بين الحرب والحظر.. مصير اليمنيين العالقين في أمريكا

خاص-الوثائقية

سأله المذيع: أين هو منزلك الآن، وماهي بلدك؟
فأجابه حائرا: قبل القرار أم بعد القرار؟

نجيب العمري مواطن أمريكي من أصل يمني عالق في جيبوتي بعد رفض السفارة الأمريكية لمّ شمله مع أبنائه، ورفضت طلبه إعطاء أسرته تأشيرة دخول إلى أمريكا، وجاء الرفض بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بحظر منح تأشيرات دخول لليمنيين.

يقول نجيب “قبل القرار كنت أشعر بأن أمريكا بلدي، أما الآن فلا أعلم، لا أعلم ما هي بلدي اليمن أم جيبوتي أم أمريكا”.

يعيش نجيب في جيبوتي منذ أربعة أشهر رفقة أبنائه وزوجته في انتظار الحصول على تأشيرة لهم، وتعاني ابنته شيماء (11 عاما) من إعاقة ومشاكل صحية وتحتاج لعلاج غير موجود في اليمن ولا جيبوتي، مما يزيد من ضرورة سفر الأسرة إلى الولايات المتحدة.

بعد شهر ونصف من وصوله إلى جيبوتي، حصل نجيب على مقابلة مع السفارة الأمريكية. أخبروه أن ملفه مكتمل، لكن هناك قرار حظر رئاسي، وبالتالي فإن طلبه مرفوض. يتساءل نجيب مستنكرا: هل هذه الطفلة المعاقة تهدد الأمن القومي الأمريكي؟

جاءت قصة نجيب في فيلم بعنوان “بين الحرب والحظر” تناول الدعم الأميركي للحرب في اليمن، ومعاناة أفراد الجالية اليمنية المقيمين في أمريكا من تداعيات الحظر الذي فرضه الرئيس ترامب على منح تأشيرات دخول لليمنيين.

وترشح الفيلم -وهو ضمن سلسلة “فولت لاينز” لقناة الجزيرة الإنجليزية- لنيل جائزة إيمي عن فئة أفضل تغطية لحدث إخباري مستمر. وتركز سلسلة “فولت لاينز” الوثائقية على الأحداث التي تجري في أمريكا، وتأثير الولايات المتحدة في العالم.

اليمن الغارقة في الحروب والمجاعات يحاول الملايين من أهلها الهروب منها والبحث عن ملاذ آمن، أو محاولة لم شملهم مع أسرهم العالقة في دول أخرى.

لم يكن نجيب الوحيد في جيبوتي، فهذه مجموعة أخرى من اليمنيين العالقين في جيبوتي. يقول أحدهم “لدي ولدان في أمريكا ورفضوا طلب أمهم، ماذا أفعل؟”، ويقول آخر “خسرت 20 ألف دولار وبعت التاكسي الذي أعمل عليه، لا أستطيع العودة إلى اليمن. أين أذهب الآن؟”.

أما محمد وعزيزة فهما زوجان يمنيان مقيمان في جيبوتي مع ابنتهما أمنية. تقول عزيزة “الكل الآن يبحث عن طريقة للخروج من اليمن، هناك قصف، كنا نشعر بهزة الشبابيك، لا يمكننا العودة”. حصل محمد زوج عزيزة على الجنسية الأمريكية، وأراد أن تلحق به ابنته وزوجته، حصلت الابنه أمنية على تأشيرة دخول، بينما رُفض طلب عزيرة. تقول عزيرة “قلَب قرار ترامب كل شيء رأسا على عقب”.

لم يخبر موظفو السفارة في جيبوتي الزوجين عن سبب الرفض، “قالوا لنا اذهبا واسمعا الأخبار وستعلمان السبب”.

على محمد وابنته أمنية الذهاب إلى أمريكا بينما ستبقى عزيرة في جيبوتي “أحاول أن أبعد ابنتي عني حتى لا تتعلق بي، انتظرت كثيرا على أمل الاستقرار، وفي لحظة ضاع كل شيء”.

شيماء ابنه نجيب والعالقة مع أسرتها في جيبوتي
شيماء ابنه نجيب والعالقة مع أسرتها في جيبوتي

 

وهذه معاناة أخرى يعيشها “محمد الفقيه” المواطن الأمريكي اليمني، فلم يشفع له تاريخ عائلته في أمريكا في قبول تأشيرات أسرته، فقد تم رفضهم جميعا. يقول محمد “هذه ليست أمريكا التي نحلم بها”.

سافر محمد وابنته أمنية إلى أمريكا، وذهبت زوجته عزيزة إلى الأردن حيث شقيق محمد الأكبر، في انتظار قرار المحكمة.

يقول محمد “أحب هذه البلد كبلدي، وأشعر بالانتماء إليها وأريد أن أزرع هذا الشعور داخل ابنتي، لكن عندما تسألني أين أمي، ماذا أخبرها؟ هل أقول لها إن أمريكا أبعدت أمك عنك؟”.

أما شيماء ابنة نجيب فقد تدهورت صحتها وعاد بها والدها إلى اليمن، أصبح نجيب في حيرة من أمره لا يدري إلى أين يذهب بها، “أتمنى أن يكون هناك قرار حاسم من المحكمة لهذا الأمر”.