“البقرة المقدسة”.. حين تتمنى المرأة الهندية لو كانت بقرة

يقوم ابن مدينة كالكوتا المصور الهندي “سوغاترو غوش” المولع بتصوير الطبيعة والبسطاء في الشوارع، بتطبيق فكرة تعبّر عن مناصرة المرأة الهندية التي تتمتع البقرة في الهند بحقوق أكثر من حقوقها، وتتجسد الفكرة في وضع النساء أقنعة أبقار تغطي رؤوسهن ووجوههن، ثم يقوم بتصويرهن أمام مدينة كاملة أو معلم سياحي، وكأن هؤلاء النسوة يردن أن يقلن: ليتنا كنا في هذه المدائن أبقارا.

بينما يطرح “سوغاترو” من خلال مشروعه الذي يقوم بتطبيقه السؤال التالي: هل البقر أكثر أهمية من النساء في هذا البلد؟

نستعرض فيما يلي الفيلم الذي أنتجته الجزيرة بعنوان “البقرة المقدسة”، ويتتبع بعض حوادث تعنيف المرأة في الهند، وانعدام الأمن والحماية لها، وكيف أن الأبقار تتمتع بحقوق أكثر منها، وتسيّس حماية البقر في ظل سياسة الحزب اليميني الحاكم، واستساغة إراقة دماء البشر في سبيل البقر.

“أؤمن بأن التصوير لا بد أن يهتم بقضايا الزمن”

يقول “سوغاترو”: إنني أؤمن بأن التصوير الفوتوغرافي لا بد أن يهتم بقضايا الزمن الذي نعيشه.

حمل “سوغاترو” حقيبته بعد أن وضع فيها أقنعة على شكل رؤوس أبقار، ثم انطلق في حملته الممولة جماهيريا، ليلتقي بإحدى النساء المعنّفات وهي “باندانا ناسكار”، ويحدثها عن مشروعه الذي يتحدث فيه عن تعنيف النساء وعن الصور التي يلتقطها لهن وهن يعتمرن أقنعة البقر.

ولم يكن اختياره للبقر تحديدا أمرا عشوائيا، بل قصد منه المس ببعض الجماعات التي تطالب بحماية البقر، ويبلغ بهم الأمر في بعض الأحيان حد قتل البشر بذريعة حماية البقر، متسائلا من خلال حملته: كيف يمكن أن نذهب إلى هذا الحد في حماية البقر في الوقت الذي ترتكب فيه الجرائم ضد النساء في الهند كل 15 دقيقة، لماذا لا نتحدث عن القضية من هذا المنظور؟

تقول “باندانا ناسكار”: أنا أؤمن بما تقوله، لأنني رأيته يحدث في الواقع، وهذه الأمور حدثت معي أيضا، إذ لن تهرع عائلتي أو يقدم لي جيراني الحماية لو حدث لي شيء من ذلك العنف، لكن أثناء العيد أو في شهر محرم فإن تعاطفهم مع البقر يصبح لا حدود له، ويبلغ غضبهم ذروته عندما يُذبح البقر، لكنهم لا يبدون أي اهتمام بحياة النساء.

بقايا التعنيف.. ستار الخوف يحجب القناعات

أراد “سوغاترو” التقاط صورة “باندانا” وهي تضع القناع بما أنها مؤمنة بالفكرة وتشاركه قناعاته في شأن الحملة، ولكنها رفضت بسبب الظروف السياسية في تلك الأيام، ولكونها امرأة تعيش وحدها وتضطر إلى السير في الطرقات منفردة، لذا فقد رفضت حتى تبقي نفسها في أمان. ومع ذلك فقد قبلت بالتقاط صورة لها في السيارة، واضعة قناع رأس البقرة على المقعد المجاور لها.

الأبقار تتمتع بحقوق أكثر من المرأة في الهند
الأبقار تتمتع بحقوق أكثر من المرأة في الهند

ليس أمر الخوف طارئا على “باندانا” فقد عايشته ردحا من الزمن، إذ زوّجها أهلها مدة ثماني سنوات ونصف برجل يضربها ويحبسها ويعنفها ويمنع عنها الطعام هو وعائلته، حتى طلب منه أهلها وأخوه وزوجة أخيه أن يكف يده عنها ويكتفي بالكلام، فوافق على ذلك متعهدا بأن لا يضربها أبدا، ولكن ذلك العهد لم يدم إلا ليلة واحدة، وعاد إلى سابق عهده في صباح اليوم الموالي، فضربها حتى تورمت عينها وتساقطت وجنتها لحما، ثم خرج يلهو مع أصدقائه.

وعندما طفح بها الكيل وعجزت عن التحمل عادت إلى أهلها، لكن أهلها رفضوا استقبالها لأنها امرأة متزوجة، ولم يكن لها من ملاذ تلوذ به، ومع ذلك رفضت أن تعود إلى بيتها لتعيش بقية حياتها في ذلك الوضع، وفضلت أن تعيش امرأة قوية كادحة وإن كانت وحيدة، وإن كان أجرها زهيدا.

تقول “دولون غانغولي”، وهي مديرة برنامج في مؤسسة آزاد العاملة في مجال حقوق المرأة: عندما جاءت “باندانا” أول مرة جاءت بوصفها ناجية من التعنيف، فقد كانت ضحية للعنف المنزلي في بيت زوجها، ولم تكن تملك أي مصدر للدخل، ومنذ البداية كانت لديها القناعة بأنها تريد أن تفعل هذا الأمر.

تقدم مؤسسة آزاد برامج من أجل تأهيل النساء، ودعمهن في الحصول على مقومات الحياة الكريمة والعمل وكسب المال، وحمايتهن من التعنيف الذي يمارس عليهن، حيث يقوم الرجال في الهند بحبس المرأة في بيتها تحت ذريعة أنها لا تعرف ما يجري في الشارع، ولا تصلح للحياة الخارجية، وأن الأفضل لها هو لزوم بيتها.

“لقد كانت تلبس سروال جينز”.. اغتصاب جماعي في الحافلة

في إحدى ليالي العام 2012 ركبت فتاة الحافلة بعد أن كانت تشاهد فيلما مع صديقتها، ولكنها تعرضت لاغتصاب جماعي في الحافلة، مما أدى إلى وفاتها لاحقا متأثرة بجراحها. وقد أثار الأمر حينها ضجة وغضبا عارما في عموم البلاد، لكن البعض كان يلقي باللوم على الضحية قائلا: لقد كانت تلبس سروال جينز، وهو لباس غريب، وهذا أمر غير مقبول من قبل امرأة، ثم إنه لا ينبغي لامرأة الخروج في ساعة متأخرة من الليل.

يقول “سوغاترو”: لقد غيرتني هذه الحادثة شخصيا، إذ جعلتني أفكر بطريقة مختلفة، فبدأت أركز على قضايا النساء بشكل أكثر، وقد بدأتُ هذا المشروع في سنة 2017 في دلهي، وتحديدا من أمام المعلم السياحي “بوابة الهند”، وقد اخترتُ دلهي لأنها العاصمة الوطنية للهند، بالإضافة إلى أنها محور كل شيء.

وعندما بدأتُ في التصوير لم أفكر مطلقا فيما يمكن أن يؤدي إليه عملي هذا، لأنني كنت قد التقطت أول صور في مساء ذلك اليوم، ثم بدأت الأمور بعد ذلك تتطور بسرعة في لمح البصر، وبدأت أستقبل طلبات من نسوة يرغبن في أن يكن جزءا من المشروع.

مشروع الشخص العادي.. رحلة ممولة جماهيريا تجوب الهند

يقول “سوغاترو”: كان استخدام القناع سيفا ذا حدين في المشروع، فقد سَمح بالوصول إلى عدد عريض من المتابعين من ناحية، ولكنه أرعب الناس من ناحية أخرى.

هكذا بدأت الحملة إذن، وهي حملة ممولة جماهيريا، وذلك ما ساعد “سوغاترو” على السفر إلى كل تلك الأماكن التي شد إليها الرحال من أجل التقاط الصور، وقد قرر أن يلتقط الصور بهاتفه المحمول، لأنه أطلق على الحملة اسم “مشروع الشخص العادي”، والشخص العادي لا يمكنه توفير كاميرا احترافية دائما، بينما يستطيع الحصول على هاتف جوال.

الفكرة تتجسد في وضع النساء أقنعة أبقار تغطي رؤوسهن ووجوههن
الفكرة تتجسد في وضع النساء أقنعة أبقار تغطي رؤوسهن ووجوههن

يقول “سوغاترو”: إن أحد أسباب النجاح الذي تحقق يكمن في استخدام الهاتف الجوال في التصوير كما هو واضح.

البقرة حيوان مقدس وفقا للديانة الهندوسية، وهناك مجموعات نشطة لحماية هذا الحيوان المقدس تدعى “غاو راكشاكس”، ويتمثل عملهم الوحيد في حماية البقر، لذا فإنهم يذهبون إلى ذلك الحد المتطرف لحماية البقر، ولا يعيدون التفكير مرتين في قتل شخص ما من أجلها.

يقول “سوغاترو”: هذه الحالة العاطفية تسببت بها الحكومة الهندية الجديدة (حكومة حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي المتطرف) التي استلمت الحكم في الهند عام 2014، وهكذا فإن المسألة قد سُيّست بطريقة ما وأُلبست الطابع الديني، وكان الحزب اليميني الحالي هو الطرف المحرك لذلك.

نقل لحوم البقر.. تطرف هندوسي يسفك الدماء

“مريم خاتون” ذات الأولاد الستة، تزوجت وهي بنت 18 سنة من رجل لديه سيارة تدر عليه دخله الذي كانت تعيش منه عائلته بسعادة. وفي يوم من الأيام بينما كان يستعد لزيارة ابنته وزوجها خرج لإحضار بعض الطعام حوالي الساعة الثامنة مساء، ولكنه لم يعد أبدا، فقد قتل وأحرقت سيارته بتهمة نقل لحوم البقر فيها.

مسألة تقديس البقرة في الهند تم تسييسها بطريقة ما وإلباسها الطابع الديني

على الرغم من أن الصور التي تدوولت تظهر السيارة في مكان واللحم في مكان آخر، كما تظهر في يد أحد المخربين هراوة تابعة للشرطة، يطرح وجودها في موقع الحادثة الكثير من الأسئلة.

يقول سوغاترو: هذا تطرف هندوسي، وأنا شخصيا لا أؤمن بهذا، وبصفتي هندوسيا مسؤولا عليّ أن أقف في مواجهة أي سلوك خاطئ.

تحيز السينما.. رعب في أكثر مدن الهند أمانا للنساء

تقول الممثلة ومنتجة الأفلام “براشانسا شارما”: لقد اطلعت على مشروع “سوغاترو” لأول مرة عبر إنستغرام، فراق لي المشروع لأنني امرأة أعيش في الهند وتحديدا في مومباي، وهي أكثر الأماكن أمنا للنساء في الهند، ومع ذلك فإنني لا أزال أشعر أنني لست في أمان، وكان هذا هو السبب وراء كتابتي لـ”سوغاترو”، لأنني أرى أن الأمر حقيقي فعلا، فهذه البقرة التي تتجول في الشارع لها قيمة أكبر مني.

ترى “براشانسا” إن للأفلام دورا تلعبه في بيان كيف ينظر الرجال إلى النساء في الهند، لأنه في بوليود يُنظر إلى المرأة كشيء جنسي مثل ما كان في الغزوات، فهي توضع في أسفل السلم، أو في درجة أقل في أحسن الأحوال، وبالتالي فإنك لن ترى المرأة والرجل متساويين أبدا في الأفلام الهندية، وإذا حصل فهو أمر نادر.

وحينما تعرض الأفلام على الشاشة يراها الجميع بما في ذلك الأطفال، والأطفال يتأثرون بسرعة وتبنى لديهم التصورات عن الأشياء بسهولة، فتصبح مشاهد التعنيف هي مصدر تفكيرهم في كيفية معاملة النساء.

تِمبكتو الهندية.. جرح التحرش الغائر منذ الطفولة

ولدت الممثلة “براشانسا” ذات الـ26 عاما في مدينة صغيرة تدعى جهومري تيلايا، وهي أشبه ما تكون بتمبكتو الهندية على حد تعبير “براشانسا”، وقد ترعرعت في تلك المدينة في حضن أبوين نباتيين متشددين يصليان طول النهار للبقر.

تقول براشانسا: العنف القائم على أساس جنسي موجود في كل مكان في الهند، وقد تعرضتُ للتحرش في طفولتي وأنا بنت ثماني سنوات، وألحق بي ذلك عارا كبيرا رغم أني لم أرتكب أي خطأ من جانبي، وحينها انغلقتُ عن عائلتي منذ ذلك اليوم ولم أنفتح عليهم أبدا، لقد شعرت بأن جزءا مني مات في ذلك اليوم.

المصور الهندي سوغاترو غوش صاحب فكرة قناع البقرة
المصور الهندي سوغاترو غوش صاحب فكرة قناع البقرة

لم تستجمع “براشانسا” شجاعتها لتخبر كل عائلتها بحقيقة ما جرى في ذلك الاعتداء، ولم تخبر زوجةَ المعتدي عليها، ولكنها تأمل أن تمتلك الشجاعة لفعل ذلك يوما ما، أو أن يشاهد أحد أفراد عائلتها هذا الفيلم، لأنها حقا تريد أن يعلم الناس بذلك.

تقول “براشانسا”: لقد بذل والداي جهدا كبيرا في تربيتي على أحسن وجه ممكن في هذا البلد، فلم يكن في وسعهما أن يقدما لي تعليما أفضل مما قدما، ولا أناسا أفضل ممن أحاطوا بي، وهذا ما يغضبني في العنف الجنسي كثيرا، فإذا كان بإمكانه أن يطال فتاة محمية إلى هذه الدرجة مثلي فما بالك بأولئك النسوة اللاتي لا حامي لهن؟

قدسية البقرة وحرمة المرأة.. صراع المفاهيم والمعتقدات

تقول “براشانسا شارما”: ما يقوم به “سوغاترو” لا ينزع عن البقرة تلك القدسية، ولا ينزع عن البقرة أن تكون حيوانا مقدسا في الهند، ولكنه يطرح أسئلة عن وضع المرأة في هذه المعادلة فقط، فماذا عن المرأة، وماذا عن حمايتها، وماذا عن وضع النساء في هذا المجتمع؟

أما أم “براشانسا” فترى أن لا علاقة بين البقر والنساء بتاتا، فقلق الناس على البقر وحمايتهم لها لا ينفي أنهم يشعرون بالقلق على النساء، ويحسون بما يحدث لهن من تعنيف، وهو أمر ليس في الهند وحدها بل هو عام في جميع بلدان العالم حتى الدول الأوروبية، فالخلل من وجهة نظرها متعلق بعقليات الناس فقط، وما لم تتغير العقليات فلن يتوقف العنف الجنسي.

عرض “سوغاترو” على أم “براشانسا” أن تكون جزءا من المشروع من أجل التقاط صورة لها مع ابنتها يضعان الأقنعة، ولكنها اعتذرت عن الأمر قائلة: يمكننا الاحتجاج من دون الربط بين هاتين القضيتين، إذا تحدثنا عن حماية النساء وأمنهن فهناك طرق أخرى للاحتجاج.

يقول “سوغاترو”: بدأت التهديدات تأتيني من هنا وهناك، وبدأتُ أتلقى تهديدات عبر مكالمات هاتفية من بعض الأشخاص الذين كانوا يتصلون بي وبأهلي أيضا، كانوا يزعمون أنهم يعرفون كل شيء.

يقول والد “سوغاترو”: عندما تدوول الموضوع في الإعلام المحلي والعالمي اتصلوا بي وقالوا “لقد ذهب بعيدا جدا، سنقطعه إربا، سنكسر رجليه..”؛ إن مثل هذا الكلام لا يرقى حتى إلى أن يكون تهديدا في أيامنا هذه، بل إنهم وضعوا ذلك في بعض الأغاني التي أنتجت ضده، ثم سألوني: ألست خائفا عليه؟

فقلت لهم: قولوا هذا في وجهي مباشرة.

فأجابوا: أجل، سنأتي إليك وجها لوجه.

“رام سابها”.. في الحقول تستوي النساء والأبقار

يقول “سوغاترو”: كلما ذهبت لمقابلة نساء من المدينة ومن الريف وجدتُ أن رؤيتهن للأمر تنطلق من مقاربتين مختلفتين جدا، فهناك مشاعر معينة تبديها النساء إزاء البقرة، فإذا كن نساء ريفيات فإنهن بسبب الزراعة يعتبرن البقرة جزءا من العائلة.

قام “سوغاترو” بزيارة “رام سابها”، وهي متزوجة وأم لثلاثة أولاد وبنت، وقد تعرضت للاغتصاب سابقا من قبل مُزارع كانت تعمل لديه، إذ قدِم إلى بيتها ليلا متسللا تحت جنح الظلام، ثم هددها بسكين لديه إن هي قاومت أو صرخت، ولكنها لم ترضخ فجرحها به، ولم تزل تصرخ حتى قضى منها وطره، ثم هدد زوجها قائلا: إذا أعلمت أحدا بهذا فسأطعنك.

وفي صباح اليوم الموالي ذهبَتْ “رام” إلى مركز الشرطة للإبلاغ عن الحادث، ولكنهم رفضوا تسجيل الشكوى وظلوا يماطلون، حتى هددت باللجوء إلى سلطات أعلى، فبدؤوا حينها بطرح بعض الأسئلة المبتذلة، وظلوا يرددون بأن هذه قضية مفبركة.

قلق الناس على البقر وحمايتهم لها لا ينفي أنهم يشعرون بالقلق على النساء
قلق الناس على البقر وحمايتهم لها لا ينفي أنهم يشعرون بالقلق على النساء

تقول “رام”: البقر غير آمن في هذه الأيام، البقر والنساء في نفس المركب، فعندما تذهب البقرة إلى حقل شخص آخر، فإن صاحب ذلك الحقل يضربها بالعصا، ويقذف الحجارة على الأبقار المسكينة، مما قد يكسر قوائمها، وعندما تذهب المرأة إلى الحقل فإن المزارعين ينظرون إليها نظرات غير بريئة، إذن ومثلما هو الحال مع البقر فإن النساء لسن آمنات.

“لا تخفين ما حصل لكن”.. كفاح المحامية الحافية

يقول “عاصف شيخ”، وهو عامل في منظمة “جان ساهاس”: تركز المنظمة في عملها بالأساس على دعم ضحايا العنف، ونحن نقدم دعمنا لضحايا الاغتصاب والعنف الجنسي، وتتلخص فكرتنا بشكل أساسي على أنه إذا استطعنا بناء قدرة الناجين وجعلهم قادة، فإن تلك إستراتيجية قوية، لذا فإنك عندما ترى “رام سابها” فإنها أصبحت الآن امرأة قوية، وهي قائدة لضحايا العنف الجنسي، فلم تكتفِ بالدفاع عن قضيتها الشخصية فقط، بل قدمت الدعم للضحايا الأخريات، من أجل مواصلة نضالهن في سبيل العدالة.

قامت منظمة جان ساهاس غير الحكومية المهتمة بحقوق المرأة وحمايتها من التعنيف بتبني “رام سابها” والدفاع عنها، وقد التحقت بالمنظمة وتلقت دورة لمدة ثلاثة أشهر، وأصبحت تساعد في الإطار العام للمنظمة. تقول “رام”: أساعد النساء اللاتي يحاولن إخفاء ما حصل لهن، وأقول لهن “لا تخفين ما حصل لكن”، وأرفع من عزيمتهن، وأعلمهن بأن لديهن منظمات غير حكومية تدعمهن.

يقول “سوغارت”: أظن أنها تحدث فرقا في المجتمع بحق، لكونها تقوم بدور المحامية وهي حافية القدمين.

“أن أكون آمنة بقدر أمان البقرة في الهند”

تقول “رام سابها”: وقف الجميع في صف المتهم، وهم يرون أني امرأة غير صالحة، لقد أتوا من خارج القرية وهم أغنياء، وهددوا زوجي ووالده، لكن زوجي كان دائما يدعمني قائلا: واصلي ما بدأتِه ولا تتراجعي عنه. لقد خسرنا قضيتنا، وقدموا رشى للناس، هم أصحاب مزارع، أما نحن فماذا لدينا؟ وبما أنني خسرت القضية فإن المنظمة تقدمت بطلب استئناف، وأنا عازمة على مواصلة خوض المعركة للدفاع عن قضيتي حتى النهاية.

البقرة حيوان مقدس وفقا للديانة الهندوسية
البقرة حيوان مقدس وفقا للديانة الهندوسية

تقول إحدى الفتيات المشاركات في المشروع: أظن أنه من المهم أن نبدأ من المنزل، ومن الطريقة التي نربي بها أبناءنا، الذكور والإناث على حد سواء، وهذا ما سيكون له تأثير قوي تجاه العنف الجنسي.

وتقول أخرى: يمكن لهذا التمييز أن يتوقف إذا ما بدأ الرجال بتقديم الدعم للنساء، وسيتوقف العنف كذلك.

وتقول ثالثة: أريد فقط أن أكون آمنة بقدر أمان البقرة في الهند، أظن أنه مربك جدا أن تكون المرأة في الهند في يوم ما آمنة مثل المواشي.