تفجير القمر.. رسالة نووية إلى السوفيات على مصباح السماء

يمان الشريف

في وحشة الكون وعزلة الكواكب أطلّ أنيس الأرض كما كان منذ أول عهده، يؤازرها في خلوته وانزوائه في فضاء شاسع مهيب، ولولاه لما كان حال الأرض كما هو عليه اليوم، ومَن ذا يكون أحسن جيرة من جيرة القمر وهو الذي قيل فيه ما لم يقله الشعراء والحكماء عن أي شيء آخر، ومنه قول أبي نوّاس معاتبا إياه بعد أن طال غيابه:

يا قَمَـرَ اللّيْـلِ إذا أظلَمَـا
هـل يَـنْـقُصُ التَّـسليـمُ من سلَّمَـا

ولم يكتف القمر بكونه الجرم السماوي الأقرب والألمع –بعد الشمس- في سماء الأرض، بل هو وحده من استقلّ وانفرد بالتسمية، فكان قمر الأرض يعرّف بـ”أل” التعريف دون غيره، فكل ما هو سواه في المجموعة الشمسية أقمار ووحده القمر.

 

كما أنّ تأثيره لم يقتصر على الصورة الجمالية فحسب، بل إنه ينعش الحياة على كوكب الأرض عبر حضوره الفيزيائي، فكتلة القمر تؤثر على تقليل وضبط تذبذب الأرض حول محورها، وأيضا بسبب جاذبية القمر تحدث ظاهرة المد والجزر التي يمكن رؤيتها في البحار والمحيطات، وهذا من شأنه تحفيز الحياة المائية للكائنات.

لكن كل ذلك لم يكن شفيعا له حتى يبقى بعيدا عن أيدي المتطفلين أمام غطرسة وهمجية الإنسان الحديث، فقد كان يوما من الأيام هدفا حقيقيا، لا ليُعبث به فحسب، بل ليجعل أحد حقول التجارب المروعة، ويكون مسرحا للمقارعة وإبراز القوى على الملأ.

“مشروع مانهاتن”.. خطة أمريكية لتفجير الجار الفاتن

شهدت نهاية الحرب العالمية الثانية في عام 1945 انتصار الحلفاء وانتهاء حلم النازيين باحتلال أوروبا، وذلك بعد أن استنزفت القارة العجوز على مدار 6 سنوات بحرب كانت الأشرس والأعنف في تاريخ البشرية، ولم تتوان قوى الصراع في استخدام أحدث الأسلحة وأفتكها، فكانت كل أرض عدو مسرحا لتجارب الأسلحة الحديثة آنذاك.

ولم يكن هناك حدّ لأي عنف ودمار مهما بلغا، فما كان أول استخدام للقوة النووية إلا تعبيرا عن حال البشرية الذي صاروا إليه في انسلاخهم من ذاتهم، مع علمهم المسبق بعواقب استخدام سلاح دمار شامل كهذا.

“روبرت أوبنهايمر” رئيس “مشروع مانهاتن” المسؤول عن إطلاق أول قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغاساكي

 

يقول العالم الأمريكي “روبرت أوبنهايمر” رئيس “مشروع مانهاتن” المسؤول عن إطلاق أول قنبلتين نوويتين على مدينتي هيروشيما وناغاساكي: “الآن أصبحت أنا الموت، مدمّر العالم”، في إشارة إلى بدء عهد القنابل النووية والكارثة التي ستحلّ على البشرية بعد هذه اللحظة، وقد قتل قرابة 146 ألف مواطن ياباني في ليلة وضحاها في ذلك العام.

كان إلقاء القنبلة النووية على اليابان كفيلا بأن يوجه تحذيرا شديد اللهجة من الولايات المتحدة الأمريكية إلى كل دول العام، لكن ليس إلى الاتحاد السوفياتي الذي لم يأبه بذلك، بل كان يعمل على برنامجه النووي السري في ذلك الحين. وهو ما دفع حربا باردة إلى أن تدور بين قوتين عظيمتين، دون حدوث أي مواجهة حقيقية.

إظهار التفوق الأمريكي في سباق الفضاء.. معارك الحرب الباردة

وبعد سنوات طويلة، أجرت صحيفة الغارديان البريطانية في عام 2000 مقابلة حصرية مع الفيزيائي “ليونارد ريفل” الذي كان يرأس مشروعا سريا للغاية في نهاية الخمسينيات، ويهدف إلى استخدام القوات الجوية الأمريكية السلاح النووي على سطح القمر.

لقد كشف “ريفل” في المقابلة عن معلومات كانت قد أخفيت لمدة 45 عاما عن الأنظار، إذ يقول: كان واضحا أن هدف القوات الجوية من التفجير المقترح هو إظهار التفوق الفردي، لقد أرادوا أن يشاهد العالم سحابة عيش الغراب التي تحدث بسبب الانفجار، بحيث يمكن رؤيتها من على الأرض، لا سيما أن الولايات المتحدة كانت متخلفة في سباق الفضاء أمام نظيرتها روسيا في أثناء الحرب الباردة، وأنّ أمرا ما كان ينبغي حدوثه لكي تتكافأ موازين القوة.

كارل ساغان.. الفلكي الأمريكي الشهير لبرنامجه الفلكي الشعبي “كوزموس”

 

لقد كلّف “ريفل” العالم الشهير المرموق “كارل ساغان” بمهمة وضع نموذج رياضي لانفجار نووي تترتب على إثره سحابة غبارية في الفضاء، وكلّ ذلك لمعرفة مدى إمكانية رؤية السحابة من الأرض، لكن لأمر ما ألغي ذلك المشروع، ولا يعرف “ريفل” ما السبب وراء ذلك على حد قوله، وما عدا هذه التفاصيل القليلة، فإن جميع الملفات المتعلقة بهذا الأمر ما زالت في التصنيف السري للغاية.1

يقول الدكتور “ديفيد لوري” وهو مؤرخ في مجال السلاح النووي: إنّه لمن المروّع أن تكون فكرة أول اتصال بين البشر والعالم الخارجي باستخدام قنبلة نووية، لو أنهم فقط مضوا قدما، لما كنا نحمل اليوم الصورة الرومانسية لرائد الفضاء “نيل أرمسترونغ” وهو على سطح القمر.

نظرية الاصطدام العملاق.. ليلة ميلاد القمر الصغير

لا يخفى على الإنسان فضل القمر عليه، فاستحداث التقويم القمري خير دليل على ذلك، وكلّ الفضل يعود إلى أطواره المستقرة غير المتقلبة، وهو يتميز عن بقية الأجرام السماوية في أن حركته متزامنة الدوران، أي أنه يدور حول نفسه في مدة زمنية تعادل تماما مدة دورانه حول الأرض، وهذا ما يفسر رؤية وجه واحد دائما للقمر.

ولا توجد نظرية واحدة مثبتة علميا حول كيفية خلق ونشوء القمر، إلا أن الادعاء الأكثر قبولا في الوسط العلمي أن نيزكا بحجم كوكب المريخ اصطدم بالأرض في بداية عهدها قبل 4.5 مليار سنة مما نتج عن انفلاق وولادة القمر، وتُعرف هذه الفرضية باسم “فرضية الاصطدام العملاق” (Giant-impact hypothesis).2

ومما يدعم هذه الفرضية تشابه التركيب بين الأرض والقمر، بخلاف عدم وجود غلاف جوي وكذلك غلاف مغناطيسي للقمر.

تفترض نظرية نشوء القمر اصطدام جرم سماوي بحجم كوكب المريخ بالأرض فاقتطع منها جزءا تكون منه القمر

 

يبلغ قطر القمر 3474 كيلومترا، أي ما يجعله تقريبا ربع قطر الأرض (12750 كم)، وهي أكبر نسبة متقاربة بين قمر وكوكب في المجموعة الشمسية، علما أن بلوتو والقمر قارون يمتلكان نسبة أعلى إلا أنّ بلوتو ليس كوكبا وفق تصنيف الاتحاد الفلكي الدولي في عام 2006.

طبقات القمر.. جينات الكوكب الأم تنتقل إلى الجسد

للقمر أربع طبقات داخلية تماما كما هي الحال في الأرض، وتمثل النواة الداخلية 2% فقط من الكوكب، وهي صلبة تتكوّن من الحديد، ثمّ تتبعها طبقة النواة الخارجية، وتتكوّن من الحديد المنصهر، بالإضافة للكبريت وبعض المعادن الأخرى.

ثمّ تأتي الطبقة الثالثة السميكة، وهي الوشاح الصخري، وتمثل الجزء الأكبر في بنية القمر، وتتكون من الحديد والمغنيسيوم. وكان حاله فيما سبق مثل حال الأرض اليوم، إذ احتوى على بعض الصهارة التي كانت تشق طريقها إلى سطح القمر عبر الحمم البركانية.

رسم تمثيلي لطبقات القمر الأربعة

 

وأخيرا تغطي طبقة القشرة -وهي الطبقة الرابعة والخارجية- سطح القمر. ومن الممكن ملاحظة الفوهات الكثيرة المنتشرة على السطح بسبب الاصطدامات النيزكية على مدى ملايين السنوات، ولأن القمر لا يحتوي على غلاف جوي، فإن هذه الفوهات لا تتعرض للتآكل، على عكس كوكب الأرض.3

وبالإضافة إلى أن كتلة القمر الصغيرة نسبيا، فإن الجاذبية على القمر تعادل سُدس ما هي عليه على الأرض، فعلى سبيل المثال، لو أنّ أحدهم وزنه 600 نيوتن على سطح الأرض، فإن وزنه على سطح القمر سيكون 100 نيوتن فقط.

جسيمات النيترون واليورانيوم.. دهشة التجارب المخبرية الألمانية

إن الحديث هنا يقتصر على آلية عمل القنبلة النووية بأبسط صورة ممكنة وبإيجاز، دون المرور على المسوغات والمحطات التاريخية نظرا لتشعب الموضوع، ويمكن القول إنه في عام 1938، استطاع مجموعة من العلماء الألمان القيام بتجربة مخبرية تركت دهشة بليغة على وجوههم لاحقا، فقد قاموا بإطلاق جسيمات النيترونات -وهي جسيمات دون ذرية ولها قدرة عالية على النفاذ في المواد- على نواة عنصر اليورانيوم الثقيل، ولاحظوا أنّ ما ينتج من هذا الاصطدام هو نظائر عنصر الباريوم ضمن نتائج الاضمحلال النووي (Radioactive Decay).

لم تكن هذه النتيجة بالنسبة للعلماء تحمل أي معنى في بداية الأمر، فلم يكن لأحد أن يتخيل أن جسيم النيوترون الصغير بإمكانه أن يشطر نواة اليورانيوم، ويحولها إلى أنوية عناصر ذرية أخف. ولكي تحمل هذه النتائج معنى فيزيائيا حقيقيا، قاموا بتشبيه نواة اليورانيوم بقطرة ماء، وأن هذه القطرة بسبب اصطدام جسم ما بها انقسمت إلى شطرين.

يقوم الانفجار النووي على مبدأ شطر نواة ثقيلة كاليورانيوم إلى أنوية ذرات أخف منها مع تحرير طاقة هائلة من الحرارة

 

ثمّ لاحظوا أن هذين الشطرين تنافرا عن بعضهما بسبب فعل قوة التنافر الكهربائي بينهما عند طاقات عالية تعادل 200 ميغا إلكترون فولت، ثم تساءلوا من أين أتت كل هذه الطاقة؟

لقد لاحظوا بأن كتلة هذين الشطرين تساوي خُمس كتلة البروتون الموجود في الذرة الأم -ذرة اليورانيوم-، ثم بالاستعانة بمعادلة “آينشتاين” الشهيرة للنسبية الخاصة (الطاقة تساوي الكتلة مضروبة في مربع سرعة الضوء) وجدوا أن الكتلة المفقودة إثر الانشطار تحولت إلى طاقة، وأن الناتج يساوي تماما الرقم السابق 200 ميغا إلكترون فولت.4

وحديثنا هنا عن ذرّة واحدة فقط من اليورانيوم، ولو طُبّق الأمر على 1 غرام من اليورانيوم أي ما يعادل سكستليون ذرّة يورانيوم (السكستليون هو العدد 10 مرفوع للقوى 21)، فإننا سنحصل على طاقة هائلة للغاية. ويُشار إلى أنّ القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية بلغت كمية اليورانيوم فيها 1 كيلوغرام، مما يعادل قوة 15000 طن من متفجرات الـ”تي إن تي” (TNT).5

قنبلة “قيصر” الفتاكة.. ثمرة المزج بين الاندماج والانشطار

وتنقسم القوى النووية أو التفاعلات النووية إلى قسمين: الانشطار النووي (Nuclear fission) الذي تحدثنا عنه في الأعلى، والاندماج النووي (Nuclear fusion).

وعملية الاندماج النووي تحدث تماما بعكس عملية الانشطار، إذ تندمج ذرات العناصر، في العادة ذرات الهيدروجين أو نظائر الهيدروجين، لتنتج ذرّات أثقل وهي ذرات نظائر الهيليوم، وهذا النمط من التفاعلات النووية هو الأقوى، لكونه يحرر طاقة أعلى بكثير، وهي الطريقة التي تعمل بها النجوم لتوليد هذا الكم الهائل من الطاقة في الكون.

المشهد الأكثر خطرا على الأرض.. الانفجار النووي الذي يخلف منظر فطر عيش الغراب

 

وقد تمكن الإنسان من الوصول إلى مثل هذا النوع من التفاعل النووي في المختبرات واستخدامه كأداة تدميرية ذات آثار مضاعفة أكثر بكثير من السلاح النووي التقليدي، ففي عام 1961 أعلن الاتحاد السوفياتي عن قنبلته “قيصر” (Tsar) التي تعتمد على عمليتي الانشطار والاندماج في ذات الحين. وقد بلغت قوتها وفق تقدير الخبراء إلى 1570 ضعفا من قوة القنبلتين اللتين ألقيتا على هيروشيما وناغاساكي مجتمعتين.6

سيناريو تفجير القمر.. درجة حرارة تصل مئات الملايين

إذا ما نظرنا إلى القمر كحقل بديل للتجارب النووية على كوكب الأرض، فإنّ ذلك بلا شك قرار سليم للإنسان والكائنات الحية الأخرى من ناحية، لكنه مدمّر وشنيع من ناحية أخرى، هذا إذا كان يتحتم علينا إجراء مثل هذه التجارب.

إن تجربة افتراضية تمنحنا لمحة عن النتائج المتوقعة لمثل هذا السيناريو، ففي البداية سنفترض أن أحدهم أراد تفجير سطح القمر برأس نووي ذي قوّة تعادل 200 مليون طن من الرؤوس النووية الحرارية (Thermonuclear) أي ضعف قوة أكثر الأسلحة التي صنعها الإنسان فتكا؛ قنبلة قيصر السوفياتية.7

أحد أهداف مشروع مانهاتن النووي الأمريكي أن يرى أهل الأرض صورة عيش الغراب على سطح القمر

 

وعلى مقربة من سطح القمر، وفي الأجزاء الأولى من الثانية الأولى لحظة تفعيل الانفجار داخل الرأس النووي، ستنطلق موجة صدمية ناتجة عن متفجرات شديدة الانفجار إلى إسطوانة معدنية مشعة، لينضغط ما بداخلها بشدة إلى أن يصل الضغط إلى نقطة حرجة، وبعدها تبدأ سلسلة الانشطار النووي إلى أن تتكون بلازما بحرارة عالية تصل إلى 100 مليون درجة مئوية، وعند هذه النقطة، تبدأ المرحلة الثانية من التفاعل النووي وهي الاندماج النووي.

كرة النار.. سقوط الهرم خوفو على سطح القمر

حين يبدأ الاندماج النووي سيلمع وميضٌ في البداية، ثمّ ستنشأ كرة نارية صغيرة تكبر شيئا فشيئا دون أن تتوقف، ولا ينبغي علينا في هذه اللحظة أن نتوقع نشوء سحابة عيش الغراب (Mushroom Cloud) التي نراها دوما بعد الانفجارات على سطح الأرض.

ذلك لعدم وجود غلاف جوي للقمر، فالهواء يضغط على الكرة الساخنة الملتهبة بينما تكبر، ثمّ يدفعها إلى الأعلى فيتشكل دخان على هيئة الفطر أو عيش الغراب. وللسبب نفسه لعدم وجود ذرات هواء على سطح القمر، سيحدث الانفجار في صمت تام رغم هوله وعظمته.

وإذا تحدثنا عن الضرر غير المرئي، فإن الأشعة النووية ستنطلق في كلّ الأرجاء دون حاجز، ثم ستفتك بكل كائن حي يدور حول القمر أو الأرض من رواد فضاء وغيرهم، كما أن جميع الأقمار الاصطناعية ستتعرض للتلف.

وعلى سطح القمر ستحدث هزات زلزالية (Seismic Waves) شديدة، كما لو أنّ نيزكا بحجم الهرم خوفو سقط على القمر، بناء على دراسة أجريت بواسطة “مركز الأسلحة النووية للقوات الجوية” (Air Force Nuclear Weapons Center).

زخات النيازك.. دموع القمر تمطر الأرض بالشهب

انفجار هائل، وزلزال عظيم، وأشعة فتاكة محيطة من كل صوب، بهذا الشكل سنتذكر القمر بعد تعرضه للتفجير النووي، وإذا ما عدنا إلى الأرض فإنّ الأمور ستبدو على ما يرام في بداية الأمر، لكن لن تدوم طويلا. فكما أشرنا، ستتعطل خدمات الأقمار الاصطناعية بما فيها محطة الفضاء الدولية وسيكون ذلك أول ما نشعر به، وسنخسر جميع رواد الفضاء خارج الكوكب.

ثمّ بعد ساعات قليلة ستبدأ سماء الأرض تمطر زخات من الشهب، وربّما نيازك صغيرة الحجم، بعد تحطم جميع الأجسام الهندسية التي وضعها الإنسان خارج الغلاف الجوي.

رسم تخيلي لنيازك تنهمر على الأرض لو تم استهداف القمر بالقنابل النووية

 

قد تكون تبعات سيناريو ضرب القمر برأس نووي بالنسبة للأرض تمس الجانب التقني والفني أكثر من الجانب الجيولوجي والحيوي، ذلك بأن الصاروخ الذي استُخدم رغم قوته، لن يتمكن من إحداث تغييرات ملحوظة على المدى البعيد.8

معاهدة 1967.. درع حماية السماء من الألعاب النووية

وتحسبا لحدوث سيناريو كهذا مستقبلا، وفي ظل التطور الملحوظ الذي كان يشهده كوكب الأرض في النشاط النووي، أصدر مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء الخارجي (United Nations Office for Outer Space Affairs) معاهدته الشهيرة في عام 1967، وتعد أكثر المعاهدات القضائية في مجال الفضاء شمولا ومصادقة عليها من عدة دول حول العالم، إذ أقرت 111 دولة التزامها بالبنود التي تشرعها المعاهدة، ويبلغ عددها 17 بندا.

وتعود أهمية المعاهدة إلى وجود المادة الرابعة التي تنص على تجريم وضع أي سلاح نووي في مدار حول الأرض، أو على أي جرم سماوي آخر، وينطبق الأمر على بقية أسلحة الدمار الشامل. كما أنّ القمر لا ينبغي إلحاق الضرر به بأي شكل من الأشكال، وينبغي أن يكون العمل عليه فيما يصب في مصلحة البشرية جمعاء، ولا ينبغي أن تُقام عليه قواعد عسكرية، ولا تجارب لأي نوع من الأسلحة.9

تنص المادة الرابعة من قانون الفضاء على تجريم وضع أي سلاح نووي في مدار حول الأرض أو على أي جرم سماوي آخر

 

لكن هل كانت مواثيق الأمم المتحدة يومًا قائمة بذاتها دون أن تتعرض للنقض من قبل القوى العظمى في زمن الحروب، ومن يدري متى يختل عقل أحدهم فيتهور فيصيب القمر بما أصيبت به الأرض من قبل من داءِ الإشعاع النووي.

ومجددا، يقف شاعرنا أبو نواس يسترسل في عتابه للقمر في ليلة ظلماء، يدعوه أن لا تطيل غيبته وحاله من حالنا:

إنْ كنتَ لي بينَ الوَرَى ظالِمًا
رَضيتُ أنْ تَبقى وأنْ تَظلِمَا.

فهلا تكف يد الإنسان من أن تلحق الضرر بأنيس الأرض وملاذ الشعراء ومعتَصَمهم في ليالي الأنس والسمر.

 

المصادر:

[1] بارنت، أنتوني (2000). خططت الولايات المتحدة لانفجار نووي كبير. تم الاسترداد من: https://www.theguardian.com/science/2000/may/14/spaceexploration.theobserver

[2] كانوب، روبين (2019). فرضية الاصطدام العملاق: إرث متطور لأبولو. تم الاسترداد من: https://astronomy.com/news/2019/05/giant-impact-hypothesis-an-evolving-legacy-of-apollo

[3] تشوي، تشارلز (2021). حقائق عن القمر: معلومات ممتعة عن قمر الأرض. تم الاسترداد من: https://www.space.com/55-earths-moon-formation-composition-and-orbit.html

[4] الشريف، يمان (2020). فناء البشرية.. طريق الإنسان إلى الانقراض الموشك. تم الاسترداد من: https://ajmn.tv/f9pdw

[5] محررو الموقع (التاريخ غير معروف). كيف تعمل الأسلحة النووية. تم الاسترداد من: https://cnduk.org/how-do-nuclear-weapons-work/

[6] تشان، مليسا (2017). ما هو الفرق بين القنبلة الهيدروجينية والقنبلة الذرية؟. تم الاسترداد من: https://time.com/4954082/hydrogen-bomb-atomic-bomb/

[7] تيكنان، آمي (2021). قتبلة قيصر. تم الاسترداد من: https://www.britannica.com/topic/Tsar-Bomba

[8] كوشيل، بيير (2018). إلى أي مدى يمكن أن تصبح الأشياء سيئة على الأرض إذا قمنا بتفجير القمر؟. تم الاسترداد من: https://insh.world/science/how-bad-could-things-get-on-earth-if-we-nuked-the-moon/

[9] الشريف، يمان (2021). اتفاقيات الفضاء.. دستور الفلك الذي يوحد الدول العظمى. تم الاسترداد من: https://ajmn.tv/6vfreu