طبقات الأرض.. إبحار الجيولوجيا في العوالم السرية لكوكبنا الأم

لعلّنا أمضينا وقتا طويلا نختلس النظر إلى الأعلى، ونتأمل حركة النجوم والكواكب وهي تجوب السماء من الشرق إلى الغرب في مشهد اعتاد الإنسان على رؤيته، ثمّ إنّا سعينا في تسخير علومنا لتنمية قدراتنا على التنقل والحركة، وكانت الغاية دوما هي السعي وراء القمر، وأن تطأ أقدامنا أوّل جرم سماوي يزيّن سماءنا. ولم يتحقق ذلك إلا قبل عقود قليلة مع هبوط أول بعثة بشرية على سطحه، وأيّ إنجاز هذا ليحتفي به الإنسان في القرن العشرين.

ومع انقضاء مهمتنا على القمر، وفي لحظة استعداد مركبتنا الفضائية للعودة، ظهر كوكبنا الأرض من على مسافة شاسعة بتوهج أزرق وسط حلكة الكون، لا يقلّ تلألؤا عن بقية النجوم التي حوطته من كل حدب وصوب. ولطالما كان المستقر والمنشأ، حيث ينتمي إلى هذا الحيز المكاني الصغير من الكون جميع أشكال الحياة التي نعرفها بلا استثناء.

وعلى الرغم من أن العلاقة التي تربطنا بالأرض وثيقة للغاية، فلم يتسن للإنسان رؤية الصورة الكبيرة للكوكب إلا مع بدء العمل في مجال الفضاء، فحينها بدت معالم الأرض تتضح أكثر، ولعلّنا نمتلك اليوم خارطة مفصلة لتضاريس الكوكب بكافة قمم جباله وقيعان بحاره وتفرعات أنهاره. وهذا على صعيد المشهد الخارجي فحسب، أما ما استتر وتوارى خلف الغلاف الصخري للأرض، فقد كان تحديا لازم العلماء والباحثين سنين طويلة في محاولة كشف بنية الأرض وهيكلها.

ولم تكن رحلة البحث في جوف الأرض وليدة اللحظة، وإنما كانت تراكمات طويلة بُنيت على ملاحظات مرئية بحتة قبل ظهور بعض التقنيات الهندسية التي ساهمت في إغناء هذا الكنز المعرفي المستور. إضافة إلى صور الأقمار الصناعية التحليلية للتضاريس، إذ ساهمت بوضوح بإعادة تشكيل علم الجيولوجيا وتنقيحه من النظريات المغلوطة.

نشأة الجيولوجيا.. بداية الغوص العلمي في باطن الأرض

يُعرف علم الجيولوجيا بأنه لفظ مشتق من اللغة اليونانية، ويعني علم الأرض، وقد كان محل اهتمام الإنسان منذ عهد قديم تعود جذوره إلى القرن الرابع الميلادي، وكان الفيلسوف الإغريقي “أرسطو” أوّل من وضع ملاحظات حول الأرض متطرقا إلى الفروق بين طبيعتي الصخور والمعادن.

وقد برع الرومان في التعدين واستخراج المعادن من باطن الأرض، وفي النحت والبناء، حتى تمكنوا من تشييد إمبراطورية ما زالت شاهدة على قدراتهم البنائية. وقد جرى في تلك الحقبة استخدام الرخام في العمران على نطاق واسع. وينطبق ذات الأمر على المصريين القدامى وتمكنهم من استخراج الحجر الجيري وتسخيره في بناء الأهرامات وتزيينها.

وقد قسّم الجيولوجيون علم الأرض بصورة أساسية إلى قسمين:

–        الجيولوجيا الفيزيائية، وتختص بالسمات الفيزيائية للأرض والعمليات المؤثرة عليه، ويشمل ذلك دراسة البراكين والزلازل والصخور والجبال والمحيطات وغيره.

–        الجيولوجيا التاريخية، وهي دراسة تاريخ الأرض، وهنا يتناول العلماء الإرث التاريخي للأرض وما طرأ عليها عبر الحقب منذ تكوينها. كما أنهم يدرسون تغير أنماط الحياة في أثناء هذه الفترة الزمنية الطويلة.

تتكون الأرض خمس طبقات رئيسية، تتمايز فيها طبقة الوشاح إلى أربع طبقات

ومع حلول القرن السابع عشر، انتقل علم الأرض من الملاحظة النظرية إلى مضمار البحث والتنقيب والتحليل والمقارنة، إذ بدأت عملية الاستعانة بالحفريات، من أجل دراسة الأطوار التي مرّ عليها الكوكب والتغيرات والتقلبات الجيولوجية، وأيضا لتحديد عمر الأرض الذي كان سائدا حينئذ بأنه لا يتجاوز 6 آلاف عام فحسب، وقد تبيّن لاحقا خطأ هذا الادعاء، وأنّ الأرض أقدم وجودا من ذلك بكثير.

وفي القرن الثامن عشر طُرحت نظريتان رئيسيتان لشرح بعض السمات المادية للأرض، وتتناولان كيفية ظهور الصخور على السطح، وتقول إحدى النظريتين إنّ الترسبات التي رافقت المحيطات في أثناء الفيضانات أدت إلى ظهور طبقة صخرية، وأما النظرية الأخرى فتشير إلى أنّ جميع الصخور تكونت بفعل الحرارة.1

“جيمس هوتون”.. نظريات تفتح أبواب الجيولوجيا المعاصرة

لم يمض وقت طويل حتى لمع اسم عالم عبقري من بريطانيا في القرن التاسع عشر، إنه عالم الأرض الأسكتلندي “جيمس هوتون” الذي يُلقب بمؤسس علم الأرض الحديث، على الرغم من أنه لم يكن جيولوجيا. لقد ألهمت “هوتون” المزرعة التي كان يعمل فيها ومدى تأثير الرياح والأمطار والجاذبية على الأرض، فذلك ما دفعه إلى كتابة أول مؤلفاته كتاب “نظرية الأرض” الذي احتوى على نظريته في “تكوين الصخور”.

يشير “هوتون” إلى أنه في بادئ الأمر كانت ثمّة “قاعدة صخرية” (Bedrock) في قاع البحر، ثم تشكّلت عليها طبقات من الرواسب والتربة والصخور الأقل صلابة على فترات زمنية طويلة، ثمّ بفعل النشاط البركاني والزلزالي انتقلت هذه الصخور فوق الماء على هيئة يابسة، وتحت تأثير التعرية تشكلت التضاريس التي نعرفها اليوم.

ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل إنّ هذه دورة أرضية متصلة ومستمرة في الترسب والارتفاع والتعرية، وتدفعها الحرارة الجوفية للأرض وفق نظرية “هوتون”، ويؤكد على ذلك في قوله: إذا لم نجد بقايا البداية، لا أمل لنا في معرفة النهاية.2

عالم الأرض الأسكتلندي “جيمس هوتون” الذي يُلقب بمؤسس علم الأرض الحديث

ويرى “هوتون” أن الحياة تتبع نمطا طويل الأمد ومتشابها، وأنّ الآليات التي كانت تحكم الماضي في تشكيل الأرض هي ذاتها تحكم الحاضر والمستقبل، ولا يمكن إدراكها في الحاضر بسبب بطء العملية، وعليه وضع فرضيته الشهيرة “الوتيرة الواحدة”. وقد أثّرت فرضيته في العالم البريطاني “تشارلز داروين” في صياغة نظريته عن الانتقاء الطبيعي للكائنات الحية.

ومع قبول المجتمع العلمي بفرضية “الوتيرة الواحدة” بدأت جميع العلامات الجيولوجية بالترابط والتراص معا لتكوين نموذج أرضي ضخم. فقد اعتمد الجيولوجيون على ظاهرة “الطبقات الصخرية” (Strata) في تحديد الحقب الجيولوجية للأرض، وبالاستعانة بالأحافير والكربون المشع بدا الأمر مترابطا للغاية.

“بانغيا”.. نظرية الانجراف الذي مزق القارة العظمى

في عام 1912 اقترح الفلكي الألماني “ألفريد فينغر” نظريته في تشكل القارات، وهي نظرية “الانجراف القاري” (Continental Drift)، مشيرا إلى أن جميع القارات كانت تشكل قارة واحدة تُعرف بقارة “بانغيا” (Pangaea)، وتعني القارة العملاقة باليونانية القديمة، وأن اليابسة قبل نحو 360 مليون سنة كانت مجتمعة كلها في بقعة واحدة متمركزة على خط الاستواء، وأن محيطا عظيما كان يحيط بهذه اليابسة ويُعرف بمحيط “بانثالاسا” (Panthalassa).3

قبل 225 مليون سنة، يعتقد الجيولوجيون بأن قارات الأرض كانت متلاصقة معا في قارة واحدة هي “بانغيا”

وقد استشهد “فينغر” بعدد من الأدلة لإثبات نظريته، فالقارات تتلاءم معا مثل قطع الألغاز عند وضعها جنبا إلى جنب، ويمكن العثور على تشابه كبير في الصخور والأحافير على جانبي المحيطات المشتركة، فضلا عن تشابه التربة والأحزمة الجبلية.

وبسبب عجزه عن تفسير آلية حدوث ذلك، فقد قوبلت نظريته بالرفض من المجتمع العلمي إلى أن انتهت الحرب العالمية الثانية في منتصف أربعينيات القرن الماضي التي أحدثت طفرة تقنية شهدها العالم حينئذ على جميع المستويات، ومنها تقنية الرادار والسونار (الأصداء). لقد تمكن بعض الجيولوجيين من رسم خريطة لقاع أحد المحيطات وقد كشف التخطيط عن أدلة حقيقية على أن ثمّة نتوءات عظيمة أشبه بسلسة جبلية مرتفعة في قاع المحيط تُعرف علميًا بـ”حافة وسط المحيط” (Mid-Oceanic Ridges)، وهي ناتجة عن ما يُعرف بعملية “تمدد قاع البحر” (Seafloor Spreading).

نظرية الصفائح التكتونية.. تغير جذري في فهم سطح الكوكب

أدى اكتشاف النتوءات في قاع المحيط إلى تغير جذري في فهم طبيعة سطح الكوكب وما تلاه من فهم طبقات الأرض، وسريعا ما عادت نظرية الانجراف القاري إلى الواجهة ممهدة لظهور نظرية علمية أوسع، وهي “نظرية الصفائح التكتوتية”، وتصف الحركات الكبرى لغلاف الأرض الصخري.

ووفقا لما تظهره الدراسات، فإنّ ثمّة 8 صفائح كبرى، إضافة إلى صفائح تكتونية أصغر تشكل الغلاف الصخري للأرض، وهي تتحرك جميعا باستمرار، وفي لحظات كثيرة تلتقي وتصطدم ببعضها.

من قارة واحدة إلى قارات كثيرة بسبب الانجراف القاري والحركات التكتونية تحت القشرة

وانتقالا إلى تركيب بُنية الأرض، فإنّ العلماء يستندون في تقسيمهم على خاصيتين، الأولى مبنية وفقا للتركيب الكيميائي ونوع العناصر المكونة، والثانية وفقا للتركيب الميكانيكي وصلابة الصخور ومرونتها.

ويقسم التركيب الكيميائي هيكل الأرض إلى 3 طبقات هي: اللب والوشاح والقشرة. وأما التركيب الميكانيكي فيقسمها إلى 5 طبقات: اللب الداخلي واللب الخارجي والوشاح والغلاف الموري والغلاف الصخري.

اللب الداخلي.. حرارة توازي حرارة سطح الشمس

لا تختلف نواة الأرض كثيرا عن بقية أنوية الكواكب الثلاثة الأخرى الصلبة في المجموعة الشمسية (عطارد والزهرة والمريخ)، فهي ذات لب صلب من الحديد النقي عالي الكثافة يصل إلى نحو 3.6 مليون ضغط جوي، ويبلغ نصف قطره 1211 كم.

ووفقا لموقع “ناشيونال جيوغرافيك” التعليمي فإنّ حرارة اللب الداخلي مرتفعة للغاية، وتوازي حرارة سطح الشمس بدرجة حرارة تبلغ 6 آلاف درجة مئوية، وهي حرارة عالية بما يكفي لإذابة الحديد، إلا أنّه بسبب كمية الضغط الهائلة التي يشكلها جسم الكرة الأرضية على النواة، يبقى اللب الداخلي في حالة صلبة مستقرة.

ويرجّح العلماء أنّ سبب ارتفاع درجة حرارة على هذا النحو هو تحلل العناصر المشعة مثل اليورانيوم والثوريوم والبوتاسيوم في قشرة الأرض، بالإضافة إلى الحرارة المنبعثة من اللب الخارجي إلى المركز. كما يدور اللب الداخلي للأرض بنفس اتجاه دوران سطح الكوكب لكن بسرعة أعلى قليلا، إذ يُتم دورة كاملة إضافية كلّ ألف عام.4

اللب الخارجي.. عملية تصلب تهدد الغلاف المغناطيسي

يقع اللب الخارجي بين اللب الداخلي والوشاح، وتصل سماكته نحو 2200 كم، ويتكوّن من الحديد والنيكل، ولا تختلف درجة الحرارة هنا كثيرا عن سابقتها، إذ تتراوح بين 5.5-4.5 درجة مئوية، وهذا من شأنه أن يبقي الطبقة في حالة سائلة.

إلا أنّه مع مرور الوقت يتعرض باطن الأرض للبرودة تدريجيا، ويفقد حرارته لعوامل عدّة، مما يدفع اللب الخارجي إلى التبلور ثمّ الاندماج باللب الداخلي للأرض، واللب الداخلي ينمو هو الآخر على نحو مثير بنسبة مليمتر واحد في كلّ عام، وهو ما يعادل تصلّب 8820 طنا من الحديد المنصهر في كلّ ثانية.

خمس طبقات أساسية تتكون منها الأرض بحسب البحوث العلمية حتى اليوم

إن عملية تصلب اللب الخارجي تلك تساهم في إطلاق حرارة هائلة تدفع بتيارات الحمل الحراري (Convection) على الحركة (الحمل الحراري نوع من أنواع انتقال الحرارة)، وحركة التيارات اللولبية تعمل على توليد الغلاف المغناطيسي للكوكب، بعملية يُطلق عليها “جيوداينامو” (Geodynamo)، ووفقا لوكالة ناسا فإنّ القوة المغناطيسية في باطن الأرض أقوى بحوالي 50 مرّة مما هي عليه على السطح.5

وكما ذكرنا، فإنّ عملية التصلب التي تأكل من اللب الخارجي رويدا رويدا ستكتمل في يوم ما حتى يتصلّب باطن الأرض بأكمله، وحينها ستتوقف عملية توليد المجال المغناطيسي، وستفقد الأرض أعظم سماتها، وهو الغلاف المغناطيسي الذي يقي الأرض من أشعة الشمس الفتاكة، وحينها ستصبح كوكبا فاقدا للحياة، حالها كحال المريخ.

طبقة الوشاح.. مصنع الماس وكتلة الكوكب العظمى

يمثل الوشاح الطبقة الأسمك والأكبر، كما يشكل 84% من الحجم الإجمالي للكوكب بسماكة تبلغ 1800 كم. وتنخفض درجة الحرارة على نحو ملحوظ في هذه الطبقة، إذ تتراوح ما بين 3.7-1 ألف درجة مئوية. وكذا الحال بالنسبة للضغط إذ ينخفض إلى 237 ألف ضغط جوي. وبسبب الضغط الكبير تتعرض بعض الأجزاء لعملية “الانصهار الموضعي” (Localized Melting)، فتنتج عنه حركة في الصخور تحاكي تدفق الجليد في الأنهار الجليدية.

ويتكون الوشاح بشكل أساسي من المغنيسيوم والسيليكون والأكسجين وعناصر أخرى أقل مثل الحديد والألمنيوم والكالسيوم والصوديوم والبوتاسيوم. وترتبط هذه العناصر ببعضها على هيئة صخور سيليكية.6

ووفقا لمعهد الأحجار الكريمة الأمريكية (GIA)، فإنّ الماس يجري تكوينه وتشكيله في هذه الطبقة على عمق يتراوح بين 150-200 كم تحت سطح الأرض. وبواسطة الصهارة الناتجة من الأعماق بسبب العمليات التكتونية يصعد الماس إلى السطح أو بالقرب منه.7

وعلى الرغم من أنّها ليست الطبقة الأخيرة في ترتيب طبقات الأرض، فإنّ من الممكن رؤية طبقة الوشاح في بعض قيعان المحيطات العميقة، كما توجد أماكن قليلة على اليابسة تحتوي على صخور من الوشاح قد طفحت وصعدت إلى السطح بفعل النشاط التكتوني.

القشرة.. مسكن الكائنات الحية وموطن البراكين والزلازل

تمثل القشرة الطبقة الخارجية للأرض، وهي الجزء الظاهر من الكوكب، وتعيش عليها كافة الكائنات الحيّة، ويطلق عليها العلماء كذلك الغلاف الصخري (Lithosphere).

ويضم الغلاف الصخري الصفائح التكتونية التي جاء ذكرها سلفا، ويشمل القشرة وجزءا رقيقا من الوشاح العلوي، ويُعرف بـ”الغلاف المَوري” الذي يمتلك المرونة الكافية ليسمح بحركة الصفائح.

القشرة الأرضية وطبقاتها الرسوبية التي تحدد عمر الأرض

وتبلغ سماكة الغلاف الصخري نحو 32 كيلومترا وأحيانا 8 كيلومترات فقط عند بعض المسطحات المائية، وتصل أعلى درجة حرارة في أعمق نقطة نحو 500 درجة مئوية، وفي هذه الطبقة يحدث النشاط البركاني والزلزالي.8

تقسيم الطبقات.. أسرار الموجات القادمة من أعماق الأرض

يعود تاريخ أول تصنيف لطبقات الأرض إلى عصر النهضة الأوروبية في القرون الوسطى، وبالتحديد إلى العالم الإنجليزي “إسحاق نيوتن” في عام 1700. وقد اهتدى المختصون وعلماء الأرض الجيولوجيون منذ ذلك العهد إلى تقسيم منطقي للهيكل الداخلي للأرض.

وكانت إحدى طرق دراسة طبقات الأرض عن طريق تحليل الموجات الاهتزازية والموجات الصدمية الناتجة من الزلازل، وتنقسم هذه الموجات إلى قسمين: موجات رئيسية (P-wave)، وموجات ثنائية (S-waves). ويمكن لهذه الموجات الزلزالية أن تمنحنا الكثير من المعلومات عن باطن الأرض، بما في ذلك مكان وجود الغلاف الصخري والغلاف الموري.

ووفقا لجامعة كولومبيا، فثمة مراكز خاصة عدة منتشرة حول العالم تعمل على التقاط هذه الموجات وتسجيل سرعاتها بالإضافة إلى اتجاه انتقالها وما إذا كان قد حدث لها انكسار قبل وصولها. كما تنتقل الموجات الزلزالية بشكل أسرع عبر المواد ذات الكثافة العالية مثل الصخور الصلبة، وتتباطأ سرعتها في الوسط السائل.9

إنّ دراسة الفرق الزمني لحظة وصول كلّ موجة من شأنه أن يمنحنا فكرة عن طبيعة المادة وكثافتها التي عبرت خلالها الموجة في باطن الأرض. فعلى سبيل المثال، لا تستطيع الموجات الثنائية الانتقال عبر الوسط السائل، أي أنها لا يمكنها الانتقال عبر طبقة اللب الخارجي للأرض، وبالتالي فإن هذه الطبقة تُعد طبقة سائلة.

وهذا ما أفضت إليه أبحاث عالمة الزلازل الدنماركية “إنجي ليمان” بعد دراستها للموجات الصدمية (Shock Waves) الناتجة عن زلزال شديد ضرب نيوزيلاندا في عام 1929. إذ أثارت هذه الموجات حيرتها في البداية، فنمط التردد الموجي الناتج كان مختلفا، لأنه كان يوحي بأن هذه الموجات قبل ارتدادها نحو سطح الأرض، قد ارتدت بجسم صلب باللب.

وقد دفعها ذلك إلى كتابة ورقة بحثية معللة بأنّ نواة أو لب الأرض ينبغي أن يكون منقسما إلى جزئين؛ جزء سائل يحيط بجزء آخر صلب. ومنذ ذلك العام حُدّث تصنيف طبقات الأرض إلى أربع طبقات، ولكل طبقة خصائصها الميكانيكية والكيميائية.10

 

المصادر:

[1] شولت، كيمبرلي وسينا، كريستيانلي (التاريخ غير معروف). تم الاسترداد من: https://study.com/academy/lesson/what-is-geology-definition-history-facts-topics.html#:~:text=The%20history%20of%20geology%20dates,17th%20and%2018th%20centuries%2C%20respectively.

[2] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). جيمس هوتون: مؤسس الجيولوجيا الحديثة. تم الاسترداد من: https://www.amnh.org/learn-teach/curriculum-collections/earth-inside-and-out/james-hutton

[3] مينز، تيفاني (2021). ما هي الصفائح التكتونية؟. تم الاسترداد من: https://www.livescience.com/37706-what-is-plate-tectonics.html

[4] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). نواة الأرض. تم الاسترداد من: https://education.nationalgeographic.org/resource/core

[5] إريفينج، جاسيكا، وكوتار، ساني (2021). ينمو اللب الداخلي للأرض على جانب واحد أكثر من الآخر – وهذا هو سبب عدم ميل الكوكب. تم الاسترداد من: https://theconversation.com/earths-inner-core-is-growing-more-on-one-side-than-the-other-heres-why-the-planet-isnt-tipping-165266#:~:text=Today%2C%20the%20inner%20core%20continues,without%20its%20protective%20magnetic%20field.

[6] كاين، فريزر (2016). مما يتكون وشاح الأرض؟. تم الاسترداد من: https://www.universetoday.com/40229/what-is-the-earths-mantle-made-of/

[7] سميت، كارين، وشيراي، ستيفين (2018). الماس من الأعماق: كيف يتكون الماس في أعماق الأرض؟. تم الاسترداد من: https://www.gia.edu/gems-gemology/winter-2018-how-do-diamonds-form-in-the-deep-earth#:~:text=the%20deep%20earth.-,Diamonds%20Form%20from%20Fluids%20in%20the%20Mantle%20That%20Migrate%20Due,that%20move%20through%20the%20mantle.

[8] دوبريجفيتش، ديزي (2022). طبقات الأرض: استكشاف كوكبنا من الداخل والخارج. تم الاسترداد من: https://www.space.com/17777-what-is-earth-made-of.html

[9] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). دليل على بنية الأرض الداخلية وتكوينها. تم الاسترداد من: http://www.columbia.edu/~vjd1/earth_int.htm

[10] الشريف، يمان (2021). ثقوب الأرض.. طموحات الإنسان بالوصول إلى نواة الكوكب. تم الاسترداد من: https://ajmn.tv/yrnemb