“عين على أفريقيا”.. رحلة في أعماق مهد البشرية ومستودع التاريخ

أفريقيا أرض ذات حكاية استثنائية، فهي مسقط رأس الإنسان ومهد البشرية منذ أكثر من 250 ألف عام (بحسب دراسات بيولوجية أثرية)، وتُشكِّل خُمس اليابسة في العالم، بصحاريها الشاسعة وغاباتها المطيرة الخضراء، ومن وديانها السحيقة إلى جبالها الشاهقة، وبحوالي ألف نوع من الثدييات والحيوانات البرية، فهي ثاني أكبر قارات العالم بـ54 دولة و1.2 مليار نسمة و2000 لغة.

يتتبّع هذا الفيلم الشائق الذي تبثه الجزيرة الوثائقية بعنوان “عين على أفريقيا”، رحلة من أقصى القارة إلى أقصاها، ويستعرض مشاهدها التاريخية، ومناظرها الطبيعية، وثرواتها الحيوانية والمعدنية، ويعرض لتنوُّعِ شعوبها وثقافاتها، ولجهود بعض دولها في الحفاظ على البيئة والتراث البشري والطبيعي فيها.

الصحراء الكبرى.. كثبانٌ ذهبية تسحر أعين السياح

تمتد الصحراء الكبرى الأسطورية، وصورتها الكلاسيكية المرتسمة في الأذهان على شكل كثبان رملية عبر معظم شمال أفريقيا، فمساحتها بحجم الصين تقريبا، ويصل ارتفاع كثبانها إلى 150 مترا، تمتد كسلاسل ذهبية حتى تصل إلى المغرب، ورغم قسوة بيئتها القاحلة وندرة أمطارها فإن الناس عاشوا فيها لعدة قرون.

وبالتأثير العربي والبربري الحاضر فيها لا تزال قوافل الإبل تجوب هذه الأرض، مثلما كانت منذ قرون خلت تنقل المؤن والسلع التجارية، ولكنها تفعل ذلك في هذه الأيام لنقل السياح.

وتستخدم الدراجة الرباعية الأكثر سهولة لسبر أغوار الكثبان الذهبية. وتتيح الجولات السياحية للزوار المتعطشين للإثارة القيادة على المنحدرات الرملية، وغالبا ما تنتهي أنشطتهم في مخيم صحراوي على الطراز البربري التقليدي.

مخيمات صحراوية ذات تقاليد بربرية مخصصة للسواح الذين يزورون المغرب

وعلى مدى 4000 عام جاب البربر شمال أفريقيا، واعتنقوا ثقافة الزراعة البدوية التي بقيت مزدهرة حتى الآونة الأخيرة، ورغم اندماجهم بالمجتمعات المعاصرة فإنهم حافظوا على أنشطتهم اليومية في مخيماتهم.

وتعد مراكش نموذجا للمدن التي يختار المزارعون البربر الانتقال إليها، فهي رابع أكبر مدينة مغربية، وهي مترامية الأطراف، وقد تأسست عام 1062 على يد دولة المرابطين المسلمة، وشيدت أسوارها منذ 9 قرون بالحجر الرملي الأحمر المحلي، وتعكس مع غيرها من المدن -مثل فاس- صورة عن معالم هذه البلاد التي حكمتها سلسلة من الممالك المستقلة منذ القرن الثامن.

المغرب.. بوابة أفريقيا المتكئة على جبال أطلس

قبل أكثر من قرن خضعت المغرب لاحتلال فرنسي إسباني استمر حتى 1956، إذ استقلت المغرب وعاد نظامها الملكي من المنفى. وإلى يومنا هذا يحافظ المغرب على ازدهاره واستقلاله نسبيا وفقا للمعايير الإقليمية، ويتجلى هذا في مراكش التي تضجّ بلدتها القديمة بالباعة والأكشاك.

ففي قلب الصحراء تبرز سلسلة من الصخور المطلية بالزرقة وسط الأرض القاحلة، وصخور أصغر مطلية باللونين الأصفر والوردي، وقد لَوّنها البلجيكي “جون فيرام” عام 1984 تكريما لزوجته الراحلة، واستغرق المشروع وقتا طويلا وتطلب استخدام 18 طنا من الطلاء، وتكرر العمل في أكثر من مكان في الصحراء المغربية.

صخور مطلية بالأزرق وسط الأرض القاحلة، لَوّنها البلجيكي “جون فيرام” في عام 1984 تكريما لذكرى زوجته الراحلة

ويسود اللون الأزرق أيضا بلدة شفشاون شمال غرب المغرب، حيث تزدان مبانيها بالأزرق الزاهي، ويعتقد أناسٌ أن الأزرق يحمي من أسراب البعوض، بينما يعتقد آخرون أنه يرمز للسماء والجنّة كتذكير بروحانية الإسلام، وقد طليت في سبعينيات القرن الماضي لجذب أنظار السياح.

ومن أبرز المعالم في المنطقة صخرة قبَّعة “نابليون”، وهي قمة صخرية مدهشة تطل على بلدة “أكرض أوضاض” الصغيرة، حيث يصعد الزوار قمتها ليمتعوا أنظارهم بالتكوينات الصخرية والمناظر الخلابة حولها. ثم يقودك حزام بساتين النخيل إلى تحفة معمارية أخرى “قصر آيت بن حِدّو”، المدينة التاريخية المحصنة، وهي مثال رائع للمدينة المبنية من الطوب الطيني المصنوع من التراب والخشب.

قرية “نفّوسة” في ليبيا حيث عاش البربر فيها على قمم الجبال

وتقع ليبيا شمال أفريقيا، مطلة على البحر المتوسط، حيث صمدت كنوز أثرية وقرى مهجورة مثل قرية نفّوسة، في وجه الصراعات الحديثة وويلات الزمان. وقد عاش البربر في قمم جبال نفوسة شمال البلاد، وكلمة “بربر” رومانية قديمة كان يطلقها الرومان على شعوب الشمال الأفريقي.

إثيوبيا.. شلالات تصنع الحضارات في أقدم دول العالم

إلى الجنوب تتدفق مياه نهر النيل بغزارة من شلالات إثيوبيا أقدم دول العالم، حيث عثر فيها على القردة من الطبقة العليا التي تعدّ من أشباه البشر، وتعود إلى 4.5 ملايين عام. ويوفر النيل الأزرق 80% من المياه التي تصب في النهر، لتلتقي مع النيل الأبيض شمالا في الخرطوم. ويعدُّ النيل أطول أنهار العالم ويروي 11 دولة، وهو سبب ازدهار الحضارة المصرية القديمة.

وبينما تتدفق شلالات النيل الأزرق في إثيوبيا عبر ثلاثة فروع منفصلة خلال موسم الأمطار في أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول، تشح مياه الشلالات المتدفقة خلال موسم الجفاف لتصبح مجرد قطرات، وتتغذى هذه الشلالات من بحيرة تانا الإثيوبية وتسمى محليا “تيزاباي”، أو الدخان العظيم، وهي أشهر مناطق الجذب السياحي في إثيوبيا ومصدر الماء الرئيس لدول شمال أفريقيا.

شلالات بحيرة تانا الإثيوبية والتي تعرف محليا بـ”تيزاباي”

ويعتبر بركان “ديلول” المشهور بألوانه الغريبة وأنماطه المعدنية من أعاجيب إثيوبيا الطبيعية، ويتشكّل من حمم بركانية متحجرة اندلعت من فوهة واحدة وانتشرت على الأرض المحيطة الوعرة، وتحيط به فتحات حرارية مائية يندفع منها الماء الساخن إلى السطح، وتمنح المياه الحمضية بعض المناطق غطاء أخضر براقا. وهناك مجموعة من الأعمدة الملحية والمدرجات الطبيعية الساحرة.

وهناك البركان “إيرتالي” الأكثر نشاطا في إثيوبيا، والذي لا تنطفئ ناره بسبب الانفصال المستمر لصفائحه التكتونية الثلاث، ويشتهر البركان ببحيرات الحمم النشطة النادرة التي تقع تحت سحب الدخان المتصاعدة، وكغيره من البراكين الدرعية فهو قليل الارتفاع نسبيا بـ613 مترا فقط. وتدعى منطقة “بوابة الجحيم” المحيطة به، حيث تتجاوز الحرارة 50 درجة صيفا، ولا تقل عن 40 درجة شتاء.

الغابون.. فردوس أفريقيا الأخير

على الساحل الغربي للقارة السمراء، تقع أصغر دول أفريقيا الغابون، وهي مستعمرة فرنسية سابقة وإحدى أغنى الدول الأفريقية، وذلك بفضل ثروتها النفطية وتعدادها السكاني القليل البالغ حوالي مليوني نسمة.

تملك الغابون أكبر عدد من فيلة الغابات في أفريقيا، لكنها أصغر حجما من فيلة “السافانا”

هناك في متنزه “لوانغو” الوطني في الغابون، تحيط البحيرات ذات المياه الاستوائية الحارة بغابات مطيرة مورقة غنّاء، وهو جوهرة تاج الغابون، ويوصف بـ”فردوس أفريقيا الأخير”.

وتعدّ فيلة الغابون الأصغر حجما مقارنة بأفيال “السافانا” التي تقطن بقاعا أخرى من القارة، وتملك الغابون أكبر عددٍ من أفيال الغابات في أفريقيا، وبينما هي محمية هنا، فقد قتل الصيادون 25 ألف فيل منها في الشمال في الأعوام الأخيرة فقط. وتتغذى هذه الفيلة على حشائش السافانا المالحة، والممتدة إلى ساحل المحيط الأطلسي، على شريط طويل لم تطأه قدم، وبرّية محمية بعناية فائقة.

أنغولا.. بلد الثراء الفاحش والفقر المدقع

في الجنوب توجد دولة أفريقية ذات تنوع هائل، إنها أنغولا المستعمرة البرتغالية السابقة، فقلبها الأخضر ترويه أنهار طويلة، ويعدُّ نهر “كوانزا” أطولها، وتبلغ الرحلة من البحر إلى المنبع على هضبة “بي” 1000 كم، وهي موطن الفيلة الأفريقية التي بلغ عددها 70 ألفا قبل 1970، لكن المستويات العالية من الصيد الجائر والحرب الأهلية على مدى 27 عاما قلّل هذا العدد إلى 3400 فيل فقط.

تمتاز أنغولا بوجود الجروف الصفراء الحادة المسماة “ميرادور دالوا” وتعني “مشهد من القمر” لشبهها بفوهات القمر

وتنتشر الزرافات الأنغولية ذات اللون الفاتح في سهول السافانا وعددها 13 ألف زرافة.

ومن أهمّ المناظر الفريدة الصامدة رغم تطاول الأزمان تلك التكوينات الطبيعية الأخّاذة الشبيهة بسطح القمر، فهذه الجروف الصفراء الحادة “ميرادور دالوا” (أي مشهد من القمر) تقف في تناقض صارخ وبهيج مع مياه المحيط الزرقاء.

وعلى ساحل المحيط الأطلسي تقع العاصمة “لواندا” وفيها أكبر موانئ أنغولا، وهي مدينة مدهشة المعالم، في بلد يقطنه 30 مليون نسمة، وينقسم سكان أنغولا إلى طبقات، بعضهم قد أثرى ثراء فاحشا من تجارة النفط، بينما يعيش معظم الفقراء في تجمعات عشوائية تعمها الفوضى، جرّاء الاحتلال والصراعات الأهلية التي وصمت تاريخ البلاد، حيث تنتشر التجارة غير المرخصة في الطرقات.

سهول سيرينغيتي.. مملكة الحيوان العابرة لحدود الدول

على أعتاب رواندا تقع “ميزونو” الساحرة، حيث الشواطئ المهجورة التي تجعلها مزارع الملح لوحة فسيفسائية بديعة الألوان، وطيور الفلامينغو وردية اللون، ليتناغم هذا العرض الزاهي مع خطوط الشفق الأرجوانية.

إلى الشرق من أنغولا، حيث سهول “سيرينغيتي” تتحرك أمواجٌ هائلة من قطعان جواميس النو في أكبر هجرة جماعية عالمية، إذ يتحرك أكثر من مليون من حيوانات النو، فتعبر تنزانيا وكينيا لتلاحق مواقع المطر، وتتعرض خلال هذه الهجرة السنوية لهجمات الضواري والتماسيح المفترسة.

في سهول “سيرينغيتي”، تتحرك أمواج هائلة من قطعان جواميس “النو” في أكبر هجرة جماعية سنوية

وحيثما وجد الماء توجد أفراس النهر الضخمة، وتغوص هذه المجموعات الكبيرة في نهر كينيان، وهي حيوانات برمائية عاشبة، حيث يتناول الواحد منها 5% من وزنه من الحشائش يوميا. وتنجذب الأفيال كذلك إلى هذه المجاري المائية فتغمر أجسادها بالماء لتنال قسطا من البرودة في هذا الصيف الاستوائي اللاهب.

جنوب أفريقيا.. جنات السائحين في البراري والمحيطات

ننتقل إلى جنوب أفريقيا، حيث تقع “فيلد” أكثر المناطق غنى بالحياة البرية، في ذلك البلد الذي يحوي مروجا خضراء شاسعة تذكرنا بمروج الولايات المتحدة وأستراليا، وفي متنزه “كروجر” تتاح الفرصة للزوار ليكونوا أقرب إلى الحيوانات البرية أكثر من أي وقت مضى، فقط اركب سيارة سفاري مكشوفة، وتمتع بتجربة نادرة من المغامرة مع الغزلان والزرافات وأنواع الضواري.

وبوجود 24 ألف فيل، تكون جنوب أفريقيا قد وسّعت ثروتها من هذا الحيوان البري الضخم، بعد أن كانت تحوي 150 فيلا فقط قبل قرن من الزمان، أما إجمالي عدد الفيلة في أفريقيا كلها فقد انخفض إلى 400 ألف فقط، بعد أن كان عددها 10 ملايين رأس قبل 90 عاما. كما تُنظم رحلات مائية لمشاهدة تماسيح اليل الضخمة عن قرب، وكذا حمر الوحش ووحيد القرن والأسود والنمور.

وقد خُصص جزء كبير من الأراضي لكروم العنب، حيث تصنف جنوب أفريقيا واحدة من أهم عشر دول مصدرة للنبيذ في العالم.

مساحات شاسعة في دولة جنوب أفريقيا مخصصة لزراعة العنب، وضعتها في مصاف الدول العشر الأولى المصدرة للنبيذ

ويضج محيطا جنوب أفريقيا الأطلسي والهندي بحياة بحرية مذهلة، حيث تتجه السفن السياحية لملاحقة أنواع الدلافين المثيرة، والحيتان الحدباء العظيمة التي كانت قد وصلت في يوم ما إلى حد الانقراض.

كيب تاون.. مدينة ترقد في أحضان جبل الطاولة

تعتبر كيب تاون جوهرة تاج جنوب أفريقيا، فهي المدينة النابضة بالحياة، وثاني أكثر المدن اكتظاظا بالسكان، في بلد ذي تاريخ مضطرب مليء بالصراعات، منذ الاستعمار الهولندي في القرن الـ18، ومرورا بحرب الأنجلوبوير الدموية، وانتهاء بحكومة الفصل العنصري سيئ السمعة، تتحصن هذه المدينة بسطح صخري مستوٍ مدهش، هو جبل الطاولة الذي يجلب آلاف الزوار يوميا، وهو قمة مسطحة تمتد لثلاثة كيلومترات، تكوِّنُ خلفية تحبس الأنفاس لمدينة تزهو بألوان مبانيها الصارخة، وتشتهر بمناخها اللطيف المعتدل وشواطئها الساحرة المزدحمة.

قطار “روفوس ريل” التاريخي يجوب الطريق بين كيب تاون وبريتوريا، مرورا بلوحات فاتنة من المناظر الطبيعية

وينحدر كثير من السكان من الشعوب الأصلية التي استوطنت هذا الرأس، مثل شعب “خويسان” وشعب “البانتو”. أما اليوم فكيب تاون ذات الأربعة ملايين نسمة هي بوتقة ينصهر فيها كثير من الثقافات والأعراق والجنسيات.

وهناك يستمتع السياح بسلوك الطريق الساحلية المحفوفة بسلسلة جبالٍ تحمي المدينة، لتستمر الرحلة ساعات تصل في نهايتها إلى رأس الرجاء الصالح، وهو أقصى نقطة على حافة القارة الأفريقية من الجنوب، حيث طيور البطريق الأفريقية، فهناك 2200 طائر على شاطئ “بولدرز” جاءت كلها من زوج واحد حطّ على الشاطئ قبل 40 عاما، وتكاثرت بفضل قوانين حماية البيئة والحياة البرية.

ولقراءة تاريخ البلاد عمليا، تسيِّر سلطات السياحة في جنوب أفريقيا قطار “روفوس ريل” التاريخي بعرباته الفاخرة العتيقة، تجوب الطريق بين كيب تاون وبريتوريا، مرورا بلوحات فاتنة من المناظر الطبيعية والحياة البرية، هذا بالإضافة إلى الرحلات بواسطة المروحيات والطائرات الصغيرة والشراعية.

جوهانسبيرغ.. من الفصل العنصري إلى اندماج الثقافات

بعيدا عن البحر والأنهار، نصل إلى العاصمة جوهانسبيرغ، وهي المدينة التي شهدت تغيرا كاملا، فقد كان السكان الأصليون ممنوعين من دخولها في فترة الحكم العنصري، وكانوا يعزلون في تجمعات غير رسمية خارج العاصمة تدعى “سويتو”، أما الآن فقد أصبحت جزءا لا يتجزأ من العاصمة.

من على ارتفاع 3500 متر يتربع جبل “دراكنزبيرغ” شامخا مطلا على مدينة جوهانسبيرغ

ويتربع جبل “دراكنزبيرغ” شامخا ليحمي المدينة، وعلى الجانب الشرقي من الجرف العظيم الذي يمتد 1000 كيلومتر وبارتفاع 3500 متر، تستطيع أن ترى إحدى عجائب الطبيعة في جنوب أفريقيا وهي الهضبة التي تشبه المدرج، وقمة “سنتنيل” حيث أعلى شلالات جنوب أفريقيا “توغيلا”، وهو ثاني أعلى شلال في العالم بعد شلالات “إنجيلا” بفنزويلا.

أفريقيا.. قارة ما قبل التاريخ تواجه العصر الحديث

من طرفها الشمالي إلى رأسها الجنوبي، ومن عصور ما قبل التاريخ إلى العصر الحديث، تظل أفريقيا قارة التنوع والتعقيد، وتواجه التحديات المعاصرة بإنجازات بشرية جبارة ومشاهد خلابة، مع عروض طبيعية تأسر الألباب.

هذه أفريقيا، مهد البشرية، تواصل الازدهار وتقهر التحديات.