مجرة درب التبانة.. طريق النجوم الذي رأته العرب نهرا

لم يكن العربي القديم يعرف أرضا يستقر فيها، فكان يرتحل ويضرب في الصحاري والفلوات طولا وعرضا، ينتقل من هنا إلى هناك، يسير ويشاطر الأرض مع السماء. وما كان ليلقى رحابة في نفسه تخفف عنه عناء السفر، كما وجدها في السماء وزينتها، ولربما تجاوز الشاعر العربي القديم في وصفه ما كانت تدركه الحواس، ونظر إلى ما هو أبعد، حتى يتغلغل في المشهد وكأنه رأى ما لم يره أحد.

إنّ للسماء في نفس الإنسان أثرها البليغ، ولربما حملت أبعادا إضافية وصنعت لنفسها مجدا، متجاوزة قسوة الزمان، فكانت دوما مصدر الإلهام، ومنه قول الشاعر الجاهلي تأبط شرًا:1

يَرى الوحشَةَ الأُنسَ الأَنيسُ وَيَهتَدي
بِحَيثُ اهتَدَت أمُّ النجومِ الشوابِكِ

وقد أطلق العرب على ذلك الخط المتوهج الذي يفصل عرض السماء بأمّ النجوم الشوابك، وكان يُقصد به مجرة درب التبانة أو (خطأ) درب اللبانة، ولعلّ لفظ “اللبانة” مستحدث في اللغة العربية، إذ أن الدلالة اللفظية مستوحاة من الأسطورة اليونانية القديمة التي تحكي عن تشكل الخط اللبني للمجرة وقصة لبن الآلهة اليونانية هيرا، لكن الأسماء لا تترجم.

كما شبهت العرب المجرة بالنهر الجاري، فأسمتها نهر المجرة، ففي قصص العرب النجمية، ترد النعائم (النعامات) النهر لتشرب منه تارة فهي “النعام الواردة”، ثم تصدر عنه بعد الشرب فهي “النعام الصادرة”. وهو يفصل بين الأختين الشعرى اليمانية والشامية، فقد عبرته اليمانية (ألمع نجوم السماء) لحاقا بأخيها سهيل، وعجزت عن عبوره الشامية. وأخيرا هو النهر الذي يتسابق في الفوارس (نجوم كوكبة الدجاجة) ويتبعهم الردف (النجم على ذنب الدجاجة) محاولا اللحاق بهم.

حُفّتْ بدوحَتها مَجرّةُ جدولٍ.. نُثرت عليها نجومُها الأزهارُ

فكأنّها وكأنّ جَدولَ مائِها.. حسناءُ شُدّ بخصرِها زِنّارُ

ولادة النجم الأول بعد الانفجار الأعظم.. بداية العصر النجمي

لم ينتظر الكون طويلا حتى شهد ولادة أول نجم في فضائه بعد حادثة الانفجار الأعظم، إنها 100 مليون سنة من الانتظار فحسب، وعلى ما يبدو عليه من كونه رقما مهولا، فإنّه لا يمثل سوى نسبة ضئيلة لا تتجاوز 0.007% من عمر الكون البالغ 13.8 مليار سنة، وفق تقدير العلماء للبيانات التي أظهرها “مسبار ويلكينسون” (WMAP) في عام 2012.

إنها النجمة الوحيدة في كون على وشك أن ينتقل من طوره البدائي إلى طوره التالي، “العصر النجمي”، حيث سيمتلئ الكون بالنجوم، وسيزداد معدل ولادة النجوم على نحو متصاعد. ثمّ إنها ستجتمع، بعضها عند بعض، وترتكن إحداهنّ على الأخرى، وكأنّهن يدركن رحلتهن الطويلة للغاية وأنه لا بد من أنيس في هذه الوحشة.

المجموعة المحلية عنقود مجري مكون من بضع وثلاثين مجرة تجاور مجرتنا درب التبانة

يمثل التجمع النجمي الضخم هيكلا فلكيا يُعرف بالمجرة، وقد تضم المجرات نجوما يتراوح عددها من بضعة مئات ملايين من النجوم، ويرتفع هذا الرقم في المجرات الضخمة إلى تريليون نجمة، ومثال على تلك المجرات الضخمة ما رُصد في العقد الأخير. إذ توجهت بعثة علمية إلى مركز “التلسكوب الثنائي الكبير” (Large Binocular Telescope) الواقع على قمة جبل غراهام جنوب شرق ولاية أريزونا، واستطاعت البعثة رصد عدة مجرات، منهن مجرّة (C1-23152) المقدر عدد نجومها بحوالي 200 مليار نجم ككتلة الشمس. وتوالت الاكتشافات لاحقا في عام 2017، عندما اكتشفت مجرّة ضخمة للغاية قادرة على إنتاج حوالي 3000 نجم سنويا.2

وتدور جميع النجوم في أفلاكها حول مركز المجرة، حيث يقع في قلب كثير منها ثقب أسود ضخم وفق ما أشارت إليه الدلائل الرصدية، كما أنّ المجرات تتخذ أنماطا غريبة وأخرى متناسقة، ويقسّم علماء الفلك أشكال المجرات إلى ثلاثة أقسام رئيسة؛ حلزونية، وبيضاوية، وعشوائية أو غير منتظمة الشكل.

وكل ذلك جرى تدوينه بالرصد المباشر، لكن ماذا عن مجرتنا، مجرة درب التبانة؟ كيف توصلنا إلى شكلها الخارجي ونحن بشق النفس استطعنا مؤخرا الخروج من النظام الشمسي عبر مركبتي الفضاء “فوياجر1” و”فوياجر2″؟

مجموعتنا الشمسية.. رحلة من المركز إلى الحافة عبر التاريخ

لو أننا اعتمدنا ذات الوسيلة لمعرفة شكل مجرتنا كما فعلنا مع المجرات الأخريات لتطلب الأمر مغادرة الأرض بشكل أفقي، أي متعامد على المستوى المجري أو متعامد على خط استواء المجرة لاختصار المسافة (سمك مجرة درب التبانة)، ثم قطع مسافة 500 سنة ضوئية للخروج من المجرة، أي ما يعادل 4.7 كدريليون كيلومتر، (الكدريليون هو العدد 10 مرفوع للقوة 15).

وكما يبدو أنّها فكرة غير ملائمة بتاتا وليست عملية، فإن من الممكن اعتماد حيلة أخرى بالنظر إلى المعطيات المتاحة لدينا، مثل مشاهدة الخط المتوهج لمجرتنا في السماء، حيث تجتمع أغلب النجوم في هذا النطاق الضيق بالنسبة لعين الرائي، مما يعطي انطباعا أنّ المجرّة لا بد أن تكون قرصا مُسطحا، ولو لم يكن ذلك لبدت سماء الأرض مختلفة تماما.

وهناك إشارة أخرى كدلالة على شكل مجرتنا، وهي قياس بُعد النجوم المتاحة أمامنا، ومحاولة استخلاص نموذج معين لانتشارها، وقد بدأت عمليات القياس في نهاية القرن الثامن عشر على يد الفلكي “ويليام هارشل” الذي توصل إلى أنّ مجموعتنا الشمسية هي مركز مجرتنا، ذلك لأنه لم يدرك بأنّ ثمة غبارا كونيا يتخلل بين النجوم ويعرقل ظهور أبعد النجوم في المجرة، ولم تكن هناك أي وسائل علمية تمكنه اجتياز هذا الغبار الكوني.

ولاحقا في العقود الأولى من القرن الماضي، تغيّر المفهوم لدى البشرية عن موقع المجموعة الشمسية بالنسبة للمجرة، إذ انتقلت من المركز إلى نقطة تقع ما بين المركز وحافة المجرّة. وذلك حينما أعلن العالم الأمريكي “هارلو شابلي” -رئيس مرصد كلية هارفارد آنذاك- عن توصله إلى طريقة لحساب المسافة الفاصلة بيننا وبين العناقيد الكروية التي تجتمع حول مركز مجرتنا درب التبانة.

لقد استنتج “شابلي” أنّ لمجرتنا عناقيد كروية متوزعة بتساوٍ في المنتصف، وتمثل ما يسمى “الانتفاخ المجري”، ويندمج هذا النتوء مع “القرص المجري” الذي يحتوي على تكتلات نجمية أخرى أقل عددا وكثافة، ويبلغ قطر هذا القرص قرابة الـ10 آلاف سنة ضوئية فقط.

ومع تطور العلم على مدى 75 عاما آخر، استطاع علماء الفلك دراسة شكل المجرة بالتحليل الراديوي والبصري والأشعة تحت الحمراء وأيضا الأشعة السينية. ونتجت عن هذه الدراسة تفاصيل أدق للمجرة مثل موقع الأذرع الحلزونية التي تلتف حول المركز وتركيب السحب الكونية وغير ذلك.3

الأذرع الحلزونية.. أجنحة المجرة الطوافة في السماء

بطبيعة الحال فإن المعطيات التي حصل عليها العلماء من الرصد المباشر دفعتهم إلى مقارنة مجرتنا بالمجرات الأخريات، مما سيقود إلى أبعاد إضافية لفهم الهيكل المجرّي.

وبالنظر إلى المجرات الحلزونية التي عثر عليها العلماء مثل مجرة الصوفي/ المرأة المسلسلة، ومجرة دولاب الهواء وغيرهما، فقد وجدوا بأنّ غالب المجرات الحلزونية تمتلك ذراعين تطوقان المركز، وفي حالات أخرى تمتلك أربعة أذرع.

وسبب ظهور هذا النمط من الأذرع هو أن جميع الأجرام السماوية داخل المجرات الحلزونية تدور بسرعة واحدة حول مركز المجرة، مما يعني أنّ النجوم التي حول المركز قادرة على إنهاء دورة كاملة في حين لن تتمكن النجوم البعيدة من قطع ربع المسافة في ذات الفترة الزمنية.

هيكلة مجرة درب التبانة كما رسمتها أجهزة الحواسيب العملاقة تبين موضع الشمس فيها

وهذا يتسبب بحدوث ما يسمى “الدوران التفاضلي” الذي ينتج عنه ظهور اللوالب أو الأذرع الحلزونية المائلة، كما أنّ مجرة درب التبانة تتم دورة كاملة كل 225 مليون سنة أرضية، وتسمى هذه المدة بالسنة المجرية. لكن ليس هذا كل ما في الأمر، لأنّ الدوران التفاضلي قد تنتج عنه أذرع حلزونية في بادئ الأمر، لكن تلك الأذرع مع مرور الوقت ستتداخل وتلتف حول بعضها فيتشوه الهيكل بدلا من أن يكون منتظما كما هو حالها دائما.

يقترح الأستاذان الجامعيان “جيم لين” و”فرانك شو” أن ثبات حال البنية الحلزونية لمليارات السنين هو بسبب موجات “الكثافة” التي تنتقل من حافة الذراع إلى المركز بشكل حلزوني، ثمّ تعود من المركز إلى الحافة بذات الطريقة، وأطلق على هذه النظرية “نظرية موجة الكثافة”، كما أنّ ذات النظرية تفسر نشأة النجوم حول مركز المجرة بفعل انضغاط الغازات بفعل موجات الكثافة.4

“غايا”.. خريطة ثلاثية الأبعاد لعالمنا السماوي

في نهاية عام 2013 أرسلت وكالة الفضاء الأوروبية مرصدها الفلكي الفريد “غايا” (Gaia) في مهمة فضائية لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد لمجرة درب التبانة بأدق تفاصيلها، موثقا ما يقارب مليار جرم سماوي من نجوم وكواكب ومذنبات وغيره، وذلك بمراقبة الموجات الراديوية تماما كما تعمل المراصد البصرية التي تعتمد على الأطياف المرئية.

أحدثت أولى النتائج القادمة في عامي 2016-2018 ثورة حقيقية في فهم صورة المجرة التي نقبع بداخلها، إذ اتضح للعلماء أنّ ثمة ذراعين أساسيين ملتويين يطوقان المركز، ذراع حامل رأس الغول أو “برشاوس”، وذراع قنطورس أو “ذراع الترس-الصليب الجنوبي”.

نهر المجرة هو الوصف الذي أطلقه العرب على المجرة لعبورها السماء ولونها الأبيض الباهت

كما اتضح أنّ هناك ذراعين ثانويين ينحدران من الذراعيين الأساسيين، وتقع المجموعة الشمسية بما فيها كوكبنا الأرض بالقرب من أحد هذين الذراعين الثانويين، ويطلق عليه ذراع الجبار أو “أوريون”، ويبلغ طوله 10 آلاف سنة ضوئية، ويبعد الذراع نحو 26 ألف سنة ضوئية من مركز المجرة، وأحيانا يسمى هذا النتوء بالذراع المحلي. أما النتوء الثانوي الآخر، فيُطلق عليه ذراع برج القوس أو “ساجيتاريوس”.

وتشير “إلويزا بوجيو” -التي تعمل باحثة في معهد “ماكس بلانك” لعلم الفلك في هايدلبرغ- متحدثة لموقع “سبيس دوت كوم” (space.com)؛ إلى أنّ الدفعة الثالثة من نتائج المرصد الفضائي “غايا” ستعلن في منتصف عام 2022، آملين بأن تظهر المعلومات القادمة ما لم تتسن رؤيته من المجرة، علما بأنّ ما استطاعوا رؤيته حتى هذه اللحظة ليس بالأمر اليسير مطلقا.5

نواة المجرة.. إشارات راديوية قادمة من الثقب الأسود

لقد تطرقنا عدة مرات إلى مركز المجرة في أثناء حديثنا عن الأذرع الحلزونية، لكننا لم نتناوله كما ينبغي، فما زالت الصورة الضبابية مخيمة على المشهد، ولو قمنا بتوجيه عدساتنا البصرية نحو نواة المجرة، فلن نرى سوى غبار كوني متوهج، ولا شيء آخر.

لذا استحدث الفلكي “كارل جانكسي” في عام 1931 طريقة مغايرة عن المألوف في عملية الرصد، وهي التلسكوبات الراديوية التي تمكن العلماء من تجاوز الحواجز المرئية والوصول إلى نقاط أبعد، وهذا ما وصل إليه “جانكسي”.

وقد كانت المفاجأة حينما حصل العلماء على إشارات راديوية قوية قادمة من بقعة ما في المركز، وكانت دلالة على أنّ هناك أمرا عظيما يحدث في الخفاء، وبالتحديد في برج القوس/الرامي الذي يضم مجموعة من العناقيد الكروية التي تحدثنا عنها آنفا.

شعاع الليزر يؤشر إلى مركز مجرة درب التبانة كما يظهر في سماء التلسكوب الرباعي الكبير جدا بتشيلي

تقع هذه البقعة التي تعرف باسم “الرامي أ*” (Sagittarius A*) تماما في منتصف المجرة، وكما بدا فإنها تعد مصدرا قويا للأشعة الراديوية وتحت الحمراء والأشعة السينية، وهي أشبه بوحش هائج مكبوح جماحه وينتفض.

لاحظ العلماء بأنّ مساحة هذه البقعة يعادل طول قطرها نصف يوم ضوئي، أي ما يساوي حجم النظام الشمسي تقريبا، وليس من الممكن أن يستوعب هذا الحيز عددا كبيرا من النجوم.

وقياسا على كمية الطاقة المنبعثة في هذا النطاق الصغير نسبيا، فثمة تفسير واحد فقط، هو وجود ثقب أسود عملاق (Supermassive Blackhole) يتمركز في منتصف المجرة بكتلة تعادل 6 ملايين شمس وفقا لما وقع رصده من انبعاثات.

إنّ الثقوب السوداء بطبيعة الحال تشع طاقة هائلة حينما تبتلع النجوم والكتل الضخمة التي تمرّ عليها، ويرى العلماء أنّ تفسير وجود ثقب أسود في هذا المكان هو الأسلم والأقرب للحقيقة، على الرغم من أننا ما زلنا غير قادرين على رؤيته بالعين المجردة أو بالتلسكوبات المرئية بسبب الغبار والسحب الكونية الكثيفة حوله.6

المرأة المسلسلة.. مجرة الصوفي المكتشفة قبل ألف عام

تنسب بعض المصادر الحديثة اكتشاف أولى المجرات إلى الفلكي الفرنسي “هورنيه فابري”، وذلك في عام 1612، أي في القرن السابع عشر بعد أكثر من 650 عاما من ذكر الصوفي لها في عام 964 م. لكن المؤكد أن كليهما لم يعرف حقيقة أنها مجرة عملاقة تفوق مجرتنا حجما أو أنها تبعد عنها قرابة مليوني ونصف سنة ضوئية.

كما تظهر مخطوطات كتابه “صور الكواكب الثمانية والأربعين” وهي تعرض مجرة أندروميدا التي كان قد أطلق عليها اسم “المرأة المسلسلة”، وهو سبب اختيار المجتمع الفلكي العربي اسم “مجرة الصوفي” لها.

إن اختراع التلسكوب وتطويره ساهم بشكل فعال في إحداث الفارق، وبدلا من أن تكون المجرات نقاط متوهجة ضائعة بين هذا الكم الهائل من النجوم، فقد اتضح بفضل المقراب أنّ لها هيكلا مختلفا أشبه بالسُدم اللولبية كما وصفها الأقدمون.

عبد الرحمن الصوفي أول من ذكر مجرة الأندروميدا ووصفها باللطخة السحابية في كتابه “صور الكواكب” سنة 964م

وقد استمر النزاع في ماهيتها لعدة سنوات حتى العقد الثاني من القرن الماضي، حينما استطاع الفلكي “هابل” حساب المسافة التي تفصل بيننا وبين إحدى هذه السدم اللولبية. لقد أعلن “هابل” أنّ المجرة أندروميدا تقع على مسافة أبعد بكثير من أبعد نجمة جرى رصدها آنذاك، وهذا يمنح استنتاجا بأنّ ثمة مجرة أخرى بالإضافة إلى مجرتنا درب التبانة.

وفي حقيقة الأمر، لم تكن هذه المجرة هي الجارة الوحيدة فقط، بل هناك عشرات مثلها، ومع تطور التلسكوبات بات من السهل رصد آلاف المجرات، دون التطرق إلى رقمها الحقيقي الذي يتجاوز ملايين المجرات في الكون.

اندماج المجرتين.. حفل من الأنوار بعد مليارات السنين

لو تحتم علينا وضع خارطة للكون، فيمكن أن نقول إنّ مجرة درب التبانة تنتمي إلى عنقود مجرّي يُعرف اصطلاحا باسم “المجموعة المحلية” (Local Group)، ويضم أكثر من 30 مجرة ضمن حيز معين. وعلى مستوى أعلى، تنتمي المجموعة المحلية إلى تجمع مجرّي أكبر يُطلق عليه اسم “عنقود العذراء المجري العظيم”، ويضم عناقيد مجرّية يتراوح عددها بين 100-200 عنقود.

بعد أن تمكن “هابل” من رصد حركة المجرات حوله، لاحظ أنّ مجرة الصوفي/ الأندروميدا تتجه –على عكس بقية المجرات- نحو مجرتنا بسرعة 110 كيلومتر في الثانية. ولابد من التنويه أن هذه المجرة الجارة لمجرتنا، تعد أضخم وأكبر حجما، إلا أنها تتشارك في ذات الهيكل من حيث الأذرع الحلزونية.

محاكاة مصورة لتداخل مجرة الأندروميدا مع مجرتنا درب التبانة بعد 2-7 مليار سنة من الآن

هناك مشهد يتوقعه العلماء مستقبلا لحال المجرتين حينما تلتقيان أو تصطدمان، إذ في البداية بعد مرور مليارين من السنوات ستتضخم معالم مجرة أندروميدا في سماء الأرض، وبعد 3.85 مليار سنة ستبدأ أولى مراحل الاندماج، وستعج سماء الأرض بمشاهد تكوّن النجوم، وبعد 7 مليارات سنة ستندمج المجرتان تماما ليشكلا مجرّة بيضاوية الشكل، وستتحد نواتا المجرتين لتشكلا مركزا متوهجا شديدا في سماء الأرض.7

إننا على ما يبدو بعيدين كل البعد عن حدث مثل هذا بالنسبة لأعمارنا، وإنّ ما يرسمه العلماء من سيناريوهات فلكية هي محاولة لتخفيف أثر وطأة عظمة الكون على النفس البشرية وضعفها أمام هذا الخلق.

 

المصادر:

[1] شامي، يحيى (1980). أطروحة دكتوراة: النجوم في الشعر العربي القديم حتى آواخر العصر الأموي. بيروت، جامعة القديس يوسف. ص39

[2] أندروز، روبين (2021). المجرات العملاقة من العصر البدائي للكون تتحدى نظريات أصل الكون. تم الاسترداد من: https://www.scientificamerican.com/article/giant-galaxies-from-the-universes-childhood-challenge-cosmic-origin-stories/

[3] ألين، شارلز (2012). اكتشاف مجرتنا. مجموعة نوبف دوبلدري للنشر، نيويورك. ص120

[4] إلميجرين، ديبرا (2021). اسأل عالم فلك: لماذا تمتلك المجرات أذرعًا لولبية؟ هل الأجسام الصغيرة لديها أذرع أيضًا؟. تم الاسترداد من: https://astronomy.com/magazine/ask-astro/2021/02/ask-astro-why-do-galaxies-have-spiral-arms#:~:text=But%20most%20spiral%20galaxies%20have,particular%20stars%20causing%20the%20structures.

[5] بولتاروفا، تيريزا (2021). لماذا تمتلك مجرة ​​درب التبانة أذرع لولبية؟ البيانات الجديدة من مرصد جايا تساعد على حل اللغز. تم الاسترداد من: https://www.space.com/gaia-reveals-spiral-arms-milky-way

[6] جوهد، تشيلسي (2022). الغازات تتسرب من الثقب الأسود الهائل في مجرة درب التبانة. تم الاسترداد من: https://www.space.com/supermassive-black-hole-leaking-in-milky-way

[7] بيرد، ديبوره (2020). لقد بدأت عملية اندماج المجرتين درب التبانة وأندروميدا. تم الاسترداد من: https://earthsky.org/astronomy-essentials/earths-night-sky-milky-way-andromeda-merge/#:~:text=The%20Andromeda%20galaxy%20is%20currently,galaxies%20will%20collide%20and%20merge.