدونهم بكل ما يريدونه للفوز، حينها تدخلت وكالة الاستخبارات بشكل مباشر.

ما أن انتهت الحرب بسقوط كابول، حتى بدأ فصل جديد من فصول الحرب.. فقد ظهرت على الساحة “طالبان”

 

ويضيف: طالبت بإلحاح بالدخول والقضاء على الروس، فقد كان المجاهدون يُقتلون بسبب الطائرات الحربية الروسية، ولا شيء مما أعطيناهم إياه كان فعالا، لذا قررنا أن نعطيهم صواريخ ستينغر.

ويقول خليلي: كانت صواريخ ستينغر من أفضل الصواريخ المضادة للطيران، فهي خفيفة ويمكن نقلها بسهولة ولا يصعب تعلم كيفية استخدامها، تضعها على الكتف وتطلق الصاروخ لتسقط الطائرة، ومع إسقاط أول طائرة قلنا للروس: ما عدتم ملوك الجو، يمكننا إيقافكم الآن، وكانت هذه بداية هزيمتهم.

وعن تكلفة الدعم الأمريكي للمجاهدين الأفغان يقول “بيردين”: ما كلفة دعم وكالة الاستخبارات على مدار عشر سنوات من 1979 إلى 1989؟ خمسة أو ستة مليارات دولار؟ ألا يساوي هذا المبلغ ما نصرفه في شهر واحد في أفغانستان اليوم دون أي أمل لنا في الفوز؟

ويصف “كوزكوف” أثر قرار موسكو الانسحاب من أفغانستان على الجنود في الميدان بقوله: كان الجميع تقريبا فرحين بالعودة إلى الوطن، فهذا حلم الجميع، نقطة على السطر.

لكن لدى “كوزكوف” قراءة أخرى في محصلة الحرب في أفغانستان فيقول: إذا كان هدف الأمريكيين هو خلق فيتنام للروس، فقد نجحوا في ذلك ووصلوا إلى هدفهم، لكن كان لهذا عواقبه، نعم انهار الاتحاد السوفياتي، ولكن بات لدينا داعش الآن، نشأت داعش من القاعدة والقاعدة من طالبان، وطالبان كانت نتيجة للمجاهدين الذين أوجدتهم الاستخبارات الأمريكية أو الولايات المتحدة، خطؤنا كبير جدا ونحن ملامون على هذا، الاتحاد السوفياتي ملام، لكن الولايات المتحدة تتحمل القدر نفسه من اللوم.

انسحاب الغزاة وانهيار الاتحاد.. انتصار لم يكتمل

في عام 1989 انتهى الوجود السوفياتي في أفغانستان، وتُركت الحكومة الشيوعية في كابل وحيدة للتعامل مع أمة منقسمة على نفسها ومع اقتصاد متهاوي، وذلك بعد أن تسببت الحرب في موت 15 ألف جندي سوفياتي وقرابة مليون ضحية أفغانية، لكن الانسحاب السوفياتي لن يوقف الحرب في أفغانستان.

يقول حكمتيار: في مفاوضات جنيف عقب الانسحاب السوفياتي كان المجاهدون غير موجودين، لماذا؟ جلست موسكو وواشنطن معا واتخذتا القرارات بغياب المجاهدين، مجددا عدنا لنكون بيدقا في اللعبة بين واشنطن وموسكو.

ويتذكر خليلي ذلك اليوم بقوله: يوم رأيت الدبابات السوفياتية تغادر أفغانستان، ومؤخرات الدبابات تغادر بلادنا، في ذلك الوقت ظننت حقا أن ما حلمنا به سيتحقق، لكن فورا راودني شعور تراوح بين الأمل والخوف.

أما شكرية بركزاي فتقول: رأينا الجنود السوفيات يغادرون البلاد، وكنا نقول: أخيرا غادروا وفزنا بالحرب، انتهى هذا الفصل وسيبدأ الفصل الجديد، الفصل الجيد، شعرنا أننا أحرار، وتنفسنا الصعداء، لقد استعدنا البلد، لكن حصلت الكثير من الأمور السيئة، فلم تكن تلك نهاية الرحلة الصعبة للشعب الأفغاني.

فرغم كل المشاكل قاوم المجاهدون الجيش السوفياتي العظيم على مدى عشر سنوات، الآن باتوا مستعدين للانقلاب على الحكومة الشيوعية في كابل، لكن الصراعات بين القادة الأفغان أنفسهم ستفتح الباب أمام الفصل التالي في تاريخ البلاد.