عز الدين القسام.. قائد ثورة استشهد قبل اشتعالها
حين جاءت لجنة “كينغ كراين” عام 1919 إلى اللاذقية لتستطلع آراء الناس في تقرير مصير البلاد السياسي، كان الشيخ عز الدين القسام في الوفد الذي قابلها. وعندما سُئِل عن رأيه قال: لا حماية ولا وصاية.
فأجابه رئيس اللجنة: إنكم لا تستطيعون إدارة أنفسكم وحماية بلادكم.
فرد القسام قائلا: نستطيع، وليس غيرنا أقدر منا على ذلك، إذ لدينا قوة لا يملكها الآخرون.
وأخرج المصحف من جيبه رافعاً إياه في وجه الرئيس، وخاطبه قائلاً: هذه قوتنا.[1]
جبلة.. ميلاد عز الدين القسام الأول
تتناثر المعلومات وتتضارب حول محمد عز الدين عبد القادر القسام، فالأخبار المدونة عنه قليلة، لكنها تُجمِع على أن جدّه مصطفى كان من المقدَّمين في الطريقة القادرية، وقد قدِم مع أخيه من العراق إلى مدينة جبَلة على الساحل السوري في محافظة اللاذقية، ولما مات صار أنصار الطريقة في العراق يزورون جبلة لزيارة ضريح والده وجده، لكن عز الدين كان ينهاهم ويزجرهم عن ذلك عندما كبر، ويردعهم عن الحج إلى جبلة لهذا الغرض.[2]
في هذه الأسرة الفقيرة المتدينة المتبحرة في العلوم الشرعية والمشهورة بالعلم والصلاح والسمعة التي تفرض احترام الناس؛ وُلِد عز الدين القسام سنة 1882[3]. وكسائر الأطفال في ذلك الوقت دخل الكُتّاب وسيلة التعليم الوحيدة ليتعلم القرآن ومبادئ القراءة والحساب، متتلمذاً على يدي شيخين ذوي سعة وعلم هما سليم طيارة وأحمد الأروادي، كما علمه والده مبادئ العلوم الدينية، ثم لمّا لمس حبه للعلم أرسله إلى الأزهر ليُتم دراسته هناك.
القاهرة.. ميلاد ثانٍ
يركب الفتى عز الدين القسام ذو الـ14 عاماً قارب صيد من جزيرة “أرواد” مقابل ساحل مدينة طرطوس متوجهاً إلى الإسكندرية، ومنها تابع طريقه برّاً إلى القاهرة.[4]
في حلقات التدريس في الأزهر يجلس الفتى اليافع مُستمعاً إلى شيوخه ومعلميه، فالمرحلة التي درس فيها القسام لا تزال تتبع نظام الحلقات، لأن نظام المرحلة الدراسية في الأزهر لم يبدأ إلا في عام 1911 مُعتمداً على الجهد الحُرّ في الدراسة، والانتقال من منزلة إلى أخرى بمقدار ما يستوعب من علوم تؤهله للارتقاء إلى المرحلة التالية، حتى حصل على شهادة الأزهر العالية.
هناك في القاهرة درس القسام العلوم الدينية من فقه وتفسير وأصول، والعلوم اللغوية من بلاغة ونحو، فأثّرت هذه العلوم في بناء شخصية القسام وتعلّم منها، حتى صار خطيباً مُفوهاً ذا بصيرة نافذة، كما تأثر بأفكار الثورة العُرابية، فقدومه إلى مصر قريبٌ زمنياً من الثورة العرابية على الإنجليز، فكانت الثورة ما تزال تلقي بظلالها على أذهان الناس، والروح الجهادية تموج فيهم للتخلص من الإنجليز.[5]
عز الدين القسام.. نصير الفلاحين
بعد أعوام من الدراسة في الأزهر عاد القسام إلى جبلة فقيهاً مُتبحراً متمكناً من العلوم والمعارف التي حازها، مستخدماً إياها لتطبيقها ولإحياء المساواة بين الناس، ولتوزيع الأراضي على الفلاحين المستضعفين المُستغلين من طرف الإقطاعيين، فقد لاحظ الظلم الواقع على الفلّاح الذي ينال جزءاً يسيراً من عمله المتعب، لذا وقف في وجه الإقطاعيين داعياً إلى إعادة الحقوق للفلاحين، ومساواتهم مع غيرهم لكونهم لا يتمايزون عنهم إلا بالتقوى.
حرّض القسام الفلاحين على الثورة، واستنهضهم إلى العلم والتعلم، لأن الجهل المتفشي في الأمة هو منبع الاستبداد، فزار الأهالي وراح يقنعهم بإرسال أولادهم لتعليمهم القراءة والكتابة، وافتتح مدرسة في جبلة سنة 1912، كما عقد حلقات في المساجد يُعلّم الناس أصول الحديث والفقه.
اغتاظ المُلّاك من القسام وأفعاله فبدؤوا بالتحريض عليه وسعوا إلى التخلص منه، فتآمروا على نفيه إلى إزمير، لكنه كان يستعد لرحلته إلى عاصمة الدولة العثمانية لمتابعة علومه، لذلك استبَق مؤامرتهم برحلته إلى البلاد التركية حيث وجد الجهل منتشراً والأميّة مُتفشية، فراح يخطب في الناس لتوعيتهم بسوء أحوالهم، لكن خُطَبَه لم تلق آذاناً صاغية، فهو لا يُجيد التركية والسامعون لا يفهمون العربية التي يتكلم بها، فقرر العودة إلى جبلة ليتابع فيها مسيرة تعليم الصغار والكبار حتى يخَلص مدينته من الجهل والاستبداد.[6]
“اضربوا أسطول الطليان”.. انتصارا لليبيا
اشتهر القسام في جبلة نتيجة اجتماع الفلاحين حوله، ولأنه ساعد الناس على التعلم وفهم أصول دينهم، كما أنه كان يلقي تعاليمه بأسلوب سهل مُبسّط يقترب من فهم العامة.
ضربت شهرته الآفاق، وأضحى الناس يعرفونه ويسمعون به في المناطق القريبة وفي طرطوس واللاذقية وبانياس، حتى صار خطيباً في جامع المنصوري يشرح الإسلام ويبين معانيه ومقاصده، داعياً إلى نبذ العنف والطبقية واستغلال خيرات الأرض، وإلى محاربة الفقر والجهل والبؤس.
تشبّع القسام نتيجة دراسته في الأزهر بفكرة الأخوّة العربية والعروبة، لذا نهض في جبلة واللاذقية يقود المظاهرات المنددة بالغزو الإيطالي لليبيا عام 1911 ويستنفر الطاقات، ويستحث الهمم للدفاع عن الأمة منادياً فيها:[7]
يا عرب ويا إسلام
قوموا كلكم على الطغيان
اضربوا أسطول الطليان
في المواني والخلجان
هالأرض العربية
بدها وحدة وحرية
من طوروس للأطلسي
كلها ثورة وغليان
يا رحيم ويا رحمن
غرّق أسطول الطليان
ولما احتل الإيطاليون ليبيا بدأ بتنظيم حملات التطوع في الساحل السوري، ونسق مع السلطات العثمانية لنقل المتطوعين إلى إسكندرونة ثم بالباخرة إلى ليبيا، لكن هذه الباخرة لم تصل نتيجة تفاهمات بين العثمانيين والإيطاليين، فقفل مع المتطوعين عائداً إلى مدينته.
مع نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 تطوّع للخدمة في الجيش التركي، وأُرسل إلى معسكر جنوب دمشق، فقد كان بعد عودته من مصر يعمل في شعبة التجنيد في جبلة، كما أنه استجاب لدعوة السلطان العثماني للجهاد، وراح يستحث المقاتلين على محاربة أعداء المسلمين[8]، حتى عاد إلى مدينته مُتفرغاً للعلم والوعظ.
الحفّة السورية.. شوكة في حلق الاستعمار
عندما دخل الفرنسيون إلى الساحل السوري عام 1918 بدأ القسام بتنظيم المعسكرات وتطويع الشباب لقتالهم، مُعتمدا ًفي ذلك على التعبئة المعنوية، وبثّ روح الجهاد لمقاومة المستعمر، موقِنا أن القوة الإيمانية أمضى سلاح أمام المستعمر[9]. كما اتصل بالشيخ صالح العلي الذي كان يُحارب الفرنسيين في جبال محافظة طرطوس لتنسيق الجهود وتشتيت هجمات المستعمر.
عَلِمَ الفرنسيون بأمر القسام وجماعته وبدؤوا بملاحقتهم، فانطلقوا إلى الجبال يحتَمون بها مُلتجئين إلى منطقة الحفّة في جبل صهيون، فكانوا يغِيرون منها على معسكرات الفرنسيين حتى آلمتهم ضربات الثوار، فأرسلوا وفداً يفاوض القسام بتعيينه قاضيا شرعيا، لكنه رفض ذلك مجيبا الوفد: لن أقعد عن القتال حتى ألقى الله شهيداً.
فما كان من الفرنسيين إلا أن أصدروا حكما بإعدامه[10]، لكن المقاومة بدأت تضعف نتيجة قلة السلاح والعتاد، كما أن الفرنسيين شدّدوا حملاتهم على مناطق القسام والثوار، فانتقل مع أصحابه من جبال صهيون إلى جسر الشغور ثم بيروت، ومنها رحل إلى دمشق منفرداً.[11]
عز الدين القسام.. خطيب حيفا القادم من الشمال
بعد معركة ميسَلون عام 1920 التي دخل على أثرها الفرنسيون دمشق، ارتحل القسام إلى بيروت ثم إلى صيدا ثم عكا التي بقي فيها فترة يُفاضل بينها وبين حيفا مكاناً للإقامة، حتى قرر أن تكون حيفا مكان إقامته، لأنها سوق رائجة للعمل يؤمها طلاب العمل والتجارة، وله فيها بعض المعارف، كما أنها مركز ثقافي حيوي.
في يوم جمعة دخل القسام وأصحابه إلى جامع الجرينة في حيفا لصلاة المغرب، فتطوع لإلقاء موعظة تشد اهتمام الناس الذي كانوا يتساءلون عن هذا الشيخ الذي لم يروه سابقا، ثم ما لبثوا أن اجتمعوا حوله لما له من وقار وقدرة على الحديث والخطابة.
أصبح القسام بعد وصوله بعدة أشهر مُدرساً في مدرسة الإناث الإسلامية عام 1921 أو بدايات 1922، ثم في مدرسة البرج الإسلامية، فكان يبث الوعي لدى الفلاحين ويشجعهم على الخلاص من أوضاعهم الصعبة، مؤسسا مدرسة مسائية لمحو الأمية عن الكبار.
لقد جمع الشيخ العاطلين عن العمل ليساعدهم على بدء حياة جديدة[12]، فبدأت شهرته تتسع ويعرفه الناس ويقدمونه في ما بينهم، حتى تولى الخطابة في جامع الاستقلال الذي بُني سنة 1925.[13]
الجهاد قبل الحج.. ثورة على وشك الانفجار
سلك القسّام في التدريس بحَيفا نفس أسلوبه الذي اعتمده في جبلة، وركز فيه على الروح الجهادية ضد المحتل، ورواية قصص القادة العظماء في التاريخ الإسلامي، والحديث عن الإسلام وفضائله، وعن النشاط اليهودي مُنبّهاً فيه لخطر الهجرة اليهودية، وداعيا الناس لئلا يتساهلوا معها.
كما حرّض على التمرد على البريطانيين بشراء الأسلحة وتحويل الأموال إلى الجهاد بدلاً من تزيين المساجد وبناء الفنادق. وقد دعا ذات مرّة إلى تأجيل الحج وتحويل نفقاته لشراء السلاح، فالجهاد عنده ليس قتالاً فقط، بل هو بذل للنفس والمال معا، ويكون باللسان والقلب، وهو تربية شاملة كاملة يجب أن يتحلّى بها الفرد.[14]
كانت خُطب القسام تلك مُحفزة للناس للتوجه نحو الجهاد، فقد كان ينتقد التقاليد والخرافات في عصره، فيظهر مُصلحاً ينتمي للإسلاميين العرب المعاصرين، مشجعاً على الالتزام بالأخلاق والسلوكيات الدينية.[15]
لم يميز القسام بين الاحتلالين الفرنسي والبريطاني، فالجهاد مبدؤه مواجهة كل المحتلّين من أجل خلاص البلاد العربية، فالمستعمر واحد سواء كان فرنسيا في سوريا أو إنجليزيا في فلسطين (سوريا الجنوبية آنذاك).
حياة القسام النضالية سرية، غير متداولة إلا ضمن العُصبة القسامية التي شكلها في حيفا، وقد كتم هؤلاء سر التنظيم طوال فترة الثورة التي اعتمد في تشكيلها وتسييرها على خبرته التي اكتسبها من محاربة الفرنسيين في جبل صهيون في اللاذقية.
عز الدين القسام.. ثورة البُراق
سار الشيخ القسام مع الفلاحين في حيفا مُقترباً من الفقراء، فأحبوه وتسابقوا إلى الانضمام إليه، لأنه انشغل بالمجتمع متفرغاً له معلما وواعظا لم يسع نحو مجد أو سلطة أو شهرة.
وفي عام 1933 كان القسام مندوباً عن جمعية الشبان المسلمين في حيفا[16]، وعبر محاضراته ساهم في توعية الشباب وتخليصهم من الفساد والضياع، وقد تعززت صلته بالريف فساهم في توعية الناس وحثّهم على الانضمام لجماعته، ليشكّل منهم بعد ذلك مجموعة من الحلقات والخلايا ذات السرية الفائقة، لأن عيون بريطانيا كانت موجودة في فلسطين مبثوثة فيها، لذا كانت الحيطة والحذر سمتين أساسيتين في هذا التنظيم، فلا يدخل أحد ضمن هذه الحلقة حتى يتأكد القسام منه، لذا لا توجد أرقام دقيقة عنهم، فقد قيل إنهم 200 و400 و800 أو ما يزيد على الألف، بحسب روايات متعددة.
ومع قيام ثورة البُراق تسارع التحضير العسكري، وبدأت الخلايا تنشط وتكثف تدريباتها، وبدأ الإنجليز يترصدونهم لكنهم لم يعثروا على أي دليل، ولم يكتشفوا أمرهم إلا في عام 1935 عندما صار العمل علنيا، فقد خرج القسام إلى العلن لأن الإنجليز كانوا يراقبونه مراقبة دقيقة ويراقبون أتباعه، فخشي أن يتم اعتقالهم فتفسد مخططاتهم التي كانت تهدف إلى مواجهة تزايد الهجرة اليهودية وتملك الأراضي، واكتشاف الأسلحة المهربة إلى اليهود.[17]
يَعبَد.. خطبة عز الدين القسام الأخيرة
كان لا بدّ للقسام أن يختار موقعاً حصيناً يُحارب منه الإنجليز، لذلك جال في القرى والمناطق المحيطة يستكشف أفضلها، فاختار قرية يَعْبَد (إحدى قرى مدينة جنين الفلسطينية) لكثرة وتكاثف أشجارها وأحراجها، وكونها ذات موقع إستراتيجي يتحكم بالمناطق المحيطة.
في جامع الاستقلال ألقى القسام خطبته الأخيرة يدعو الناس فيها إلى الجهاد والخروج على الإنجليز الذين راحوا يفتشون عنه، لكن هيهات. فقد كان متأهباً حاملاً بندقيته ماضياً إلى الجبال مع العديد من رفاقه الذين لا يمكن حصر عددهم، بينما تفرق بعضهم في القرى دعاة للجهاد، واتفقوا على الالتقاء في قرية نورس.
في 18 نوفمبر/تشرين الثاني 1935 اتجهت الجماعة نحو خِربة الشيخ زيد قرب يعبَد، لكنهم في الطريق أحسوا بمن يتابعهم فانقسموا فريقين: فريق إلى الشمال، وفريق إلى حيفا والناصرة. وفي الطريق يُخرب هذا الفريق الأخير سكك الحديد ويقطع أسلاك الهاتف للإنجليز، ثم يذهبون إلى نورس عند الشيخ فرحان السعدي، ويلتقون جميعاً في الوادي الأحمر بين نابلس والغور، وكان الفريق يضم عز الدين القسام وحسن الباير وعربي البدوي وأحمد عبد الرحمن جابر ونمر السعدي وعطية المصري وأسعد المفلح ويوسف الزيباوي.[18]
وبينما يسير الفريق الثاني نحو مكان اللقاء نفد الماء، كما أن الأحمال كانت ثقيلة من سلاح وعتاد، لكن أحد المجاهدين أشار إلى نبع ماء قريب، فجلبوا الماء منه ليرتووا، ثم واصلوا السير حتى خربة الشيخ زيد، مع أن التحرك صار صعباً لأن الطريق أصبحت مزروعة بالجواسيس.
“موتوا شهداء”.. آخر أمنية لعز الدين القسام
يروي عربي البدوي: صبيحة الأربعاء 19 نوفمبر/تشرين الثاني 1935[19] مع طلوع الشمس، بدأ رجال البوليس يهجمون علينا على ظهور الخيل (كان حارساً في طرف حرش يعبَد)، فبدؤوا بالتوزع والاستعداد للمعركة: تسعة رجال في مواجهة البوليس الذين تزايد عددهم حتى وصلوا إلى ما بين 200 و400.
لم تكن المواجهة متكافئة، فانسحب المجاهدون داخل الغابة، وتمترسوا خلف الصخور وأصيب أحدهم، لكن رجال البوليس (ومنهم عرب) طوقوهم وشرعوا يقتربون، فأعطى القسام أوامره بالتصويب على رجال الشرطة الإنجليز وليس على العرب، لأن الإنجليز أوهموا رجال الشرطة العرب أن المعركة ضد قُطّاع طرق ووضعوهم في المقدمة.
كان المجاهدون يتنقلون بين الأشجار بينما يُحكم الإنجليز الطَّوق عليهم وينادون باستسلام رجال المقاومة، لكن القسام كان يجيب بأعلى صوته: لن نستسلم، هذا جهاد في سبيل الله، ثم هتف: موتوا شهداء. فردّد الجميع خلفه بصوت واحد: الله أكبر.. الله أكبر. فنهضوا نهضة رجل واحد يطلقون النار، لكن رصاص الإنجليز كان أسبق، حتى أصاب القسامَ فاستشهد مع ثلاثة من رفاقه.[20]
عز الدين القسام.. موت يبعث ثورة
استمر الاشتباك ثلاث ساعات تقريباً[21]، وسرعان ما وصل نبأ استشهاد القسام إلى حيفا التي بكته بكاء شديداً، ورَثته رثاء مُرّاً كرثاء الزجال الشعبي نوح إبراهيم بزجلية مطلعها:
عز الدين يا خسارتكْ
رحت فدا لأمُّتكْ
مين بينكر شهامتكْ
يا شهيد فلسطين
عز الدين يا مرحومْ
موتكْ درس للعمومْ
نُقل الشهداء إلى جنين، واشترطت السلطات البريطانية أن يكون الدفن في العاشرة صباح الخميس 21 نوفمبر/تشرين الثاني 1935، وأن تسير الجنازة من بيت القسام الواقع خارج البلدة إلى المقبرة في بلد الشيخ، فلا يمكن للجنازة أن تسير داخل مدينة حيفا[22] كي لا يلتف حولها جمع غفير يحوّل الجنازة إلى اشتباك مع الإنجليز، لكن ذلك لم يفلح، فقد خرج في تشييعه أعداد كبيرة يُقال إنها وصلت إلى عدة كيلومترات.
وقد رثاه عدد من الشعراء على غرار أبو سلمى:
قوموا اسمعوا من كل ناحيةٍ يصيح دم الشهيد
قوموا انظروا القسام يُشْـرق نوره فوق الصرود
يوحي إلى الدنيا ومَنْ فيها بأسرار الخلود
كان استشهاد القسام نواة لقيام الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936، فدمه استصرخ المقاومة من جديد، حتى جمع رجاله شملهم وأعلنوها ثورة على الإنجليز واليهود.
______
المراجع:
[1] محمد حسن شُرّاب، عز الدين القسام شيخ المجاهدين في فلسطين (دمشق/ بيروت: دار القلم/ الدار الشامية، 2000)، ص 106.
[2] المرجع نفسه، ص 31.
[3] هناك تضارب في سنة الميلاد، بعضها يذكر أنه في 1883 أو في 1884.
[4] للمزيد عن الرحلة راجع شُرّاب، ص 38 وما بعدها.
[5] عز الدين القسام، الجزيرة، شوهد في 16/11/2019، في: https://bit.ly/33WsZuo
[6] شُرّاب، ص 58-59، 61-62.
[7] المرجع نفسه، ص 68.
[8] شُرّاب، ص 91.
[9] تبارك قاسم سالم، “الشيخ المجاهد عز الدين القسام تاريخه وجهاده”، دبلوم الدراسات الفلسطينية، أكاديمية دراسات اللاجئين، 2017.
[10] “في ذكرى استشهاد القسام: معركة أحراش الخطاف”، عرب 48، 21/11/2015، شوهد في 16/11/2019، في: https://bit.ly/2OlTnXR
[11] قيل للدفاع عن دمشق في ميسلون وقيل للحصول على وثيقة سفر.
[12] بشير موسى نافع، الشيخ عز الدين القسام: مصلح وقائد ثورة، حوليات القدس، العدد 14 (خريف-شتاء 2012)، ص 5.
[13] شُرّاب، ص 117، 142، 143.
[14] المرجع نفسه، ص 148-149، 226، 228.
[15] نافع، ص 2.
[16] عز الدين القسام، الجزيرة، شوهد في 16/11/2019، في: https://bit.ly/33WsZuo
[17] سالم، ص 14.
[18] شُرّاب، ص 275، 283، 290-291.
[19] هناك خطأ في حديث عربي البدوي لأن يوم الأربعاء المقصود يكون تاريخه 20 نوفمبر، وتجمع مصادر عديدة على استشهاده يوم 20 نوفمبر، لكن مكتوب على قبره أن استشهاده كان في 19/11/1935!
[20] لمزيد عن المعركة راجع شُرّاب، ص 291-296.
[21] نافع، ص 1.
[22] شُرّاب، ص 303.