أصدقاء ترامب الجدليون.. علاقات سرية مشبوهة

تبييض أموال، وتجار روس بتاريخ إجرامي يشترون شققًا فاخرة قيمتها بالملايين في نيويورك، ماس مغطى بالدماء في أفريقيا، وصينيون مجهولون يديرون مافيات في أوروبا، فتيات روسيات قاصرات تم بيعهن كالجواري على يخوت رجال أعمال أثرياء في تركيا، مستوطنون إسرائيليون يحصلون على أموال من الخارج لتمويل تطرفهم.. هذه التفاصيل وغيرها سيتعثر بها البرنامج التلفزيوني الاستقصائي الهولندي “زمبيلا” أثناء تحقيقه في قصص شركات مجهولة تفتح مكاتب بلا موظفين في أكثر مناطق مدينة أمستردام غلاء، ليقوده بحثه إلى دول عدة حول العالم ثم يصل بعدها إلى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” الذي يرتبط بشكل أو بآخر بهذه العوالم السريّة وأحيانًا الإجرامية.

 

في تحقيق يتوزع على حلقتين حمل عنوان “أصدقاء ترامب الجدليون”، يبحث البرنامج التلفزيوني الهولندي في سير بعض أصدقاء الرئيس الأمريكي، عائدًا إلى نهاية عقد الثمانينيات من القرن الماضي وبالتحديد إلى تاريخ أول زيارة لرجل الأعمال الأمريكي المعروف إلى روسيا، ثم يقفز إلى التسعينيات عندما كان ترامب يُعاني المتاعب المالية الكبيرة، وكانت شركاته تعلن عن إفلاسها بعد سنوات قليلة على إطلاقها. سيقف ترامب على قدميه وقتها بفضل أموال روسية كانت تبحث عن منافذ للاستثمار في العالم الغربي، وسيرتبط اسم مجموعة من الروس الجدليين للغاية بواحدة من الشركات التي استثمرت في بناية معروفة لترامب في مدينة نيويورك الأمريكية.

إمبراطورية ترامب المالية.. والمافيا الروسية

يبدأ البرنامج التحقيقي بمشاهد أرشيفية لترامب من حملته الإنتخابية لرئاسة الولايات المتحدة، وهو يؤكد المرة تلو الأخرى أنه لا يملك استثمارات في روسيا وأن لا أعمال لديه هناك، لكن البرنامج وضيوفه من أمريكيين وغيرهم سيلفتون الانتباه أن ترامب ربما يكون صادقًا في دعواه بأنه لا يملك مصالح تجارية في روسيا، لكن ماذا عن الروس الذين يملكون علاقات مع ترامب في الولايات المتحدة نفسها، والذين وكما يُبيّن البرنامج التحقيقي التلفزيوني لهم علاقات قديمة مع المؤسسة المالية للثري الأمريكي، بدأت قبل سنوات عديدة من وصوله إلى الرئاسة الأمريكية، وربما لا تزال متواصلة كما يقترح البرنامج التلفزيوني.

تحقق الحلقة الأولى من البرنامج بعلاقات رجال أعمال روس بإمبراطورية ترامب المالية، بعضهم ينتمي للمافيا الروسية ومطلوب من البوليس الدولي منذ سنوات، ومنهم من وصل إلى الثراء الفاحش بعد تفكك الاتحاد السوفياتي السابق وتفتت مصانعه ومؤسساته وبيعها في صفقات مريبة لرجال أعمال جدد. منهم من يملك حصصًا في بنايات في نيويورك عائدة لترامب عبر شركتهم التي تسمى “بايروك”، فهذه الشركة لها مكاتب في أمستردام، حيث تستغل تراخي النظام المالي والأمني في هولندا لإدارة أعمالها التي يحيطها الغموض. كما أن الصينيين قد دخلوا على الخط في السنوات الأخيرة، إذ يمسك بدفة هذه الشركة اليوم رجال وسيدات أعمال من الصين.

ترامب.. علاقات مشبوهة

تُخصص الحلقة الثانية من البرنامج زمنها لعلاقات ترامب برجل الأعمال الجدلي ليف لفيف،وهو اليهودي الروسي الذي هاجر إلى إسرائيل شابًا، ويُعرف اليوم بملك الماس لارتباطه بتجارة الماس في أفريقيا. يحقق البرنامج الهولندي بسيرة “لفيف” وخصوصا سجله الشائن في القارة السوداء، حيث يتم انتهاك حقوق العمال وتعذيبهم أحيانًا في مناجم الماس التي يملكها في أفريقيا، إضافة إلى سيرته التي لا تقل إشكاليّة في إسرائيل نفسها والتي تلطخها الفضائح، فهو يدعم مستوطنين متطرفين في مساعيهم للبقاء في المستوطنات غير الشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

رجل الأعمال الجدلي ليف لفيف، وهو اليهودي الروسي الذي هاجر إلى إسرائيل شابًا، والذي يُعرف اليوم بملك الماس لارتباطه بتجارة الماس في أفريقيا

وإذا كان البرنامج الهولندي لا يكشف عن الكثير من الحقائق الجديدة في بحثه، إلا أنه ومن خلال جهده الذي استمر لسنوات يضع الكثير من التفاصيل التي حصل عليها من مصادر مختلفة إلى جانب بعضها، ليكمل صورة عامة مهمة كثيرًا لفهم تعقيد العالم المعتم والغامض الذي يحاول سبر أغواره. كما أنه يُحاور مجموعة من الخبراء في المواضيع التي يتعرض لها، بعضهم ألف كتبًا عن علاقات ترامب السريّة برجال أعمال مشبوهين من روس وغيرهم.

كما ويولي البرنامج الشأن الهولندي أهمية أيضًا عبر محاولته الوصول إلى حقائق عن الشركات الغامضة التي تحجز مكاتب فخمة في هولندا، وتدير معاملاتها المالية من البلد الأوروبي دون أن تعرف الحكومة الكثير عن نشاط هذه الشركات.

لفت البرنامج الهولندي منذ عرضه أخيرًا انتباه أمريكيين كُثر بخاصة ناشطين سياسيين هناك، فتم تداول حلقتي البرنامج على نطاق واسع على مواقع الفيديو الإلكترونية، وشجع هذا التلفزيون الهولندي الرسمي إلى ترجمة البرنامج إلى اللغة الإنجليزية، والمتوافر اليوم على موقع القناة على شبكة الإنترنت. في الوقت الذي أشادت صحف هولندية وغربية بالبرنامج وذكرت بأهمية الصحافة الاستقصائية التلفزيونية، والتي تكاد تختفي من الشاشات التلفزيونية الغربية بسبب كلفتها العالية، والخوف مما يمكن أن تسببه من مشاكل قضائية للجهات المنتجة.