قصة السيارة.. انتصار الإنسان في معركة استغرقت آلاف السنين

خاص-الوثائقية

يُعتقد بأن الإنسان خرج من أفريقيا قبل 180 ألف عام، وانتشر البشر في العالم بالتدريج وببطء شديد، أما اليوم فالناس يستخدمون أكثر من مليار و200 مليون سيارة للتنقل عبر 32 مليار كيلومتر من الطرق، وأما المسافات التي كان أسلافنا يقطعونها في شهور فإننا نقطعها في ساعات قليلة، والحقيقة أن السيارة لم تعد وسيلة تنقل فقط، بل هي آلة الحرية.

 

صناعة الزلاجات.. أحفاد الذئاب التي روضها الإنسان القديم

كيف انتقل البشر من رجلين إلى أربع عجلات؟ بدأت القصة قبل آلاف السنين، وتحديدا في المنطقة القطبية الشمالية، في معركة للبقاء، وتحالف غير متوقع بين الإنسان والوحوش، وقد دلَت الآثار الأحفورية على أول ثورة في النقل البري، وتعود آثار أقدام البشر في هذه المنطقة إلى 45 ألف عام، حيث الحرارة أقل من 50 تحت الصفر، والجليد يغطي الأرض باستمرار.

اعتمد الأسلاف بالكامل على ما يجدونه حولهم، وحصلوا على طعامهم من النباتات البرية وغزلان الرنّة، وعلى الملابس من جلودها، وكانوا يمشون حوالي 32 كيلومترا في اليوم الواحد، كانت أرجلهم هي وسيلة النقل الوحيدة، ولذلك كانوا كثيرا ما يفشلون في اصطياد الرنّة لسرعتها.

تقع جزيرة “زوخوف” على بعد 480 كيلومترا شمال البرّ الروسي، وقد اكتشف علماء الآثار فيها مستوطنة عمرها 9000 سنة، وتضم إشارات عن طبيعة عيش الأوائل في تلك المنطقة المتجمدة، ومنها بقايا يمكن الخلط بينها وبين عظام الذئاب، لكنها ليست عظام مفترسات برية، بل هي حيوانات تكيفت بشكل مدهش، وصارت أخف وأقوى في عمليات السحب من أسلافها الذئاب، إنها الكلاب البدائية.

كان الذئب الرمادي الأوروبي أول حيوان دجّنه الإنسان على الإطلاق، وتنحدر منه كل الكلاب الأليفة اليوم، ومن الواضح أن هذه الكلاب البدائية كانت تقتنى لغرض معين، ولم يجد علماء الآثار عناء في معرفة هذا الغرض، لقد وجدوا قطع أخشاب ملساء تشبه الزلّاجات، مما يدل على أن الناس استخدموا في “زوخوف” الكلاب لجرِّهم وجر أشيائهم، وتلك ثورة هائلة من ثورات التنقل انتقلت إلى كافة مناطق الشمال المتجمد.

كان اختراع محور العجلة نقلة نوعية في تاريخ المواصلات

 

تحالف العجلة والمحور.. مطية الإنسان للانطلاق

أصبح البشر قادرين على اصطياد الغزلان، وشهدت أقسى مناطق أوروبا ازدهارا كبيرا، وبدأت علاقة تعاونية بين البشر وهؤلاء الأصدقاء الأوفياء سبقت علاقتهم بالخيول والثيران بآلاف السنين، لكن الزلاجات تواجه مشكلة كبيرة عند ذوبان الجليد، وكان لا بد من اختراع جديد حتى تتسلم البشرية عجلة القيادة التي خلقت من أجلها.

لم تكن العجلة اختراعا قديما كما يظن البعض، ويعتقد أن الإنسان استخدم العجلة قبل 4000 عام من الميلاد فقط، ولكن قبل العجلة كانت الأثقال تنقل على جذوع الأشجار، واحتاج الإنسان إلى بعض التطوير والتعديل حتى تتحول هذه الجذوع إلى عجلات، والحقيقة أن العامل المهم الذي أعطى العجلة أهميتها في النقل هو المحور.

يتيح المحور ربط العجلات بالسطح المستوي حتى نحمل عليها الأثقال ونقطع بها المسافات، وللحصول على هاتين الميزتين فلا بد من توخي الدقة والإحكام، فيجب أن يكون المحور مستديرا تماما وكذلك الثقب الذي يوضع فيه، ولذا كان يجب استخدام المعادن من أجل الحصول على هذه الدقة، وهذا ما اكتشفه أهل بلاد ما بين النهرين قبل 7000 عام.

وقبل 3000 عام استخرج الإنسان المعادن من الصخور بواسطة صهرها بالنار، ثم شكّل السبائك البرونزية من الحديد والنحاس، وهي أقوى من كليهما، واخترع الإزميل المعدني الذي نحت به العجلات والمحور بالدقة المطلوبة، وهما اللذان غيّرا حياة البشر بالكامل، وصار بالإمكان نقل مواد أثقل لمسافات أبعد بجهد أخف ووقت أقل، وتزامن ذلك مع تدجين الخيول والثيران.

“توماس نيوكامان” الواعظ المعمداني والحدّاد هو صاحب فكرة المضخة

 

فيضانات الأرض المدمرة.. قد تصنع المصائب المعجزات

لأول مرة ينطلق الإنسان خارج مستعمرته كانت تلك ثورة اجتماعية في العالم القديم، وصار يمكن لقاء المنتجين والمبتكرين، وانتشرت اللغات، مما أدى إلى الثورة المعرفية التي نراها اليوم، واستمر اعتماد البشر على العربات التي تجرها الخيول مدة خمسة آلاف عام، ولم يتغير ذلك إلا مع حصول الفيضانات المدمرة.

في مطلع القرن الثامن عشر شهدت بريطانيا موجة من الاختراعات التي غيرت الحياة اليومية للبشر، وحفرت المناجم على أعماق كبيرة لاستخراج الفحم والنحاس، لكن هذه العمليات واجهت مشكلة كبيرة تتمثل في المياه الجوفية التي تظهر بكثرة كلما تعمقوا في الحفر، وكانت المضخات المتوفرة لا تقوى على رفع الماء لأقدام قليلة، ولذلك احتيج لأيد عاملة بالمئات لمواجهة مشكلة الماء فقط.

لكن رهان الإنسان على قوته أمام قوة الماء العاتية كان خاسرا، فقد لقي كثيرون مصرعهم وأغلقت كثير من المناجم، ولذلك استنفرت طاقات المخترعين لابتكار حل يخلصهم من الماء، وهنا ظهر “توماس نيوكامان” وكان واعظا معمدانيا وحدّادا، وكان يؤمن بقدرات الرب على حل مشكلة المياه، ولكن مع بريق المال أمام عينيه اضطر للتفكير في حل مادّي يوازي إيمانه الروحي.

المحرك البخاري أحد نتاجات الثورة الصناعية الخارقة الذي سهل التنقل ونقل البضائع في أوقات قياسية

 

محرك البخار.. معركة الحديد ضد جبروت الماء

شرع “نيوكامان” في التفكير باختراع يعتمد على قوة البخار، بعارضة خشبية متأرجحة طولها تسعة أمتار ووزنها 20 طنا مع سلاسل حديدية على جانبيها، ويتدلى أحد طرفي السلسلة إلى أعماق المنجم لسحب الماء، والطرف الآخر يتصل بمكبس يسحب البخار من حوض ماء مغلي من خلال أسطوانة، عندما يبرد البخار ينشأ فراغ داخل الأسطوانة يسحب المكبسَ أسفل ليرتفع الطرف الآخر ويشغل المضخة.

لكن محرك “نيوكامان” لم يعمل جيدا، فالبطء في تكاثف البخار حال دون تزويد المضخة بالطاقة الكافية. حاول إحاطة الأسطوانة بغلاف من الماء البارد لتسريع عملية التكثيف، ولم ينجح إلى أن تدخّل القدر، فخلال إحدى التجارب تشقق أحد مفاصل الأسطوانة وتدفق الماء المحيط بها إلى داخلها، وتسبب ذلك في إحداث فراغ قوي حطّم الآلة بالكامل.

أعاد “نيوكامان” بناء المحرك، وأضاف إليه صماما يحقن الماء مباشرة في الأسطوانة كلما امتلأت بالبخار، لينتج فراغا قويا تنتج عنه زيادة كبيرة في سرعة المضخة، وبذلك يكون “نيوكامان” قد صنع أول محرك بخاري.

بدأ الناس بالتفكير في استخدامات أخرى لهذه الآلة، وانصرف تفكيرهم إلى استخدامها في النقل، بشرط أن تكون أكبر كفاءة وأصغر حجما، قد يكون من السهل حرق الوقود وتسخين الماء لإنتاج البخار، ولكن الصعوبة تكمن في صناعة مكبس لا يسرب البخار، ويتناسب مع الأسطوانة التي تحوي البخار في ظروف الضغط المرتفع. وهنا ظهر “جون ولنغستون”، القطب الصناعي المولع بالحديد.

جيمس واط صاحب فكرة المحرك البخاري وله تعزى وحدة الطاقة والشغل “الواط”

 

“جيمس وات”.. العبقرية التي أدت إلى ثورة القطارات

كانت المدفعية البريطانية تعاني من سوء التصنيع، وقد قتل عشرات الرجال نتيجة انفجار المدافع قبل انطلاق القذيفة، فأدرك “ولنغستون” أن السر يكمن في تصنيع مدافع ذات أسطوانات دقيقة الاستدارة تماما، وكان الحل المقترح آلة ثقب تعمل بقوة الخيول، وهي فكرة “المخرطة” الحديثة. وقد ألهمت هذه الفكرة المخترع العصامي الموسوعي “جيمس وات” لفكرة أخرى مذهلة.

في 1765 طلبت الجامعة من “وات” إصلاح نموذج من محرك “نيوكامان”، كانت فكرته الرائعة أن يصل الأسطوانة عبر أنبوب بوعاء بارد أسماه المكثف، وعندما يفتح الصمام وتكون الأسطوانة مملوءة بالبخار الساخن فإن المكثف يبرد البخار بسرعة كبيرة، وهذا يخلق فراغا كبيرا يسحب البخار من الأسطوانة دون تبريدها هي نفسها، ثم طلب من “ولنغستون” أن يصب له أسطوانات ومكابس دقيقة.

وفي فكرة عبقرية أخرى، اقترح “وات” إزالة العوارض الخشبية، وتشغيل عجلة بدلا منها، وهكذا صار البخار مصدرا مهما للطاقة، وبات بالإمكان صناعة المحرك في أنحاء العالم، والاستفادة من الوقود الأحفوري الغني بالطاقة، وهكذا جنى “وات” أموالا طائلة، وكان لمحركه البخاري الأثر الأكبر في انطلاق شرارة الثورة الصناعية، وصارت للآلات قوة أكبر من قوة البشر والحيوانات.

أحدثت القطارات البخارية ثورة اجتماعية واقتصادية هائلة، ونقلت البضائع والأفراد من وإلى المدن والبلدان، لكن كان من الصعوبة استخدام المحركات البخارية في سيارات أصغر من القطار، لأنها كبيرة وتستهلك وقودا كثيرا، ولذلك بقي الناس يستخدمون الخيول والعربات في تنقلاتهم داخل المدن.

الألماني “كارل بنز” صاحب سيارة مرسيدس كان أول من صنع محركا بخاريا صغيرا وبه انطلقت أول سيارة

 

“كارل بنز”.. اختراع المحرك البترولي ذاتيّ الاحتراق

في 1886 حصل المهندس الألماني “كارل بنز” على براءة اختراعٍ لأول سيارة في العالم، واستغل وجود محرك في الأسواق على مبدأ محرك “وات” ولكنه أصغر بكثير، وبدلا من حرق الفحم للحصول على بخار، كانت أسطوانة الاحتراق الذاتي تشعل وقودا بتروليا داخلها، وسميت السيارة “موتورفاغن” وسارت بشكل جيد، لكنها اصطدمت بمعضلة كبيرة، فمحطات البنزين وورش التصليح كانت غير موجودة آنذاك.

من أجل هذا اعتبرت “موتورفاغن” سيارة للرفاهية فقط، بينما كانت الخيول تقطع ما معدله 86 كيلومترا في اليوم، ولهذا لم يستطع “بنز” أن يبيع سيارة واحدة طول سنتين، مما أصابه بالإحباط والكآبة، وأصبح مهددا بالإفلاس، لولا أن سيدة تنبهت لقدرات “موتورفاغن”، وأيقنت أن هذه السيارة سيكون لها شأن عظيم، إنها “بيرتا” زوجة “كارل بنز”.

في صباح يوم من أيام أغسطس 1888 أيقظت “بيرتا” ابنيها، ودفعت السيارة بهدوء حتى لا توقظ زوجها، واصطحبت ابنيها في رحلة إلى بيت والديها على مسافة 105 كيلومترات، وهي مسافة لا تستطيع عربة الخيول قطعها في يوم واحد. قررت “بيرتا” القيام بهذه الرحلة المجنونة دون خارطة ولا حتى تجهيزات فنية للسيارة، وقامت بتفقد الوقود ثم أدارت المحرك بطريقة يدوية وانطلقت.

“بيرثا بنز” زوجة كارل بنز كانت المغامرة التي أطلقت مواهب زوجها وخلدت اسمه في التاريخ

 

“بيرتا بنز”.. عبقرية المرأة الحديدية في التسويق

كان الطريق الذي قطعته “بيرتا” ترابيا ذا عقبات كثيرة، وكان احتمال الفشل عاليا، وكان التحدي الأكبر هو تأمين الوقود، إذ لم تكن هنالك محطات وقود على الطريق، فكانت تضطر للتوقف عند كل صيدلية لشراء مادة بترولية تصبها في خزان السيارة الصغير، وكانت تبرد المحرك كل فترة بمياه الينابيع المحيطة، ولأن السيارة كانت تحتوي على سرعتين فقط، فقد كانت “بيرتا” وابناها يضطرون لدفعها عند صعود التلال.

أما عند نزول المنحدرات فكان الأمر أصعب بكثير، وكان استخدام الكوابح مرعبا للغاية، وخصوصا عند المنعطفات الحادة، وقد تغلبت “بيرتا” على مشكلة الكوابح بتغطيتها بالجلد عند إسكافي على الطريق، وكانت “بيرتا” تضطر لإصلاح بعض الأعطال التي تواجهها أثناء القيادة، ومع حلول الظلام وصلت “بيرتا” أخيرا إلى منزل والديها، وقطعت المسافة في 12 ساعة، وهو ما لم تكن عربات الخيول تستطيعه.

كان الإنجاز الأكبر لهذه الرحلة هو متابعة الناس لها أثناء الطريق وانتشار هذا الحدث الهائل على وسائل الإعلام، وهو ما حقق دعاية وتسويقا فشل “بنز” في تحقيقه، وبذا كانت “بيرتا” هي أول سائقة أنثى، وأول مسوِّق لهذا الاختراع الجديد، وأول من آمن بقدرات اختراع زوجها، وأول من قطع هذه المسافة الكبيرة في يوم واحد، وبعربة آلية. غيّرت هذه الرحلة حياة آل “بنز”، وغيّرت مستقبلنا أيضا.

لطالما اشتهر ثوماس أديسون بصنع المصباح الكهربائي لكنه هو أيضا صاحب اختراع أول بطارية كهربائية

 

“توماس إديسون”.. ثورة المحرك الكهربائي وتكنولوجيا البطاريات

غزت العربات الأسواق، وعدل كثير من المصنعين عن محرك بنز البترولي، ففي عام 1900 كان ثلث السيارات يعمل بالبطارية، كانت السرعة ما زالت بطيئة لا تجاوز 37 كم/ساعة، ولكنها على كل حال أسرع من عربات الخيول. بيد أن شحن البطاريات كان هو التحدي، فالكهرباء غير متوفرة على نطاق واسع، وعملية الشحن تستغرق وقتا طويلا، وتخزين البطارية قليل جدا، وهنا ظهر المخترع “توماس إديسون”.

اخترع “إديسون” في 1901 بطارية النيكل والحديد التي كانت تكفي لـ160 كيلومترا، لكنها كانت مكلفة للغاية، مما جعله يعدل عن الفكرة، وانتظر الناس 100 عام أخرى، حتى تعود البطارية من جديد. في هذه الأثناء بزغ نجم جديد في سماء محرك الاحتراق الداخلي، وهو بالمناسبة تلميذ “إديسون”، إنه “هنري فورد”.

قبل أن ينقضي القرن الـ19، كانت نيويورك المدينة الأسرع نموا في العالم، وارتفع عدد سكانها من 60 ألفا إلى ثلاثة ملايين إنسان خلال 100 عام، وبدأت ناطحات السحاب بالظهور وتدفق إليها المهاجرون من أوروبا، ورافق ذلك ازدياد عدد الخيول إلى 200 ألف حصان، مما أدى إلى تراكم الروث والأوساخ في الشوارع على شكل تلال، وأدى ذلك إلى حدوث الأمراض والوفيات.

تمكن “هنري فورد” من إنقاذ مدينة نيويورك والمدن الصناعية من معضلة روث الأحصنة بصناعته لسيارة رخيصة

 

“هنري فورد”.. سيارة اقتصادية لكل مواطن

كانت فكرة “فورد” أن السيارة يجب أن تكون في متناول الجميع، وليس الأثرياء فقط، ولذا أعمل عقله في حلول تجعل إنتاج السيارة اقتصاديا ورخيصا، وقد بدأ بسيارة صنعها بنفسه في حديقة منزله، وبعد ثلاث سنوات صنع سيارة أخرى بأربع عجلات وأسطوانتين تعملان بالإيثانول، وبعدها انهال عليه المستثمرون وأنشأوا له مصنعا، وأعاد النظر في المحرك، وتخلص من الكثير من القطع غير الضرورية.

الخطوة التالية كانت خط الإنتاج، حيث راهن “فورد” على إنتاج أكبر عدد من قطع الغيار والسيارات حتى ينخفض السعر، واستوحى الفكرة من مسلخ العجول، حيث رأى الجزارين كل منهم يعمل عملا بسيطا محددا، وبذا يكون الإنتاج عاليا. في 1909 بدأ إنتاج موديل (T)، وصنعت منه 10 آلاف سيارة بسعر 825 دولارا للواحدة، ثم انخفض بمعدل 300 دولار في 1913.

صارت سيارة “فورد” تباع بأقل من ثلث تكلفتها الأصلية، ففي الوقت الذي كانت فيه الكاديلاك تباع بـ4000 دولار، استطاع “فورد” أن يبيع سيارته بـ250 دولارا فقط، وأنتج أكثر من 16 مليون سيارة (T)، وتخلصت شوارع نيويورك من الخيول وروثها تماما، ونشأت تجارة رائجة لإكسسوارات السيارات وقطعها، وتحسنت البنية التحتية من طرق ومحطات وقود، وفتحت السيارة أسواقا لم يتخيلها أحد.

تطورت صناعة السيارات حتى أصبحت ذاتية القيادة متصلة بالأقمار الصناعية.. والمستقبل قادم

 

تعاضد الذكاء الصناعي وثورة الغرافين.. عالم السيارات الجديد

غيّرت السيارة معالم الكون وأولويات البشر، وظهرت تحديات كبيرة لم يتخيلها الإنسان من قبل كالتلوث، فسيارات اليوم تنتج أكثر من 5 مليارات طن متري من ثاني أكسيد الكربون سنويا، ولذا عاد الناس يفكرون ببطارية “إديسون”، وعاد تطوير البطاريات وتحسين نوعيتها إلى الواجهة، فاستخدم الناس “أيونا ليثيوم” التي يتجاوز مداها 480 كيلومترا لكن شحنها يحتاج إلى ساعات، والمطلوب تخفيض مدة الشحن.

كان الحل في قلم الرصاص المصنوع من الغرافيت، وتتمتع هذه المادة بإيصالية عالية للكهرباء، خصوصا عندما تبقى منها طبقة واحدة تسمى “الغرافين”، وقد طوّر عالمان من جامعة مانشستر طبقة واحدة رقيقة جدا من هذه المادة، وأثبتا نجاعتها في تخزين وإيصال الكهرباء، ولكن إنتاج كميات اقتصادية منها احتاج إلى تدخل الكيميائيين.

اكتشف “ريتشارد” وطالب الدكتوراه ماهر القاضي أنهما يستطيعان إنتاج طبقة من الغرافين بمعالجة الغرافيت بشعاع الليزر، ونجحت التجارب، وأنتجا رقائق من الغرافين تحتفظ بشحنة معقولة. وتساعد خصائص هذه المادة على مزجها بمكونات هيكل السيارة، بحيث تتحول المركبة كلها إلى بطارية، إضافة إلى السرعة الهائلة في الشحن، وهي مادة متحللة، أي أنها صديقة للبيئة كذلك.

وعندما يتعاضد الذكاء الصناعي مع ثورة الغرافين تكون قد حلّت ثورة إعجازية في صناعة السيارات ذاتية القيادة، ويصبح بمقدور الإنسان أن يستريح من القيادة، وبدلا من ذلك يسترخي أو يستغل وقته في العمل، وقد تصبح السيارة نفسها غرفة اجتماعات أو صالة استقبال للضيوف، وستكون وسيلة لنقل البضائع والأشخاص دون الحاجة إلى السائقين.