السينما السودانية.. هكذا بدت عبر الأجيال

تلعب السينما دورا هاما في تسليط الضوء على هموم المجتمع وقضاياه، فهي مرآة لما يجري على أرض الواقع، وموجِّهة للمجتمع نحو أفكار جديدة لم يألفها الناس من قبل، تغرسها في واقعهم الحقيقي بعد أن شاهدوها على منصة التمثيل، لذلك تخشى الحكومات ذات الأنظمة الصارمة من رسالة السينما فإما أن تتجه إلى احتوائها لتصبح بوقا ينطق باسم الدولة، أو تتركها بلا نصير كي تجف منابعها وتتساقط واحدة تلو الأخرى نحو هاوية الاندثار.

لم يعرف السودان السينما ككيان وصناعة قائمة بحد ذاتها، وإنما شهد بعض التجارب السينمائية خلال فترة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي، غير أنها سرعان ما تلاشت في فترة الثمانينيات لأسباب تتعلق بالدولة التي لم تدعم السينما، بل فرضت عليها رقابةً مشددة نفذتها وزارتا الداخلية والشؤون الدينية، إضافةً لسفير وزارة التربية والتعليم؛ مانعةً بتلك الرقابة المشاهد العنيفة، أو التي تمس الدين والأخلاق، أو تلك التي تنقل الغزو الثقافي للمجتمع السوداني.

موقف رسمي غير معلن مضاد للعمل السينمائي أنتج تجارب سينمائية مشوهة وغير مكتملة، فالدولة لم تدعم السينمائيين ولم توفر لهم فرصا لتسويق منتجاتهم السينمائية، مما جعل دور العرض أشبه ما تكون بالبيت الخرِب الذي لا يدخله الزوار.

نستعرض فيلم “السينما السودانية.. شاشة عرض فارغة” ضمن سلسلة “ذاكرة السينما”، ويتناول الحالة السينمائية في السودان ومرورها عبر الأجيال، والتحديات التي تواجهها منذ النشأة، والآمال المعقودة على الجيل الجديد في صناعة سينما واعدة تنافس مثيلاتها على مستوى العالم العربي.

العرض السينمائي السوداني الأول

يبدأ مخرج الفيلم بعرض مشاهد تصويرية من عدة أفلام سودانية، ثم يتحدث عن مرور 100 عام على أول عرض سينمائي في السودان، وهو فيلم تسجيلي بريطاني قصير عُرض في مدينة الأُبيّض عام 1912، وتناول افتتاح خط سكة الحديد بين الأُبيِّض والخرطوم.

بدأ الإنجليز عروضهم في السودان في سينما "كوليزيوم"
بدأ الإنجليز عروضهم في السودان في سينما “كوليزيوم”

يقول الناقد الفني مصعب الصاوي: أدخل الاستعمار البريطاني السينما إلى السودان عبر اهتمامه بتوثيق الأحداث السياسية والاجتماعية والعسكرية، وقد بدأ الإنجليز عروضهم في سينما “كوليزيوم”.

تقول الممثلة فايزة عمسيب: لم يدخلها عامة الشعب، بل كانت خاصة بطبقة معينة من الأجانب والهنود وكبار الموظفين.

وحدة أفلام السودان.. الجيل الأول

عارض العديد من السودانيين افتتاح دور السينما بدعوى أنها تُخرب الأخلاق، ومع مرور الوقت فُتحت لكبار الموظفين ثم للناس عامة.

ظل السودانيون يجلسون في مقاعد المتفرجين على الأفلام الأجنبية المستوردة، حتى نجحوا في إنشاء “وحدة أفلام السودان” عام 1949 التي شكلت نقطة الانطلاق لبعض التجارب السينمائية الجديدة، واقتصرت على صناعة أفلام تسجيلية بإنتاج سوداني خالص.

لقطة من الفيلم السوداني آمال وأحلام

يقول الناقد الفني محمد صلاح: تفوقت السينما التسجيلية في السودان بسبب قلة التكلفة، واختيارها موضوعات قريبة للناس، فقد كانت بمثابة الملجأ الذي تُطرح فيه أفكار الناس وقصصهم عن مجتمعهم.

بدأ رواد الجيل الأول من السينمائيين السودانيين في أواخر عام 1949، وهي الفترة التي أُنشئت فيها وحدة أفلام السودان واختصت في إنتاج الأفلام التسجيلية.

ويعيد المخرج سليمان إبراهيم سبب إنشاء هذه الوحدة إلى تدريب السودانيين على التصوير وكتابة السيناريو، ومن رواد هذا الجيل جاد الله جبارة وكمال محمد إبراهيم.

من سطوة المحتل إلى سطوة السلطة

بالرغم من استقلال السودان عام 1956، فإن شيئا لم يتغير في أداء وحدة أفلام السودان، بل بقيت بنفس الفكر.

ويُرجع المخرج الطيب صديق سبب ذلك إلى استغلال السياسيين للسينما كوسيط إخباري؛ مما جعلها ضعيفة في إنتاج الأفلام التسجيلية والروائية.

لم تعد السينما السودانية تابعة للاستعمار، إلا أنها تحولت إلى بوق للدولة، فأصبحت مهتمة بقضايا أخبار الرئيس والوزراء والإنجازات؛ وهو ما جعل الدور الذي تقوم به دائرة الإنتاج السينمائي في تراجع مستمر، وبعد ظهور التلفزيون صار يؤدي مهمة نقل الأخبار السياسية بطريقة أسرع.

“آمال وأحلام”.. تجارب فردية

ينتقل المخرج لعرض مشاهد من فيلم “آمال وأحلام” الذي أخرجه إبراهيم ملاسي، وهو أول عمل سينمائي سوداني عُرض عام 1970، وترجع قصة إنتاجه إلى مصور فوتوغرافي من مدينة عَطبَرة، أحب السينما فبادر بجهد فردي إلى إنتاج هذا الفيلم، ولم يُدعم من قبل الحكومة أو أي طرف آخر.

وعلى الرغم من وجود العديد من المشاكل داخل هذا الفيلم كضعف العمل التقني والحبكة والسيناريو، فإنَّ المخرج سليمان إبراهيم يقول: هذا الفيلم يؤرَّخ له كأول فيلم روائي سوداني طويل.

لم تمنع قلة التجارب السينمائية من تسجيل بعض النجاحات، ولأنّ هذه التجارب لم تكن مبنية على أسس علمية سليمة، ولا وجود للدراسة السينمائية في السودان؛ فقد قرر الشباب السينمائيون السفر إلى الخارج للتعلم وصقل موهبتهم بالخبرة، لذلك توجه العديد من الشباب إلى قبرص ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، وعادوا إلى السودان دون أن تلقى هذه الجهود الرعاية الحقيقية من قبل الدولة، الأمر الذي جعل السينما السودانية تخسر فرصة التطور المنشود.

من التوثيق التاريخي إلى الفن السينمائي

يقول الناقد الفني مصعب الصاوي: تمكن رواد الجيل الثاني للسينما السودانية من نقلها من حالة التوثيق التاريخي إلى الحالة الفنية التي تحتوي على قيم وعناصر إنسانية، وفي هذا الجيل بنيت الشخصية السينمائية السودانية. ومن أبرز منتَجات هذا الجيل فيلم “انتزاع الكهرمان” لحسين مأمون شريف ويروي تاريخ وحضارة مدينة “سواكن” الواقعة شمال شرق السودان، ويحتوي على تراتيل صوفية بصوت رخيم.

صورة أرشيفية لفريق عمل فيلم "فيفا سارة" الذي يحكي قصة إصابة سارة جبارة ابنة المخرج "جاد الله جبارة" بشلل الأطفال
صورة أرشيفية لفريق عمل فيلم “فيفا سارة” الذي يحكي قصة إصابة سارة جبارة ابنة المخرج “جاد الله جبارة” بشلل الأطفال

يتابع الصاوي قائلا: لقد كان حسين مأمون شريف على رأس الآباء الذين ربطوا بين جيل التوثيق من جهة وجيل الفن السينمائي في صورته الاجتماعية من جهة أخرى.

تنوعت أفلام هذا الجيل ما بين روائية وأخرى تسجيلية، وتتناول مواضيع أقرب إلى واقع المواطن السوداني، مما جعلها جديرة بالحصول على جوائز عالمية، رغم غياب الدعم المالي الرسمي عنها.

الطيب المهدي.. نجم السودان في المحافل الدولية

من الأفلام الروائية القصيرة للطيب المهدي فيلم “عيال المطمورة”، ويسرد حكاية أسرة صغيرة مكونة من أم وأطفالها الأربعة بعد هروبهم من قريتهم ولجوئهم إلى الصحراء، دون أن تتوقف حرب دارفور عن ملاحقتهم.

وأيضا فيلم “عيال أم قطية” وهو فيلم تسجيلي قصير يتابع الأطفال وأمهاتهم في مكان نزوحهم، حيث يحاولون بدء حياة جديدة رغم وطأة المأساة وذكرياتها الكئيبة.

ومن أفلامه التي لم تخرج للمشاهدة فيلما “المساليط” و”فزع”. أمَّا فيلم “أربع مرات للأطفال” فهو يستهدف تعليم الأطفال المعوقين في السودان، وقد حاز الفيلم على شهادة تقديرية في مهرجان طشقند السينمائي عام 1983.

"لكن الأرض تدور" للمخرج سليمان إبراهيم حصل على الجائزة الفضية للأفلام السينمائية القصيرة في مهرجان موسكو
“لكن الأرض تدور” للمخرج سليمان إبراهيم حصل على الجائزة الفضية للأفلام السينمائية القصيرة في مهرجان موسكو

ويعتبر فيلم “المحطة” من أفلامه التي خرجت من الطابع التسجيلي إلى واقع الحياة السودانية المعاصرة، وتدور أحداثه حول فكرة أنَّه ليس من الضروري أن يُحدث قُرب الرأسمالية والسيطرة الاقتصادية من المجتمعات الفقيرة تغييرا إنسانيا أو صحيا أو اقتصاديا ينهض بتلك المجتمعات المحرومة من رفاهية العيش ومقومات الحياة. وقد حصل فيلم “المحطة” على جوائز عديدة مثل جائزة المجموعة الأوروبية المشتركة في مهرجان فيسباكو في بوركينا فاسو، وكذلك سيف دمشق الفضي في مهرجان دمشق السينمائي، وجائزة الباز الفضي في مهرجان قرطاج السينمائي.

جاد الله جبارة.. حين يكون الأب مخرجا

جاد الله جبارة الفيلم الروائي العاطفي “تاجوج” عام 1980، ويحكي قصة أسطورة شبيهة برواية “روميو وجولييت ” أو الأساطير الموجودة في الأدب العربي القديم.

يعود أصل هذا الفيلم إلى قصة حب وقعت في قديم الزمان، بطلتها فتاة تدعى تاجوج من قبيلة الحمران المهاجرة من حضرموت في اليمن إلى جزيرة سواكن في السودان، والتي انتهت قصة حبها نهاية مأساوية، وأصبحت من القصص المشهورة التي اهتم بها المؤرخون وذكروها في كتبهم ومذكراتهم.

وبالانتقال إلى فيلم “فيفا سارة” الذي يحكي قصة إصابة سارة جبارة ابنة المخرج “جاد الله جبارة” بشلل الأطفال وهي في السنة الثانية من عمرها، حيث قال الطبيب “ليس لها علاج إلا ممارسة السباحة”، فبدأ والدها يذهب بها إلى حوض منزلي للتدريب على السباحة، ثم نزلت إلى نهر النيل لتسابق الأصحاء من أبناء وبنات جيلها.

بدأت سارة بالمشاركة في المسابقات ذات المسافات القصيرة داخل السودان؛ فأحرزت أربع ميداليات في مسابقات مختلفة، ثم مثلت السودان في مسابقات دولية مختلفة في كينيا وإنجلترا، وحصلت في الصين على ميدالية ذهبية في سباق “كابري نابولي” العالمي في إيطاليا تمكنت سارة من الفوز أيضا، فكانت حكاية الفيلم تروي قصة فتاة لم تركن لإعاقتها بل صنعت منها بطولة ألهمت الجميع.

سليمان إبراهيم.. “لكن الأرض تدور”

يسرد المخرج سليمان إبراهيم قصة فيلم “لكن الأرض تدور” قائلا: كنت في المرحلة الأخيرة من دراستي للسينما في موسكو وأفكر في مشروع التخرج، ثم أتيحت لي الفرصة عام 1977 لزيارة شقيقي الذي يعمل في “منظمة الأغذية العالمية” في اليمن.

مخرج فيلم “الجمل” إبراهيم شداد

شاهدت تجربة مدرسة في الصحراء اسمها “مدرسة الشرارة” يتعلم فيها أطفال البدو الرحّل الموسيقى. وبعد أن حصل سليمان إبراهيم على تسهيلات من وزارة الثقافة اليمنية تمكن من إنتاج فيلم “لكن الأرض تدور” الذي حصل على الجائزة الفضية للأفلام السينمائية القصيرة في مهرجان موسكو.

إبراهيم شداد.. مخرج فلكلوري

يُعد المخرج إبراهيم شداد من أوائل الذين درسوا السينما خارج السودان عام 1981، وهو مخرج فيلم “الجمل” الذي وصفه عوض الضّو بأنَّه يجسد صناعة فلكلوريةً انقرضت وهي “العصّارة”.

لكن محمد صلاح يرى في الفيلم رسالة ضمنية تعبر عن الإنسان الذي يعمل من أجل الآخرين دون أن يستفيد من ثمرة عمله. وقد حصل هذا الفيلم على جوائز في مهرجانات عالمية من ضمنها مهرجان “ليل” في فرنسا. كما لعب انتصار ثورة الإنقاذ عام 1989 دورا مهما في تقويض السينما السودانية، حيث أُغلقت دور العرض تدريجيا لأسباب تتعلق بالدين أو بخطر الغزو الثقافي.

يقول إبراهيم شداد: حُلت مؤسسة السينما في السودان، لم يُصدر قرار من مجلس الوزراء بحل المؤسسة، ولكن وزير المالية كان يملك حل المؤسسات التابعة للحكومة بسبب الفساد أو الخسارة، وكانت المؤسسة من أنجح المؤسسات حتى بالنسبة لمشاريع كبيرة في البلد.

لقطة من فيلم “البؤساء”، وهو رواية عالمية لـ”فكتور هوجو” تعالج المظالم الإنسانية

بدأت الدولة باستيراد منتجات فنية رخيصة؛ الأمر الذي دفع عميد كلية الموسيقى والدراما فضل الله أحمد للقول: إننا نستورد نفايات الإنتاج السينمائي في العالم.

فُرضت ضرائب وجمارك على دور العرض؛ مما جعل أصحابها يُقدمون على إغلاقها بسبب عدم جدواها اقتصاديا. وقد دقع هذا الواقع الكثيرين من السينمائيين للهجرة والبحث عن ملاذات آمنة تتيح لهم فرصة الرقي بالعمل السينمائي.

جماعة الفيلم السوداني.. سينما المهجر

بعد هجرة الشباب السينمائيين، تمكن العديد منهم أن يعبِّروا عن “سودانيتهم” المستقلة بعيدا عن مواقف الحكومة السياسية التي تقف حائلاً بين السينما ونهضتها، ومن التجارب المتميزة تجربتان تعودان إلى كل من حسين شريف وإبراهيم شداد.

كما استطاعت تجربة المخرج سعيد حامد أن تفرض نفسها على الساحة المصرية والعربية، خاصةً بعد أن أخرج فيلم “صعيدي في الجامعة الأمريكية” وهو واحد من أعلى الأفلام إيرادات في تاريخ السينما المصرية.

في إبريل عام 1989 نجح السينمائيون السودانيون في تأسيس “جماعة الفيلم السوداني” التي أخذت على عاتقها إنتاج مجموعة من الأفلام الجيدة، وتحقيق صناعة سينمائية سودانية الهوية.

انضم إلى هذه الجماعة كثير من السينمائيين الذين درسوا في الكليات السينمائية المختلفة بهدف عدم الاعتماد الكلي على الدولة، لكن صعوبة التمويل وانعدام الحريات في ثورة الإنقاذ أدّيا معا إلى قلة إنتاج الأعمال السينمائية، ومن أبرز التجارب التي أُنتجت وقتها ثلاثية أفلام “البقعة” التي لم يعرض منها غير فيلم واحد، وهو فيلم “إنسان” للمخرج إبراهيم شداد.

لم يجد الشباب الهواة مكانا لعرض أفلامهم السينمائية القصيرة سوى على “اليوتيوب”

هذا الفيلم يجسد معاناة الانسان في البحث عن حلول لتحقيق الأحلام، وقد أتيحت للفيلم فرصة العرض في مهرجان نيويورك والعديد من دول العالم.

وبجهود ذاتية قام “عبادي محجوب” و”جاد الله جبارة” بإخراج فيلم “بركة الشيخ” وهو فيلم روائي طويل، يحكي قصة دجال تمكن من السيطرة على عقول البسطاء في إحدى القرى السودانية من خلال ادعائه لبعض الكرامات.

البؤساء.. محتوى بصري على يد أعمى

وبالانتقال إلى نوع آخر من الأفلام التي تم تكييفها لتتلاءم مع الواقع السوداني فيلم “البؤساء”، وهو رواية عالمية لـ”فكتور هوغو” تعالج المظالم الإنسانية.

وعن سبب اختيار جاد الله جبارة لهذه الرواية تقول ابنته سارة: اختار والدي الرواية لاعتقاده أنها صالحة لكل زمان ومكان.

أصيب المخرج جاد الله البالغ من العمر 88 عاما بالعمى؛ لكن ذلك لم يمنعه من مواصلة المسيرة وإنتاج “فيلم البؤساء”، فجمع نقود عائلته وقام بإنتاجه عام 2004.

نجح جاد في تسويق الفيلم لدى إحدى دور العرض، إلا أنَّها رفضت تقديمه في أيام العيد وأجّلت ذلك إلى الأيام العادية؛ الأمر الذي جعل جاد الله يحجم عن عرضه في أيام لا تشهد إقبالا كبيرا من الناس.

السينما المستقلة

تمكن جيل من الشباب السينمائيين من تشكيل “تيار السينما المستقلة” التي تتصف بالجرأة، وتطمح في الوصول إلى مستوى مثيلاتها من الأفلام على مستوى الساحة العربية.

يقول الناقد الفني عادل ضيف الله: هذه مؤسسة شبابية أرادت أن تطور السينما عبر استغلال الاتجاه العالمي الذي يدعو إلى تطوير آليات المجتمع المدني حتى يصل إلى مرحلة الوعي.

ومن التجارب السينمائية المستقلة، تجربة الطيب صديق في فيلم “خليل أفندي فرح” حيث كان خليل أفندي من أوائل الفنانين السودانيين الذين ناهضوا الاستعمار من خلال الأغنية الوطنية، ومن أشهر أغانيه “عزة في هواك” التي تكاد تكون النشيد الوطني غير الرسمي للسودانيين.

ومن الأفلام الروائية القصيرة للطيب صديق فيلم “الذين سرقوا الشمس”، ويتناول قضية إنسانية تتعلق باختطاف الأطفال، وحصل الفيلم على الجائزة البرونزية في مهرجان تونس.

سينما الشباب.. الملجأ الأخير

بعد أن لم يجد الشباب الهواة مكانا لعرض أفلامهم السينمائية القصيرة إلا على “يوتيوب”؛ ظهرت فكرة إنشاء منصة للعرض.

يقول مصطفى النعيم من مؤسسة مجموعة سينما الشباب: أول يوم عرضنا فيه سبعة أفلام لسبعة مخرجين كانت عبارة عن مشاريع تخرج، ولقيت قبولا اجتماعيا دفعنا للاستمرار في العرض شهريا، حتى وصلنا إلى عرض 320 فيلما قصيرا حتى الآن”.

ويتابع النعيم: من خلال الفعاليات الشهرية أصبح كل واحد منا يعرف اختصاص الآخر من تصوير أو مونتاج ليتم التكامل في العمل بين الشباب الهواة.

لم يحصل المشاركون في سينما الشباب على أي جائزة مادية تحفزهم على الاستمرار حتى بعد مشاركتهم في مهرجان جائزة تهارقا السينمائي للهواة، حيث كان رئيس لجنة التحكيم الدكتور إبراهيم شداد وبمشاركة الطيب المهدي وعبادي محجوب وبلغازي عوض.

ومن أفلام الشباب فيلم “بداية حكاية” الذي استطاع الشباب من خلاله أن يُعبِّروا عن أفكارهم التي تساهم في تعزيز حالة الوعي في المجتمع السوداني.

وفي نهاية الفيلم ينتقل المخرج إلى أغنية قصة نجاح:

يا حلم مدفون وأغبر
بكرة لازم تبقى أخضر

هذه الأغنية الشبابية التي يظهر فيها التعبير عن التفاؤل في مستقبل أفضل في السودان، ويظهر في الأغنية استخدام اللغة الإنجليزية بجانب اللغة العربية إضافة إلى التنويع في طريقة الغناء.

ربما يتحقق حلم السودانيين بنهضة مشروع سوداني متكامل لإنتاج الأفلام الجاذبة للمشاهد السوداني، تلك الأحلام بمثابة مهمات تقع على عاتق الأجيال الجديدة، ولا بد من ترجمتها إلى عمل تُبذل فيه جهود كبيرة، فليست تنجز المهمات العظيمة بالحلول السهلة.