الحب المُحرم في الهند.. حب نهايته الموت

“تقابلت أنا وشنكار في حافلة الجامعة، كان يجلس بجانبي دائما، كان خجولا جدا، لم يكن من الشباب الذين تتوقع عنهم أن يقعوا في الحب، لكنه أحبني بشدة لا أعلم لماذا، أراد الزواج بي فأخبرته عن المشاكل التي ستحدث مع عائلتي لكنه لم يبالِ، أنا أيضا أحببته، الطريقة التي عاملني بها أوقعتني في حبه بشكل غريب”.

تتذكر الفتاة كوساليا كيف بدأت قصة حبها هي وزوجها شنكار ذلك الفتي الذي أحب فتاة من طبقة أعلى منه، ورفضه أهلها لأنه من طبقة أقل، فأفضى ذلك الحب إلى موته.

وبينما تسير كوساليا بصحبة زوجها شنكار لشراء الملابس في نهار مارس/آذار 2016، تعرضا لاعتداء وحشي من ستة أشخاص.

تقول كوساليا “قبل الهجوم بأسبوع جاء أبي وأمي وعمي وجدتي وطلبوا مني أن أصحبهم إلى منزلنا وأن أترك زوجي ومنزلي، لكنني رفضت، فهددوني وحذروني من عواقب ذلك”.

جرائم الشرف الطبقي

مات زوج كوساليا إثر إصابته البالغة، وتمت إدانة 11 شخصا بينهم والداها، وقادت كوساليا حملات تناهض الطبقية حتى لا يكون هناك شنكار وكوساليا آخرون كما تقول، وتطمح كوساليا أن تقود حالتها لقانون يمنع الطبقية ويردع الجرائم التي تحدث باسم الشرف الطبقي.

أقارب كوساليا كان لهم التأثير الأكبر إزاء ما حدث، فهذا أخوها يقول “عندما نذهب إلى المعبد يظل أقاربي يقولون لي: لماذا تركتها تعيش بعدما هربت؟ وحتى يتقبلنا المجتمع من جديد يجب أن نقطع جميع الروابط معها، وهذا ما فعلناه”.

استمرت المحاكمات بين الاستماع والتأجيل، ليأتي يوم إعلان الحكم، فيُحكم على والدها بالإعدام، ويطلق سراح عمها ووالدتها.

تقول كوساليا بعد الحكم “إطلاق سراح عمي ووالدتي يضع حياتي في خطر”. وتقول أمها بعد إطلاق سراحها “نصحني أقاربي أن نتوقف عن تعليمها نزوجها لرجل سياسي قوي، وافق والدها على ذلك، لكنني رفضت وقلت دعوها تكمل تعليمها، أما هي فخانتني”.

تعيش كوساليا الآن تحت حماية الشرطة بينما استأنف والدها الحكم الذي وقع عليه بالإعدام.

القصة السابقة كانت موضوع فيلم وثائقي أنتجته قناة الجزيرة الإنجليزية وحمل اسم “الحب المُحرم في الهند”.

بعد حادثة القتل قادت كوساليا حملات مناهضة للطبقية
بعد حادثة القتل قادت كوساليا حملات مناهضة للطبقية

الطبقية في الهند

يعتمد النظام الطبقي بشكل أساسي في الهند على التاريخ والأصول الدينية، ويرى المؤرخون أن الطبقات الحالية عبارة عن نتاج التغييرات الاجتماعية التي حصلت في القرن التاسع عشر، والتي شجعها الاحتلال البريطاني الذي أعطى امتيازات معينة لمن عمل مع الإدارة الاستيطانية من الفئات الاجتماعية.

غير أن هذا النظام قديم وموجود في أدبيات الهندوس، ويصنَّف الهنود إلى أربع طبقات هي: رجال الدين أو المعلمون، الحكام والمحاربون، الحرفيون والتجار، والعمال والخدم. كما توجد طبقة لا تتبع أي فئة يسمى أتباعها بـ”المنبوذين” وهم الطبقة الأدنى في الهند.

وعلى الرغم من أن نظام الطبقية يدمر الحياة الاجتماعية في الهند ويكرس التمييز العنصري، فإن الهند ما زالت تعمل به، وهو ما يتسبب باضطرابات واحتجاجات دائمة من الطبقات الدنيا التي تطالب ببعض حقوقها في التعليم والتوظيف في الدوائر الحكومية.

يقسم المجتمع في الهند إلى طبقات ويكرس للعنصرية
يقسم المجتمع في الهند إلى طبقات ويكرس للعنصرية

جوائز سيما تُشيد بالفيلم

حظي فيلم الجزيرة الوثائقي “الحب المُحرم في الهند” بإشادة من لجنة تحكيم جوائز سيما (SIMA)، فقد منحته اللجنة شهادة تكريم وإشادة عن فئة الأفلام الوثائقية القصيرة.

وتقول صانعة الفيلم سابهانا سوبرامنيام إنها سعت من خلال تسليط الضوء على قصة كوساليا إلى نقل صورة واقعية لظاهرة التمييز الطبقي وجرائم الشرف في الهند، وتأمل في أن يسهم الفيلم في زيادة الوعي بخطورة الأمر وفتح نقاش يفضي إلى اتخاذ إجراءات توقف هذا النوع من جرائم الكراهية.

وتمنح جوائز سيما لأبرز الأفلام الوثائقية التي تسهم في تحقيق نقلة إيجابية في المجتمع، وتتصدى للظواهر السلبية. وتتنافس للحصول عليها أفلام أنتجت في أكثر من 140 بلداً، وتضم لجنة تحكيمها نخبة من المخرجين وصنّاع الوثائقيات والناشطين في العمل الإنساني.