كرة القدم.. ساحرة وُلدت في الشرق وسطع نجمها في الغرب

يونس مسكين

يحترف متعتَها قرابة 250 مليون لاعب عبر العالم، ويحمل شغفَها قرابة المليار ونصف مليار إنسان. هي أكثر ما يهم الإنسان الحديث، رغم مشاكله الوجودية الكبرى مع الطبيعة وضرورات البقاء.

تصل الحيرة بالمؤرخين إلى التذبذب في تحديد تاريخ نشأتها بين آلاف السنين قبل الميلاد ومنتصف القرن الـ19. هي اليوم إمبراطورية مالية واقتصادية لا تضاهيها إلا إمبراطوريات النفط والذهب والتكنولوجيا الحديثة. يكمن سحرها في بساطتها: جسم كروي الشكل تتقاذفه الأرجل فوق رقعة محددة لتحاول إيصاله إلى نقطة معينة هي المرمى.

 

وأيا كانت رقعة ولادتها الأولى، فقد خرجت لعبة كرة القدم المعاصرة إلى الوجود من ملاعب الجامعات الإنجليزية العريقة تتقدمها كامبريدج التي وضعت أولى قواعد اللعبة في أربعينيات القرن الـ19. وبعد مخاض عسير ولدت كرة القدم من رحم النزاع على استعمال اليدين من عدمه، لتصبح لعبة مستقلة عن لعبة “الريغبي”.

“كو جو”.. لعبة الصين القديمة

تختلف لعبة كرة القدم كما هي شائعة اليوم عن جميع أشكال اللعب الجماعي بواسطة جسم كروي الشكل التي عرفها تاريخ البشر قبل القرن الـ19. إلا أن تلك الألعاب القديمة تظل أصلا ثابتا لهذا الشكل من اللعب الفرجوي الذي يتسيّد المشهد العام حاليا.

وتعيد بعض المصادر أصل لعبة كرة القدة الشهيرة حاليا إلى ما قبل الميلاد، وتصل بعض التقديرات عن نشأة اللعبة إلى قرابة 2500 سنة قبل الميلاد، حيث ظهرت فنون التباري باستعمال جسم كروي الشكل وباستعمال القدمين في اللعب في الحضارات الصينية واليونانية والرومانية القديمة، وكانت قواعد اللعب والمكافأة والعقاب تختلف من سياق حضاري إلى آخر.

عرفت كرة القدم في الصين في القرن الثالث قبل الميلاد وكانت تدعى “كو جو”

 

وتتحدث بعض المصادر عن آثار واضحة للعبة صينية بكرة القدم في القرن الثالث قبل الميلاد تدعى “كو جو”، وهي العبارة الصينية التي تعني “الكرة الجلدية”. ووفقا لوثائق الاتحاد الدولي لكرة القدم، فإن اللعبة كانت عبارة عن تدريب رياضي خاص بالجنود، تماما كما تشير مصادر تاريخية أخرى الى ممارسة مشابهة لدى الرومان.

وكانت رياضة الـ”كو جو” الصينية تمارس باستعمال القدمين فقط، دون إمكانية استعمال اليدين، وكان كل فريق يضم 12 لاعبا، فيما يقع المرمى في مكان مرتفع.

وتفيد آثار تعود إلى حضارة الصين القديمة، بأن الأمر يتعلق بنوع من التدريب الرياضي للعسكريين، حيث كان الجنود الصينيون يمارسون تدريبا رياضيا من خلال استعمال جلد حيوان بعد ملئه بالريش أو الشعر يتقاذفه فريقان متنافسان، مع توفر كل منهما على مرمى يجب على الخصم أن يحاول بلوغه[1].

تلاتشي.. رياضة حضارات الآزتك والمايا

عَرفت حضارة الآزتك المكسيكية القديمة بدورها رياضة مماثلة تدعى “تلاتشي”، كان المتنافسون يمارسونها باستعمال حجر مكسو بالصمغ، حيث كان هذا الجسم يُختار بعناية ليكون مستدير الشكل، ويُستعمل عبر قذفه نحو هدف يجب بلوغه بدقة[2].

وتشير أبحاث علمية تاريخية إلى أن مناطق واسعة في أمريكا الوسطى والجنوبية عرفت رياضات شبيهة بكرة القدم قبل زمن طويل من “اكتشافها” من طرف كريستوف كولومبوس، ومن أشهر هذه الرياضات لعبة كانت تُمارس باستعمال كرة مكونة من مستخلصات أوراق الأشجار.

وتشير الأبحاث الأثرية التي جرت في مناطق انتشار حضارات مثل الآزتك والمايا، إلى انتشار واسع للعبة تعتمد كرة كان وزنها يبلغ أكثر من 7 كيلوغرامات، وتَبين من الدراسات وجود آثار لمئات من المواقع التي يرجح أنها كانت ملاعب خاصة بممارسة هذه الرياضة[3].

 

ومما تُبيّنه بعض هذه الدراسات، أن ممارسي اللعبة القدامى في هذه الحضارات كانوا يعتمدون الأجزاء السفلى من الجسم فقط، دون اليدين. ونظرا للوزن الثقيل للكرة، فإنها كثيرا ما كانت تُخلف إصابات خطيرة، خاصة عندما تصدم رأس أحد اللاعبين. أما اللاعب الذي يفلح في التسجيل في مرمى الخصم، فكان يُحتفى به كما لو كان بطلا في معركة قتال[4].

وكما هو الحال في حضارات شرقية أخرى، تشير نتائج أبحاث علمية في منطقة أمريكا الوسطى، إلى أن مباريات شبيهة بلعبة كرة القدم كانت تنظم من طرف بعض الملوك، كحل بديل عن الحرب بين بعض القبائل، حيث يتم الاحتكام إلى نتيجة المباراة لفض الخلاف. وتذهب بعض المصادر إلى القول إن الخاسر في هذه المباراة كان يقتل[5].

لكن الانتشار الأوسع لهذه اللعبة يعود إلى القرون الوسطى في أوروبا، حيث كان القرويون والفقراء يلعبون بأقدامهم في مقابل ممارسة الأرستقراطيين للعبة مشابهة راكبين فوق الخيول.. فكيف تطورت اللعبة لتصبح في شكلها الحالي؟ هذه قصة تستحق أن تروى.

مثانة خنزير.. كرة القدامى

يرتبط تاريخ رياضة كرة القدم بشكل كبير بتاريخ الأداة التي تُستعمل في ممارستها، أي ذلك الجسم الكروي الممتلئ بالهواء. فالمصادر التاريخية حافلة بالآثار التي تدل على استخدام جسم معين في المنافسة والبلوغ به إلى هدف معين، وذلك على مدى قرون طويلة.

أبرز تطوّر وقع في تاريخ لعبة المنافسة باستعمال جسم مستدير الشكل، كان عندما بات هذا الجسم يقبل الارتداد عندما يصطدم بالأرض، حيث تم الشروع في استعمال مواد شبيهة بالمطاط، وذلك تحديدا في بدايات العصور الوسطى. وكان من أول ما استُعمل في هذا الإطار مثانة حيوان الخنزير التي كانت تستخدم ككرة بعد نفخها بالهواء، لتصبح موضوعا لتنافس محموم بين الفريقين، خاصة في منافسات الـ”كالشيو”، وهي الرياضة الإيطالية الشهيرة في هذا المجال.

 

ومع تطور اللعبة، ظهرت الحاجة إلى جسم ينتفخ بالهواء حتى يكون قابلا للارتداد، لكنه يمتلئ بجسم صلب إلى جانب الهواء حتى يتحمل قوة الضربات، وهنا تمت الاستعانة بقطعة من الجلد تكسو العضو المستدير المستخرج من جسم الخنزير، لتصبح الكرة المستخدمة في اللعب أكثر صلابة. وأصبح هذا المبدأ قاعدة عامة شملت الكرات المستعملة في ممارسة معظم الرياضات الجماعية مثل الريغبي والسلة واليد.

ويعود أقدم نموذج كرة بدائية تم الاحتفاظ به إلى نحو 450 سنة مضت، حيث عُثر عليها ضمن أغراض الملكة الأسكتلندية ماري ستيوارت، والتي تقول المصادر التاريخية إنها كانت تلقي بالكرة من نافذة غرفتها لتؤذِن بانطلاق مباراة رياضية بين الجنود[6].

الأبيض والأسود لكرة القدم.. لون فارق فوق المروج الخضراء

مع تطور تحكم الإنسان في مادة المطاط أواسط القرن الـ19، عُوضت المثانة الحيوانية الطبيعية بمادة مصنعة من المطاط، وهو ما سمح ببلوغ شكل مستدير تماما لم يكن العضو المستخرج من جسم الخنزير يوفره. وراح شكل الأداة الكروية يتطور تدريجيا مع تطور المستوى التقني للصناعة ورغبات الانسان من وراء ممارسة هذه الرياضة.

وتطور لون الكرة من البني في السابق -وهو لون الجلد الطبيعي- إلى اللون الأبيض، حيث يعيد الاتحاد الدولي لكرة القدم ظهور أول كرة قدم بيضاء اللون إلى البرازيل عام 1923، فقد كان العمال بحاجة إلى اللعب ليلا، وهو ما لم يكن ممكنا باستعمال كرة بنية اللون لصعوبة رؤيتها في الظلام.

مع بداية النقل التلفزي لمباريات كرة القدم، كان من الضروري جعل كرة القدم بيضاء حتى يمكن تصويرها بوضوح

 

وزادت الحاجة إلى الكرة البيضاء مع بداية النقل التلفزي لمباريات كرة القدم، حيث كان من الضروري جعل لون الكرة أبيض حتى يمكن تصويرها بوضوح فوق العشب الأخضر، في وقت كان التلفزيون يبث باللونين الأبيض والأسود فقط، وهو ما يعني ضرورة وجود اختلاف كبير بين لوني العشب والكرة. ومع ظهور حاجة جديدة لتمييز لون الكرة عن القوائم البيضاء للمرمى، تم الاهتداء إلى فكرة استعمال كرة باللونين الأبيض والأسود[7].

وفيما كان المرمى الذي يتجه نحوه لاعبو كرة القدم يتغير عبر الزمان والمكان، فإن الثابت ظل هو وجود نقطة ينبغي على الفريق أن يوصل إليها الكرة كي يفوز.

وبقي شكل المرمى مقتصرا على وضع عمودين يربط بينهما أحيانا عمود أفقي من الطرف العلوي، قبل أن يُشرع في استعمال الشِّباك سنة 1925. وبينما تأرجح عدد لاعبي كل فريق طويلا بين 10 و12 لاعبا، تقرر بشكل نهائي حصر عددهم في 11، وذلك ابتداء من سنة 1897. وفيما كان حارس المرمى يستطيع لمس الكرة بيديه في كامل مساحة الملعب، بات هذا الأمر محصورا في منطقة الجزاء ابتداء من العام 1912[8].

تنفيس العنف.. من رياضة قاسية إلى فرجة مسلية

كانت هذه الرياضة تتسم بقدر كبير من العنف، حيث كان الفريقان يتصارعان بقوة ولا يكفان عن اللعب إلا عندما يتعرض جميع المشاركين لإصابات تمنعهم من مواصلة اللعب أو عندما تنفجر أداة اللعب -أي الكرة المنتفخة بالهواء- جراء قوة الضربات التي تتعرض لها من طرف اللاعبين.

في المقابل، كانت كرة القدم في أربعينيات وخمسينيات القرن الـ19 أداة في يد مدبري الجامعات والمدارس الخاصة لتهذيب سلوك الطلبة وتصريف طاقتهم العنيفة بطريقة سلمية، مع الحفاظ على روح الشجاعة والإقدام والاعتزاز بالقوة لديهم. ويواصل خريجو هذه المدارس ممارسة لعبتهم المفضلة حتى بعد تخرجهم، وهم الذين كانوا وراء تأسيس اتحاد لأندية كرة القدم سنة 1863 بهدف توحيد قواعد اللعبة. وبعد مخاض عسير نتيجة ظهور خلاف حاد بين دعاة الاقتصار على اللعب بالقدمين والمصرين على استعمال اليدين أيضا، وقع “انشقاق” تاريخي عن لعبة الريغبي، لتولد لعبة كرة القدم الحديثة[9].

تطور اللعبة.. قواعد موحدة وأندية محترفة

بدأ تطوير لعبة كرة القدم وتخصيصها بقواعد جديدة داخل بعض الأندية الجامعية البريطانية أواسط القرن الـ19، وتشير الوثائق التاريخية الخاصة بجامعة كامبريدج مثلا الى عناصر أولية لوضع قواعد خاصة بهذه اللعبة اعتمدها النادي الخاص بالجامعة سنة 1848، حيث كان استعمال اليد ممكنا في اللعب[10].

 

ويؤرَّخ لأول مباراة رسمية في كرة القدم بين أندية مختلفة في العام 1860، حيث واجه فريق “شيفيلد” نادي “هالام”، وكان تعداد لاعبي كل فريق 16 لاعبا. ويعود أصل تحديد مدة مباراة كرة القدم إلى اللقاء الذي جمع بين ناديي “لندن” و”شيفيلد” سنة 1866. لكن كرة القدم لم تصبح رياضة احترافية إلا عام 1885، تتويجا لمسار انطلق عام 1872 بتنظيم مواجهات بين أندية بريطانية وأخرى دولية أولها مباراة بريطانيا وأسكتلندا[11].

ويعني دخول رياضة كرة القدم مرحلة الاحتراف، ظهور صنف جديد من اللاعبين يتلقون رواتبهم مقابل تفرغهم الكامل لممارسة هذه اللعبة، بينما تحولت الأندية إلى شركات ربحية تمتلك ملاعبها ومرافقها الخاصة. ووجد هذا النموذج الاحترافي الجديد فرصته الكاملة مع التطور الصناعي الذي شهدته بريطانيا، وإحداث ما يعرف بـ”السبت الإنجليزي”، أي عطلة نهاية الأسبوع التي يتوقف فيها العمل، ليتجه العمال بشكل جماعي نحو الملاعب لمشاهدة المباريات عصر كل يوم سبت من الأسبوع[12].

عولمة الكرة.. بريطانيا تفرض اللعبة على جميع مستعمراتها

على غرار نشأة وتطوّر لعبة كرة القدم في صيغتها الحديثة، كان انتشار اللعبة عبر العالم اختصاصا بريطانيا، حيث كانت الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس تُدخل طقوس لعب كرة القدم في جميع مستعمراتها، من آسيا إلى أمريكا اللاتينية مرورا بأفريقيا. وتعتبر دول مثل هولندا والدانمارك وبلجيكا من أوائل البلدان الأوروبية التي ظهرت فيها لعبة كرة القدم بعد بريطانيا.

وشهدت اللعبة طفرات عديدة في مسار تطورها، من بينها تحوّلها من لعبة مراوغة (dribbling game) إلى لعبة تمرير (passing game). فطريقة اللعب القديمة كانت تقوم على احتفاظ لاعب بالكرة ومحاولته مراوغة لاعبي الفريق الخصم الى غاية بلوغه المرمى، وحين يخسر الكرة يقوم لاعب من الفريق الخصم بالمحاولة نفسها.

مع تقدم الزمن، تم تحديد أبعاد الملعب ووضع قوانين تحكم حركة اللاعبين فيه بما يجوز وما لا يجوز لهم

 

فيما أصبح أحد التحولات التي عرفتها اللعبة أواسط القرن 19 أن باتت تعتمد على التمرير بين لاعبي الفريق الواحد. وكان الأسكتلنديون وراء هذا التحول، حيث اعتمدت عليه أنديتهم أول الأمر، ثم جرى تعميمه، خاصة حين فاز المنتخب الأسكتلندي على نظيره البريطاني بـ7 أهداف مقابل هدفين سنة 1878[13].

وقد تأسس الاتحاد الدولي لكرة القدم سنة 1904 في العاصمة الفرنسية باريس، حيث بات الدور الفرنسي حيويا في تطوّر اللعبة، وعلى يد الفرنسيين الذين كانوا يتولون رئاسة الاتحاد، جرى تنظيم أول بطولة لكأس العالم سنة 1930 في الأروغواي. عرفت تلك الدورة مشاركة 13 منتخبا وآل الفوز بها إلى البلد المنظم، الأوروغواي، والذي يعتبر أول من فاز ببطولة كأس العالم لكرة القدم بعد انتصاره على الفريق الإنجليزي بأربعة أهداف لهدفين[14].

الأكثر شعبية.. ساحرة وحّدت الأمم والأيدولوجيات

هي اليوم الرياضة الأكثر شعبية في العالم، والأقل كلفة أيضا. فكل ما يحتاجه المرء هو كرة قابلة للتدحرج والارتداد ومكان منبسط، سواء أكان ملعبا مهيأ لهذه الغاية أم قارعة طريق أم ساحة عمومية أم مكانا متربا.. لتكون الظروف صالحة للعب والفرجة.

لم تكن لعبة كرة القدم يوما بعيدة عن السياسة وحساباتها، فقد راهن عليها كثير من القادة السياسيين المستبدين لتحقيق الإجماع وتعبئة الجمهور من حولهم، كما كان الحال مع موسوليني في إيطاليا، كما كانت أندية كرة القدم أول ما بدأ به هتلر في حربه المبكرة ضد النخب اليهودية في مواقع القيادة والتسيير.

نادي “سبارتاك موسكو” العمالي أحد اشهر فرق كرة القدم الروسية من الطبقة الشعبية

 

وبينما حاول الاتحاد السوفياتي طويلا البقاء خارج دائرة الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره منظمة بورجوازية تستخف بالشعوب، فإن اللعبة تحولت إلى رياضة شعبية، وباتت مباريات نادي “سبارتاك موسكو” العمالي ضد فريق “دينامو موسكو” المقرب من الشرطة السياسية السوفياتية؛ من أهم لحظات الفرجة والتعبئة الشعبيين، ليلتحق الاتحاد السوفياتي أخيرا بالـ”فيفا” بعد الحرب العالمية الثانية.

وسواء اعتُبِرت رياضة البرجوازيين المالكين للأندية ومعها رقاب اللاعبين والجمهور، أو نُظر إليها على أنها رياضة شعبية تحمل كبرياء وغضب الجماهير، فإن اللعبة تعرضت للتوظيف والاستغلال من جميع الأطراف[15].

 

المصادر

[1] https://f2.quomodo.com/443FE81B/uploads/1626/histoire%20du%20ballon%20de%20football.pdf
[2] https://f2.quomodo.com/443FE81B/uploads/1626/histoire%20du%20ballon%20de%20football.pdf
[3] https://www.nationalgeographic.fr/histoire/quelles-sont-les-origines-du-football-larcheologie-au-service-du-sport
[4] https://www.nationalgeographic.fr/histoire/quelles-sont-les-origines-du-football-larcheologie-au-service-du-sport
[5] https://www.nationalgeographic.fr/histoire/quelles-sont-les-origines-du-football-larcheologie-au-service-du-sport
[6] https://f2.quomodo.com/443FE81B/uploads/1626/histoire%20du%20ballon%20de%20football.pdf
[7] https://f2.quomodo.com/443FE81B/uploads/1626/histoire%20du%20ballon%20de%20football.pdf
[8] https://www.sportlegnd.com/2019/07/about-fifa-History-of-football.html
[9] https://www.lhistoire.fr/la-passion-du-football
[10] https://www.techni-contact.com/guides-achat/24-quelle-est-l-histoire-du-football.html
[11] https://www.techni-contact.com/guides-achat/24-quelle-est-l-histoire-du-football.html
[12] https://www.lhistoire.fr/la-passion-du-football
[13] https://www.lequipe.fr/Coaching/Archives/Actualites/Les-origines-du-football/742550
[14] https://www.lequipe.fr/Coaching/Archives/Actualites/Les-origines-du-football/742550
[15] https://www.lhistoire.fr/la-passion-du-football