“ثق بي أنا طبيب”.. حقائق الطب وأوهام الشائعات المغلوطة

خاص-الوثائقية

سيل من المعلومات الصحية التي تتهاطل علينا يوميا من كل الجهات والشبكة العنكبوتية ومواقع التواصل والرسائل على الهاتف، الكثير من هذه المعلومات مغلوطة ومتناقضة ومربكة وتتركنا في حيرة من أمرنا.
وبات من الصعب العثور على معلومة صحية موثوقة، وفيما يلي نستعرض معكم مجموعة من التساؤلات الطبية التي يثور حولها جدل كالعلاقة بين الغذاء والمزاج، وهل هناك علاج للصدفية وألزهايمر، وكيف نوقف بكاء أطفالنا ليلا، وهل لبس العدسات الطبية أثناء السباحة آمن على العين.. وهي أسئلة يبحثها فيلم “الحقيقة والأوهام في الأخبار الطبية” الذي جاء ضمن سلسلة “ثق بي.. أنا طبيب” وبثته قناة الجزيرة الوثائقية.

 

علاقة الغذاء والمزاج.. رسائل الدماغ والجهاز العصبي

عندما نتعب أو نتوتر، فإننا نبحث عن الأغذية المهدئة مثل الشوكولاتة، وهذا أمر منطقي لأننا ندرك بفطرتنا العلاقة بين الغذاء والمزاج، ولكن هل العلاقة بين ما نأكله وبين صحتنا النفسية هي علاقة طويلة الأمد؟

حضر الدكتور “مايكل موزي” إلى جامعة “كولدج كورك” في إيرلندا، لدراسة هذا الاحتمال، حيث يدرس الباحثون في هذه الجامعة الروابط بين الاكتئاب والغذاء، ويبحثون فيما إن كان تناول أغذية معينة يحسن المزاج.

تركز الفكرة الثورية في هذه الأبحاث على أن العلاقة بين الغذاء والمزاج تكمن داخل الجهاز الهضمي.

ويقول القائمون على الدراسة إن تريليونات من الميكروبات تعيش في الأمعاء الدقيقة، ونحن نحاول التعرف على تأثير الغذاء على تركيبة الميكروبات التي تؤثر بدورها على ما يجري في الدماغ، وأن الأمعاء الدقيقة تشبه جهاز تخمير ينتج آلاف الجزئيات التي يتسلل عدد منها إلى مجرى الدماء وتملك القدرة على التواصل مع الدماغ.

ووجدت الدراسات أن بعض أنواع البكتيريا في الجهاز الهضمي، تنتج مواد كيميائية تنقل رسائل بين الدماغ والجهاز العصبي، الأمر الذي دفع الباحثين لطرح سؤال عن إمكانية تحسين صحتنا النفسية عبر تطبيق حمية غذائية تزيد من إمكانية إنتاج البكتيريا المفيدة.

تنتج  بعض أنواع البكتيريا في الجهاز الهضمي مواد كيميائية تنقل رسائل بين الدماغ والجهاز العصبي فتقلل من التوتر

 

حمية “الحيويات النفسية”.. غلبة البكتيريا المفيدة

وطبقت حمية “الحيويات النفسية” على مجموعتين من المتطوعين، إحداهما تناولت الأغذية التي اعتادت عليها والأخرى المأكولات الغنية بالألياف، وتتكون الحمية من فئتين مختلفتين من الأغذية؛ الأولى: المعينات الحيوية، وتتضمن الأغذية المخمرة والألبان، أما الفئة الثانية فتتضمن المأكولات الغنية بالألياف التي تتغذى عليها البكتيريا المفيدة، مثل الحبوب الكاملة والبصل وغيرها.

وبعد 4 أسابيع، كانت النتيجة مبهرة، إذ تحسنت أعداد البكتيريا المفيدة في الجهاز الهضمي وانخفضت أعداد البكتيريا الضارة لدى مجموعة “الحمية المفيدة”، كما أن الحمية ساهمت في تخفيف التوتر بشكل كبير مقارنة بالمجموعة الأخرى.

وبعد هذه الدراسة، أثبت بالأدلة أن غذاءنا يؤثر على البكتيريا في أجسامنا وعلى مزاجنا، ولهذا ينبغي أن نحرص دائما على تناول الخضراوات والفواكه والحبوب الكاملة والغنية بالألياف والأغذية المخمرة ومنتجات الألبان.

تجاهل بكاء الطفل وتركه وحيدا في الغرفة هي نظرية قاسية ومؤلمة للوالدين لكنها فعالة

 

 بكاء الرضيع في الليل.. ظاهرة طبيعية ذات علاج ذاتي

تستعرض طبيبة الأطفال “غودي سينغ” ما يقوله العلم في هذا الصدد، فبكاء الطفل المتواصل يجعل الوالدين على شفير الانهيار، وهذا ما يدفعهم نحو الإنترنت للتعرف على الحلول، ولكن معظم المعلومات المتواجدة على الشبكة العنقودية مليئة بالتناقضات، ولا يعرف الوالدان هل يفترض ترك الطفل يبكي أو غير ذلك.

وعن المعلومات المتداولة والنظريات الأكثر شيوعا وانتشارا على الإنترنت، تقول طبيبة الأطفال والخبيرة في مجال النوم د. “كاثرين هيل”: إن نوم الأطفال التي تقل أعمارهم عن 12 شهرا في سرير الوالدين أو (النوم المشترك) غير مفيد وخطير، وقد يعرضهم لمتلازمة الموت المفاجئ للطفل الرضيع، ننصح بإبقاء الطفل في الغرفة نفسها، ولكن في مهد منفصل عن سرير الوالدين.

وتتابع: نظرية تجاهل بكاء الطفل وتركه وحيدا في الغرفة قاسية ومؤلمة للوالدين، ولكن هناك ما يؤيدها في العلم، لأنها تُعلم الطفل أن يهدأ بمفرده ويضعف احتمال استيقاظه في الليل، وهناك أيضا نظرية (البكاء الموجه) أي ترك الطفل يبكي لفترة محددة، ثم يعود الوالد أو الوالدة لتهدئته ثم تطول هذه المدة مع مرور الأيام ليتأكد الطفل أن بكاءه ليس مجديا وعليه التوقف عن البكاء والنوم.

وتختم الدكتورة “هيل” بقولها: هذا الأسلوب أثبت نجاحه علميا بعد مراجعة عشرات الدراسات، هذا الأسلوب لا يؤذي الأطفال بل يفيدهم، وأكدت الدراسات أنه لا يؤثر على الأطفال نفسيا ولا على تفاعلهم مع الوالدين ولا يسبب العزلة، ولا يؤثر على سلوك الطفل عندما يكبر.

تنتج الصدفية عن خلل في جهاز المناعة، فتبدأ خلايا المناعة بمهاجمة خلايا الجلد السليمة عن طريق الخطأ

 

“العقاقير الحيوية”.. علاج ثوري يقضي على الصدفية

“الصدفية” مرض مؤلم ومرهق ويؤثر على الجلد، ويعد من أكثر الأمراض شيوعا في بريطانيا، حيث يبلغ عدد المصابين به نحوا من مليون مصاب، إذ ينتج الجسم خلايا جلدية أكثر من اللازم، ثم تتراكم في بقع جلدية تسبب الحكة والألم.

فبالإضافة إلى العلاجات بالمراهم والأدوية الفموية والأشعة فوق البنفسجية التي لم تصل بعد إلى حلول جذرية ومعرفة السبب الرئيسي لمرض الصدفية، هناك أبحاث تجرى في جامعة “سالفورد” البريطانية قد تشكل خرقا لمعرفة أسباب هذا المرض والطرق المثلى لعلاجه، وللتعرف أكثر على هذا العلاج الجديد الواعد قامت الدكتورة “زوي ويليامز” بالبحث فيه.

ومؤخرا اكتشف أن الصدفية تنتج عن خلل في جهاز المناعة، حيث تبدأ خلايا المناعة بمهاجمة خلايا الجلد السليمة عن طريق الخطأ، وهذا ما يحفز الجسم لإنتاج خلايا جلدية جديدة تسبب البقع الحمراء الخشنة.

ولمحاولة معالجة هذا الخلل طور البروفسور “كريس غريفز” وفريقه في جامعة مانشستر علاجا مصمما لقطع الطريق على هذا المرض.

ويقول “غريفز” الأمر بسيط، ويشبه الحقن بالإنسولين، ولا يستغرق سوى 5 ثوان، ولا يكون الحقن في الصدفية نفسها بل في البطن أو بالجزء العلوي من الفخذ، العملية سهلة وبسيطة، وقد يتلقى المريض الحقنة كل أسبوع أو أسبوعين، وفي بعض الحالات مرة كل 3 أشهر.

وينتمي هذا العلاج إلى فئة “العقاقير الحيوية” التي تؤخذ من خلايا حية وتزرع داخل المختبر، ويستهدف أجزاء محددة من جهاز المناعة. يقول البروفيسور “غريفز”: عندما نستخدم المراهم والكريمات، فنحن نعالج ما نراه أمامنا، ولكننا الآن قادرون على معالجة السبب، كما نستطيع التحكم في المرض ومنع عودته في المستقبل.

واستخدمت إحدى المريضات هذا العلاج وشفيت بشرتها تماما بعد 5 أشهر، ولكن هذا العقار الثوري ما زال في بدايته، واعتمد عام 2016، ونتائجه كانت مبشرة خاصة لمن يعانون من الصدفية الشديدة.

يمكن للخرف أن يشخص قبل أن تظهر الأعراض الملموسة على الشخص بعشرين عاما

 

تشخيص “ألزهايمر”.. علامات الخرف والإنذار المبكر

 تشير الدراسات الحديثة إلى أن 85% من الناس يرغبون في تحذيرهم مبكرا من علامات الخرف، وهناك تقنية جديدة يجري الحديث عنها، ويأمل القائمون عليها في تسريع الإنذار المبكر قبل وقوع الداء.

وتؤكد الأبحاث أن الخرف يمكن أن يشخص قبل أن تظهر الأعراض الملموسة بعشرين عاما، فتشخيص الخرف في مرحلة مبكرة يمكن أن يساعد المرضى على الوصول للعلاج.

فما هي علامات الإنذار الخفية؟

وتجيب الدكتورة “لورا فيبس” من جمعية “بحوث ألزهايمر” في بريطانيا بالقول: إن الباحثين يهتمون بعلامات مثل طرق الكلام والمشي والنوم والنشاط ومقدار الحركة، وهناك عدة مقاييس تدل على علامات تحذيرية مبكرة لمرض ألزهايمر.

وأظهرت الدراسات أن التغييرات في النوم والكلام والذاكرة والحركة يمكن أن تشكل علامات مبكرة على الإصابة بالخرف وهذا ما دفع جمعية “بحوث ألزهايمر” إلى دراسة دور التكنولوجيا في رصد تلك الأعراض، ومن الوسائل الواعدة في هذا المجال جهاز كالساعة يرتدى في المعصم.

يسجل هذا الجهاز نبضات القلب والنشاط الحركي وأنماط النوم التي تشكل التغييرات فيها علامات تحذيرية مبكرة، ويتصل هذا الجهاز بتطبيق عبر الهاتف المحمول.

تقول المسؤولة عن تطوير هذا الجهاز: إن نبضات القلب تساعد على معرفة الأوقات التي تكون فيها منزعجا دون أن تتحرك، كما أن اضطراب النوم يدل على وجود خلل معين، والأهم من كل ذلك هو التسجيلات الصوتية والمرئية التي يطلب من الشخص تسجيلها.

وتشخيص الخرف عملية معقدة وإذا واجهت صعوبة في تأدية مهامك فلا تخف، فهناك أسباب كثيرة لذلك، ويمكن أن تشكل مظاهر عادية للتقدم في السن.

يمكن لليوغا أن تكون بديلا للتمرينات الشاقة التي تحفز القلب على ضخ الكثير من الدماء

 

تمارين اليوغا.. بديل الرياضات الهوائية لمرضى القلب

من المؤكد أن التمرينات مفيدة في حالات ارتفاع ضغط الدم التي تعد عاملا رئيسا في نصف السكتات القلبية والجلطات التي يصاب بها الأشخاص.

وتنصح هيئات الخدمات الصحية بإجراء تمرينات هوائية لمدة لا تقل عن ساعتين ونصف الساعة أسبوعيا لتنشيط القلب وهذا يشمل الجري والمشي السريع وركوب الدراجات والسباحة، كما أن اليوغا -بحسب بعض الدراسات- قادرة على تخفيض ضغط الدم كما تفعل التمرينات الهوائية.

وللتأكد مما إذا كانت اليوغا -التي هي بالأصل رياضة روحية- يمكن أن تكون فعلا بديلا للتمرينات الشاقة التي تحفز القلب على ضخ الكثير من الدماء وبالتالي خفض ضغط الدم؛ أجريت دراسة عملية على عدد من المتطوعين الذي يعانون من ضغط الدم، وبعد ثلاثة أسابيع من ممارسة اليوغا، انخفض ضغط الدم عندهم بنسبة تناهز تلك التي تنتج عن التمرينات الهوائية، كما تحسنت لديهم الصحة النفسية وتراجع القلق وانخفض الاكتئاب.

ويشرح البروفسور “سان جي كيرنار” من جامعة لندن أسباب ذلك بالقول: اليوغا تعمل على تهدئة الجسم وتركز على الشرايين بدلا من القلب نفسه كما تفعل التمرينات الرياضية، والأفضل ممارسة اليوغا والرياضة لمن يستطع إليهما سبيلا.

في الخلاصة إن لم تكن التمارين الهوائية مناسبة لك فاليوغا قد تكون بديلا ممتازا.

عند وضع العدسات اللاصقة فإن آلية تنظيف العين التلقائية من قبل الرمش والدموع  تتوقف

 

التهاب العين وفساد القرنية.. أضرار العدسات اللاصقة

يستخدم العدسات اللاصقة 4 ملايين شخص في بريطانيا، لكن خُمسهم فقط يستخدمونها على نحو آمن ولا يخلو الماء من المخاطر.

يقول البروفسور “فيليب مورغن” رئيس قسم البصريات في جامعة مانشستر: إن تنظيف الجزء الأمامي من العين يعتمد على حركة الرمشين والدموع، وعندما نضع العدسات اللاصقة فإن هذه الآلية تتوقف، وهذا يزيد من احتمالات إصابة الأشخاص الذين يرتدون العدسات اللاصقة بالالتهابات.

ويتابع: من يشعر أن نظره يتضرر أو خشي من أي ألم أو انزعاج في عينه أو أن عينه حمراء، فهذا يعني أن لديه علامات تحذيرية مبكرة، وعليه استشارة الطبيب ليتأكد من أن كل شيء على ما يرام.

فبعض الحالات أفضت إلى أن يخسر الشخص قرنيته ويفقد بصره، بسبب جزيئات موجودة في المياه استطاعت التسلل عبر العدسات اللاصقة إلى داخل العين، ولذلك علينا عدم ارتداء العدسات اللاصقة أبدا أثناء السباحة أو الاستحمام.

أثبت البحوث أن أملاح البحر والصخر والهيمالايا لا تفيد في خفض ضغط الدم

 

أملاح البحر والصخر والهيمالايا.. كلفة عالية ونتائج منخفضة

الملح جزء أساسي من غذائنا، فنحن نحتاج إلى الصوديوم -المكون الرئيس للملح- لنقل الإشارات العصبية من وإلى الدماغ وأيضا لتقوية العضلات، ولكن استهلاك كمية كبيرة منه يؤدي لرفع ضغط الدم، ولهذا يوصى باستخدام 6 غرامات منه يوميا للشخص البالغ.

وبعد دراسات أجريت على أملاح البحر والملح الصخري وملح الهيمالايا الوردي، أثبت أنها لا تفيد في خفض ضغط الدم، وفيها أيضا ضرر خفي يكمن في أنها -على عكس ملح الطعام- لا تذوب بسرعة، لأن حبيباتها خشنة وكبيرة ولا تعطي طعم الملوحة بشكل سريع كما يفعل ملح الطعام ذو الحبيبات الصغيرة، ولهذا يضطر الشخص لاستخدام كميات كبيرة من أملاح البحر والصخري والهيمالايا الوردي للحصول على طعام مالح.

وفي الخلاصة، يبقى الملح ملحا، ولا يغرنك لون وشكل ملح البحر أو الهيمالايا لأنه “ليس مفيدا لضغط الدم ولا لمحفظتك”.

تشير الدراسات إلى أن رقص الباليه قد يكون أحد الأساليب التي تساعد في التخفيف من أعراض مرض “باركينسون”

 

رقص الباليه.. حركات متناغمة لعلاج الأمراض

يعاني نصف مليون شخص من انتكاسات دماغية تحد من قدرتهم على الحركة، وتوصلت دراسات أجريت على مرض “باركينسون”، أن هناك طريقة غير متوقعة للمساعدة في التعامل مع الأعراض.

وتشير الدراسات إلى أن رقص الباليه قد يكون أحد الأساليب التي تساعد في التخفيف من أعراض هذا المرض، وتركز حصة الرقص على حركات معينة أثبتت الدراسات أنها تخفف من الأعراض.

التأثير الإيجابي للرقص على مرضى “باركينسون” شجع الباحثين على التفكير في أمراض عصبية كالخرف والتصلب المتعدد، فالحركة المتناغمة في الباليه تساعد على التخفيف من بعض أعراض الأمراض العصبية، وإذا كنت تشعر بهذه الأعراض فليس من الضروري أن تكون راقصا محترفا لتشعر بالفرق.