كواكب المجموعة الشمسية.. أحد عشر كوكبا ويزيد

كواكب المجموعة الشمسية

لطالما راود حلم غزو الفضاء واستعمار الكواكب أفئدة البشر، فنظروا عبر تلسكوباتهم ومن خلال مركبات الفضاء التي أرسلوها علَّهم يجدون موئلا يلجؤون إليه يوما بعد دمار الأرض إثر حرب بيولوجية أو نووية أو مغناطيسية، فكيف تبدو تلك العوالم القريبة منا وما هي خصائصها؟

في هذه الرحلة عبر المجموعة الشمسية، سنسبر مع القارئ الكريم أغوار الكواكب لنتعرف عليها عن قرب وتفصيل، إذ أنّ أصل الأرض والإنسان والمجوعة الشمسية واحد نشأوا جميعا من تلك الغيمة السديمية الأولى التي تمركزت فيها الشمس ومن حولها الكواكب والكويكبات والأقمار والمذنبات وغيرها من أعضاء المجموعة الشمسية.

كواكب المجموعة الشمسية.. بنات الشمس الطوافة

تدور حول الشمس مجموعة من ثمانية كواكب وستة كواكب قزمة مكتشفة حتى الآن (2024)، ويمكن تقسيمها إلى

كواكب داخلية وأخرى خارجية، فعطارد والزهرة والأرض والمريخ هي كواكب داخلية (Internal Planets)، وتدعى أيضا الكواكب الأرضية لكونها تتركب من مواد مثل التراب والصخور والحجارة، وأما المشتري وزحل وأورانوس ونبتون فهي كواكب خارجية وهي كواكب غازية وسائلة، لكونها تتركب من غازات وسوائل.

الشمس والمجموعة الشمسية

عند النظر إلى الكواكب الداخلية نجد أنها تتميز جميعا بصغر حجمها مقارنة بأحجام الكواكب العملاقة الغازية، كما أنها جميعا قريبة من الشمس نسبيا، فأبعدها عن الشمس هو كوكب المريخ الذي يبعد 1,6 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية هي المسافة بين الأرض والشمس وتعادل 150 مليون كيلومتر)، كما أن كوكبين من هذه الكواكب الداخلية وهما عطارد والزهرة لا يملكان أقمارا تدور حولهما، في حين أن الأرض يملك قمرا والمريخ اثنين. وتتميز هذه الكواكب بكبر كثافتها مقارنة بالكواكب الغازية الخفيفة.

عطارد.. طفل الشمس الصغير

عطارد (Mercury) هو أقرب الكواكب إلى الشمس وأسرعها، فهو يدور حولها في 88 يوما ويبعد عنها مسافة (0.39) وحدة فلكية أي ما يعادل 58 مليون كيلومترا، ويدور حول نفسه في 58.5 يوما أرضيا، وهذا يعني أنه في الوقت الذي يكمل فيه دورتين حول الشمس يكون قد أكمل ثلاث دورات حول نفسه. ويتميز هذا الكوكب الذي يبلغ قطره حوالي 4900 كيلومتر بتضاريسه البركانية والنيزكية، إذ إن سطحه مليء بالفوهات البركانية والنيزكية التي يبلغ قطر أعظمها 1300 كيلومتر، كما أن عطارد بسبب قربه الشديد من الشمس فإنه لا يملك غلافا جويا، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة حرارة سطحه في الجهة المقابلة للشمس لتصل نحو 400 درجة مئوية، في حين تنخفض في الناحية البعيدة إلى 170 درجة مئوية تحت الصفر.

فوهات كوكب عطارد بعدسة مركبة الفضاء “ماسنجر” التي وصلته في عام 2008 وارتطمت بسطحه عام 2015

وقد اشتق اسم “عطارد” الجذر “طرد” كناية عن سرعة ظهوره واختفائه بالقرب من الشمس صباحا أو مساء.

ولأن كوكب عطارد يدور في مدار بين الأرض والشمس، فإنه يرينا أطوارا كأطوار القمر، حاله كحال كوكب الزهرة الذي يليه في المدار، سوى أن عطارد يظهر صغيرا جدا بالتلسكوبات مقارنة بكوكب الزهرة الأقرب والأكبر حجما.

وقد زارت كوكب عطارد مركبتا فضاء؛ الأولى “مارينر10” التي طافت به ثلاث مرات في عامي 1974 و1975، والثانية مركبة “ماسنجر” في عام 2008 وطافت به مرات عديدة بين عامي 2008 و2015. والآن، في طريق الوصول إليه تسافر مركبة “بيبي كولومبو” التي غادرت الأرض في أكتوبر 2018، ومن المتوقع وصولها إليه في الأول من أكتوبر/تشرين أول سنة 2021 المقبلة.

الزهرة.. آلهة الحب والجمال

اشتهر كوكب الزُّهَرة (Venus) بأكثر من اسم عبر التاريخ مثل نجم الصباح ونجم المساء، وعشتار وفينوس وآلهة الحب والجمال والعزّى (الصنم المعروف) وآفروديت وغيرها من الأسماء التي أطلقتها عليه الحضارات المختلفة عبر التاريخ كالحضارة الإغريقية والرومانية والبابلية والعربية. فالزهرة هو أشد الأجرام السماوية لمعانا بعد الشمس والقمر، وتتخذ منه الأشياء المجسمة ظلالا في ليالي الصحراء التي يغيب فيها القمر حين يكون هو متألقا فيها، وبسبب لمعانه الشديد قدّسته جميع الأمم والحضارات، حتى أن الإغريق عبدوه اعتقادا منهم أنه الآلهة “فينوس” آلهة الحب والجمال.

الزهرة هي ثالث ألمع أجرام السماء بعد الشمس والقمر، وتظهر بأطوار كأطوار القمر لأنها كوكب داخلي

والزهرة أقرب كواكب المجموعة الشمسية إلينا، ويكاد قطره يطابق قطر الأرض (95% من قطرها)، ولذلك يدعى توأم الأرض، إلا أن الغريب في هذا الكوكب هو أن مدة دورانه حول الشمس (السنة)، أقصر من مدة دورانه حول نفسه (اليوم)، فهو يدور حول نفسه في 243 يوما، وحول الشمس في 224 يوما.

وللزهرة غلاف جوي سميك جدا يبلغ سمكه 30 كيلومترا، يتكون أساسا من غاز ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين ‎ويعمل ثاني أكسيد الكربون على سطحه عمل البيت الزجاجي (ظاهرة الدفيئة) فيسمح للحرارة بالدخول إليه ويمنعها من الخروج منه، ولذلك ترتفع درجة حرارته حتى تصل إلى 475 درجة مئوية، وهي حرارة كافية لصهر الرصاص، ولا تنخفض عن ذلك أبدا، ولولا هذا الغلاف الجوي كما هو حال الأرض، لما احتفظ بتلك الحرارة ولبردت الناحية البعيدة منه عن الشمس كما يفعل كوكب عطارد.

نجم الصباح والمساء

وقد اكتشف العلماء في منتصف الخمسينيات إثر استخدامهم للرادارات التي استخدمت في الحرب العالمية الثانية أن كوكب الزهرة الذي لا يرى سطحه بواسطة التلسكوبات بسبب غلافه الجوي السميك، يدور حول نفسه من الشرق إلى الغرب؛ أي بعكس حركة دوران الكواكب جميعا حول نفسها من الغرب إلى الشرق، وبذلك يكون الكوكب الوحيد الذي يخالف النظام في المجموعة الشمسية. وقد أدى هذا الاكتشاف إلى الإخلال بالنظرية المقبولة بتكون المجموعة الشمسية إلى ان أن وُضع تفسير علمي لذلك، وهو أنه قد تعرض لضربة قوية قلبت محور دورانه 180 درجة.

كوكب الزهرة الساطع يُرى عادة مرافقا للهلال بعد غروب الشمس، ويُرى عطارد والمشتري أحيانا

وحين دارت مركبة الفضاء غاليليو حوله في عام 1994 وأنزلت عليه مسبارا، ظهر أمر غريب آخر لم يكن العلماء يتوقعونه، فقد التقط المسبار عددا كبيرا من الصور لسطح الكوكب حمل معظمها حقيقة غريبة هي أن سطح الزهرة يعج بالبراكين الحية، تماما كما لو كانت الزهرة تمرّ بإحدى مراحل تطوّر الأرض من قبل.

ويرى الزهرة مثل عطارد لامعا في الصباح أحيانا وفي المساء أحيانا أخرى، قبيل الشروق أو بعيد الغروب، وربما شوهد قبل المغرب بساعة أو نحوها بسبب لمعانه الشديد الذي لا تطغى عليه أشعة الشمس، خاصة حين يقع في أقصى استطالة شرقية له على مسافة 47 درجة فوق الأفق الغربي.

كما أنه الكوكب الذي رآه سيدنا إبراهيم حين حاجّ قومه الذين كانوا يعبدون الكواكب: “فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ”، سورة الأنعام الآية 76.

الأرض.. كوكب الحياة النادر

أما كوكب الأرض فهو الكوكب الأزرق بسبب وجود الماء عليه، ويتميز كذلك بتوفر الصفات اللازمة للحياة، من حيث بُعده المناسب عن الشمس، ووجود غلاف جوي يحميه من الأشعة القاتلة المنهمرة عليه من أنحاء الفضاء وخاصة من الشمس ومن هروب الماء عن سطحه، وبفصوله الأربعة التي تعمل على توزيع الحرارة على سطحه خلال السنة، وسبب تعاقب هذه الفصول ميلان محور الأرض 23.5 درجة عن العمودي على مستوى دورانها حول الشمس.

الأرض.. كوكب الهواء والغلاف الجوي والماء السائل (وجعلنا من الماء كل شيء حي)

وأما لون السماء الأزرق الذي نراه في النهار فما هو إلا تشتت أشعة الشمس في الغلاف الجوي للأرض إذ يعمل الغلاف الجوي عمل المنشور فيحلل الضوء الأبيض القادم من الشمس إلى ألوانه السبعة المعروفة فيظهر الأزرق نهاراً والأحمر عند الغروب. أما لون البحر فهو لنفس السبب، لكن ليس لانعكاس لون السماء، بل لتشتت أشعة الشمس في الماء الشفاف الذي يعمل بنفس مبدأ عمل الهواء لكنه أكثر كثافة مما يجعل لون الماء أكثر زرقة ويميل أحيانا إلى اللون الفيرزوي (التركواز).

ولقد جاء ذكر أهمية الغلاف الجوي في القرآن الكريم كعنصر أساسي لحفظ الحياة على الأرض، فلولاه لما أبقت الشهب ولا الأشعة الكهربائية الشمسية والكونية ولا الأشعة فوق البنفسجية التي تحجبها طبقة الأوزون أي نوع من الكائنات الحية حيا عليها، يقول الله تعالى: (وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ) سورة الأنبياء، الآية 32.

المريخ.. شبيه الأرض الأحمر

أما آخر كواكب المجموعة الأرضية فهو كوكب المريخ (Mars)، وهو كوكب صغير نسبيا إذ يبلغ قطره 6800 كيلومتر، أي حوالي نصف قطر الكرة الأرضية. في حين تبلغ سنة المريخ 687 يوما أرضيا، أي ما يقارب سنتين أرضيتين، وأما يومه فيقارب اليوم الأرضي 24,5 ساعة (أطول من يوم الأرض بـ38 دقيقة)، إلا أن أجمل ما يميز المريخ أن محور دورانه حول الشمس يميل بزاوية قدرها 24 درجة، وهي زاوية تقارب زاوية ميلان محور الأرض 23,5 درجة، وهذا يعني أنه يمر بفصول كالتي نمرّ بها على الأرض باختلاف واحد هو أن طول الفصل الواحد عنده يعادل ضعفي الفصل الأرضي أي حوالي ستة أشهر لكل فصل.

كوكب المريخ الأحمر عرفته العرب بهذا الاسم بسبب لونه، يتميز بوجود مناطق داكنة على سطحه وبثلوج الماء كذلك

ومن الناحية الحياتية يعد المريخ أقرب الكواكب في ذلك إلى الأرض بسبب درجة حرارة سطحه المعتدلة نسبيا مقارنة ببقية الكواكب، والتي يصل أعلاها إلى 20 تحت الصفر، وأيضا بسبب وجود غلاف جوي رقيق حوله مكوّن من بعض الغازات بنسب قليلة مثل ثاني أكسيد الكربون والنيتروجين. ومع ذلك، فإن كثافة هذا الغلاف تنخفض مائة مرة عن كثافة غلاف الأرض الجوي. أما اللون الأحمر للكوكب، فيعود لوجود كمية كبيرة من أكسيد الحديد (الصدأ) على سطحه، خصوصا أيام العواصف الغبارية التي تعمّ سطحه في أحيان كثيرة.

ورغم أن المريخ يقترب منا حتى مسافة 56 مليون كيلومتر، فإنه رغم ذلك يظل يظهر قرصا صغيرا من وراء عدسات التلسكوبات، لكنه مع ذلك يرينا بعض ملامحه الداكنة واللامعة، وهذا الاقتراب يدعى “التقابل” ويحدث حين يلتقي الأرض والمريخ في مداريهما بالقرب من بعضهما كل 15 و17 سنة على التوالي، كما حدث في الأعوام 2003 و2018 والمرة القادمة في عام 2033. وعلى هذا القرص يظهر أجمل المناظر التي تميز هذا الكوكب وهو القبعة الجليدية التي تغطي قطبه الجنوبي والمكونة من جليد غاز ثاني أكسيد الكربون أسفله جليد الماء.

التحيّر.. طبع المريخ

ويلمع كوكب المريخ دائما بين النجوم بلونه الأحمر القاني، ويسير متحركا بينها بسرعة ملحوظة بين الليلة والتي تليها، وهو أفضل الكواكب التي ترينا “ظاهرة تحير الكواكب” (Retrograde Motion) لأنه كوكب ذو مدار خارجي بالنسبة للأرض؛ فأثناء حركته من الغرب إلى الشرق، وبسبب سبق الأرض له في مدارها نراه يتوقف فجأة ثم يعود القهقرى إلى الغرب أي بعكس اتجاه حركته الأولى، ثم بعد بضعة أيام يتوقف مرة أخرى ليعاود حركته الأولى كما كان، بعد أن تكون الأرض تعدته مسافة إلى الأمام. ويشاركه في هذه الظاهرة كل الكواكب الخارجية التي تليه، لكن تحيرها أقل ظهورا وملاحظة لبطئها وطول مدة التحير.

الحركة التحيرية هي حركة كوكب المريخ من الغرب إلى الشرق ثم عودته إلى الغرب ثم إلى الشرق مرة ثانية

ويدور حول المريخ قمران صغيران جدا هما فوبوس وديموس؛ ويُعتقد بأنهما أسيران أخذا من حزام الكويكبات، وهما يشبهان حبتيْ البطاطس، فقطر فوبوس 23 كيلومترا ويكمل دورته حول المريخ في حوالي سبع ساعات ونصف، في حين أن قطر ديموس 12 كيلومترا فقط، ويكمل دورته في حوالي 30 ساعة.

وقد حظي كوكب المريخ بأكبر عدد من مركبات الفضاء الاستكشافية بلغ عددها 59 مركبة فضاء جميعها غير مأهولة، وذلك بحلول نهاية 2019، وقد نجحت بالهبوط على سطحه منها 8 مركبات هابطة (Landers)، أولها مركبة الفضاء “فايكنغ-1” في عام 1975، ثم تبعتها فايكنغ-2 في عام 1976، ثم مركبة “باث فايندر- سوجورنر” في عام 1997، ثم مركبتا “سبيريت” و”أبورتشتونيتي” في عام 2004، ثم مركبة “فينيكس” في عام 2008، ثم مركبة “كيريوسيتي” في عام 2012، ثم مركبة “إنسايت” في عام 2018.

أما تلك التي نجحت باتخاذ مدار حول الكوكب فبلغ عددها 12 مسبارا دوّارا (Orbiter)، وهي “مارس2+3” “مارينر” و”فايكنغ1+2″ و”مارس جلوبل سيرفييور” و”مارس أوديسي” و”مارس إكسبرس” و”مارس أوربيتر-مانغاليان” و”مافين” و”إكزومارس” و”مارس ريكونانس”. وتتسابق الدول ذات القدرات الفضائية على محاولة إرسال مركبات مأهولة إلى المريخ في غضون السنوات العشرين المقبلة، ومن بين هذه الدول الهند والصين وأمريكا والاتحاد الأوروبي وروسيا.

ميلان الكواكب.. أسرار الدوران

تختلف الكواكب في ميلان محاورها عن الخط العمودي على مستوى مدار البروج، فميلان الأرض البالغ 23,5 درجة يسبب تعاقب الفصول عليها، في حين أن ميلان محور كوكب أورانوس بـ98 درجة يجعله يواجه الشمس بقطبيه الشمالي والجنوبي بدلا من مواجهته لها بخط استوائه كما تفعل الكواكب الأخرى.

في بداية تَشكّل المجموعة الشمسية، أدت الارتطامات الكوكبية المتتالية بها إلى تغيير اتجاه محاورها قليلا أو كثيرا

وكذلك فإن ميلان الزهرة بمقدار 177 درجة يجعله يدور حول نفسه من الشرق إلى الغرب بعكس اتجاه الكواكب من الغرب إلى الشرق. والصورة المجاورة توضح المفهوم وتبين درجات الميلان المختلفة لكل كوكب.

حزام الكويكبات.. عوالم مظلمة تهدد الحياة

يقع حزام الكويكبات بين مداري المريخ والمشتري وهو حزام من أعداد هائلة من الكويكبات مكونة من ملايين القطع الكبيرة والصغيرة.

وقد وجد العلماء بأن هذه الكويكبات هي عوالم قاحلة وصغيرة ومظلمة، لكن لها نفس تركيب الكواكب الداخلية من الحجارة والمعادن، ولصغرها فليس لها جاذبية تحتفظ بغلاف جوي حولها، بل إن درجات حرارتها تنخفض لأقل من مائتين تحت الصفر، وبذلك فلا يمكن أن يكون عليها حياة، أما الغريب فيها امتلاك بعضها لقمر أو اثنين يدوران حوله، وعدد هذه الأقمار منذ بداية الاكتشاف سنة 1978 وحتى عام 2019 هو 35 قمرا.

تم اكتشاف أول كويكب بين المريخ والمشتري في عام 1801 ليعثر العلماء بعد ذلك على ألوف شكلت حزام الكويكبات

وتدور الكويكبات حول الشمس في مدارات إهليليجية واسعة وفي نطاق عرضه 175 مليون كيلومترا. ومع ذلك فإنها لا تنتشر فيه بانتظام، حتى إن بعضها ينحرف عنه انحرافا كبيرا فيقترب بعضها من الأرض، وربما اقتربت أخرى من مدار عطارد. ففي عام 1937 اقترب الكويكب هرمس من الأرض لمسافة 780 ألف كيلومترا، أي مثل بعد القمر مرتين. ويتفق العلماء بأن قمري المريخ فوبوس وديموس كويكبان أسرهما المريخ بجاذبيته. والأمر نفسه يقال عن أقمار المشتري الخارجية وعن قمر زحل فيبي (Phoebe) وعن القمر “نيريد” حول أورانوس وعن كثير من أقمار الكواكب العملاقة خاصة التي تدور حول كواكبها باتجاه عقارب الساعة مخالفة لاتجاه دوران الأقمار الطبيعية. ويعود سبب عدم لمعان الكويكبات إلى قلة معدل عكسها لأشعة الشمس الساقطة عليها، ويشذ عنها كويكب “فيستا” ثاني الكويكبات اكتشافا بعد “سيريس”، فهو أفضلها عكسا لما يقع عليه من الضوء ولذا يبدو لامعا، فهو الوحيد الذي يمكن أن يرى بالعين المجردة. ويمكن رؤيتها بواسطة التلسكوبات والمناظير إذا ما توفرت مواقعها على خريطة النجوم.

عمالقة غازية.. كواكب الحلقات المقمرة

تشترك الكواكب الخارجية التي تضم المشتري وزحل وأورانوس ونبتون بكونها جميعا كواكب غازية عملاقة تتكون من غاز الهيدروجين أساسا ومن الهيليوم والميثان والإيثان وبعض الغازات الأخرى بكمية أقل، بعضها على شكل غازات وبعضها الآخر على شكل سائل.

الكواكب الخارجية العملاقة تشترك جميعا بأنها غازية ولها أقمار كثيرة تدور حولها

لكن أغرب ما تشترك فيه هذه الكواكب أنها جميعا تملك حلقات تدور حولها كالتي حول كوكب زحل لكنها أقل عددا وسُمكا، ولذلك فهي لا ترى من الأرض، كما تشترك هذه الكواكب في كثرة الأقمار التي تدور حولها، فقد ازدادت اكتشافات الأقمار مع بداية القرن الحادي والعشرين وحتى اليوم ليبلغ مجموع ما يدور حول كواكب المجموعة الشمسية من أقمار مع نهاية عام 2023 إلى 299 قمرا.

المشتري.. الذي اشترى الحسن والجمال لنفسه

المشتري (Jupiter) هو عملاق كواكب المجموعة الشمسية، حيث يبلغ 71% من مجموع كتلتها مجتمعة، ويفوق حجمه حجم الكرة الأرضية بـ1318 ضعفا. أما كتلته وحده فتزيد على مجموع كُتل بقية الكواكب بضعفين ونصف، وتفوق الأرض بـ318 مرة.

وليس هذا فحسب بل إنه الأسرع دورانا حول نفسه بين جميع الكواكب، حيث يتم دورة واحدة كل عشر ساعات، بسرعة دوران تبلغ 45300 كيلومتر في الساعة، مقارنة بسرعة الكرة الأرضية حول نفسها البالغة 1670 كيلومتر في الساعة، وهي السرعة المحسوبة عند خط استواء كل من الكوكبين.

المشتري وقطبه الشمالي وبقعته الحمراء العظيمة بعدسة مركبة الفضاء كاسيني في عام 2003

وبسبب هذه السرعة الهائلة وتكوينه الغازي فإنه يتفلطح عند القطبين ليختلف قطره الاستوائي البالغ 71500 كيلومتر عن قطره القطبي البالغ 67850 كيلومترا بفارق يربو على 3600 كيلومتر، ويترتب على هذه السرعة العظيمة أيضا أنها تخلق مجالا مغناطيسيا قويا يحيط الكوكب بغلاف مغناطيسي أشد من مجالنا المغناطيسي بأربعة عشر ضعفا يمتد حتى يحمي أقمار المشتري الأربعة الكبيرة وهي “غانيميد” و”يوروبا” و”كاليستو” و”أيو”، ولو استصلح أحدها للحياة فلن يكون ثمة خطر من الإشعاعات الشمسية الخطرة ولا الأشعة الكونية كذلك، لكن تبقى ضرورة وجود غلاف جوي مناسب وبعض الماء السائل.

ويعد كوكب المشتري النموذج المثالي لأكثر من 90% من الكواكب النجمية المكتشفة في المجرة بعيدا عن مجموعتنا الشمسية، لكن أكثر تلك الكواكب تدعى مُشترِيات (جمْع مُشتري) ساخنة لقرب كل منها من نجمه الأب، وحين تُرسم هذه الكواكب فإنها ترسم بشكل أقرب ما يكون إلى شكل المشتري وحجمه.

المُشترِيات الساخنة

أما أقمار المشتري فقد اكتشف منها حتى نهاية (2023) 92 قمرا، وهو صاحب ثاني أكبر عدد من الأقمار في المجموعة الشمسية بعد كوكب زحل، ويظن العلماء استقصاء بأنه من المحتمل أن يكون متوسط عدد أقمار المشتري مائتي قمر أكثرها بقطر أقل من عشرة كيلومترات يصعب رصدها حتى بواسطة مركبات الفضاء المقتربة منه.

ولأن المشتري لا يخذل الناظر إليه أبدا، فيمكن لأي منظار ثنائي أن يرى أقماره الأربعة الكبيرة المعروفة بأقمار “غاليليو”، وهي بترتيب قطرها: “غانيميد” (5262 كم) وهو أكبر من كوكب عطارد (4878 كم)، ثم “كاليستو” (4800 كم)، يليه “أيو” (3630 كم)، وأخيرا “يوروبا” (3138 كم). وللمقارنة فإن قطر قمر الأرض هو (3476) كم.

أكثر الكواكب المكتشفة خارج المجموعة الشمسية، كواكب شبيهة بالمشتري حجما لكنها أقرب وأشد حرارة

كما أن لهذا الكوكب المميز ثلاث حلقات شبيهة بحلقات كوكب زحل مع فارق اللمعان، إذ إن حلقات المشتري شديدة الخفوت، وهي ناتجة عن تطاير الغبار من سطوح أقماره الكبيرة بسبب اصطدام النيازك بها وتحرير كميات منها اتخذت حول المشتري مدارا بسبب جاذبيته العظيمة، فجاذبيته الناجمة عن كتلته الكبيرة  أشد من جاذبية الأرض بنحو ضعفين ونصف ( 2.64 مرة)، فالشخص الذي يزن على الأرض ستين كيلوغراما (الأصح علميا أن نقول إنه يزن 600 نيوتن) سيزن على المشتري 158 كيلوغراما أي 1580 نيوتنا، هذا إذا وجد مكانا يقف عليه هناك أصلا، إذ إن الكوكب غازي لا سطح صلبا له.

ولأهمية هذا الكوكب فقد مرت به سبع مركبات فضائية هي “بيونير10″ (عام 1973 و1974) و”فوياجر 1+2″ (1979) و”أوليسز” (1992) و”كاسيني” (2000) و”نيو هورايزون” (2007). وأما تلك التي وصلته ودارت حوله فهي: “غاليليو” (1995-2003) و”جونو” (2016).

معالم على سطح المشتري

غير أن أهم مظاهر كوكب المشتري عند النظر إليه من خلال الصور أو عبر عدسات التلسكوبات الكبيرة نسبيا إلى جانب الحزامين الغيميين الرائعين في وسط الكوكب؛ هو ظهور البقعة الحمراء العظيمة التي يجزم العلماء بأنها إعصار في الغلاف الجوي للكوكب بارتفاع يبلغ ما بين 12 و14 ألف كيلومتر وطول يعادل 24 ألف كيلومتر مما يجعل هذه البقعة كبيرة بحيث تتسع لكرتين أرضيتين، وتختلف البقعة عن غيوم المشتري التي تظهر على شكل أحزمة جميلة تدور فوقه على ارتفاع خمسين كيلومترا فقط.

ولأن كوكب المشتري رابع ألمع أجرام السماء بعد الشمس والقمر وكوكب الزهرة، فإنه حين يظهر يبدو لامعا ساطعا، وهو السبب الذي جعل العرب تطلق عليه اسم المشتري، فقد اشترى الحسن والجمال لنفسه، وهو أطول الكواكب مُكثا في السماء.

تعتبر البقعة الحمراء العظيمة أهم المعالم التي تميز كوكب المشترى إلى جانب حزاميه الغيميين

والمشتري أكبر كواكب المجموعة الشمسية، ولذلك فهو -رغم بعده البالغ 800 مليون كيلومتر- يسطع بلونه الأبيض ولا يفوقه في اللمعان سوى ظهور محطة الفضاء الدولية، وهو جِرم سماوي سهل لكل من أراد أن يرى كوكبا حقيقيا حتى باستخدام أصغر التلسكوبات.

والجميل في المشتري هو أنه عظيم في كتلته بحيث لو كان أكبر من ذلك بـ84 مرة لتحول إلى نجم، ولأصبح هناك نجمان في مجموعتنا الشمسية. فالمشتري في معظمه مكون من غاز الهيدروجين وبعض الهيليوم والغازات الأخرى مثل الأمونيا والميثان والكربون. وبسبب كتلته وضغطه الهائلين فإن غازاته هذه تحولت إلى سائل فأصبح المشتري بذلك كوكبا سائلا. وأخيرا، فإن المشتري يطلق من الحرارة ضعفي مثل ما يصله من الشمس، وذلك لأنه كوكب حيّ من الداخل.

زحل.. ملك الجمال المختال

زحل (Saturn) هو الكوكب ذو الحلقات، وهو الكوكب الوحيد الذي يعرفه الجميع، فنظام حلقاته فريد في منظره دون سائر كواكب المجموعة الشمسية، وهو ثاني أكبر الكواكب بعد المشتري لكنه كوكب قليل الكثافة، إذ لو وضعناه على سطح محيط مائي كبير يتسع له لَطَفا على سطح ذلك المحيط، وبالرغم من أنه يأتي بعد المشتري في ترتيبه إلا أنه يقع عند ضعفي المسافة من الأرض أي على بعد 1.4 مليار كيلومتر، ومع ذلك فإنه يظهر في التلسكوب كبيرا بسبب حلقاته.

أوضح صورة في تاريخ كوكب زحل، التقطتها مركبة كاسيني في طريقها إليه عام 2003

ويعد زحل أجمل كواكب المجموعة الشمسية بسبب حلقاته التي تضفي عليه رونقا خاصا من الجمال، حتى أصبح كل من يراه من وراء عدسة التلسكوب يقول عبارة: “كالذي نراه في الصورة”، وذلك لإدراكه جمال هذا الكوكب. وهذه الحلقات ما هي إلا ملايين القطع الصخرية والقطع الجليدية من الغازات المتجمدة لا تتجاوز أقطارها المترين أو الثلاثة على الأكثر وتدور جميعا في مدارات (حلقات) متراصة يمكن تمييز سبعة منها بالتلسكوبات الكبيرة، بينما هي آلاف تظهر في الصور الملتقطة لها بواسطة مركبات الفضاء، ومع ذلك فإن سُمك هذه الحلقات لا يتجاوز الكيلومترين.

تايتان.. من الأسطورة إلى الحقيقة

وتدور حول زحل مجموعة من 145 قمرا، وهو أكبر عدد أقمار مكتشف حول كوكب حتى نهاية 2023، وقد زارته خصيصا مركبة الفضاء “كاسيني” التي أطلقت نحوه يوم 15 أكتوبر/تشرين الأول 1997، ووصلته في الأول من شهر تموز/يوليو من العام 2004، وظلت تدور حوله إلى أن تم إسقاطها في غلافه الجوي يوم 15 سبتمبر/أيلول 2017.

و”كاسيني” هو اسم العالم الذي رأى الفراغ الداكن بين حلقات زحل أول مرة، وأكبر أقمار زحل هو “تايتان” ويبلغ من القطر أكثر من خمسة آلاف كيلومتر، أي أنه أكبر من كوكب عطارد، وبالطبع أكبر أيضا من كوكب بلوتو نفسه ومن قمرنا، ويظهر واضحا بالتلسكوب كنقطة مرافقة لزحل. وقد نجح المسبار “هويجنز” الذي حملته مركبة “كاسيني” بالهبوط على سطح “تايتان” في بداية العام 2005 والتقط له الكثير من الصور.

مسبار “هويغنز” الذي أنزلته مركبة كاسيني على سطح القمر تايتان يحصل بكاميرته هذه الصورة الرهيبة

ويدور زحل حول نفسه في عشر ساعات فقط، إلا أنه يدور حول الشمس في 29,5 سنة، وهذا يعني أنه لا يتحرك بين نجوم السماء إلا ببطء شديد بين السنة والأخرى، وهذا هو سبب تسميته، فالزّحَل هو السير البطيء.

وأخيرا فإن زحل الذي يماثل المشتري في تركيبته، يمتلئ جوّه بالميثان والأمونيا بحوالي نفس الكمية الموجودة في المشتري وهي 5% ميثان و2% أمونيا، والباقي 94% هيدروجين و6% هيليوم، ويُشعّ من الحرارة حوالي ثلاثة أضعاف ما يستقبل من الشمس.

أورانوس.. على حدود العين المجردة

أورانوس (Uranus) هو الكوكب السابع في المجموعة الشمسية، اكتشفه صدفة هاوي الفلك الألماني السير “وليام هيرشل” عام 1781 بينما كان يرصد مجموعة من النجوم بواسطة تلسكوبه.

وأورانوس هو أخفت الكواكب التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، إذ تحتاج رؤيته إلى خبرة كبيرة في الرصد، لأنه لا يكاد يتعدى لمعان نجم خافت من بين نجوم السماء. ويصل قطره أربعة أمثال قطر الأرض، وتدور حوله مجموعة من سبعة وعشرين قمرا كانت مركبة الفضاء “فوياجر-“2 اكتشفت بعضها عندما زارت الكوكب عام 1986 فأصبح عددها آنذاك 15 قمرا، لكن تلسكوب الفضاء هابل اكتشف قمرين آخرين عام 1997 وقمرا ثالثا في أيار/مايو 1999، ثم توالت الاكتشافات حتى زاد عدد أقمار أورانوس في عام 2005 إلى 27 قمرا ولم يرتفع بعد ذلك. وأكبر أقمار أورانوس هما “تيتانيا” (1577 كم)، و”أوبيرون” (1523 كم).

سنة 1986 اكتشفت مركبة “فوياجر2” نظام حلقات يدور حول كوكب أورانوس، وكذا حول المشتري ونبتون

وأما الحلقات، فقد اكتشفت مركبة “فوياجر-“2 منها تسعة، تبعها تلسكوب هابل باكتشاف حلقتين أخريين ليصبح عددها الإجمالي إحدى عشرة حلقة. ويدور أورانوس حول نفسه في 17 ساعة وحول الشمس في 84 سنة.

نبتون.. فجر فوياجر المتألق

اكتشف كوكب نبتون (Neptune) بناءً على الحسابات الفلكية التي أشارت إلى وجود اضطراب في مدار كوكب أورانوس، وحدث ذلك عام 1845 على يد الفلكي الإنجليزي “جون آدمز”.

ويشابه نبتون في حجمه كوكب أورانوس ولكنه أصغر قليلا (3,9) قطر الكرة الأرضية. كما يُتم دورته حول الشمس في مدة مقدارها 165 سنة أرضية، لكنه يدور حول نفسه في 16 ساعة فقط.

بعد لقاء “فوياجر2” بكوكب نبتون عام 1989، تصدرت مجلة “نيوزويك” الأمريكية نشر صورة الكوكب على غلافها

وفي عام 1989 وصلت الكوكب مركبة الفضاء “فوياجر-2” قادمة من كوكب أورانوس لتكتشف ستة أقمار جديدة إضافة إلى القمرين الذين كانا مكتشفين من قبل ليصبح عدد أقماره ثمانية أقمار. وفي العام 2003 ازداد عدد أقمار نبتون المكتشفة بفضل تلسكوب هابل إلى 13 قمرا ثم ارتفع العدد بعد ذلك إلى 14 قمرا في العام 2013. وقد اكتشف هابل حول نبتون أيضا أربع حلقات خافتة تدور حوله، وبهذا تكون الكواكب الغازية جميعاً مشتركة بهذه الخاصية.

كما التقطت المركبة فوياجر-2 صورا للكوكب تظهر فيها بقعة عظيمة داكنة تشبه البقعة الحمراء على سطح المشتري في تركيبها، فهي أيضا إعصار هائل في الغلاف الجوي لكوكب نبتون، وكانت هذه آخر صورة تتلقاها الأرض من كوكب نبتون لأنه كان يومها أبعد كواكب المجموعة الشمسية، وبعده غادرت “فوياجر-2” إلى الفضاء السحيق ولا تزال سائرة فيه حتى اليوم.

ما وراء نبتون.. كويكبات قزمة مُتبرأ منها

في عام 1992، أُعلن عن اكتشاف جرم سماوي خلف مدار كوكب بلوتو، أطلق عليه رمز “1992 كيو بي ون” (1992 QB1)، بقطر (108 كم). واعتبر هذا الاكتشاف غريبا كونه الجرم الأول وراء مدار بلوتو، وقد تلا ذلك العديد من الاكتشافات حتى عام 2003 حين أعلن فلكي يدعى “مايك براون” اكتشاف جرم كبير جدا بقطر (1000 كم) يدعى “كواوهار”، وكان اكتشافا عظيما آنذاك، ليفتح الآفاق نحو إعلان ما يعرف بحزام كايبر الكوكبي، وهو حزام من ألوف الكويكبات تدور خلف مدار نبتون.

في عام 2006 قرر الاتحاد الفلكي الدولي اعتبار بلوتو وكل الكويكبات الكبيرة المكتشفة “كواكب قزمة” (كوازم)

تبع ذلك في العام 2005 اكتشاف “مايك براون” كويكبا يكبر كوكب بلوتو قطرا، أطلق عليه في البداية اسم “زينا” ثم بُدّل إلى “إيريس”، ولأنه تاسع أكبر كوكب مكتشف في المجموعة الشمسية أطلق عليه اسم الكوكب العاشر بداية، إلى أن حدث خلاف جعل العلماء يعيدون النظر في تعريف الكوكب والكويكب، وقد أجمعوا في اجتماع ضم 1200 عالم من علماء الكواكب في اجتماع الاتحاد الفلكي الدولي الذي عقد في عاصمة جمهورية التشيك “براغ” عام 2006 على حذف بلوتو من قائمة الكواكب وإعطائه ومجموعة أخرى من الكويكبات اسم الكواكب القزمة (الكوازم) جمع كوكب قزم (كوزم) وكلها أصغر من قمر الأرض، وهي: “بلوتو” (Pluto) و”سيريس” (Ceres) و”إيريس” (Iris) و”ميكي ميك” (Makemake) و”هوميا” (Haumea).

جدول بأسماء أهم الكواكب القزمة والكويكبات المكتشفة ما وراء نبتون

وقد اكتشف في عام 2016 كوكب قزم أطلق عليه الرمز (2007 QR10) بقطر 1535 كم، ليصبح خامس أكبر الكواكب القزمة، وقد أطلق عليه اسم “غونغونغ” (Gonggong) تيمنا بإله الماء الصيني.

كما اكتشف في شباط/فبراير 2019 كوكب قزم آخر يدعى “فارفارآوت” (FarFarOut)، بقطر يبلغ حوالي 400 كم، ويعد أبعد ما اكتشف من أجرام حزام كايبر أو أجرام ما وراء نبتون، إذ يبعد عن الشمس مسافة تقارب 140 وحدة فلكية (الوحدة الفلكية تعادل المسافة بين الأرض والشمس وتساوي 150 مليون كيلومتر)، ويتم هذا الكوكب القزم دورة واحدة حول الشمس كل 1000 سنة.

الأرض.. نقطة زرقاء باهتة

هي صورة فوتوغرافية لكوكب الأرض التقطها المسبار الفضائي “فوياجر 1” في 14 فبراير/شباط 1990 من مسافة قياسية تبعد حوالي 6 مليار كيلومتر عن الأرض، كجزء من مجموعة صور للمجموعة الشمسية، وقد أطلق عليها العالم الأمريكي “كارل ساغان” عنوان “نقطة زرقاء باهتة” (Pale Blue Dot). وفيها تظهر الأرض بحجم أقل من البكسل (أصغر مربع ضوئي في الصورة الفوتوغرافية)؛ الكوكب يظهر كنقطة صغيرة جداً مقارنة بالفضاء الشاسع، ضمن حزم من ضوء الشمس القريبة المتناثرة في عدسة الكاميرا. التي التقطت الصورة، وتتكون الصورة من 60 صورة مجمعة بجانب بعضها البعض ومأخوذة من زاوية 32 درجة أعلى مدار البروج، وللصدفة جاءت بقعة الأرض في وسط ألمع تلك الحزم الضوئية.

يوم 14 شباط/فبراير 1990 التفتت “فوياجر1” إلى الخلف لتلتقط للأرض صورة.. ظهرت فيها “نقطة زرقاء باهتة”

وقد أكملت مركبة الفضاء “فوياجر1″، مُهمتها الرئيسية وغادرت المجموعة الشمسية، لكنها أُمرت من قبل ناسا أن تدير كاميرتها وتلتقط صورة للأرض عبر مدى كبير جدا من الفضاء، بناء على طلب عالم الفلك وكاتب الخيال العلمي “كارل ساغان” وهو صاحب فكرة مشروع “سيتي” (SETI) وهو البحث عن كائنات عاقلة في الكون. وقد اختيرت الصورة من بين أفضل 10 صور علمية وذلك في استفتاء أجراه موقع “سبيس دوت كوم” سنة 2001.

“فوياجر1”.. منذ أن نظرت إلى الأرض

وفي الأسبوع من 13-20 فبراير/شباط 2020 احتفل الاتحاد الفلكي الدولي بالذكرى الثلاثين لهذه الصورة التاريخية التي عبر عنها “كارل ساغان” بطريقة مذهلة ليت الساسة يفهمونها، تقديرا لهذا الكوكب العظيم الذي نعيش عليه ولكي نوليه بعض الأهمية وندعو فيه إلى السلام.

لوحة فنية لطالبات إحدى المدارس لرحلة مركبة “فوياجر1” ضمن مسابقة أولمبياد كتارا المدرسي لعلم الفلك 2020

وفي قطر وبعض الدول العربية، عقدت فعاليات خاصة بهذه المناسبة ضمن أنشطة أولمبياد كتارا المدرسي لعلم الفلك 2020 والذي ينظمه الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك بالاشتراك مع القبة الفلكية بالمدينة الثقافية كتارا والاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك ووزارة التعليم والتعليم العالي ودار التقويم القطري بدعم من الصندوق القطرية لرعاية البحث العلمي. وقد قام نحو 500 طالب وطالبة بعمل مجسمات وكتابة أبحاث عن هذه المشروع التاريخي للتنافس على جائزة أفضل مركز في هذا الأولمبياد للعام الجاري 2020.

ذكر الكواكب في القرآن.. معجزات نبويات

ورد ذكر الكواكب في القرآن الكريم في أكثر من سورة، إلا أن ذكرها كمجوعة جاء في موضع واحد هو سورة يوسف، بأسلوب غير مباشر يكشف لنا عن إحدى حقائق علم الفلك، وهي معجزة من معجزات الأنبياء في نفس الوقت، أكدتها اكتشافات الكواكب القزمة التي رفعت عدد الكواكب التي تدور حول الشمس على بضع عشرة كوكبا، إنها آية الكواكب التي وردت في بداية قصة سيدنا يوسف عليه السلام حيث يروي لأبيه ما شاهده في منامه بقوله:

“إِذْ قَالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يَا أَبتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ”. سورة يوسف، الآية 4.

“أحد عشر كوكبا” في الآية الكريمة فهمها بعض المفسرين على أنها كواكب المجموعة الشمسية وجاء العلم يؤيد فهمهم

فالناظر إلى هذه الآية يجد أن ثمة كواكب قد ذكرت فيها، بل وذكر عددها أيضا، وذكرت الكواكب بصيغة التنكير “أحد عشر كوكبا”، ولأنه كذلك كما يقول الدكتور عيادة الكبيسي أستاذ التفسير بالجامعة الإسلامية العالمية، فإن العدد يحتمل الزيادة ولا يحتمل النقصان، أي من المحتمل أن تكتشف كواكب أكثر من أحد عشر كوكبا، وهذا ما حدث حقا، وإن كان أهل الفلك لا يعدّون تلك الكواكب مكملة للثانية المعروفة، غير أنهم لا يزالون يطلقون عليها اسم “كوكب” لكنه قزم لصغر حجمه مقارنة بالكواكب المعروفة. ويزيد المفسرون تأكيد أن تلك الكواكب هي نفس كواكبنا، لاقتران ذكرها بالشمس والقمر المعرفين والمعروفين “أحد عشر كوكبا والشمس والقمر”.

كواكب الكون المتناثرة.. أشباه المشتري

بنفس المبدأ الذي نشأت به مجموعتنا الشمسية وكواكبها، نشأت النجوم في المجرة، ويؤكد العلماء بأن أكثر نجوم المجرة والمجرات الأخرى بشكل عام، تدور حولها كواكب تعرف باسم الكواكب النجمية (Exoplanets)، وقد بدأ اكتشافها منذ عام 1995، وبلغت ذروتها في السنوات الأخيرة حتى بلغ أعداد المكتشف منها بضعة آلاف، كلها أو 99% منها بحجم كوكب المشتري، وقريبة جدا من نجومها مما يجعلها شديدة الحرارة ولا يمكن أن تكون صالحة لاستقبال الحياة كالأرض.

برنامج قطر لاكتشاف الكواكب النجمية عثر على عشرة كواكب نجمية تدور حول نجوم في المجرة

في المقابل اكتشفت بضعة كواكب شبيهة بالأرض حجما، ومنها ما يحتمل أن يشابهها أيضا في البعد عن الشمس، وربما بوجود غلاف غازي، غير أن التقنيات المتوفرة لدينا لا تزال متواضعة في هذا المجال.

من أجل ذلك سيكون لتلسكوب “جيمس- ويب” الفضائي -الذي سيطلق نهاية هذا العام 2020 أو بداية العام 2021 إلى الفضاء- دور عظيم في الكشف عن هذه الكواكب النجمية.

كواكب قطر النجمية.. عرب مكتشفون

عربيا ساهمت دولة قطر باكتشاف عشرة كواكب نجمية أطلق عليها اسم كواكب قطر النجمية (Qatar Exoplanets)، حيث قام “برنامج قطر لاكتشاف الكواكب النجمية” (Qatar Exoplanet Survey QES) بقيادة الفلكي القطري الدكتور خالد السبيعي بين عامي 2011-2019 بهذه المهمة التي دارت رحاها في رحاب جامعة حمد بن خليفة بمدينة الدوحة من خلال تلسكوبات وُزّعت في أنحاء العالم (أمريكا وإسبانيا والصين) لرصد السماء على مدار الساعة.

الورقة البحثية التي نُشر فيها خبر اكتشاف كوكب قطر النجمي السادس (Q-6b) وفيها ذكر اسم كاتب المقالة

غير أن إطلاق تلسكوب فضاء متخصص اسمه “تس” (TESS) في شهر نيسان/أبريل 2018، أوقف البرنامج القطري (في مارس/آذار 2019)، وكثيرا من البرامج الدولية الأخرى التي تعمل بمنهج الرصد بالعبور، حيث إن قدرته وحيدا تفوق قدرات جميع التلسكوبات على الأرض مجتمعة بمئات المرات.