فريد شوقي.. مئة عام على ميلاد ملك الترسو في السينما المصرية

“هو إنسان، جميل، جدع، ابن بلد، حنون، عطوف، أخ، أب، وأحيانا ممكن يبقى ابن.. لو بصيت في أي متر من الأمتار السينمائية هتلاقيه موجود.. هو أستاذ، لكنه لا يُشعرك بأنه أستاذ.. إنه ابن الحلمية فريد شوقي”.

هكذا تحدث الفنان فاروق الفيشاوي ذات يوم واصفا ملك الترسو الفنان المصري فريد شوقي، هذا هو اسمه المركب، أما اسم والده فهو محمد عبده أي مركب أيضا، ثم الجد شوقي. من مواليد 30 يوليو/تموز 1920، وتوفي 27 يوليو/تموز 1998. لذلك تحتفل مصر هذا العام بمرور مائة عام على مولده، وستقام له عدة احتفاليات تبدأ من مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية مستهل مارس القادم.

ما بين المولد وتغيير العنوان بشكل أبدي، عاش فريد شوقي 78 عاما غير عادية بالمرة، بدأ فيها من الصفر ثم واصل مسيرته حتى حقق النجومية، وظل هناك على القمة طويلا وأبدا. قضى سنوات من عمره هاويا عاشقا للتمثيل وإن بعيدا على الهامش، محروما من السباحة في النهر الحقيقي العميق، ثم أتبعها بخمسين عاما مُبهرة في عالم الاحتراف، جمع فيها بين التمثيل وتأليف القصة السينمائية وأحيانا غير قليلة شارك في كتابة السيناريو والحوار ورسم ملامح الشخصيات بتفاصيل نادرة، مثلما خاض غمار الإنتاج لنفسه أولا، ثم أنتج أفلاما لآخرين آمن بهم، ومنهم الفنان عادل إمام خصوصا في بداية حياته ومشواره السينمائي.

ساند كثيرا من النجوم في خطواتهم الأولى مثل الفنان أحمد زكي بفيلم “طائر على الطريق”، ثم “سعد اليتيم”، ويحيى الفخراني في “خرج ولم ويعد”.. فهذه الأفلام وغيرها لم تكن تخرج للوجود إلا لأن اسم فريد شوقي عليها، فقد كان اسم فريد شوقي يضمن توزيع الفيلم، ومن ثم تدور عجلة الإنتاج. وقد رُفضت هذه الأفلام إلى أن وافق فريد شوقي على أن يقوم بأدوار صغيرة فيها تُشبه ضيف الشرف، ومع ذلك فقد كان اسمه يتصدر ملصق الفيلم.

 

موطئ قدم بين الكبار.. تجديد مستمر

المُدهش جداً أن فريد شوقي كان طوال تلك السنوات ماهرا في تغيير وتبديل جلده وأقنعته الفنية، وظل قادرا على الاحتفاظ بجماهيريته في مختلف الأوقات والظروف التاريخية رغم أنه أثناء الملكية كابد طويلاً للعثور على موطئ قدم بين الكبار.

سجن فريد شوقي في أدوار الشرير لكنه لم يرفض ولم ييأس ولم يستسلم، بل انتهز كل فرصة أُتيحت له، ووافق بسعادة كبيرة على أدوار ثانوية أو هامشية رشحه لها الآخرون، وكانت أدوارا اعتبروه مناسباً فيها ولها بسبب بنيته الجسدية الضخمة وملامح وجهه التي تبدو مع التكشير خالية من الطيبة، تدعمها قسوة العينين عندما يُريد صاحبها ذلك، ورأس أصابه الصلع المبكر.

حاول فريد شوقي تبديل تلك الصورة والبحث عن أدوار جديدة. تزامنت بدايته في التجديد مع الثورة على الملكية، فهل كانت ثورة منه موازية لثورة الضباط الأحرار على الملكية؟ ربما كان الأمر في البداية صدفة لأن فيلمه “الأسطى حسن” الذي كتب قصته، وقدم فيه دورا مختلفا، كان قد صُور قبل الثورة وتزامن عرضه معها.

لاحقا واصل فريد المحاولة سواء قبل أو بعد نكسة 1967 في تغيير نمط أدواره بما يتناسب مع الحالة المزاجية النفسية والاجتماعية والسياسية للبلد، تنقل بين أقنعة الأكشن والكوميديا والشر بمرونة، تكاد تشبه الهارموني (أحد علوم الموسيقى) في تداخل ألوان الطيف السبعة. فقد كان فريد يُكيِّف نفسه، وأدواته لتلائم طبيعة كل مرحلة وظروف عصره.

فبعد الثورة على الملكية حاول الاشتغال على مبادئ الثورة وهاجم المخدرات وحذر من آثارها، فتناول الإصابة بالإيدز في “شاويش نص الليل”، وأثناء العدوان الثلاثي على مصر صنع أفلام “المجد” و”بورسعيد.. المدينة الباسلة”، وبعد حرب أكتوبر دخل الفنان في مرحلة جديدة، ومنها دخل إلى عصر سياسات الانفتاح، وفي التسعينيات تناولت أعماله العديد من القضايا الاجتماعية ومنها فساد شركات توظيف الأموال.

فريد شوقي بدور السلطان البديل في فيلم “صاحب الجلالة”

ملك الترسو.. براعة في الأداء

بعد حرب أكتوبر وطوال سنوات الانفتاح وعلى مدار سنوات التسعينيات إلى ما قبل رحيله بأشهر معدودة قدم فريد شوقي لونا آخر من أقنعة الشخصيات الاجتماعية، فكان هو الذي اكتشف ذلك النوع من الأداء في نفسه، ولطالما شعر أنه الأداء الأقرب إليه وإلى نفسه. ثم من بعده انتبه إليه المخرجون وساروا على نهجه، فمثلاً يقول ملك الترسو: قبل هذا الفيلم لم يكن حسن الإمام والمخرجون الآخرون يجرؤون على تقديمي في مثل هذا الدور الأقرب للميلودراما، كانوا يخشون من ردة فعل الجمهور، وأنا كنت أود أن أمثل هذا الدور فعملته، لذلك عندما شاهد حسن الإمام فيلمي “ومضى قطار العمر” أعجبه وقال لي تعال نعمل فيلم “وبالوالدين إحساناً”.

نجح الفيلم بقوة، وكان يتناول يوميات موظف مصري بسيط يعمل ساعيا في شركة، مثلما يعمل في إعداد القهوة والمشروبات لزيادة دخله، وينفق عمره على تربية ابنه الوحيد منتظرا اليوم الذي يتخرج فيه الابن من الجامعة ليتباهى به أمام الجميع لأنه حصاد العمر، لكن الابن يخجل من والده وأمه، ويجرح مشاعرهما، وبالطبع لم يخلُ الفيلم من الرقص والغناء، لكن مشاهد فريد شوقي به تستحق جائزة في فن الأداء.

كان فريد شوقي صاحب أعلى إيرادات في سينما الترسو، لذلك لُقب بملك الترسو، وكلمة “الترسو” تُشير إلى الصالة مما يعني الجمهور العريض، فالصالة في دور العرض القديمة كانت تشغل أكثر من نصف مساحة السينما. روادها من ذوي الدخل المحدود، إنهم لا يملكون سعر تذكرة الكراسي في المناطق العليا، حيث المُشاهدة والرؤية أفضل وأجمل، لكن جمهور الصالة من ذوي الدخل المحدود لا يشغله شيء من ذلك، فكل ما يهمه هو مشاهدة الفيلم والاستمتاع برؤية نجمه المحبوب.

إضافة إلى ذلك، كان لقب الترسو يُطلق أكثر على دور عرض الدرجة الثالثة، لأنها كلها عبارة عن صالة، ومنها انطلقت القاعدة الشعبية التي بنى عليها نجاحه. وكانت سينمات الترسو آنذاك كثيرة وكبيرة العدد، خصوصا في الأحياء الشعبية، فكان في القاهرة وحدها 400 دار عرض، وكان في كل حي من الأحياء عدد من دور السينما؛ درجة ثانية، وثالثة.

خلال الفترة التي تقاطعت فيها نجومية كل من أنور وجدي وفريد شوقي -التي توقفت عند العام 1955 بسبب وفاة أنور وجدي- كانت أفلام فتى الشاشة الوسيم أنور وجدي تُقبل عليها الطبقة الراقية من سكان الزمالك وجاردن سيتي، بينما أفلام فريد شوقي ملك الأكشن والشر يهجم عليها جحافل من سكان المناطق الشعبية التي كانت سببا جوهريا في صعود نجمه وتصدر اسمه ملصقات الأفلام.

 

أقنعة متعددة لمصداقية ثابتة

قدم ملك الترسو خلال خمسين عاما وجوها سينمائية جديدة وعديدة، وارتدى جلودا متباينة، وتنقل بلطف ويسر بين الأطياف والأقنعة والأردية التي بلغت حد التناقض في أحيان كثيرة. قدم الظالم والمظلوم، والضعيف والمفتري، والضحية والجلاد، الإنسان العطوف الرقيق الشهم صاحب المبادئ، والرجل الخشن البخيل الغليظ منعدم الأخلاق. قدم شخصيات حيَّة واقعية لابن البلد الفقير، فرسم لنفسه أول خطوة على طريق النجومية بشخصية الميكانيكي المطحون ابن الأحياء الشعبية، أو الإنسان الساذج سواء كان فلاحا أو صعيديا أو إسكندرانيا أو قاهريا.

من تلك المدن والأرياف أيضاً قدم شخصيات تنتمي لأولاد الأصول والعائلات الراقية، وكان في مرات عدة عبدا أسود يُكافح ضد عنصرية اللون ومكائد البيض من أهل البادية منتصرا للحرية، وأحيانا يقف مع رجال السلطان والحاشية.

يُفاجئنا فريد شوقي دائما بارتداء جلود وأخلاق أصحاب الشركات والثروات أحيانا، وأحيانا يكون “باشا” واسع الثراء يمتلك الأموال والنفوذ، أو مدير شركات ينهب أقوات الناس، يُحرك الجميع في محيطه ويسخرهم لإرادته، ومرات أخرى كان يقف في صف هؤلاء “الغلابة” ضد الظالم، يبدأ حياته من مهنة العربجي أو موظف صغير أو عامل فقير أو مجرد أجير كأن يكون الشيَّال والحمَّال البديل للحمار، أو تضطره الظروف لأن يكون مجرما أو محتالا.

قدم التاجر على مختلف أشكاله ودرجاته، والسائق بمختلف أنواعه من سائق اللوري والتاكسي إلى سائق البيجو الأجرة، مثلما كانت الدراجة وسيلته في التنقل بعدد من أفلامه. قدم شخصية الطبيب والمحامي والقاضي والمهندس، قدم الساعي والفراش والمدير. قدم شخصية المحقق، والضابط في البوليس الحربي والجيش وخفر السواحل، مثلما قدم رجل المخابرات والجاسوس الخائن، بنفس مصداقية أدوراه في المجرم ورد السجون أو من دخلها ظلما. قدم دور الفدائي المقاوم المضحي بحياته، مثلما قدم دور الاستغلالي الانتهازي المتعاون مع الإنجليز الذي لا يشغله شيء سوى تحقيق مصالحه. قدم “الفتوة” بتنويعاتها المختلفة، الفتوة الداهية، الفتوة الظالم البلطجي، مثلما قدم الفتوة العادل. قدم الأب الطيب الحنون، والزوج والحبيب والغريم والمشعللاتي (عبارة تطلق على من يوقد نار الفتنة) في “لعبة الحب والزواج” و”الموصلاتي” في “السقا مات”، والسلطان البديل في “صاحب الجلالة”، ثم هناك أدواره كزوج مخلص وأحيانا أخرى مخدوع، أو الباحث عن محلل في “طلاق سعاد هانم”.

“لا يا شيخ”.. هوية الملك الشخصية

قدم فريد شوقي الأكشن والكوميديا والميلودراما، وكان شرطا أساسيا في التعاقد معه على أي سيناريو فيلم أن تنشب ثلاث معارك على الأقل على مدار الأحداث أياً كان نوع الفيلم، وذلك حتى يُرضي جمهوره، ولم تخلُ كثير من أفلامه من الأغاني والاستعراضات وخفة الظل.

قدم الاجتماعي والبوليسي والحربي والتاريخي فشاهدناه في فيلم “وا إسلاماه” و”عنتر بن شداد” و”فارس بني حمدان” و”أمير الدهاء”، كما قدم شخصيات أخرى من قلب الواقع الاجتماعي المعاصر بمختلف درجاته وطبقاته ومستوياته، وخلق لنفسه كلمات اشتهر بها وصارت “لازمة” مميزة للملك، يضحك الجمهور بمجرد ترديدها لما تحمله من موروث لمعاني وصور متناقضة خلقها بنفسه في أفلام سابقة، مثل “وشرف أمي” و “يا مُنجي الوحش من الجحش” و”لا يا شيخ..” و”اللي يحب النبي يسقف.. طيب سقفة كمان للنبي” و”أسعارنا أوكازيونات.. مين يقول هات” وغيرها من العبارات التي تحمل بصمته الشخصية وهويته الخاصة التي أصبح آخرون يُحاولون محاكاتها.

“إنه مَثلي الأعلى”.. أسطورة فنية خالدة

بدأ فريد شوقي حياته ممثلا مسرحيا هاويا لعدة سنوات، لكن مع أول بطولة مسرحية -“الجلف”- فُتحت له أبواب الفن السابع بالتدريج في البداية، ثم على مصراعيها لاحقا، فقدم ما يزيد على 380 فيلما سينمائيا حتى أنه قدم في بعض الأعوام 14 فيلما سينمائيا.

وجد الوقت لتقديم العديد من الأعمال المسرحية، ومنها مسرحيات للريحاني نفسه، والتي قام هو ببطولتها بعد رحيل عادل خيري، وفي مرحلة أخرى -بعد إصرار طويل على رفض التمثيل للتليفزيون خوفا من أن يخسر جمهوره السينمائي- قدم أعمالا تليفزيونية خالدة، منها “البخيل وأنا” و”عم حمزة” و”العاصفة” و”الليلة الموعودة” و”العبقري” و”صابر يا عم صابر” فاكتشف أن تلك الأعمال حققت له مزيدا من الشعبية الجماهيرية الجارفة.

كان يستحق عن جدارة كل جائزة نالها، حتى بلغ عددها ما يزيد على 92 جائزة، منها جائزة الدولة عن فيلم “جعلوني مجرما” عام 1955، وجائزة أفضل ممثل من جمعية كتاب ونقاد السينما المصرية عن فيلم “هكذا الأيام”، ووسام الفنون من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر، ووسام العلم عام 1964، كما كرم بمهرجان القاهرة عام 1994 ويومها ألقى خطبة حماسية مفعمة بالمشاعر والإيمان بالفن وأهميته للمجتمعات خصوصا في مواجهة رصاص الإرهاب.

ولا ننسى مرافعته في إحدى جلسات مجلس الشعب عندما هاجم الفن أحد الأعضاء بالمجلس، وكان فريد شوقي قد طلب حضور الجلسة، ثم في لحظة ما احتج الملك وطلب الكلمة، فقدم مرافعة بديعة صادقة، تكشف بوضوح عن مدى اعتزازه بمهنته وبدوره في تلك الصناعة، وهو ما لا يمكن أن نفصله عن إيمانه العميق بالفن وبدوره.

قال نور الشريف عن فريد شوقي ذات يوم: إنه مثلي الأعلى، ومثل لأبناء جيلي ولأجيال كثيرة. الفنان الحقيقي هو فنان لكل العصور، ولكل الأجيال.

ويتابع مبررا: الفنان إذا فشل له عمل أو اثنين أو حتى ثلاثة فليس معنى ذلك نهاية العالم، لكن الفنان الحقيقي هو القادر على الاستمرار، بعض الفنانين حين يصلون لمرحلة عمرية معينة ينتهون ويهتزون من داخلهم ويُصبحون غير قادرين على الاستمرار والنجاح. لكن فريد شوقي فنان حقيقي. كان المنتجون في عز نجاحه يُحاصرونه في أدوار ناجحة لمدة سنتين أو ثلاثة لكي يكسبوا من وراءه فيُسجن في دور معين واحد نجح مع الجمهور، فلولا أن فريد شوقي كان ذكيا، وكان يُنتج لنفسه، ليُعيد تقديم نفسه في أدوار جديدة وبصورة جديدة تُعيد اكتشافه، لولا ذلك لم يكن فريد شوقي ليستمر، لأن هناك ممثلين حين يكبرون يبدؤون في التراجع مهنيا ويهتزون، لكن فريد لم يقع في هذا الخطأ فهو نموذج ومثال لي ولجيلي في الفن، إنه مثال لنا في الالتزام وفي حبه لفنه وتناوله قضايا تهم مجتمعه وصناعة نجوميته. يكفي أن أفلامه غيرت في القوانين المصرية مثل فيلم “كلمة شرف”، و”جعلوني مجرما”.

بوستر فيلم “ريّا وسكينة” الذي شارك فيه فريد شوقي بدور “الأعور”

قناع الشرير.. خامة فريدة

كانت أفلام الأكشن في مصر هي الأكثر رواجا في أعقاب الحرب العالمية الثانية، وقد بدأ فريد شوقي آنذاك يخطو أولى خطواته على سلم المجد عام 1946، حيث وضعت الحرب أوزارها، وظهرت طبقات جديدة وبدأت دور اللهو الليلية في التناقص، كذلك دور العرض المسرحية.

كان المتنفس الوحيد هو السينما، لذا اتجهت الأنظار إليها، فأعطت فرصا كثيرة للمخرجين والنجوم، وكانت بداية فريد شوقي مع يوسف وهبي في “ملاك الرحمة”، ثم مع حسن الإمام في “ملائكة في جهنم”، وبعدها انطلق فريد شوقي مع آخرين، حتى أنه في العام التالي شارك في خمسة أفلام، لكن تجربته اللافتة على الرغم من صغر حجم أدواره فيها كانت مع أنور وجدي، فهو الذي رسّخ أقدامه في أدوار الشر، سواء في إطار رجل العصابة ومدبر المكائد كما في “أمير الانتقام”، أو أحد رواد الكباريه كما في فيلم “غزل البنات” أو الزوج المستهتر في فيلم “طلاق سعاد هانم”.

إضافة إلى تجربة أنور وجدي، ودوره في تحديد ملامح فريد شوقي، هناك أيضا المخرجون الآخرون الذين وجدوا في ملامح فريد شوقي خامة مناسبة لشخصية الشرير، ومنهم صلاح أبو سيف عندما وظفه في دور الأعور بفيلم “ريا وسكينة” (1952)، وكذلك يوسف شاهين عندما اختاره لدور رياض بفيلم “صراع في الوادي” (1954).

هذان العملان وعلى الأخص الأخير أبرزا قدرات فريد شوقي التمثيلية التلقائية عندما يرتدي قناع الشرير، كما أن يوسف شاهين أيضا عندما اختاره في فيلم “إسكندرية ليه” (1978) اختاره في دور شرير ولكن بملامح عصرية، حتى وإن كانت الأحداث تدور وقت الحرب العالمية الثانية.

فريد شوقي المُلقّب بـ”أبو البنات” يحتضن بناته رانيا ومها وناهد

ثبات الجبال.. أسرار ملك الأكشن

وجد فريد شوقي نفسه في سنوات قليلة -سبع سنوات فقط تقريبا- قد مثل ما يقرب من ثمانين فيلما، أغلبها ينتمي لأدوار الأكشن والشر، بتنويعاته سواء كان سبب الفراق بين الحبيبين، مدبر المكائد، أو الغريم الذي يُوقع بين العشاق. ربما يقتنع البعض بتفسير نجاحه في الأكشن، ويُرجعه إلى بنية فريد الجسمانية، معتقداً أنها ساهمت في ذلك بقدر كبير، إذ حققت المصداقية الكبيرة في قدراته وإمكانية الفوز والانتصار على خصومه.

لكن في تقديري أن هذه المؤهلات لم تكن وحدها قادرة على خلق تلك الأسطورة التي حملت اسم فريد شوقي، يُمكن استحضار نماذج عديدة من السينما المصرية ذاتها، فهناك شخصيات وممثلون لعبوا أدوار زعماء العصابات والفتوات، وكانوا مفتولي العضلات ومارسوا الأكشن وقاموا بالضرب والتكسير وهزيمة الأعداء، لكنهم لم يصنعوا اسما ولا تاريخا مشابها لفريد شوقي، ومنهم محمود فرج وحسن حامد وإبراهيم عبد الرازق، فقد برزوا في عدة أفلام، لكن نجمهم أفل سريعا ولم ينجحوا في الاستمرار في المقدمة.

كانوا مجرد أدوار في مرحلة، ولم يصعدوا لنجومية الصف الأول، وهذا ليس تقليلا من الأدوار الثانية، لكنهم حتى في تلك الأدوار لم يستمروا على نفس وتيرة النجاح، ولم يتركوا بصمة ثابتة مؤثرة كما فعل ملك الترسو. والأمر ببساطة يرجع لأن فريد شوقي لم يستسلم لنمطية الأدوار، حتى الأكشن عنده وظفه ضمن نوعيات فيلمية مختلفة، وهناك شخصيات رياضية جاءت من عالم كمال الأجسام، ومن عالم الرياضة بشعبيتها الجارفة، مع ذلك لم تنجح جماهيريا في عالم الفن السابع مثل الشحات مبروك.

إذن، لم تكن فقط القوة البدنية، أو التكوين الجسماني الرياضي الذي تمتع به فريد شوقي هي مبرر نجوميته فقط، أو تميمة الحظ لنجاحه في أدوار الأكشن وشخصيات الفتوة.

حنية ورقة.. متناقضات الحنجرة الذهبية

إن ما ساعد فريد شوقي على تحقيق تلك المعادلة التي حافظت على نجوميته هو وجود عوامل أخرى كثيرة -إلى جوار بنيته الجسدية- منها ثقافته ومطالعته المستمرة ومشاركته في صناعة العمل الفني، ليس فقط من خلال الإنتاج، ولكن أيضا من خلال المساهمة في كتابة السيناريو والحوار، والمشاركة في رسم بعض ملامح الشخصيات خصوصا الشعبية، إضافة إلى متابعة قضايا المجتمع ومشاكل الناس عن قرب.

ولا نغفل الدور المهم الذي لعبه عدد من المخرجين في مساعدة الملك على إتقان تلك الأدوار خصوصا في الأكشن ومنهم نيازي مصطفى، أشهر من برع في تقديم وتنفيذ الأكشن والحركة في السينما المصرية، والذي قدمه في فيلم “حميدو” (1953) ” و”فتوات الحسينية” (1954)، وكذلك أعماله البدوية مع كوكا -زوجة نيازي مصطفى- التي يُمكن وصفها بسلسلة أفلام عنتر ابن شداد قاهر كل الجيوش والأعداء.

كذلك ساعده المخرج حسن الإمام وعاطف سالم. فعندما سئل: عن أكثر مخرج أبرز فريد شوقي الذي تحبه؟ قال: “في الأكشن نيازي مصطفي، في الواقعية صلاح أبو سيف، عملت معاه عدداً من الأفلام ومنها “السقا مات”، كنت أحب أن أعمل معه، وأخيرا من الشباب الجدد مخرجون مثل أحمد يحيي، مخرج حساس، أخرج مني أشياء كثيرة. وكذلك حسين كمال وأشرف فهمي وسعيد مرزوق.

مع ذلك ورغم أن فريد شوقي كان يُشارك صناع أفلامه في الآراء أثناء الإعداد للعمل، فإنه ظل يحترم رؤية المخرج، وهو في ذلك يذكرنا تماما بموقف نور الشريف، فندرك إلى أي حد أثر الأستاذ على التلميذ، ومن أقواله في ذلك: “في البلاتوه لا بد أن يكون المخرج هو القائد، لكن أثناء مرحلة القراءة ومناقشة الورق أناقش و”أتخانق” مدة سنة أو6 أشهر، لكن وقت ما ندخل البلاتوه سيكون المخرج هو القائد وأنا عسكر.” إنها تقريبا نفس كلمات وآراء نور الشريف في احترام دور المخرج وعدم التدخل طالما بدأ التصوير.

عنصر إضافي بالغ الأهمية، يتمثل في صوت فريد شوقي. فإذ كانت عينيه تشتعل ببريق الذكاء والإرادة، فإن صوته كان قادراً على خلق صورة للعواطف والمشاعر الإنسانية، والذي نتخيل عبره عوالم عديدة تفوق البصر. كانت قوة أداء الملك تنبع من حنجرته. ربما، الأدق أن نقول أن صوته كان داعماً قوياً له، وعوض المبالغة في الأداء، فصوته قوي جهوري. مخارج الألفاظ عنده واضحة، سليمة. صوت تمثيلي قادم من القلب، لذلك أيضاً كان يصل إلى القلب.

في جميع أدواره كان فريد شوقي قادرا على التلون الصوتي، بدرجات متفاوتة، بل كان التلوين الصوتي عنده أكثر مهارة من التلوين في الملامح، فكان ماهرا جدا في المراوحة والتنقل بسهولة بين الحنيِّة والرقة، وبين العطف والحزن، وبين القسوة والتهديد، وبين الخضوع والأمر، وبين الجدية والسخرية، وبين المرح والغضب، وكان رنين ضحكته العالية يُثير البهجة وينثرها في جنبات دور العرض.

“حميدو”.. تكريس أقدام الملك في دفتر التاريخ

رغم نجاح وأهمية فيلم “الأسطى حسن” في تقديم فريد شوقي في أول أدوار البطولة عام 1952، لكن هذا النجاح لم يكن بسبب أداء فريد شوقي وحده، ويتناول قضية طبقية سكان أبو العلا في مواجهة سكان الزمالك، “الأسطى حسن” ميكانيكي بأجر ضعيف لا يكفيه هو وعائلته، وذات يوم تُعجب به سيدة من الزمالك، فيتخلى عن عائلته لأجل حياة الرفاهية والرخاء، إنه عمل فني خفيف الظل وممتع جدا خصوصا في الجزء الخاص بالحارة بكل أبطالها ماري منيب وهدى سلطان وشكوكو والسيد بدير. هذا أكثر جزء ممتع وساحر بالفيلم، أما الأداء عند فريد شوقي بهذا الفيلم فلم يتبدل منه شيء، ما عدا أننا نجده قد تخلى عن البحلقة أو التبريق ورفع الحاجب لأن الشخصية لم تكن شريرة، فهو هنا إنسان ناقم على فقره. الأساس في هذه النقلة كان السيناريو والقضية المطروحة عن الفوارق بين الطبقية الاقتصادية.

العمل الآخر الذي أعتبره قد نجح أكثر في أن يُدعم مكانة فريد شوقي هو فيلم “حميدو” 1953. كتب له القصة فريد شوقي، والسيناريو والحوار السيد بدير. والأخير أظهر فريد شوقي في صورة صياد بسيط فقير يتحول بذكائه ودهائه وتدبيره إلى الشجيع وتاجر المخدرات الذي لا تهزمه قوة أي رجل آخر، وكأنه هرقل. صحيح أنه حقق ذلك من خلال تجارة المخدرات لكنه ينال عقابه الإلهي في النهاية. إنه الفيلم الذي بدأ به الملك تكريس شخصيته الجديدة عند الجمهور. حتى الأفيش نفسه يقدم فريد شوقي على هيئة طرزان.

فريد شوقي يستلم جائزة الدولة عن فيلم “جعلوني مجرمًا” عام ‏‏1955، حيث نال أكثر من 92 جائزة خلال مشوراه الفني

“الشيطان يعظ”.. خفة دم ملازمة

كانت الكوميديا واحدة من أبرز المحطات في حياة فريد شوقي، خصوصا عندما عمل بمسرح نجيب الريحاني عقب وفاة عادل خيري، ثم نقل عددا من هذه المسرحيات إلى السينما فحققت نجاحا كبيرا، مع ذلك فقد كان أداءه من بدايته الفنية يشي بأنه كوميديان، فقد قدم الشرير بخفة ظل، وشارك في أعمال كوميدية متفرقة بدأها من “بيت الطاعة” (1953) من تأليف وإخراج وبطولة يوسف وهبي، ومعه هدى سلطان التي جاء اسمها في المقدمة بعد يوسف وهبي مباشرة في المقدمة، أما فريد فجاء اسمه بعد إسماعيل يس وقبل ماري منيب، ففي ذلك الوقت كان فريد شوقي ما زال يصعد سلم النجومية بالتدريج.

كانت الستينيات هي الفترة الأكثر خصوبة في الكوميديا، ثم تراجع العدد في السبعينيات، وازداد هذا التراجع في الثمانينيات والتسعينيات بشكل عام، إذا كانت الأفلام الاستعراضية قد عانت من ضعف ميزانيات الإنتاج التي أدت في النهاية إلى اختفائها، كما أن الكوميديا عانت من ضعف النصوص وسطحيتها مقارنة بالكوميديا في الستينيات والخمسينيات، لذلك كانت عودة فريد شوقي في الثمانينيات إلى أفلام الفتوات والأعمال الميلودرامية فقدم فيلم “الشيطان يعظ” و”سعد اليتيم” و”الغول” و”عفوا أيها القانون” و”مرزوقة”، و”الموظفون في الأرض”.

عندما نتأمل أقنعة فريد شوقي، ونتتبع ملامحه الشخصية سنجده متأثرا -بدرجات متفاوتة في أعماله- بمنهج “ستانسلافسكي”، حيث الاهتمام بالملامح الخارجية للشخصية، ليس فقط نغمة الصوت ومدى قوته أو رقته، أو ضعفه أو ارتعاشه، أو حنيته أو غضبه، أو توعده وتهديده، سواء في ضيقه أو لحظات مرحه وسخريته. كما يتجلى هذا التأثر بمنهج “ستانسلافسكي” في الملبس بأدق تفاصيله، في الحركات الطرفية والإيماءات الجسدية، بالأيدي والأصابع والوجه والعيون.

هكذا سنراه دائما مع جميع الأقنعة التي ارتداها، بكل أسماء الشخصيات التي اشتهر بها سواء كان هريدي أو الديناري أو جعفر أو الهلباوي أو الأسطى حسن أو المعلم حسن أو فتوة درب طياب حسن أبو الروس أو أبو حديد أو حسن أبو دراع في سواق نص الليل، وغيرها من الأقنعة المتنوعة للمهن التي حملت اسم حسن وقام بتقمصها في أفلام متعددة، وكأنما كان فريد شوقي يتفاءل باسم حسن.

 

حسن وحسنين.. حوار العمالقة

من المشاهد التي أستدعيها بهذا الشأن أداؤه في فيلم “بداية ونهاية” (1960) من إخراج صلاح أبو سيف. هنا مشهد المواجهة بين حسن (فريد شوقي) وأخوه حسنين (عمر الشريف) يُعد “الماستر سين” لفريد شوقي بالفيلم. من أجمل وأبرع مشاهده على مستوى الحوار والأداء. هنا تبدو قدرة شخصية حسن غير المتعلم على قراءة واستبصار بواطن شخصية أخيه الأناني حسنين الذي لا تهمه سوى نفسه، الذي استغل جميع إخوته وحتى جيرانه حتى أتم تعليمه وحقق مراده، من دون أن يشغل باله من أين كانت تأتي نفيسة بالمال الذي ظلت تمده به، ولا من أين كان يكسب حسن فلوسه؟

صحيح أنه كان متعاليا يُبدي ازدراءه من فكرة أن تعمل أخته خياطة، لكنه مجرد كلام من دون اتخاذ فعل، إذ لم يُلح على توقفها بل صمت إزاء إهانة والدته وتوبيخها له عندما قالت: “اتنيل أنت”، فقد ابتلع ريقه وصمت فورا، ثم حين بلغ مراده بدأ يطالبهم جميعا بما هو فوق طاقتهم، فطالبهم بالتوقف عن أنشطتهم وتغيير حياتهم، لأن مهنهم وعملهم الحالي غير مناسب لوضعه الجديد كضابط في الحربية، والآن صار يشعر بالخجل منهم أو الأحرى بالعار، كان يرى أنهم لا يؤثرون فقط على صورته ووضعه الاجتماعي والوظيفي ولكن وجودهم بهذا الشكل يُدمر مستقبله.

مشهد المواجهة يكشف حقيقة حسنين الذي يبدأ حديثه بنظرات وكلمات تُوحي بعدم رضاه عن عمل أخيه. فيما يلي تلخيص مكثف لمضمون الحوار بينهما:

– حسنين: محدش يخاف من البوليس غير المجرمين.

– حسن: انت عارف من زمان إني واحد من المجرمين دول.

– حسنين: أنا جاي أكلمك في الموضوع ده بالذات، أنا خايف عليك.

– حسن: وليه الكلام ده ما قلتوش من زمان، أنا فاهمك صح، أنت خايف على نفسك، بتحب مصلحتك وبس، أنا هأقولك أنا بأشتغل إيه لو مكنتش عارف، أنا بأشتغل فتوة في درب طياب، وعايش مع البت دي، وبأتاجر في المخدرات.. عرفت بقى؟

– حسنين: وليه ما تبعدش عن الشغلانة الوحشة دي وتدور على شغلانة شريفة؟!

– حسن: عاوزني أرجع صبي ميكانيكي تاني؟ العيشة الوحشة اللي بتقول عليها دي هي اللي عملتك ظابط، الشغلانة الوحشة دي هي اللي خلت حسنين يستلم وظيفته، هو صبي الميكانيكي كان يقدر يعمل الحاجات دي؟

– حسنين: أنا قلبي عليك.

– حسن: قلبك فيه الخير.. متخافش عليَّ، أو بالعربي، متخافش على نفسك، افترضني مش موجود، احتسبني من الأموات.

– حسنين: يعني مفيش فايدة ترجع عن سيرك ده؟

– حسن: ممكن أرجع، بس على شرط.. أنا صرفت عليك من مال حرام. اخلع البدلة دي وتعالى نبتدي من جديد.

هنا، يهتز حسنين ويرتبك ويعيد ضبط هندامه. لا يرد.. ملامح حسن تتأمله كأنه كان يُدرك ذلك جيدا، كأنه كان يتعمد محاصرته لكشف حقيقته، لقد صار كالفأر في مصيدة مغلقة عليه، يقول الأخ الأكبر حسن: دي ما تقدرش تعملها. مش كدا؟

يهم حسنين بالخروج ويسير في اتجاه الباب، لكن الوجع والحزن يبدوان جليين على ملامح حسن الأخ الأكبر، كأنه حزين للموقف بينهما، فصحيح أن حسن تورط في أعمال المخدرات والبلطجة، لكن قلبه ظل كبيرا ممتلئا بالحب والعاطفة تجاه أسرته وإخوته وأمه، وهذه العاطفة كانت واضحة جلية مثل الشمس طوال مشاهده بالعمل.

“السقا مات”.. عمل سينمائي متفرد

إن قناع شحاتة أفندي الذي ارتداه فريد شوقي في “السقا مات” يُعادل رمز الحياة في مقابل الموت الذي يواجهه هذا الرجل في عمله، وكذلك الموت الذي يعيشه عزت العلايلي، وذلك ضمن الأحداث في القاهرة في عشرينيات القرن الماضي.

البطل الرئيسي هنا هو شوشة السقا الذي يقوم بدوره عزت العلايلي، لكن دور شحاتة أفندي (فريد شوقي) هو أيضا أساسي وبطل آخر، بل لا يمكن الاستغناء عنه ولا تقوم للفيلم قائمة بدونه، إنه الشخصية التي في وجودها تشكل العامل المحفز، وتبدأ مصائر الشخصيات الأخرى في التبدل. بعضها يتزلزل، لقاء التعارف بينه وبين شوشة، ثم السكن في بيته، ثم لاحقا عندما يُدرك شوشة المهنة الحقيقية لشحاتة أفندي ويعلم أنه مطيباتي (أي يقوم بتوصيل الموتى لمثواهم الأخير)، هنا يرتبك شوشة ويحاول أن يفر من حجرته.

يُدرك شحاتة أفندي مشاعر ومخاوف شوشة، فيصارحه من تلك اللحظة عبر الكلام والنقاش والمواجهة يكسر حائط الخوف والقشعريرة التي كانت قد أصابت شوشة، خصوصا منذ وفاة زوجته وحبيبته. يبدأ شحاتة أفندي في حث شوشة على الزواج وعلى الاستمتاع بالحياة.

نراه هو نفسه يفعل ذلك في مشاهد بديعة منها مشهده وهو يأكل في المسمط من دون أن يكون معه مال، لكنه يغازل تحية كاريوكا صاحبة المسمط مما يعرضه للضرب، وسيقوم العمال بنزع ملابسه عنه، كذلك مشهده وهو يستعد لليلة لقاء شويكار ويعد الطعام بشهية كبيرة، ويتناول الأشياء التي منحها له العطار ليزيد قدراته الجنسية، ثم الختام بصناعة فنجان القهوة، والتلذذ بلعق بقايا فنجان القهوة بإصبعه. مشهد إعداد الطعام لوحده بديع، وتتجسد فيه الرمزية الحسية القوية من دون أي مبالغة.

لذلك فلو لم يقدم فريد شوقي في تاريخه السينمائي سوى فيلم “السقا مات” (1977) للمخرج صلاح أبو سيف، لدخل به فريد شوقي في عداد أهم نجوم التمثيل بمصر والعالم.