“غويو”.. النسر الذي هوى

يُعدّ فيلم “غويو.. الجنرال اليافع” علامة فارقة في المنجز السينمائي للمخرج الفلبيني جيرولد تاروخ الذي بلغ رصيده الفني حتى الآن 19 فيلمًا حققت له شهرة محلية وعالمية، ووضعته في مصاف المخرجين الفلبينيين الكبار.

يجمع هذا الفيلم بين التاريخ والحرب والسيرة الذاتية التي يتخللها النَّفَس الرومانسي، والذي منح القصة السينمائية نكهة خاصة أنقذته من رتابة المناخ الحربي الذي يهيمن على مساحة كبيرة من الفيلم الروائي الطويل الذي بلغت مدته 155 دقيقة.

ما يلفت الانتباه في الفيلم هو شخصية الجنرال الشاب غريغوريو ديل بيلار، أو “غويو” كما يختصره الفلبينيون تحبّبًا، وهو أصغر جنرالات الثورة الفلبينية وكان عمره آنذاك 23 عامًا، وقد قاتل الوجود الإسباني، واشترك في الحرب الفلبينية الأمريكية التي اندلعت عام 1899 واستمرت لغاية 1913، وكان فيها الحليف الأكبر لإميليو أغينالدو؛ الرئيس الفلبيني والقائد الأعلى للقوات المسلحة آنذاك.

يركّز الفيلم على معركة “تيراد باس” التي وقعت عام 1899 بين الفلبينيين والأمريكيين الغزاة، واستشهد فيها الجنرال غويو دفاعًا عن وطنه وقيمه الأخلاقية والاجتماعية التي تربى عليها.

لا يكمن عنصر الإثارة في الرتبة العالية التي حصل عليها “غويو” الشاب اليافع الوسيم، وإنما في القصة العاطفية التي نشأت بينه وبين ريميديوس؛ الفتاة الجذّابة ابنة التاجر دون ماريانو خوسيه، والتي ستنقل قصة الفيلم من مدار الحُب الجسدي إلى الفضاء الروحي الذي يراهن على الجمال الداخلي للمرأة، ولا يعير اهتمامًا لمعالمها الخارجية التي ستذبل ذات يوم ولن يبقى منها سوى الصفة الأنثوية التي تميّزها عن نظيرها الرجل.

ما يُضاعف عنصر التشويق في هذا الفيلم هو السمعة الدونجوانية (شخصية سطحية تهتم بالمظهر الخارجي وتهمل الداخل) للجنرال الشاب الذي يترك قلبًا محطّمًا في كل مدينة يطؤها، لكنه ما أن يرى ريميديوس حتى تنقلب حياته رأسًا على عقب، ويقدّم لها عهد الوفاء، ويخلص لحبها الذي هزّه من الأعماق وغيّر حياته جملة وتفصيلا.

العصا والجزرة.. ولكن دون جدوى

تبدأ أحداث الفيلم بمقتل الجنرال أنطونيو لونا على يد القوات الكاويتية في الخامس من يونيو/حزيران 1899، أي اليوم نفسه الذي جَرّد فيه الرئيس أغينالدو كل الضباط الذين كانوا موالين لـ”لونا” من أسلحتهم، كما أصدر الأوامر بالقبض على معاونَيه الشخصيَين الرائد مانويل بيرنال والنقيب خوسيه بيرنال، وقد اتبّع غويو معهم سياسة “العصا والجَزَرة”، لكنها لم تنفع مع الجميع، فثمة أناس مخلصون لمبادئهم ومستعدون للتضحية بحياتهم كلما ناداهم الوطن واستغاثت بهم الجماهير العريضة.

وأول هؤلاء الضباط هو الرائد مانويل الذي تعرّض لمختلف أنواع التعذيب والإهانة الشخصية، لكنه لم يركع ولم يَسِل لعابه للإغراءات الكثيرة التي قُدمت له، بل على العكس شتم الجنرالَ غويو ووصفه بالكلب، وطلب منه أن ينبح كي يتأكد من نفسه بأنه كلب حقيقي وليس جنرالاً جاءت به المصادفات العابرة التي جعلت الرئيس أغينالدو يحبّه، ويضع ثقته الكاملة فيه.

ورغم الهُدَن المؤقتة بين الثوار الفلبينيين والقوات الأمريكية الغازية فإنّ المناوشات كانت مستمرة بين الطرفين، ومع ذلك فإن المعركة المُرتقبة التي كان يرصدها الفيلم لا تزال بعيدة، فثمة فاصل زمني يمتد إلى خمسة أشهر نتعرّف فيها على مجمل شخصيات القصة السينمائية التي تمزج بين الوقائع الحقيقية والخيال المجنّح.

شخصية الجنرال غويو التي جسّدها الفنان “باولو أفيلينو” تُهيمن بمهارة شديدة يُحسَد عليها حقًا

الجنرال اليافع.. شخصية مهيمنة

تُهيمن شخصية الجنرال غويو التي جسّدها الفنان “باولو أفيلينو” بمهارة شديدة يُحسَد عليها حقًا، فالفيلم -كما أشرنا سلفًا- هو سيرة ذاتية لهذا الجنرال اليافع، رغم أن هناك سيرًا أخرى لجنرالات عدّة من بينها سيرة الرئيس إيمليو أغينالدو الذي تقمّص دوره الفنان “مون كونفيادو”، ورئيس الوزراء السابق أبوليناريو مابيني الذي لعب دوره الممثل القدير “أيبي كويزون”، والجنرال خوسيه أليهاندرينو الذي جسّد شخصيته كوزير للحرب الممثل “ألفين أنسون”، وغيرها من الشخصيات الرئيسية والثانوية التي يكتظ بها هذا الفيلم الدرامي الذي يشدّ انتباه المتلقين، وذلك لما يتوفر عليه من تقلبات شديدة على مدى ساعتين ونصف.

ولا تغيب عن البال الشخصيتان النسائيتان المهمتان: ريميديوس التي أبدعت فيها الممثلة “غوين زامورا”، وفيليسيداد أغينالدو شقيقة الرئيس والحبيبة السابقة لغويو التي أدّت دورها بإتقان شديد الفنانة “إمبرَس كارين تشاك”.

بعض الفتيات والمعجبات بـ”غويو” كان يُغمى عليهن حين يرينَ ملامحه الجميلة المغرية

الجنرال الفتيّ.. محطِّم قلوب العذارى

لا تستغرق حملة تصفيات المناصرين للجنرال لونا زمنًا طويلاً، والتي لولاها لما تعرّف غويو على ريميديوس الحسناء التي خلبت لبّه وجعلته يفكر بها ليل نهار، لكن خشيتها الوحيدة كانت من علاقاته العاطفية المتعددة التي بالغ المخرج في إبرازها، حتى إن بعض الفتيات والمعجبات به يُغمى عليهن كلما رأينَ ملامحه الجميلة المغرية، والإشاعات تقول إن له في كل بلدة فلبينية قلبًا مُحطّمًا، ولعل الاحتفال الذي أقيم لمقْدَمِه وحضره الرئيس بنفسه هو خير دليل لما نذهب إليه في شعبيته العاطفية إن صحّ التعبير، إذ تقاطرت الفتيات إليه من كل حدب وصوب، وجميعهن يحلمن بوصال هذا الجنرال الفتيّ الذي يأسر الألباب قبل العيون.

منذ مُستهل القصة السينمائية وحتى خاتمتها المأساوية تتردد أيضًا شخصية رئيس الوزراء السابق أبوليناريو مابيني والتي أدّاها بهدوء وحرفية عالية الممثل “جيفري كويزون”، فقد أسند له مُخرج الفيلم وكاتبه جيرولد تاروخ دور الرجل الحكيم الذي رُمز له بـ”عقل الثورة”، والذي يجمع بين المثقف والمفكِّر والمحامي ورجل الدولة الذي أخبرَ أغينالدو مرارًا بأن “خلاصه الوحيد هو في موتٍ نبيل في المعركة، لأن البسالة ستعيد إليه سمعته الموقرة، وستمجد بدورها أبناء بلاده، كما فعلت تضحية العالِم والكاتب الوطني خوسيه ريزال”، لكن نصائح “مابيني” كانت تذهب دائمًا أدراج الرياح، فخسر الفلبينيون المعركة وربحها الأمريكيون القادمون من الطرف الآخر للكرة الأرضية.

فصائل فلبينية مشتتة يحاول “أغيبالدو وغويو” لمّ شملها في قيادة واحدة

كوابيس تلاحق النسر

في خضمّ هذه الأحداث يتذكر غويو وجوه ضحاياه المعذَّبين، وحرس الشرف السابقين الذين كانوا يتوعدونه بالويل والثبور، حتى تحولت صورهم إلى كوابيس مرعبة تلاحقه في اليقظة والمنام، بل تهيأ له أنه شاهد أحدهم في الاحتفال الذي نُظم له، وتبعه حتى أوشك أن يُغمى عليه من شدّة الهلع، لكن أخاه الأكبر تدارك الأمر وذكّره بأن لقبه المعروف هو “النسر”، وعليه أن يحافظ على رباطة جأشه وهو يقف أمام هذه الجموع الحاشدة، وذلك في حضرة الرئيس إيمليو أغيبالدو الذي سيجعله قائدًا للواء “بانغاسينان”، لكنه شدّد على ضرورة مراقبة حرس الشرف القديم لأنهم يخططون للانتقام من قتلة الجنرال “لونا”.

تتنقل مشاهد القصة السينمائية بين الفصائل الفلبينية المشتتة التي يحاول أغيبالدو وغويو لمّ شملها في قيادة واحدة، وبين القوات الأمريكية التي تسيطر على المواقع الإستراتيجية في الفلبين، والغريب أن الميجور جنرال إلويل أوتيس يتبجح بسياسة “فرّق تسُد” الغربية، حيث يحضّ رفاقه من الضباط الكبار على الاسترخاء والاستمتاع بتدخين السيجار، بينما يطعن الفرقاء الفلبينيون بعضهم بعضا في الظهور، ويوفروا عليهم في خاتمة المطاف الكثير من المتاعب.

وعلى الرغم من هذا الاسترخاء فإنهم كانوا يتابعون أولاً بأول تحركات الجيش الفلبيني، ويعلمون جيدًا بأنهم قد نقلوا مركز قيادتهم إلى أقصى الشمال في “تارلاك”، بينما تتمركز القوات المتمردة في مدينة ساحلية تُدعى “داغوبان”، الأمر الذي يغري القوات الأمريكية الغازية لأن تُنفِّذ ضربة مزدوجة كما يدور في خلد الجنرال الأميركي آرثر ماكاثر.

مثلما تدور المناوشات في المناطق الفلبينية المهمة تتواصل المفاوضات السلمية بين الطرفين، وذلك على أمل انتزاع السيادة وتحقيق الاستقلال.

وبما أن “مابيني” هو العقل المدبر للأمة الفلبينية آنذاك فقد زاره الرئيس بنفسه طالبًا منه المشورة في هذا الموقف الصعب الذي تمرّ به البلاد، فيرد عليه بأنه لا يمتلك مشاعر سلبية تجاه الحكومة الجديدة التي استوزرت غيره، وسوف يستمر في تقديم النصح لمن يطلبه ويستمع إليه، وهو يشعر بالارتياح لأنه بعيد عن المكيدة التي تدور رحاها في قلب البلاد الدامية الممزقة، لأنها تفتقر إلى العقول الراجحة التي يُفترض أن تقود سفينة البلاد إلى برّ الأمان. وفي نهاية اللقاء طلب منه أغيبالدو أن يتولى منصب قاضي القضاة في المحكمة العليا، وقد وعده بأنه سيُصدر مرسومًا خاصًا بهذا الشأن.

الدون ماريانو يقيم حفلا باذخا يتيح لـ”غويو” أن يرقص مع ريميديوس

غويو.. حفل باذخ لحبه الوحيد

وبمناسبة تنصيب العقيد هوليان حاكمًا عسكريًا لـ”بولاكان”، أقام الدون ماريانو حفلاً باذخًا لهم سيتيح لغويو أن يرقص مع ريميديوس، ويتحدث معها طويلاً عن لواعج به، ويمسح من ذاكرتها كل القصص الغرامية التي ضخّمتها المبالغات النسائية وفاقمتها الأقاويل التي تجترحها الذاكرة الشعبية للناس البسطاء، فيطمئنها بأنها باتت الحب الوحيد في حياته، ولن يطمح إلى أكثر من الزواج منها لتأسيس عائلة صغيرة تقوم على المحبة والتفاني والوئام.

يعود الجنرال أليهاندرينو إلى مانيلا ومعه 13 أسيرًا من الجنود الأمريكيين لإثبات حسن النيّة، لكنه يخرج من الاجتماع بخُفيّ حُنين، لأن الأمريكيين يعتبرون الاجتماع مجرد عملية صغيرة لتبادل الأسرى، وأنّ على المفاوضَين مغادرة مانيلا خلال 24 ساعة وإلا فإنهما سيكونان عرضة للاعتقال والسجن، لأن أغيبالدو هو مجرد قائد جيوش متفرقة، وهو لا يمتلك صفة رئيس الجمهورية لأنه ببساطة شديدة لا وجود لمثل هذه الجمهورية على أرض الواقع. ولذلك يقترح على جميع الفلبينيين الحل الأمثل وهو الاستسلام التام.

تتواصل رسائل “مابيني” ومذكراته على الصعيد الوطني، وثمة رسائل أخرى يكتبها هوفن هيرناندو ليحيط بها والده علمًا بالأوضاع الجديدة الطارئة على حياته بعد أن عيّنه الجنرال غويو مصورا شخصيا له بعقد رسمي مدته ثلاثة أشهر، لكن تطورات الأحداث تضطره إلى مصاحبة الجنرال في المعركة المصيرية المنتظرة.

غويو يترجل من برج القائد الذي يصدر الأوامر من المواقع الخلفية إلى جندي في الجيش

الحرب على طبق من ذهب

تنطوي قصة الفيلم على نبرة انتقادية شديدة تتمثل أولاً برأي “مابيني” العقل المدبر للثورة، والذي يقول “إن الأمريكيين محقون حين يسمّوننا بالأطفال”، وإن وزير الحرب الجنرال أليهاندرينو يؤكد بأن “معظم الجنود الفلبينيين هم عمال ومزارعون، وأنا نفسي مهندس لم أخض حربًا نظامية، هذا فضلاً عن تشرذم جيوشنا بحسب الولاءات القبلية”.

أما الجنرال غويو فقد وضع ثقته بالرئيس أغيبالدو، وكان عليه أن يمضي بالمغامرة إلى أقصاها، فشقيقه الأكبر يراه “نسرًا محلقًا في الأعالي” بينما تراه “فيليسيداد” شقيقة الرئيس جنديًا يُقاتل مثل باقي الجنود الذين يدافعون عن أوطانهم، وهكذا تراه حبيبته ريميديوس أيضًا، وتطلب منه أن يكون كائنًا أرضيًا مثل الآخرين، وذلك كي يكون بإمكانها أن تحتضنه وتأخذه بين ذراعيها، لا أن يكون بعيدًا مثل حلم يصعب ملامسته أو الوصول إليه.

وعلى الرغم من جمالية اللقطات والمَشاهد التي صُورت في الحفلات ودعوات العشاء التي أقامها الدون ماريانو بحضور فتياته الجميلات، وخاصة ريميديوس التي كانت تناقشه وتتجاذب معه أطراف الحديث تارة، وتراقصه وتبوح له بمشاعرها الحميمة تارة أخرى؛ فإن مشاهد الحرب القاسية كنت ملفتة للنظر، لأنها تقدّم للمتلقي الطبيعة الساحرة على طبق من ذهب، لكنها في المقابل تعكس الوجه الآخر لفظاظتها وشحّتها وتقتّرها، بحيث لا تقدّم لهذا الجيش الجرار سوى أوتار قصب السكر التي يلوكونها بصعوبة شديدة.

غويو.. رصاص قناص أردته قتيلا

لم تكن علاقة الجنرال الشاب غويو بالرئيس أغيبالدو حسنة على الدوام، فقد توترت عندما قصّر الجنرال بواجباته، وأهمل صوت الإطلاقات النارية التي سمعها في منتصف الليل بينما كان يتكلم مع فيليسيداد مستذكرًا وإياها الأيام الخوالي، من دون أن يسلّط الضوء على طبيعة علاقتهما العاطفية السابقة، ولماذا وضعها في الجزء المهمل من ذاكرته.

وبينما كان منغمسًا في تلك الاستذكارات خطف الأمريكان والدة الرئيس وابنه، فبلغ التوتر أقصاه، وشارفت العلاقة على القطيعة، لكن غويو يرأب الصدع قدر المستطاع، وينغمس مع جنوده حفر الخنادق وإقامة التحصينات على “ممر تيراد”، وذلك قبل أن تندلع المعركة في الثاني من ديسمبر/كانون الأول عام 1899.

وبعد مناوشات مضنية بين الطرفين وعمليات كرّ وفرّ أثبتت تفوّق الجانب الأميركي وهزيمة القوات الفلبينية شرّ هزيمة، وذلك إثرَ إصابة الجنرال غويو بطلقة قناص أردته قتيلاً في الحال، حيث تراجع الجنود تاركين أسلحتهم وجثث قتلاهم عند السواتر الأمامية التي اجتاحها الجنود الأمريكيون الذين غنموا الأسلحة، وجرّدوا الجنرال الشاب من نياشينه وملابسه العسكرية ورسائله العاطفية، وتركوه عاريًا إلاّ من لباسه الداخلي، وحين انجلى غبار المعركة دفنوه تحت أكوام الحجارة.

يتذكر الرئيس أغيبالدو نصائح “مابيني” بعد فوات الأوان، لقد أهمل الناس وتخلى عنهم في الظروف الصعبة، وها هم الآن يتخلون عنه، ويسقطونه مثل تمثال عديم الأهمية. في تلك اللحظة الحرجة يأتيه أحد رسل الجنرال ماسكاردو مستفسرًا إن كان عليه التوقف والاستسلام أم مواصلة القتال، عندها فقط نعرف حجم هشاشة هذا الرئيس وضعفه حين يقول في لحظة غامضة “إنني أقسمت بالولاء للعلم الأمريكي بالفعل، وإنني لا أمتلك الحق لأنصح الجنرال ماسكاردو، فالأمر عائد له الآن”.

ربما تكون رسالة “غويو” إلى حبيبته “ريميديوس” هي خلاصة الفيلم وزبدته

رسالة تلخّص الحكاية

ربما تكون رسالة غويو إلى حبيبته ريميديوس هي خلاصة الفيلم وزبدته، والتي يقول فيها “إن موتي لن يكون هباءً منثورا أبدًا لأنني متُّ موتًا مشرّفًا لبلادي، ولن أكون أبدًا بطلاً يحلّق فوق الغيوم إلى مدى بعيد يصعب الوصول إليه طالما أنكِ تُبقيني في قلبكِ”.

لقد ترجّل غويو من برج القائد الذي يصدر الأوامر من المواقع الخلفية إلى منزلة الجندي الذي يقاتل العدو الغازي وجهًا لوجه في السواتر الأمامية، حيث يستشهد الأبطال دفاعًا عن الأرض والعرض والكرامة البشرية.

ينظر الرئيس أغينالدو من نافذة قصره وهو يرى رجالاً يلصقون صور المرشّح الجديد على صوره الشخصية التي تملأ الشوارع، ونقرأ اسم “كيزون للرئاسة” بدلاً من اسمه الذي بدأ بالتلاشي السريع، وكأنّ حروف اسمه قد تساقطت بلمح البصر من غربال الزمن المحكوم بالتقدّم إلى الأمام.

يميل المخرج جيرولد تاروغ إلى سينما المؤلف، فلا غرابة أن نراه مُشاركًا في كتابة القصة السينمائية مع رودي فيرا، ومؤلفًا للموسيقى وممنتجًا للفيلم ومُخرجًا له، تاركًا فقط مهمة التصوير لبونغ أغناشيو. أما الأداء فقد برعت فيه الشخصيات الرئيسية والثانوية، ومن المتوقع أن تحصد العديد من الجوائز في المهرجانات المحلية والعالمية القادمة.